حزب حماة الوطن: حكومة مدبولي واجهت الكثير من الأزمات    كشف حساب وزارة الاتصالات والتكنولوجيا.. زيادة الصادرات الرقمية إلى 6.2 مليار دولار بنسبة نمو 26% ومصر في المركز الثالث عالميًا في مؤشر الثقة في مواقع تقديم خدمات التعهيد العابرة للحدود 2023    100 جنيه زيادة على بطاقة التموين يوليو 2024    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقول إنه قتل مسئولا عسكريا بارزا في حزب الله    الرئاسة الأوكرانية: 107 دول ومنظمات دولية تشارك في قمة السلام المرتقبة بسويسرا    النصر يسعى لضم كاسيميرو وأهلى جدة يدخل المنافسة    "فايلر الأفضل.. وليه أبيع الأهلي".. 7 تصريحات مثيرة من أفشة    يورو 2024.. سكالفيني يغيب عن "الآزوري"    بوابة الفجر URL.. نتيجة الشهادة الاعدادية محافظة البحيرة الترم الثاني 2024 برقم الجلوس فقط    أحمد حاتم وحسين فهمي وأبطال قصر الباشا في أول يوم تصوير    ناجى الشهابي: حكومة مدبولي قادوا البلد في ظروف صعبة بحرفية شديدة وضرورة الاهتمام بالصحة والتعليم    مجلس النواب يشكر حكومة مدبولي: بذلت جهدًا كبيرًا داخليًا وخارجيًا    محافظ الغربية: نتابع باستمرار ملف التصالح وتبسيط الإجراءات على المواطنين    رودري: اعتزال كروس يلهم الجميع    «بلاش نعمل هيصة ونزودها».. شوبير يحذر قبل مباراة مصر وبوركينا فاسو    قطر تدين محاولة الاحتلال الصهيوني تصنيف "الأونروا" منظمة إرهابية    تعديل تركيب وامتداد مسير عدد من القطارات على خط «القاهرة / الإسماعيلية»والعكس بدءًا من السبت المقبل    روسيا :كشف عملاء للمخابرات الأوكرانية يعدون لهجمات ضد أسطول البحر الأسود    رئيس حزب الاتحادى الديمقراطى: حكومة مصطفى مدبولى عملت فى صمت وحققت الكثير من الإنجازات    ثقافة الإسكندرية تقدم "قميص السعادة" ضمن عروض مسرح الطفل    نتنياهو: الحرب فى غزة ستتوقف لإعادة المحتجزين ثم ستتبعها مناقشات أخرى    "التابعى.. أمير الصحافة".. على شاشة "الوثائقية" قريبًا    سُنن صلاة عيد الأضحى.. «الإفتاء» توضح    رئيس الوزراء يتفقد المعرض الطبي الأفريقي الثالث    الأربعاء المقبل.. انطلاق مهرجان الأفلام اليابانية بالقاهرة    مي عمر عن علاقتها بمحمد سامي: «مبخافش من الحسد ومبركزش في كلام الناس»    تعرف على موعد حفل زفاف جميلة عوض على المونتير أحمد حافظ (خاص)    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    جامعة كفر الشيخ تتسلم شهادة رخصة مركز تدريب معتمد من المجلس الأعلي للجامعات    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    نقيب البيطريين: حصلنا على وعد بضم أعضاء النقابة إلى تعيينات ال120 ألف فرصة عمل    6 قرارات للمجلس الأعلى للجامعات لشئون الدراسات العليا والبحوث    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    بعد الفوز على الاتحاد السكندري.. أبوقير للأسمدة يجدد الثقة في محمد عطية    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    من الترويج للمثلية الجنسية إلى إشراف «التعليم».. القصة الكاملة لأزمة مدرسة «ران» الألمانية    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    أسامة قابيل يوضح حكم تفويض شخص آخر فى ذبح الأضحية؟    مرصد الأزهر: الحفاظ على عقول الأفراد من الانحراف أحد أهم مقاصد الشريعة    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    صيادلة الإسكندرية: توزيع 4.8 ألف علبة دواء مجانا في 5 قوافل طبية (صور)    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    برلماني يطالب الحكومة بدعم الاستثمار الزراعي والصناعي    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    حالات وإجراءات تأجيل امتحانات الثانوية العامة 2024 للدور الثانى بالدرجة الفعلية    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    بعد انسحاب قوات الاحتلال.. فلسطينيون يرون كيف أصبح حال مخيم جباليا    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    للتدخلات الجراحية العاجلة.. كيف تستفيد من مبادرة إنهاء قوائم الانتظار؟    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سيد حجاب» شيخ صيادى العامية وأحد محاربيها
شبابيك
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 30 - 01 - 2017

من الأقوال القديمة، التى حفظتها عن ظهر قلب.. أن «مصر هبة المصريين».. لا كما رآها هيرودوت بأن «مصر هبة النيل».. ولأننى لا أرغب فى إعادة اكتشاف العجلة.. أو الدخول فى جدل سفسطائى حول المقولة وعكسها.. فسأكتفى بمسيرة التاريخ.. ونضال الأجيال تلو الأجيال.. منذ عهد الفراعنة، حتى اليوم وغدًا وبعد غد.. وهم يبذلون الغالى والنفيس.. الدم والعرق من أجل هذه البقعة الباهرة، الطاهرة، الخالدة، المتوهجة، الصامدة.. التى تسمى «مصر».. نعم إنها تشبه التاج.. بل هى التاج الماسى على رأس النيل الخالد.. عندها يكون المصب والتلاشى.. وعندها يتم الالتحام والذوبان فى البحر المتوسط.
ولا جدال فى أن من صنع هذا التاج، وهندَّسه ورصَّعه بالجواهر النادرة والنفيسة التى تحدت الزمن فى البقاء والخلود.. هو الإنسان المصرى «الشاعر» بقيمتها وقدسيتها وأهميتها وألقها.. قل عنه الفنان.. المثقف.. الجندى.. المهندس.. الفلاح.. العامل.. الطبيب.. المفكر.. الفلكى.. المعمارى.. إنه مزيج مدهش من أفكار مبدعة.. وجنود أبطال.. وسواعد لا تلين.. وخيال خلاق.. انصهروا فى بوتقة أرض ووادٍ ونهر.. وفى عناق تحدوا المستحيل.. فولدت حضارة من أعرق الحضارات وأقدمها يعرفها القاصى والدانى.. العدو والصديق.. الشرق والغرب.
ولا عجب أن نقول ونؤكد أن من بنى مصر وشيَّدها هو «الشاعر» إحساسًا بقيمتها وقدسيتها.. نعم إنه فى البداية الصوت الذى يجمع.. صوت المنادى.. صوت الناى والربابة، ونعمات الساقية، والشادوف، والمحراث.. إنه الصوت الذى يؤلف بين القلوب ويغذيها.. ويحض على الإنجاز والبناء.. ويدفع فى الشرايين وهج العلم والمعرفة والعمل والانتماء والتضحية.
وقديمًا أيضًا.. قرأت فيما قرأت.. أن الشعر العامى هو ديوان العمل.. إنه أغنية طويلة ممتدة تحرضك على الإنتاج والسير فى سبل الحياة ومناحيها.. وقد قرأت فيما قرأت للراحل الكبير.. والباقى! سيد شعراء العامية «سيد حجاب» شيخ صيادى اللغة واحد محاربيها.. والمشهود له بإنجازه الضخم فى الأغانى عن عشرات المسلسلات والمسرحيات والأغانى الفردية المتميزة بأهازيجها الأصيلة والعفية.. وبأصوات مازجة بين الشجن الدفين والبهجة المطلة من الشبابيك و«البيبان».. فقد قال: «إذا كان الشعر ديوان العرب.. فإن الأغنية ديوان المصريين».. وهو وصف دقيق ودال.. ولهذا راهن على الأغنية التى تطل بسهولة على الناس، وتجمعهم.. فصنع منها وبها عقدًا فريدًا.. لا يزال المصريون منشدِّين إلى سماعه فى الأفراح والأتراح.. والدليل «ساقية الصاوى» وحفلات الغناء فيها، وتهافت الشباب على سماع تلك الأغانى القديمة الحديثة.. وهى تجمع بين القدم والحداثة، لأنها أغانٍ صافية ونقية وعفية.. تتشبع بحس وطنى صادق وعميق.. خالية من كل ما هو مطروح فى الأسواق وهو يشبه الوجبات السريعة ومكسبات الطعم التى تؤدى إلى التلبك المعوى وربما السمعى أيضًا!! نعم أغانيه تصيب العصب العارى، والمعنى الدفين لدى كافة الأعمار والمهن.. إنها باختصار أغنية تضرب على الأصيل وتعرى الهجين الزائف!
ويرحل شاعرنا الكبير «سيد حجاب» عن 77 عامًا.. يوم 25 يناير.. وهو يصادف الذكرى السادسة للثورة.. وهو يوم يكتنفه الحزن.. والغيوم الكثيفة.. لأكثر من سبب.. السبب الأساسى هو فقد شاعر بقيمة وقامة «سيد حجاب» الذى من الصعب أن تجود الأزمنة القادمة بمثله.. أو نصادف مثل هذا الصوت فى عذوبته، وأصالته، وعمقه، وصموده، ونضاله.. فى الأيام والسنوات القادمة المنظورة.. لأن تكوين الشاعر فوق موهبته «الربانية» يحتاج إلى سنوات عديدة متراكمة من تكوين، واجتهاد، وتثقيف عانى فيها «حجاب» وكابد.. وقبض على الجمر، و«بحَّر وقبَّل».. حتى ارتقى إلى ما ارتقى إليه شيخ صيادى الأغنية العفية المكتملة.. الباقية والمؤثرة.. والشاهدة على العصر.. نعم لقد صنع مع رفيق دربه الموسيقار الراحل «عمار الشريعى» ثنائيًا غنائيًا مصريًا استثنائيًا ومبدعًا وخلاقًا.. وسيظل يشنف الآذان والوجدان المصرى والعربى.. لكأنه يطلق ألسنة من نيران على ما نحن فيه من هوان موسيقى غنائى.. من كلمات وألحان فى معظمها كسقط متاع! وها هى «المهرجانات» المنتشرة التى تشبه «الفيروسات» السمعية!!
أما السبب الثانى.. فهو ذاك الأسى العام الذى أصيب به «سيد حجاب» وشاركه فيه كل من آمن بثورة يناير ويونية.. وأعتقد جازمة أنه إذا ما كانت واتته القوة والعزم- وقد كان فى أيامه الأخيرة يعانى بشدة المرض العضال وألمه صامتًا صامدًا- كنا سنقرأ له أكثر من قصيدة تنال من هذه الظاهرة البغيضة.. ظاهرة التسريبات الصوتية التى تذاع فى الفضائيات للتشهير بشخصيات قد نختلف معهم شاركت فى الثورة.. والهدف هو إهالة التراب على الثورة ذاتها! لكن من يتأمل الظاهرة ويقرؤها بعمق وروية.. سيرى أنها تنال بالأساس من الدولة المصرية الوطنية التى ترغب فى أن تكون حديثة.. والتى تكفل الحماية للمواطنين كافة.. ولا تتعرض لحياتهم الشخصية كما كفلها ونص عليها دستور 2014.. ذلك الدستور الذى كُتبت ديباجته بإبداع قلم «سيد حجاب».. وهى للأسف لم تعجب من هم وراء تلك التسريبات.. فى الوقت الذى نالت استحسان مؤيدى الثورتين، لأنهم مؤمنون بأنه لولا يناير ما كانت يونية.. وهكذا لمسناها فى كلمة الرئيس السيسى يوم 25 يناير 2016.. وها هو الدستور ومن واقع الديباجة ينص فى إحدى فقرات الديباجة على أن «ثورة 25 يناير 30 يونية فريدة بين الثورات الكبرى فى تاريخ الإنسانية بكثافة المشاركة الشعبية التى قُدِّرت بعشرات الملايين وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مشرق، وبتجاوز الجماهير للطبقات والأيديولوجيات نحو آفاق وطنية وإنسانية أكثر رحابة، وبحماية جيش الشعب للإرادة الشعبية وبمباركة الأزهر، والكنيسة الوطنية لها.. وهى أيضًا فريدة بسلميتها وبطموحها أن تحقق الحرية والعدالة الاجتماعية معًا».
***
نعم آمن سيد شعراء العامية بالثورتين.. مثله فى ذلك مثل رفيقى الدرب.. شاعر السجون والمعتقلات والحريات «أحمد فؤاد نجم».. وشاعر الجنوب وصهد الحرائق.. والفقراء والمساكين «عبد الرحمن الأبنودى».. الثلاثة دافعوا بحرارة عن يناير وعن الثوار.. لكن يظل «سيد حجاب» الأقرب إلى صورة المعادل الموضوعى المعاصر لعبد الله النديم الذى آمن بثورة عرابى والفلاحين حتى صار عنوانًا لها.. بل صار صوتًا للفقراء والثوار الذين يستدفئون بأغانيه فى أيام التحاريق!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.