حروب الجيل الرابع في جوهرها هي حروب للأفكار تستهدف العقول والقلوب من أجل تغيير معتقداتها وكسر ثوابتها وإضعاف وحدتها وتماسكها ومن ثم تُفكك أواصل المجتمع من الداخل وتقسم الدول.. ومثل أى حرب متعارف عليها تحتاج إلى خطط تدير هذه الحروب، فها هو جين شارب )ميكافللى حرب اللاعنف( قائد قوات هذه الحروب بخطط تستهدف اختراق الأمن القومى للدول المراد تقسيمها. ولأن هذه الخطط تحتاج إلى ساحات للتدريب فقد فُتحت دكاكين الديمقراطية الأمريكية أبوابها لاستقبال الشباب وتدريبهم على فنون القتال التى تعتمد على إسقاط أركان الدولة الأساسية )الشعب-الإقليم-النظام السياسي( وتستخدم بين طياتها علوم البرمجة اللغوية العصبية التىتفرغ الشىء من مضمونه وتعيد تسمية الأشياء بمسميات جديدة تمرر في اللاوعي للمتلقى وتخدم الأجندة الصهيوأمريكية، ليعلن هؤلاء المقاتلون عن أنفسهم وقد تم سقوطهم فى سلسلة الخديعات بعد أن فقدوا الثقة فى ثوابت المجتمع وتاريخه وحاضره وماضيه، وحينما تم توصيل الدائرة الكهربائية أصبح هؤلاء المقاتلون بؤرا إعلامية وقد استقطبت آلاف الشباب حول فكرة واحدة فقط، الصراخ الهيستيرى من أجل التغيير دون وجود البديل بعد أن نجحوا فى استخدام ذخائر حروب الجيل الرابع من شعارات نبيلة تدغدغ المشاعر وتلهب الحماس كالديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان. ومثل أى حرب عسكرية لا بد لها من خطوط للإمداد والتموين والدعم الفنى والدولي فقد عاد هؤلاء المقاتلون من ساحات التدريب بالخارج مدججين بجيوش من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وآلة إعلامية تمثل خط الدفاع الأول عنهم داخل أرض المعركة وتمنحهم الدعم الدولى اللازم في مواجهة الدولة، ويرتبط الإعلام هنا ارتباطا وثيقا بمجموعة من المراكز البحثية المحلية والدولية والتي تصيغ له المادة التحريرية وفي النهاية يسقط الشباب البرىء ضحية حروب للأفكار بموجاتها المتتالية لتطور محاور الهجوم على مؤسسات الدولة وأجهزتها من أجل إضعافها بعد أن تفقدها مقوماتها الجيوسياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية. سيدى الرئيس أفصحت سيادتكم خلال مداخلة هاتفية لكم مؤخرًا مع الإعلامى عمرو أديب عن فشل الدولة فى التواصل مع هؤلاء الشباب حتى الآن وهذا يعني اننا مدركين لخطورة الأمر ونقر به، فالخطة الاستراتيجية لإعداد الدولة للدفاع لا تزال عاجزة عن الاستثمار فى الشعب المصرى، صحيح فُتحت أبواب أكاديمية ناصر العسكريةالعليا لتأهيل الشباب بتوجيهات الحملة الرئاسية لسيادتكم لتدريس الاستراتيجية والأمن القومي ولكنها وبعد مرورعامين لم تصل بالمستهدف ما يتجاوز ألف شاب بقليل، وصحيح هناك 500 شاب تم التحاقه ببرنامج الرئيس لتأهيل الشباب، وصحيح أصدرتم توجيهاتكم الكريمة لجعل العام 2016 عام للشباب. ولكن تُرى سيادتكم كم عدد الشباب الذي سقط فى براثن أفكار خفافيش الظلام خلال هذة الفترة؟ بالآلاف يا سيدى الرئيس من شباب المدارس والجامعات الدولية، وداخل جدران مراكز عديدة تستتر تحت عناوين الفكر والثقافة والفنون، ناهيك عن منظمات المجتمع المدنى التي تتمترس خلف شعارات حقوق الإنسان وتنشر مبادئ الإلحاد والشذوذ والتحرر من المعتقدات الدينية والاجتماعية فى عقول ضحاياها، ومؤخرًا مراكز صحفية يُحركها الخارج تعبث فى صعيد مصر بتكتيكات الحشد القديمة وتتوغل داخل الجامعات فى أسيوط والمنيا. سيدي الرئيس نحن في آمس الحاجة إلى تفعيل آليات حقيقية جادة وسريعة لفتح قنوات اتصال مع هؤلاء الشباب، من يزعمون تبنينا لنظرية المؤامرة وهم غارقون في التمردعلى قرارات الدولة وحاكمها، نحتاج أن نعمل معهم بنفس الآليات التي سقطوا في شباكها سابقًا، نحن فى حاجة إلى مشروع قومي تشارك فيه كافة الوزارات والهيئات المعنية بالاستعانة بمفكرين وأساتذة علوم سياسية ونفسية لاستعادة هؤلاء الشباب فورًا، نحتاج سيدى الرئيس إلى ثورة مجتمعية وحراك اجتماعي بآلة إعلامية شريفة تعيد تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية وترد الشىء لأصله، نحتاج أن نثور على ثقافتنا وسلوكياتنا وتوجهاتنا الفكرية فالفساد يستشرى في جسد الأمة وعلينا التحرك سريعًا، فقوي الظلام تسبقنا بخطوات في معركة الفوز بعقول وقلوب أجيال جديدة ناشئة. سيدى الرئيس المعركة لا تزال طويلة ومؤسسات الدولة لا زالت واقفة على أعتاب التسول للأفكار تفتقر لاستراتيجية واضحة وعجز كامل عن وضع روشتة علاج قصيرة وطويلة الآمد قبل أن تصبح هذه الأجيال قنابل موقوتة في وجة المجتمع.