جاء فوز دونالد ترامب، باحتلال المقعد رقم 45 فى رئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية أكبر إمبراطورية فى التاريخ، كضربات البراكين والزلازل المصحوبة بالأعاصير التى عكستها وسائل الاعلام فى كل بقاع الأرض. فوز ترامب وتوابعه أظهر لكل العالم كم هى مؤثرة تلك الامبراطورية التى تأسست فى عام 1783 بعشر ولايات وهى اليوم 50 ولاية تحكم العالم. الفوز المفاجئ لترامب، أربك أنصاره الذين هللوا له بهسترية وكأنه المسيح المخلص على الرغم من ان الرجل قال بوضوح إن أمريكا للأمريكان فقط، وانه لن يدعم أحدًا مجانا وان السور الذى سوف يشيده على الحدود مع المكسيك لمنع تدفق المكسيكيين من دخول بلاده سوف يجبر المكسيك على تحمل نفقاته وان حلف الأطلنطى لن ينفق عليه سنتًا واحدًا وان دول الخليج ستدفع أولًا ثمن حمايتها وان فقراء أمريكا لن ينالوا الرعاية الصحية وان المسلمين لن يدخلوا الجنة الأمريكية بعد اليوم.. وهكذا يبدو ان أنصار ترامب قد أصابهم الذهول ولم يفيقوا بعد لقراءة هذا الرجل بشكل صحيح. أما أعداء ترامب فكانوا أكثر رعبًا ومهانةً لأنهم أيضًا يعتقدون ان الرجل سوف يصنع أقدارهم، فيشطب من يريد من سجلات الحياة ويرفع من يشاء ويذل من يشاء. وكلا الفريقين الأنصار والأعداء تركوا أوطانهم وطافوا حول البيت الأبيض لعلهم يحصلون على مجرد أمل فى رضى أولاد العم سام. فى بلادنا مصر لم نعرف منذ زرع الكيان الاسرائيلى على حدودنا الأعداء وكراهية أمريكية بلغت ذروتها فى عدوان 67 والجسر الجوى لإسرائيل فى 73 وتأييد ودفع اثيوبيا لبناء سد يهدد حياة المصريين وخداعنا بمعونات تصرف كرواتب خيالية لموظفيها فى هيئة المعونة. مصر إذن عليها أن تبدأ مع ترامب بداية جديدة تعتمد فيها على نفسها لأننا دولة فقيرة لن تستطيع ان تدفع لرئيس مجلس إدارة الشركة الأمريكية ولأن رجل الأعمال يكره الفقراء حتى لو كانوا أمريكان ولأن فرصتنا التاريخية قد أجبرنا عليها ترامب وهى ان نطلق طاقات وابداع شعبنا للوقوف على أقدامنا كدولة عريقة، لا يشكل كل تاريخ أمريكا شيئا فى عراقتها الممتدة لأكثر من عشرة آلاف عام. ترامب لا يرى دول العالم بما فيها الدول الأوربية إلا مجموعات من العمالة الرخيصة التى يجب ان تعمل فى شركته الجديدة بلا أجر لأنه يكفيها شرف الانتماء لأمريكا العظيمة. إن القراءة الصحيحة لما سيفعله ترامب مع مصر تقول إن المعونة الأمريكية لبلادنا سوف تتوقف وان علينا أن نجد بديلًا لها من انتاجنا وليس من داعم آخر فالرجل الذى يرفض دعم حلف الأطلنطى لن يدعم مصر وعلينا ان نتوقع ارتفاع أسعار الأسلحة الأمريكية وبالتالى علينا توسعة التنوع فى مصادر السلاح انتاجًا وشراكةً. الأهم ان ترامب سيفعل كل ما صرح به لأنه حصل على الأغلبية الجمهورية الكافية لدعمه المطلق بالكونجرس، فلا يجب القول إن سلطاته محدودة لأن الأغلبية معه.