في جولة ل"الآسبوع "داخل منطقة سجون القناطر ، رصدت عدساتها واقع لم يكن يُرى إلا في مشاهد الأفلام الأجنبية عن السجون بالدول الأوربية ، وقد يُغيّر هذا الواقع الذي رصدناه لدى البعض " ممن لديه الإستعداد " النظرة المألوفة عن السجون ، التي طالما صُورتها لنا الدراما المصرية ، بأن داخل أسوار السجن لا يوجد سوى المعاملة القاسية الخالية من أدنى مشاعر الإنسانية ،للسجناء لأنهم أقترفوا الجرائم ، فحق عليهم العقاب بكل صوره . هنا وعندما تطأ قدميك أرض سجن "النساء " بمنطقة القناطر في أول مشهد أمام عينيك ، سترى على يمينك حديقة الطفل ، يجلس بداخلها الآمهات "السجينات " مع أطفالهن من هم في سن العامان، يقضين أوقات ينزهن فيها الصغار الذين قُدر لهم أن يكون بصحبة أمهاتهن ، خلال فترة العقوبة ،فتراهم يرفعن صغارهن على الإرجوحات ، ممسكين بأناملهم البريئة ، يتمايلن معهن يميناً ويساراً ، ولكن تلمح في أعينهم إبتسامه ممزوجة بالندم ، وإن سألت كل واحدة منهمن عن نوع قضيتها التي جعلتها تلقى مصيرها هذا ، ليقولن أغلبهن "المخدرات " !!؟ على بعد خطوات من الحديقة تجد المستشفى التي هي عبارة عن طابقين الأول للكشف بجميع التخصصات ، وأحداث وحدات للكشف بالسونار ، ومثيلتها للغسيل الكلوي ، وأخرى بالليزر للكشف على العيون ، بجانبها صيدلية تحوي من الأدوية كل الأنواع وحتى النادر منها ويتعذر توفيره بالخارج ، وخاصة ألبان الأطفال الرُضع المتواجدة بشكل كبير ، بل يوجد منها فائض مُخزّن ب"كراتين "جانبية ، وهناك طابق أخر بالمستشفى مخصص للمرضى من النزيلات . أما على يسار المستشفى نسمع أصوات "الأطفال الرضع" حيث "عنبر 9 " الخاص بالسجينات الحاضنات ، ونجده مكان ذو مساحة رحبة ، مجهز بشكلاٍ صحي ، روُعي إن يكون به نوافذ لدخول أشعة الشمس ، جيد التهوية ، يحتوي على أسرة ومفروشات قيمة ، ألوانها زاهية ومبهجة ، تدخل الراحة النفسية على الأم النزيلة الحاضنة لصغيرها خلف أسوار السجن ، علها تخفف عنها ألام وجودها بطفل لا ذنب له فيما إقترفت يداها من جريمة يعاقب عليها القانون وفي مشهد أخر نجد مكتبة تثقيفية تحوي عددا من أمهات الكتب في كل التخصصات ، تحرص إدارة السجن على إستفادة النزيلات منها وتخصص أوقات محددة باليوم ، للمكوث داخلها للقراءة ، والإطلاع ، والتجول داخل أقسامها المتعددة .بجوار المكتبة يجود فصل محو أمية ، تشرف عليه إحدى النزيلات الحاملة لشهادة قد تكون عُليا ، دورها تمارسه بكل حب ، لتعليم زميلاتها من السجينات ، لينتقلن بعدها إلى مرحلة لتعليم الإبتدائي رصدت عدسات الأسبوع داخل أسوار سجن النساء " ملعباً للكرة الطائرة "وتُمارس النزيلات بالفعل تلك العبة في جو من السعادة والمرح ، وخاصة بعد مشاركتهن اللعب مع محرري "الآسبوع " . وأغرب ما وجدت "الآسبوع "داخل سجن النساء إحدى النزيلات وهي تقف على ماكينة الفحم ، تمسك بريشة التهوية ، لنعلم أنها "حاتي كافيترياالسجن " تزاول المهنة التي كانت تعمل بها من قبل، حيث كانت تمتلك محل لبيع "الكباب والكفته " بمنطقة شبرا مصر ، دخلت السجن ،في قضية "إيصال أمانة"، وتحاورها "الأسبوع "لتعلم منها أنها تفضل العمل حتى لا تشعر بالوقت ، خاصة وإنها تحصل على مقابل مادي ، تقوم بإرساله شهريا إلى أسرتها لمساعدتهم على نفقات الحياة . بجانب الكافتيريا يوجد مطبخ السجن ، يطهين فيه" النزيلات "ألذ انواع الطعام ، بل ويوجد بداخله فرن لعمل لخبز "العيش " يبرعن في إعداده إحداهن ، ويبدو عليها إنها ريفية محنكة في صنعه ، ليخرج من تحت يديها "رغيف خبز" قلما يتواجد بالمخابز الخارجية . على مسافة ليست ببعيدة إلتقطت " الآسبوع " مشهد ورش الخياطة " تحيك فيه النزيلات الملابس الخاصة بزي المسجونات ، يتراصن في نظام خلف بعضهن البعض ، لتسرح كل منهن في ملكوتها على ضجيج أصوات "مكينات الخياطة " لتنتهي الوردية وينتهي معها يوما ولىٓ إلى حاله لا يريدن تذكره ، بل يصبحون ويكررون لتنتهي أياما أخرى ، تقربهن من موعد خروجهن إلى زويهن ، وعالمهن الحر بعيدا عن قيد السجون ، فإن توافر بداخله كل ما يحتاجون ، ولكن لم يتغير مسماه بالنهاية بالنسبة لهن .. فهو "سجن ". ومن سجن النساء إلى سجن" الرجال 1" بمنطقة القناطر تتجول "الآسبوع "داخل " خلية نحل" تُعرف بمصنع الأثاث المنزلي ، يقف على أعتابه رجال وإن ضلوا الطريق ، ولكنهم وجدو داخل أسوار السجن ، ما يمنحهم الأمل مرة أخرى في حياة مليئة بالعمل الشريف ، يُصنّعون غرفا ومكتبات ، ومناضد ، وأبواب وشبابيك ، تخرج في النهاية قطع فنية رائعة ، تقوم إدارة السجن بعمل معارض تسوق من خلالها تلك الأعمال ، ليحصل السجناء في النهاية على الربح المرضي لهم . صحبنا أثناء الجولة اللواء محمد على نائب مدير إدارة البحث الجنائي لمصلحة السجون ، الذي أكد أن السجن يطبق داخله السياسة العقابية الحديثة "من حيث العمل على توفير الخدمات الإجتماعية والصحية والثقافية والتعليمية والرياضية والعمل على إعادة تأهيل السجناء، وإعدادهم مهنيا ونفسيا لتسهيل عودتهم للمجتمع أفراداً صالحين . مشيرا إلى أن سجن القناطر يضم ما يقرب من 6 آلاف سجين، منهم 3 آلاف سجينة، ويضم عنبرين رجال، وعنبرًا للسيدات، و71 مسجونًا بورش تصنيع الأثاث، و52 نزيلة بالسجن، و40 نزيلًا يعملون بمصنع تصنيع ملابس السجن، ويتقاضون ما بين 400 إلى 500 جنيه شهريًا. مؤكدا أن سياسة وزارة الداخلية خلال الفترة الحالية ترتكز على عدة محاور رئيسية أهمها الحوار ، والمعايشة الإنسانية ، والتواصل ، أي لغة الحوار مع المسجون والإستماع الي مشاكله ، والحرص على مشاركته أفراحه وأحزانه مع أسرته بالخارج ، ففي حالة زواج أبناءه أو وفاة والديه يسمح له بالخروج بصحبة مأمورية خاصة من قطاع السجون ، لحضور اي من هذه المناسبات ، ثم عودته مرةأخرى ، كما يسمح له بالتحدث تليفونيا مع زويه بالخارج إذا إقتضى الموقف ، وكذلك التواصل مع السجين وأسرته ، ومساعدته على حل أي مشكلة تواجههم بالخارج ، والإهتمام بتأهيله من داخل الأسوار الي حياة طبيعية ، ليكون قادرًا على العيش بعد الخروج وسط المجتمع ، وذلك من خلال تدريبه وتعليمه بمصانع لإنتاج الحلوى والأثاث والخضروات أو بالقطاع الزراعي والحيواني ، ، حيث يكون الغرض النهائي منها شغل وقت السجين ،و حصوله علي راتب شهري ، تبقى في تدخر في رصيده لعند الخروج ، أو يستفيد بها عائلته . مضيفا انه فى مجال التعليم إتجه القطاع نحو تفعيل الرعاية التعليمية للسجناء من خلال حثهم ومعاونتهم على إستكمال مراحل التعليم الجامعى بالكليات والمعاهد العليا والمتوسطة ، و تقديم كافة صور الدعم لهم ،تنسيقا مع الجهات التعليمية المعنية ، حيث يوجدإدارة للتعليم والإرشاد الديني ، تبداء بمحوالأمية فالتعليم الإبتدائي ثم الإعدادي ، ويليها التعليم الثانوي بكل أقسامه ثم الجامعي ، وايضاً الماجيستير والدكتوراه مؤكدا على إن الإمتحانات يؤديها النزلاء داخل السجون بالتنسيق مع الإدارات التعليمية بالمحافظات المختلفة ، فعلى مستوى 47 سجن يوجد ما يقرب من 6ألاف سجين في مراحل التعليم المختلفة ، مؤكدا على تركيز قطاع السجون بالإهتمام بالتعليم لإرتقاء بالمحكوم عليه ، والمباعدة بينه وبين إرتكاب الجريمة ويتيح له فرص العمل ، فضلاً عن شغله لوقت الفراغ بمداومة القراءة وهو ما يزيد من مقدرته على كبح جماح نفسه ، والتحكم فى غرائزه ، وبالتالى يؤدى إلى إستنكاره للسلوك الإجرامى . وأوضح اللواء مصطفى إبراهيم نائب مدير منطقة سجون طره ، شريكا أخر بجولتنا ، انه يتم الموافقة علي نقل المساجين ، للسجون القريبة من زويهم وفقا لظروف إجتماعية وإنسانية ، وتلبية لمطالب أهالي النزلاء ، حيث تم الإستجابة لطلبات 271 نزيل بالسجون لنقلهم الي سجون قريبة من محل إقامة ذويهم ، كان أخرهم "73" نزيل تم مراعاةً البعد الإنسانى والإجتماعى ، لحالتهم ، ليبلغ عدد الذين تم الموافقة على نقلهم فى الفترة من 1/1/2016 وحتى تاريخة "381 نزيل". كماأنه تفعل إجراءات قواعد فترة الإنتقال الخارجية والتى تنص على التصريح لبعض السجناء بالخروج لزيارة ذويهم لمدة 48 ساعة . وتابع أن الإفراج عن المساجين يكون بطريقتين "الإفراج الشرطي "و "العفو الرئاسي " التي تخضع لتوجيهات الرئيس وترتبط بمناسبات محددة بحسب مواد القانون مثل المناسبات الدينية كالمولد النبوي ، والأعياد الدينية ، والقومية ، والمناسبات الرسمية ، و"الإفراج الشرطي " ُتعقد لجانه أسبوعيا ، لبحث الحالات التي ينطبق عليها القانون ، والتي يراعى فيها حسن السير والسلوك ، وإنقضاء نص العقوبة ، أما بالنسبة للمساجين أصحاب الآحكام المشددة ، يتم نقلهم الي ليمانات ، وآشار" إبراهيم "أنه لا يوجد تفرقة في المعاملة بين السجين السياسي والسجين الجنائي ، فالمعاملة سواء لأن السجين في النهاية إنسان ومواطن مصري وجب معاملته وفقا للقوانين بشكلاٍ متوازي فيما يخص العقاب والحقوق الكرامة الانسانية ، منبها إلى إنه لا يوجد داخل السجون خلوة شرعية ، بين المساجين وزوجاتهم ، مشددا على إن الرعاية الإجتماعية أحد أهم أوجه الرعاية المقدمة للسجناء ، إن لم تكن أهمها على الإطلاق لأنها تساعد المحكوم عليه على تقبل الحياة الجديدة داخل المؤسسة العقابية منذ لحظة إيداعه والتكيف مع ظروفها ، لما يحدثه ذلك من إنقلاب كامل فى مجريات حياته يتطلب الوقوف بجانبه ومساعدته ، وشد أزره فى التغلب على ظروفه الجديدة ، ولذلك فقد عنيت وزارة الداخلية بدعم السجون بالأخصائيين الإجتماعيين للقيام بهذا العمل الهام والذى على ضوئه تتحدد أساليب معاملة كل محكوم عليه والبرامج المناسبة لتأهيله ، مضيفا بأنه فى مجال الرعاية الإجتماعية للسجناء وأسرهم فقد تعاظمت الفترة الأخيرة الخدمات المقدمة للسجناء من خلال إجراء الأبحاث الإجتماعية ، حيث يتم صرف معاشات ومساعدات لآسر السجناء والمفرج عنهم بجانب الإهتمام ببرامج ضرورية ، تعنى بتهذيب نفس المحكوم عليه والإصلاح من شأنه وحثه على الطاعة ودفعه إلى سواء السبيل ، بالإضافة إلى شغل أوقات فراغه . أما اللواء دكتورمحمد شكيب مدير عام الإدارة الطبية لمصلحة السجون، أكد أثناء مصاحبته لجولتنا أن المنظومة الطبية داخل السجون تتبع أسلوب " الوقاية " و تأمين النزلاء قبل وقوع المرض، وتحرص على تقديم الرعاية الطبية للسجناء والمسجونات وأطفالهن المصاحبين لهن وتوفير جميع الأدوية ، ويوجد حضانتان للأطفال حديثي الولادة على أعلى مستوى من التجهيزات ،مشيرا إلى أنه يوجد 7 مستشفيات موزعة على مستوى الجمهورية ، فضلا عن 3 مستشفيات في جمصة وليمان طرة ويوجد بها 6 وحدات "غسيل كلى "و4 وحدات منهم في سجن برج العرب والآخرين في أسيوط ، وأن الأجهزة الطبية المستخدمة يتم تطويرها وتجديدها، وأنه إذا كان هناك سجناء مصابين بأمراض معدية يتم وضعهم في "عنابر عزل" وتتم متابعتهم بصفة دورية من خلال أطباء السجن، وأطباء الجمعيات الأهلية ، وحتى في حالة النزلاء المعاقين ، يتم توفير الأطراف الصناعية، وخاصة لنزلاء سجن وادى النطرون ، معلناً ، أنه من المقرر أن يتم تعميمها بباقى السجون لتوزيع أطراف صناعية على النزلاء المعاقين. وتابع .أن المستشفيات التي تم إنشاؤها داخل السجون الجديدة بجمصة والمنيا تضاهي المركز الطبي العالمي، وأنه تم التعاقد مع أطباء عسكريين إلى جانب الأطباء المدنين ، كما أن الخدمة الطبية تقدم للنزلاء على مدار 24 ساعة يوميا ، وإذا إقتضت حالته نقله إلى أكبر المستشفيات يتم ذلك على الفور ويؤكد اللواء دكتورمحمد شكيب مدير الإدارة العامة لمستشفيات السجون ، أن هناك تنسيق دائم مع مديريات الصحة الكائن بدائراتها السجون ، لتطهير عنابر إعاشة السجناء وحملات للتطعيم ، حفاظاً على الصحة العامة للسجناء وضماناً لسلامتهم ، وعدم إنتشار الأمراض والأوبئة ، وتنسيق مع وزارة الصحة بشأن تفعيل برامج مكافحة الدرن وكذلك تشكيل لجان طبية بصفة دورية من كافة التخصصات الطبية للمرور الدورى على السجون وتوقيع الكشف الطبى على سجنائها ، وإستخدام سيارة الفحص الجموعى دورياً فى فحص السجناء . نظم الجولة الصحفية قطاع الإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية بإشراف اللواء أيمن حلمي مدير المركز الإعلامي ، الذي أكد أن اللواء مجدي عبد الغفّار وزير الداخلية وجه بتكثيف المجهودات المبذولة بقطاع السجون، و بضرورة المتابعة الجيدة بتطوير أماكن الاحتجاز ، وشددٓ على "السعة الصحية الإستعابية"وتخفيف عدد المحتجزين بالسجون المركزية ،وبمواجهة اي تجاوزات للخروج عن القانون ، والمرور الطبي الدوري ، وإتخاذ مايلزم تجاه الحالات المرضية ، والإهتمام بمواعيد صرف الأغذية لجميع المحجوزين والمرحلين ، معلنا أن الوزير كان قد ووافق على زيادة فترة التريض للنزلاء بالسجون من ساعتين إلى 3ساعات ، وكذلك التوسع في عمل الزيارات بالمناسبات المختلفة والأعياد الدينية للمسيحين والمسلمين ، ويوم المرأة العالمي ويوم الأم مشيرا إلى إن الوزارة بالتنسيق مع قطاع السجون حرصت على تجهيز عنابر النزلاء بوسائل وأجهزة لأصحاب الإعاقة ، بالاضافة إلى إهتمامها بالقوافل الطبية الدائمة للكشف على المساجين ، وتسهيل زيارات القومي لحقوق الإنسان داخل السجون ، والتي كانت أخر ها لسجن بور سعيد والمنيا ، ومن المقرر أن تكون هناك زيارة في الحادي والعشرون من الشهر الجاري إلى سجن الإسماعيلية ، وكذلك الحرص على عقد ندوات مستمرة بالسجون للمجلس القومي لمكافحة الإدمان للتوعية بمخاطر تعاطي المخدرات ، وأكد "حلمي " أنه تم دفع أموال ل61 حالة من الغارمات من تبرعات رواتب ضباط الشرطة وذلك تنسيقا مع إدارة العلاقات الإنسانية وقطاع الإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية