اربك الملك سليمان منذ مجيئه للحكم بداية العام الماضي، كل المراقبين للسياسات السعودية، خاصة فيما يتعلق بإقامة علاقات قوية وبنفس الدرجة مع دول مختلفة بشكل تام مثل مصر وتركيا وقطر ومثل تطابقه مع البيت الابيض الامريكي في معظم سياساته في المنطقة ورفضه المطلق للموقف الامريكي في سوريا وخلافه مع مصر حول سوريا واليمن وابقائه على علاقات دعم ومساندة للقاهرة. البعض فسر السياسات السعودية بالاضطراب وعدم القدرة على وضع استراتيجية ثابته ترسم تحركاتها في المنطقة، واستند اصحاب هذا الرأي على اعلان السعودية تشكيل ثلاث تحالفات عسكرية وسياسة في أقل من عام، أولها التحالف العربي الذي شن عمليات عاصفة الحزم في اليمن في مارس الماضي والتحالف الاسلامي والتعاون الاستراتيجي مع تركيا اللذين لم يفصل بينهما سوى اسبوع واحد في ديسمبر الماضي. وكل هذه التحالفات جاءت مفاجئة وسريعة ومتلاحقة وبعضها يضم أضدادًا مختلفة من الدول وكانها كانت ردود فعل وليس نتاج سياسات استراتيجية، ولكن تشكيل مجلس للتعاون الاستراتيجي مع تركيا يشمل المجالات العسكرية والامنية والتصنيع العسكري والتعاون الاقتصادي والتجاري والتعليمي والإعلامي والتعاون في مجالات الطاقة، كان الاكثر ارباكا للمراقبين لانه اشبه باعلان وحدة سعودية تركية فسرت بأنها تحضير لدخول البلدين في حرب مشتركة في سوريا والعراق واليمن، وقد فاجأ الجميع لان الدعوة لتشكيل حلف اسلامي يضم تركيا و34دولة لم يمض عليهااكثرمن اسبوع ولم يفهم المراقبون حتى الان ماهي أهدافها وكيف ستتحقق . ومصدر الارباك هنا أن التحالف ثنائي بعد أن كان جماعيا يضم 34 دولة مما يطرح سؤالا حول مصير التحالف الاسلامي وهل هو منفرد من السعودية ودون ان تنضم له اي دولة خليجية وهذا بدوره يطرح سؤالا هل التحالف اعطى تركيا خصوصية سعودية تفوق نظيراتها الخليجية أم أن تلك الدول ستلحق بالمجلس الجديد . ومايزيد المراقبين ارباكا هو عدم وضوح الرؤية بين الكيانات الثلاثة التي اطلقتها السعودية في عام2015 هل يلغي كل منهم الاخر أم يكمله؟ وماهو تأثيرها على التزاماتها في الكيانات الرسمية الاخرى كالجامعة العربية ومنظمة المؤتمرالاسلامي ومجلس التعاون الخليجي؟ لاشك ان تطورا كبيرا طرأ على الدبلوماسية السعودية التي كانت توصف بأنها وظيفية ونمطية وغير مبدعة، وهي اليوم تمنح بلادها مساحات اكبر وأدوارًا أهم على الساحة العربية ولاشك ايضا أن أهم هذه المتغيرات هو محاولة صنع سياسة مستقلة شعارها مصلحة السعودية أولا، خاصة بعد ان شعرت انها تقاتل بمفردها في اليمن، ربما هذا يزيل حالة الارباك عند من اعتادوا رؤية لون واحد للسياسات السعودية