إنه صمود دولة سوريا الحبيبة التى أعشقها حتى الثمالة، زرتها مرات عديدة.. رأيت شعبها وساحاتها وأسواقها وتراثها وفنها. تعرفت من خلالها على القيم النبيلة والأداء السهل الممتنع لأمور الحياة اليومية. كنت أرتاد شوارعها فى الصباح الباكر. كانت تنعم بالهدوء والأمن والاستقرار؛ لا خوف من بلطجى أو لص أو عابر طريق شاذ، إنهم السوريون فى توليفة بديعة من الأداء الانسانى الخلوق. رأيت المواطن نموذجا براقا من الشفافية والنقاء دؤوبا على العمل المثمر الخلاق، رأيت مسؤوليها الأكثر حرصا على العمل بأداء راق يتبنى تطويع الأمور وصياغة الحقيقة لتتجلى فى أبهى صورها. كنت أقول لمن يطلب منى الحديث عن انطباعاتى عن سوريا بأنها الكيان العروبى الذى أعشقه، المسكون فى جوانحى إلى الحد الذى لا أشعر بالغربة وأنا على أرضه وبين أبنائه. إنها سوريا الوطن الثانى لى بعد مصر، فهى أيقونة الشرق عبقة بأجوائها الرطبة الندية. أشعر براحة البال بين دروبها. أتنفس عشقا لها ولكل معلم فيها ينادينى لكى ألبى رغبة عارمة تعتمل فى نفسى كى أعود ثانية لهذه الدولة الحبيبة. كنت عندما أعود إلى القاهرة أحدث الجميع عن دمشق الحديقة اليانعة التى تعكس الأمن والأمان والاستقرار وراحة البال. أناسها أحباء يقدمون يد العون للغريب إذا تعثر وضل الطريق ولم يعثر على العنوان الذى يقصده. كان السورى يترك كل ما فى يده ويحاول مساعدة الغريب حتى يوصله إلى العنوان الذى يريده. إنه السلوك المثالى الذى لا تجده فى أى دولة فى العالم. وندلف بالحديث إلى الرئيس «بشار» البطل الذى استطاع أن يصمد أمام الأنواء والمؤامرات الكونية التى استهدفت دولته. ولا عجب أن استمد الشعب السورى الأبى الصمود من الرئيس الذى تحامل على نفسه وعاش حياته وفق المتاح مسكونا بالتحدى الذى يحسب له والذى يؤكد من خلاله أنه لن يفرط فى سوريا الدولة ولن يتخلى عن شعبها الأبى. تحمل الكثير من المثبطات الصادمة خاصة وقد جاءته من المحيط العربى والأمثلة كثيرة مثل تعليق عضوية سوريا بالجامعة العربية رغم أنها إحدى الدول الرئيسة المؤسسة للجامعة. هذا فضلا عن اتخاذ الجامعة جملة قرارات عقابية بحقها مثل دعوة الدول العربية إلى سحب سفرائها منها وفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية وتجارية ومالية عليها ثم تدويل الملف السورى باللجوء إلى الأمم المتحدة!!. آن الأوان لكل من منح نفسه تفويضا بالوصاية على سوريا أن يفيق من الغيبوبة التى سكنته على مدى أكثر من خمس سنوات منذ اندلاع ما سمى تجاوزا بثورة مارس 2011 ، والتى لم تكن فى حقيقتها إلا بداية لتنفيذ مخطط الاطاحة بالدولة على غرار ما حدث للعراق فى أعقاب الغزو الأمريكى فى مارس 2003، دعم ذلك وزير خارجية أمريكا الأسبق «كولن باول» عندما قال: (غزونا العراق ليكون منطلقا لنا نحو دول المنطقة لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بشكل يعزز مصالح أمريكا وحلفائها). ولا أدل على ذلك من قيام «باول» بزيارة سوريا فى مايو 2003 ليملى عليها شروط اذعان رفضتها فى حينه، وعلى إثر ذلك استهدفتها أمريكا بأن سلطت عليها نبتة الارهاب الخبيثة من أجل اسقاط النظام وصولا إلى تنفيذ أمريكا لمخططها الرامى إلى تقسيم الدول وتجزأتها. بيد أن الصمود السورى الأسطورى حال دون ذلك حتى الآن. إذا أريد الحل للأزمة فعلى من نصبوا أنفسهم أوصياء عليها أن يبتعدوا عن ساحتها ويتركوا المجال للنظام الشرعى السورى ليحدد الأطر للحل السياسى بمشاركة من المعارضة الوطنية غير المحسوبة على الخارج ليتم تمرير الحل من خلال اجتماع النظام والمعارضة برعاية أممية ومشاركة عربية لضمان التوصل لاتفاق ينهى الأزمة عبر استئصال روافدها والحاق الهزيمة بكل من حاول أن ينصب الفخاخ للايقاع بالدولة.....