بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي جرت، أمس الاحد، استيقظت فرنسا، اليوم الاثنين على خيار صعب بين اثنين من المرشحين الذين يعارضون بشكل متشدد وجهات النظر حول اوروبا والهجرة والاقتصاد واللذان سيتواجهان لاختيار الرئيس المقبل لهذا البلد في الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات في السابع من مايو المقبل. وفى سباق متنازع عليه بشدة بين 11 مرشحا أقبل الناخبون بأعداد كبيرة لاختيار المصرفي الشاب السابق ايمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لو بان للمنافسة على اعلى منصب في فرنسا خلال اسبوعين. ووفقا لما جاء في الاحصاءات النهائية التي نشرتها وزارة الداخلية الفرنسية اليوم الاثنين جاء ماكرون (39 عاما) في المركز الاول بنسبة 75ر23 بالمئة من الأصوات فيما حلت لوبان (48 عاما) في المرتبة الثانية ب 53ر21 بالمئة في المئة من الاصوات. وجاء الجمهوري فرانسوا فيون في المركز الثالث ب 91ر19 بالمئة من الأصوات تلاه اليساري المتطرف جان لوك ميلينشون في المركز الرابع ب 64ر19 في المئة. وهذه هي المرة الاولى التي لم يتأهل فيها مرشح من الحزب الجمهوري المحافظ التقليدي او الحزب الاشتراكي اليساري للجولة الثانية من سباق الرئاسة. وكان المرشحون الاربعة الاوائل قد ابعدوا منافسيهم الاخرين بنسبة 13 في المئة على الاقل حيث وكان اقرب المنافسين الاخرين من حزب الرئيس فرانسوا هولاند الاشتراكي بنوا هامون الذي حصل على 35ر6 في المئة فقط. وقالت وزارة الداخلية الفرنسية ان 5ر35 مليون شخص من أصل 8ر46 مليون ناخب توجهوا الى صناديق الاقتراع أمس الاحد حيث بلغت نسبة الاقبال على التصويت 69ر78 في المئة بنسبة أصوات صحيحة بلغت 65ر76 في المئة. وبعد وقت قصير من نتائج الانتخابات تعهد كبار السياسيين من اليمين واليسار بدعم ماكرون لمنع الجبهة الوطنية من الفوز بالرئاسة. وقد توالت رسائل الدعم من فيون وعدد من المرشحين الآخرين وكذلك من الشخصيات السياسية الثقيلة مثل رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق آلان جوبيه. واشارت استطلاعات الرأي التي جرت خلال الحملة الى ان ماكرون سيفوز على لو بان بهامش 15 الى 20 في المئة في الجولة الثانية بيد انه مازال هناك عدد من الناخبين الذين لم يقرروا بالنسبة لجناح اليسار. وكان جان ماري والد لوبان قد تأهل في عام 2002 للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية ولكنه مني بهزيمة ساحقة على يد جاك شيراك بنسبة 80 مقابل 20 في المئة. وبدأ ماكرون ولوبان على الفور حملتهما من أجل انتخابات السابع من مايو متعهدين بإصلاحات ونهج جديد للسياسة على الصعيدين المحلي والدولي. ولكل منهما وجهات نظر مختلفة جدا بشأن الاتحاد الأوروبي حيث يدعو ماكرون إلى دور أكثر ديناميكية لفرنسا في التكتل الأوروبي ولكن لو بان تقول انها ستجري على الفور استفتاء على العضوية وهددت بانسحاب فرنسا من نظام العملة اليورو. وكلاهما يختلفن بشأن الهجرة حيث تهدد لوبان وهي محامية سابقة بالتعليق الفوري لجميع أنواع الهجرة إلى فرنسا وطرد المهاجرين غير الشرعيين إلى جانب الأجانب الذين يدانون بجرائم وهي تفضل حصصا صارمة في الهجرة القانونية إلى فرنسا. كما تقول انها ستلغي الجنسية المزدوجة لكل من يشارك في الارهاب او حتى في نشاطات راديكالية مرتبطة بالاصولية الاسلامية وتعهدت بانها ستزيد من الامن للشعب الفرنسي وتعطي أفضلية العمل للمواطنين الفرنسيين كما قالت إنها ستطرد أي شخص أجنبي أو يحمل جنسية مزدوجة على قائمة المراقبة الأمنية. ومن بين المقترحات المتعلقة بالاقتصاد المحلي ستقوم لوبان بفرض ضرائب على عقود الأجانب في فرنسا كما أنها تفضل فرض تعريفة جمركية على الواردات. ونظرا لتجربة ماكرون المصرفية الاستثمارية وفترة عمله كوزير اقتصاد خلال إدارة هولاند فانه يقول انه سيجري إصلاحات على الاقتصاد للسماح بالمزيد من الديناميكية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وهو يرى المزيد من الفرص لفرنسا في حال تم تخفيف القيود المفروضة على النشاط الاقتصادي. وحول السياسة الخارجية ترى لوبان ترك فرنسا للناتو وأن تطور علاقاتها مع روسيا على عكس وجهات نظر ماكرون الذي يقول انه براغماتى ويلتزم بنظام دفاع الناتو. وحول سوريا تتمتع لوبان بعلاقات وثيقة مع روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين وتدعم السياسات الروسية في سوريا وانتقدت الضربة الصاروخية التي نفذتها القوات الامريكية في سوريا بعد اتهام دمشق باستخدام أسلحة كيماوية في الرابع من أبريل الجاري بالقرب من إدلب في سوريا. وانتقدت لوبان الاتحاد الأوروبي لسياساته في سوريا قائلة إنهم يتجاهلون الإرهاب ويريدون فقط الاطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وقد شدد ماكرون موقفه من سوريا بعد هجوم الرابع من أبريل في (خان شيخون) وهو يميل أكثر نحو سياسة تدخلية الآن بدلا من رأيه السابق بأنه ينبغي أن يكون نهجا سياسيا "متوازنا" والتحدث إلى جميع أطراف النزاع. وحول عملية السلام في الشرق الاوسط يعارض ماكرون الاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية حيث يقول ان هذا لن يساعد الوضع. ومع ذلك فقد انتقد السياسات العدوانية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاسيما بشأن بناء المستوطنات غير القانونية. وتقول لوبان من جهتها إنها تفضل دخول الفلسطينيين إلى المنظمات والهيئات الدولية والسيادة للفلسطينيين مع احترام أمن إسرائيل. ويبدأ المرشحان الآن سلسلة طموحة من التجمعات في جميع أنحاء فرنسا لجمع الأصوات التي لم يحصلوا عليها في الجولة الأولى.