أثارت عملية تفاوض الحكومة اللبنانية مع جبهة النصرة وإطلاق سراح 16عسكريا لبنانيا وحديث سلام تمام رئيس الحكومة اللبنانية عن تطلعه للتفاوض مع داعش لإطلاق 9عسكريين لبنانيين، العديد من الاسئلة؛ لان داعش الذي يطلب تمام التفاوض معها تشكل الآن العدو الأول لكل دول العالم وخاصة امريكا وفرنسا الراعي الرسمي للدولة اللبنانية، كما أن جبهة النصرة التي عقد معها الصفقة نهاية الاسبوع الماضي مصنفة طبقا للوصف الغربي ارهابية باعتبارها الذراع العسكرية لتنظيم القاعدة في سوريا، وهي الفصيل الذي أفشل عمليات حركات القوات السورية التي دربتها وسلحتها المخابرات الامريكية، حيث قتلت واعتقلت معظمهم بمجرد تحركهم في الاراضي السورية. التفاوض الذي تم بوساطة قطرية واستمر اكثر من ستة عشر شهرًا، أسفر عن تسليم النصرة العسكريين اللبنانيين وجثة آخر، مقابل تسليم الحكومة 25من اتباع النصرة من بينهم سجى الدليمي الزوجة السابقة لابوبكرالبغدادي زعيم داعش، كما تضمن الاتفاق شرطًا ملزمًا بفتح ممر آمن بشكل دائم لانصارها من المدنيين المحاصرين بين عرسال وجرودها، وتأمين إغاثة ومواد طبية بشكل شهري للاجئين في عرسال، وحل ملف اللاجئين السوريين في لبنان وتسوية أوضاع الجرحى داخل لبنان، ووضعهم القانوني، وتأمين نقل الجرحى في عرسال إلى تركيا وأن تكون منطقة وادي حميد منطقة آمنة للمدنيين، مع ضمان تأمين كافة السجناء إلى عرسال، ثم تخييرهم بالانتقال إلى أي مكان يشاءونه. الصفقة التي تمت دون شك في معظمها لصالح جبهة النصرة؛ لأنها أمنت وجودها في عرسان وفكت عمليا حصار حزب الله عنهم وهو مايطرح سؤالا حول ماهية أوراق الضغط التي تملكها النصرة على الدولة اللبنانية والاطراف الدولية التي دفعتهم جميعًا للقبول بالصفقة وهل هي مقدمة للتفاوض الدولي مع داعش للقبول بخطة تقسيم العراقوسوريا بين دول سنية وشيعية وكردية، خاصة أن الصفقة جاءت تالية لأحاديث سياسيون وإعلاميين غربيين عن ضرورة التفاوض مع تنظيم داعش، أم انها تمهد لتفاوض مع داعش والنصرة لاطلاق سراح جنود أمريكان أو إسرائيليين لدى التنظيمين. نتنياهو تحدث صراحة عن علاقات مع النصرة تمنت علاج جرحاهم في المستشفيات الصهيونية والتنسق على الحدود وتحدثت تقارير حول التعاون ضد عدو مشترك هو إيران وحزب الله في سوريا ولكن بعض المراقبين يتحدثون عن إجبار إسرائيل على علاج جرحى النصرة مقابل اطلاق أسرى لها لدى النصرة. اعتراف نتنياهو أن إسرائيل تنفذ عمليات على الاراضي السورية، يؤكد حتمية التماس مع جبهة النصرة الفصيل الاكبر والمهيمن على المناطق الحدودية السورية واللبنانية مع سوريا. لايمكن للحكومة اللبنانية ان تتجرأ على التفاوض مع النصرة أو تعلن استعدادها للتفاوض مع داعش دون موافقة حزب الله القادر على إفشال الصفقة بقواته التي تحاصر النصرة ودون موافقة الدول الغربية التي تتخذ القرار في لبنان كما لاتجرؤ قطر على وساطة لايقبلها الغرب ولا تملك تركيا القدرة على استقبال جرحى منظمات يقول الغرب إنها إرهابية دون موافقة صريحة من الغرب. وهكذا تبدو صفقة الحكومة اللبنانية مع النصرة هي في الحقيقة تفاوض بين الغرب ودوله الفاعلة مع النصرة التي يبدو أنها في الطريق لرفع وصف الارهاب عنها ولو مؤقتا لإتمام مخطط تقسيم العراقوسوريا على أسس مذهبية وعرقية.