عادت الجولان الهضبة السورية مجددا لتطفو على سطح المشهد الإعلامي العربي ، بعدما عقد مجلس الوزراء الإسرائيلي اجتماعه فيها ،لأول مرة تزامنا مع يوم 17 إبريل الذي يحيي فيه السوريون ذكرى جلاء الاستعمار الفرنسي عن الجولان ، وأعقبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريح قال فيه : إننا موجودون في مرتفعات الجولان، ومرتفعات الجولان ستبقى بيد إسرائيل إلى الأبد. تصريحات نتينياهو مثلت رسالة مفادها أن انسحاب إسرائيل من الجولان ليس مطروحا على الإطلاق ، ذلك في ظل تقارير بشأن تسوية للصراع في سوريا يشمل إعادة هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 ، الأمر الذي دعا مجلس جامعة الدول العربية لعقد اجتماع طارئ اليوم الخميس لمناقشة هذا الوضع . والجولان هضبة تقع بكاملها ضمن حدود سوريا ، إذ تمثل المساحة القابعة بين نهر اليرموك من الجنوب ، وجبل الشيخ من الشمال، وتبعد 50 كيلومترا من الغرب عن العاصمة دمشق ، وهي تابعة إداريا لمحافظة القنيطرة (كليا فيما مضى وجزئيا في الوقت الحاضر) ، وفي حرب 1967 احتل الجيش الإسرائيلي ثلثي مساحة الهضبة (1260 كيلو متر مربع ) وتسيطر عليه ، فيما تطالب سوريا بإعادته إليها . ومازالت حدود عام 1923 للجولان هي الحدود المعترف بها من قبل المجتمع الدولي ، غير أن كل من سوريا واسرائيل تطالب بتغييرها ، إذ تطالب سوريا بإعادة الحدود إلى حالتها في 4 يونيو عام 1967 ، معتبرة بعض الأراضي الواقعة بين الحدود الدولية ووادى نهر الأردن أراض سورية ، وتطالب كذلك بالجزء الشمالي الشرقي من بحيرة طبرية طبقا لقراري مجلس الأمن رقم 242، 338 ، ولاتزال الأممالمتحدة تشير إلى هضبة الجولان باعتبارها أرضا سورية محتلة ، فيما تطالب إسرائيل رسميا بالاعتراف بضم الجولان إلى أراضيها ، الأمر الذي ينافي القرارات الدولية . ففي 14 ديسمبر عام 1981 قرر الكنيست الإسرائيلي فيما سمى بقانون الجولان فرض القانون والإدارة الإسرائيلية على هضبة الجولان ، وأشارت الخارطة الملحقة بهذا القرار إلى المنطقة الواقعة بين الحدود الدولية من عام 1923 ، وخط الهدنة من عام 1974 كمنطقة خاضعة له ، وبدأت تتعامل مع المنطقة كأنها جزء من محافظة الشمال الإسرائيلية ، ومن الناحية العملية أدى قانون الجولان إلى إلغاء الحكم العسكري في الجولان ونقل صلاحيته للسلطات المدنية العادية، و لم يتغير الوضع القائم في المنطقة بشكل ملموس بعد عام 1981 ، إذ أقر قانون الجولان السياسة التي طبقتها إسرائيل منذ عام 1967. وضمن النقاش حول نص القرار مبادرة رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ( مناحيم بيجن ) ، إن القرار لا يغلق الباب أمام مفاوضات إسرائيلية سورية ، فى حين لم يعترف المجتمع الدولي بالقرار، ورفضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قرار برقم 497 صدر يوم 17 ديسمبر عام 1981 ، ومازالت وثائق الأممالمتحدة تشير إلى منطقة الجولان باسم الجولان السوري المحتل ، كما تشير إليه بهذا الاسم وسائل الإعلام العربية وبعض المنظمات الدولية الأخرى. وأكد مجلس الأمن في قراره أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير مقبول بموجب ميثاق الأممالمتحدة ، واعتبر قرار إسرائيل ملغيا وباطلا دون فعالية قانونية على الصعيد الدولي ، وطالبها - باعتبارها قوة محتلة - أن تلغي قرارها فورا ، ومع ذلك لم يفرض مجلس الأمن أى عقوبات على إسرائيل بسبب قرار ضم الجولان. وكانت اسرائيل قد أعلنت في بعض المناسبات استعدادها للانسحاب من الجولان - في إطار اتفاقية سلمية مع ترتيبات أمنية خاصة - ، واليوم تجدد الحكومة الإسرائيلية على الملأ انتهاكها للشرعية والقانون الدوليين ، بتعهد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن تبقى مرتفعات الجولان بيد إسرائيل إلى الأبد ، وبعدم انسحاب إسرائيل منها ، مشددا على أن الموقع الاستراتيجي على الحدود السورية سيظل للأبد تحت السيطرة الإسرائيلية.