«بلادى بلادى» أمريكانى... و«قسمًا» الجزائرى فرنساوى محمد يونس أزمة كبرى أثارها اكتشاف أن النشيد القومى لمصر «بلادى بلادى» أصبحت محميا من التداول على موقع اليوتيوب بعد أن آلت حقوق الملكية الفكرية له لشركة أمريكية، والمفاجأة التى اكتشفتها «الأسبوع» أننا لسنا الوحيدين الذين صدمهم أن حقوق بث نشيدهم الوطنى قد تمت سرقتها، ومع الاختلاف التام بين الحالتين فإن مشكلة مماثلة تمت إثارتها العام الماضى فى الجزائر التى لحن لها نشيدها الوطنى الموسيقار المصرى محمد فوزى. وفيما اعتبره الكثيرون صدمة لا تقل عن صدمة تسجيل مدينة لوس انجلوس الأمريكية لحقوق الملكية فيما يخص مدينة الأقصر المقلدة التى تم إنشاؤها هناك والتى لم تتدخل الدولة حتى الآن لمقاضاة صانعيها أو إثبات أنه ليس من حقهم بيع منتجات تحمل صورا للحضارة المصرية القديمة وادعاء ملكيتها. جاء تسجيل موقع اليوتيوب للنشيد المصرى الوطنى ليسبب نفس القدر من الصدمة، وعلى الرغم من انتهاء فترة الحماية القانونية للملكية الفكرية للنشيد الذى توفى ملحنه الشيخ سيد درويش فى سبتمبر 1923 وأصبح نشيدًا وطنيًا لمصر منذ عام 1979 وكتب كلماته الشاعر محمد يونس القاضى متأثرًا بكلمات من إحدى خطب الزعيم مصطفى كامل، وأعاد توزيعه الموسيقار محمد عبد الوهاب عام 1980، حيث يحمى القانون المصنفات الأدبية مثل الروايات وقصائد الشعر والمسرحيات والمصنفات المرجعية والصحف وبرامج الحاسوب وقواعد البيانات والأفلام والقطع الموسيقية وتصاميم الرقصات لمدة خمسين عامًا بعد وفاة مؤلفها وقد تزيد المدة فى بعض التشريعات ببعض الدول ليتم منح الورثة حق الانتفاع المادى من هذه المواد الفنية لفترة معقولة، وفى حالة نشيدنا القومى فإن الورثة هما الفنان إيمان البحر درويش وابن عمه حسن درويش، وجاءت تصريحات الفنان إيمان البحر درويش لتؤكد عدم بيع الورثة لحقوق النشيد لأى جهة، كما جاءت تصريحات صحفية لفوزى إبراهيم، أمين صندوق جمعية «الملحنين والمؤلفين»، لتؤكد ان الجمعية لا تستطيع التقدم بدعوى قضائية ضد شركة «نيكسو أوف أمريكا»، الأمريكية، التى حصلت على الملكية الفكرية للنسخ الأصلية من النشيد الوطنى المصرى، من موقع «يوتيوب»، موضحًا أن «المؤلفين والملحنين» دورها تحصيل مستحقات الأعضاء بالشركة، وليس رفع القضايا، حيث ترفض المحاكم رفع القضايا من جانب الجمعية، مطالبًا بتعديل القانون الخاص بالجمعية. وعلى الرغم من الجدل الكبير الذى أثاره اكتشاف تسجيل الملكية لنشيدنا لشركة أجنبية فإن أحدا لم يحاول تفهم آلية عمل حقوق الملكية الفكرية على موقع اليوتيوب الذى يبحث آليا فى كل فيديو يتم نشره عبر الموقع، ليتأكد من انه غير منسوب لشخص آخر والذى يمكن إلغاء حقوق الملكية الفكرية عليه بمراسلة الموقع نفسه بالمستندات الدالة على حق الملكية الفكرية وعلى سرقة ذلك الحق من جهة طرف ما، حيث يثبت الموقع الحق إما من قبل ناشرين أثبتوا لأنفسهم هذا الحق دون سواهم وبالتالى تعود إليهم ملكية كل ما ينشر بعد ذلك من فيديوهات لنفس المادة، وإما ان جهة ما اصطنعت توزيعا موسيقيا مختلفا لنفس المادة ونسبته لنفسها، أو تسجيلا مصورًا مضافًا إليه مؤثرات مختلفة، وهى أنواع من التحايل التى اكتشفناها بالعودة إلى مواقع المهتمين بالكمبيوتر والانترنت، وهى أمور يمكن معالجتها دون اللجوء إلى القضاء، إلا إذا كانت الشركة السارقة قد قامت بالتسجيل الفعلى لحقوق الملكية الفعلية على غرار ما حدث فى الأقصرالأمريكية وهو أمر لم يتم اكتشافه حتى الآن حيث يطالب البعض وزارة الثقافة المصرية بالتحرك لمعرفة موقف نشيدنا الوطنى. المفاجأة التى توصلنا إلى معرفتها أن النشيد الوطنى الجزائرى محمى أيضا على اليوتيوب لصالح شركة فرنسية تحميه من أى قرصنة الكترونية أو تحميلات غير قانونية ومع اختلاف الموقف تمامًا؛ لأن من سجل النشيد الوطنى الجزائرى «قسمًا» هو ملحنه، ويشترط قانون ديوان الحقوق الفرنسى على الراغبين فى تحميل النشيد الوطنى الجزائرى «قسمًَا» عبر موقع «اليوتيوب» أن يكون مسجلًا وعضوًا فى قائمة الاشتراكات للديوان. وتقوم إدارة الموقع بإعلام المتصفحين للموقع والراغبين فى تحميل النشيد الوطنى الجزائرى «قسما» بإعلامهم بإمكانية عرض الفيديو، أما التحميل فيشترط امتلاكه لحساب ولن يؤثر هذا الإجراء فى وضع الحساب، حيث يتم عرض إعلانات على الفيديو التابع للزبون وتعود أرباحها إلى مالك حقوق الطبع والنشر، أو يتلقى مالك حقوق الطبع والنشر إحصاءات حول مشاهدات النشيد الذى كتب كلماته شاعر الثورة الجزائرى مفدى زكريا، والذى لحنه ملحنا الكبير الفنان محمد فوزى، وهو الذى منح حقوق ملكيته الفكرية لشركة فرنسية كانت مسؤولة آنذاك عن حماية حقوق الملكية الفكرية لمعظم الإنتاج المصرى، وهو ما أكده فريدريك ناف مدير الاتصال بالشركة الفرنسية لحقوق المؤلف والملحن، وعلى الطريقة التى ذكرناها من قبل فى إمكانية التحايل على ملكية الأعمال الفنية، أعيد تسجيل النشيد الوطنى الجزائرى بتوقيع 3 موسيقيين أجانب ودار إنتاج أجنبية عام 2014، وهو ما تسبب فى أزمة كبرى بعد اكتشاف الأمر حيث لم يكن من المقبول أن تدفع دولة عن حقوق أداء علنى عن نشيدها الوطنى الذى يستهل كل مناسباتها الرسمية.