فى سباق محموم غير مسبوق خاض «دونالد ترامب» جولة انتخابات الرئاسة الأكثر إثارة للجدل فى تاريخ الانتخابات الأمريكية ليفوز بالوليمة بعد منافسة محتدمة مع «هيلارى كلينتون». جاء فوزه مفاجأة للكثيرين ولكنه أحدث تسونامى سياسيا فى الشرق الأوسط، فالبون شاسع بينه وبين كلينتون التى اتبعت سياسة هوجاء. لن ينسى لها أحد أنها دعمت غزو العراق وإسقاط نظام صدام. وهو الغزو الذى قاد إلى فراغ أمنى جاء بداعش الارهابى لكى يملأه. كما أنها كانت وراء ما يحدث فى ليبيا من فوضى ودمار وتسليح المتمردين وحديثها الساخر فى معرض تبرير ذلك بقولها: )الأولاد يحبون اللعب بالبنادق(. كما أن علاقتها بالتيار الاسلامى السياسى فى ليبيا حدا بها إلى أن تكون الأعلى صوتا فى أمريكا بين المنادين بالتدخل العسكرى هناك رغم علمها بأن الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة ليست إلا جماعة ارهابية. ولا غرابة فلقد كانت هى وأوباما وراء صناعة داعش. لن ينسى لها أحد التصاقها بالإخوان فى مصر وعلاقتها القوية بهم عندما كانت وزيرة للخارجية ضمن طاقم أوباما الذى كان يرى ضرورة وصولهم للحكم من أجل تحقيق الأجندة الأمريكية فى المنطقة والهادفة إلى إسقاط الأنظمة ونشر الفوضى الخلاقة لتفتيت دولها وتجزئتها. ولهذا رأينا كلينتون وقد عمدت إلى إثارة قضايا حقوق الانسان كوسيلة ضغط للحصول على تنازلات من مصر تفسح عبرها المجال للإخوان للسطو على الحلبة السياسية. وجاء هذا رغم موافقة اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكى على تصنيف جماعة الاخوان كجماعة إرهابية ومطالبتها الخارجية الأمريكية بتنفيذ هذا القرار. فوز ترامب بالرئاسة سيغير حتما مسار السياسة الأمريكية حيال قضايا المنطقة. ولعل أحد معالمها سيتجلى فى الانفتاح على روسيا والتعاون معها فى ملف سورياوالعراق مما سينعكس بالإيجاب على محاربة الإرهاب. أى أن اليد الأمريكية ستقوى لمحاربة الارهاب الذى يتصدره داعش. ومع ترامب ستتطلع مصر إلى ضخ روح جديدة للعلاقات بينها وبين أمريكا وهى العلاقات التى ستشهد حتما تحسنا كبيرا، فترامب ضد الاخوان وصنفهم كجماعة إرهابية. وأكد هذا فى اللقاء الذى تم بينه وبين الرئيس السيسى فى شهر سبتمبر الماضى على هامش اجتماعات الأممالمتحدة عندما دعم جهود مصر فى محاربة الارهاب. ولهذا كان الرئيس السيسى أول المهنئين له بعد فوزه بمقعد الرئاسة. ولا شك أن النظام السورى سيكون مستفيدا من فوز ترامب لا سيما أن مواقفه تشى بأنه لن يمارس ضغوطا لإسقاط حكم الرئيس بشار وهى الضغوط التى كانت إدارة أوباما تستغلها لإزاحة النظام. كما يحمد لترامب أنه عارض فرض منطقة حظر جوى كانت هيلارى تطالب بإقامتها فى سوريا، فلقد كان حكيما عندما رأى أن ما يهدد أمريكا هو الارهاب وليس النظام السورى أو غيره، وبالتالى فإن اسطوانة تغيير النظام السورى التى كانت ادارة أوباما تلعب بها قد انتهت. سقطت هيلارى كلينتون التى كانت تشيد بحكمة أوباما وتكيل المدح له فى التعامل مع ملفات المنطقة وكانت تعد بأنها ستتبع سياساته عندما تفوز بالرئاسة. وخاب فألها عندما أحرز دونالد ترامب الهدف وفاز فى سباق الرئاسة بعد أن عارض سياسة أوباما الفاشلة التى أنتجت الارهاب. وفى العشرين من يناير القادم سيتم تنصيبه رئيسا جديدا لأمريكا ليبدأ بتنفيذ تعهداته بتغيير النظام الأمريكى المتهالك ويعيد النظر فى سياسات اتخذها الرئيس أوباما المنتهية ولايته. أما كلينتون فلقد خسرت الكثير بعد أن حلت عليها لعنة ماحدث على يديها فى مصر وسورياوالعراق وليبيا وهى اللعنة التى أطاحت بها.