تشهد الانتخابات اللبنانية منعطفا جديا هذه المرة ، ولسوف ينجح مجلس النواب اللبناني غدا الاثنين الموافق 31 من أكتوبر وبحسب التحليلات والتحركات والتكتلات الحزبية الأخيرة فهناك بوادر انفراج أزمة اختيار الرئيس اللبناني هذه المرة ، فبعد أكثر من 45 جلسة نيابية استمرت لأكثر من عامين أخفق المجلس بسبب تعمد أعضائه في عدم اكتمال النصاب لاختيار الرئيس مما أضر بمصلحة البلاد وأخر انتخاب أعضاء جدد بالبرلمان ، ويأتي التصويت هذه المرة ليشهد بوادر انفراج تلك الأزمة بسبب أن المشهد السياسي والحزبي اللبناني قد شهد توافقات وتحالفات جديدة وذلك بعد أن عاد رئيس الوزراء الأسبق ورئيس حزب تيار المستقبل إلى لبنان ليبارك ترشيح العماد ميشيل عون وإدارة ظهره لسليمان فرنجي الذي كان يؤيد من قبل ترشحه للرئاسة ، ولهذا سوف يشهد الاستحقاق الرئاسي طريقا جديا دون أي وقت مضى بعد توافق سعد الحريري مع العماد ميشيل عون والحصول منه وفق ما صرح به أمام حزبه من ضمانات تحافظ على مؤسسات الدولة واتفاق الطائف الذي يرجع للعام 1989 ولربما ضمان حصوله على منصب رئاسة الوزراء بمباركة أيضا من حزب الله وذلك بعد أن تراجعت آمال نبيه بري وآمال سمير جعجع وكذلك المرشح سليمان فرنجية حليف حزب الله وسوريا مما دفع بسمير جعجع إلى تأييد عون قبل فوات الأوان . لقد وقعت لبنان منذ بداية الاستحقاقات الرئاسية فريسة الاختلافات والتكتلات الحزبية الداخلية التي استغلت الحرب السورية وانشغال الدول الإقليمية والدوالية بها كما أن تلك الاختلافات والتكتلات الداخلية تحركها أطراف إقليمية ودولية والتي أصبحت تتحكم في المشهد السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي في لبنان مما يضر سلبا بالشعب اللبناني واستكمال بناء مؤسساته وتفرده في قراراته السيادية ومنذلك كان ملف الانتخابات الرئاسية الذي يخضع دائما لتلك التجاذبات والمصالح الإقليمية والتي زادت في سخريتها هذه المرة ، ولكن يبدو أن تيار المستقبل كان من المعطلين الكبار لنتائج تلك الانتخابات انطلاقا من الخوف على المصالح الوطنية والإقليمية للشعب اللبناني ، فبعد جولة الحريري خارج لبنان ثم عودته له خلال الأسابيع الأخيرة فإنه قد عاد وبيده التوافق والحل السحري الذي أنعش به آمال وإمكانية اختيار الرئيس اللبناني داخل البرلمان الذي سينعقد في دورته ال46 غدا بانتخاب الرئيس والتي دلت كل المؤشرات والتكتلات الجديدة على اختيار الجنيرال السابق العماد ميشيل عون رئيسا للجمهورية ، ولكي يبرر سعد الحريري إقدامه على هذه الخطوة التي يمكن أن تؤثر على مستقبله السياسي قام بالاجتماع بكتلته الحزبية وشرح لها أسباب إصدار بيانه بالموافقة على ترشيح عون من أجل اكتمال الدولة اللبنانية حتى ولو جاءت على خيارات مرة ومنها تخليه عن دعمه لنبيه بري من أجل إقناع معارضيه في الحزب لضمان تعديل موقفهم وقيامهم بالتصويت داخل البرلمان لصالح ميشيل عون ، ومن بوادر انفراج أزمة اختيار الرئيس هذه المرة هو الزيارة الرفيعة المستوى التي قام بها الوفد السعودي أواخر الأسبوع المنصرم إلى لبنان وعقد اجتماع أولي مع رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام ثم عقد اجتماعات هامة مع كل القيادات اللبنانية لمباركة وتزكية حصول عون على الأكثرية البرلمانية التي تضمن له الفوز في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى غدا كما سبقها تزكية السيد حسن نصر الله وهي تزكية مستمدة من موافقة إيران على هذا الخيار إضافة إلى دخول فرنسا ودول أوروبية أخرى ساهمت في دعم الميشيل عون ، يحدث ذلك في الوقت الذي توجد فيه انقسامات واختلافات داخل تيار المستقبل الذي يرأسه الحريري حول عدم تأييد انتخاب عون بجانب أحزاب وقيادات حزبية معارضة ومستقلة ضد هذا الخيار ومنها رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الذي أعلن بأن التصويت هذه المرة داخل البرلمان سيكون وفق قناعات الحزب الراسخة وأنه لم يدخل الصفقة الرئاسية القائمة ، كما أنه رأى أن ما حدث من جانب سعد الحريري وحزب الله بقيادة نصر الله كأنها خطوة قامت على تحالف قام على أسس متناقضة وليس من أجل ما يسمى بالشراكة الحقيقية النزيهة من أجل لبنان ، وما يرجح ما سيحدث غدا داخل البرلمان هو إمكانية اختيار الميشيل عون رئيسا للبنان هذه المرة ، وعون هو رجل عسكري وسياسي لبناني ورئيس حزب التيار الوطني الحر ثاني أكبر الأحزاب اللبنانية وكان قائدا للجيش اللبناني منذ 23 يونيو 1984 وحتى 1989 ورئيسا للحكومة العسكرية التي شكلت عام 1988 وكانت له مواقف سياسية معارضة لتواجد القوات السورية في لبنان منذ اتفاق الطائف جلبت عليه أن يعيش في المنفى في فرنسا لفترة زمنية طويلة حتى عاد إلى لبنان وشكل حزبه السياسي ، فهل يكون هو الرئيس اللبناني وسوف ننتظر إلى الاجتماع الحاسم غدا داخل المجلس النيابي اللبناني لمعرفة حقيقة ذلك .