هاتفنى زميلى الذى يعمل مديرًا لإحدى الشركات السياحية فى شرم الشيخ، بعد أن طلبت الاطمئنان على أحواله، بعدما ألم بالمدينة السياحية من تداعيات إثر سقوط الطائرة الروسية على أرض سيناء، وما أعقبه من إجلاء السياح الروس والبريطانيين من الفنادق والقرى السياحية، فقال لى إن هناك عددًا من وكلاء السفر الذين كانوا يتولون تفويج السياح من روسيا تحديدًا قد تركوا الفنادق التى كانوا يستأجرونها، ما اضطر إدارات هذه الفنادق إلى إغلاقها بالكامل وإعطاء موظفيها إجازات. هذه الاجازات وإن كان البعض يشملها بالأجر الثابت فإن هذا الأجر لا يتجاوز بحال من الأحوال الألف جنيه، وهو بالطبع أجر لا يعتمد عليه أى من العاملين بقطاع السياحة، ولكنهم يعوضون قلة الأجر بالاكراميات التى يدفعها السياح فى حال رواج النشاط، ولأن معظم العاملين فى المدينة من المغتربين والقادمين من شتى محافظات الجمهورية، فإنهم يستأجرون أماكن للاقامة ويدفعون نظيره ما يقارب قيمة الراتب الاساسى، ناهيك عن مصروفاتهم الشخصية والأسرية، ما دفع كثيرين منهم إلى العودة إلى مدنهم إلى أن يقضى الله أمرًا كان مفعولاً.. يضيف زميلى إن السياحة الروسية تمثل 60% تقريبًا من حركة السياحة فى شرم، وبالتالى انعكس هذا الغياب على المدينة الساحرة، كما أن الشركة التى يتولى إدارتها والتى تتعامل مع السياحة الإيطالية فقط، قد تأثرت هى الأخرى، ما اضطره إلى تخفيض العمالة بشكل كبير، ويشير إلى أنه وإن كانت السياحة الإيطالية لا توجد عليها محاذير، إلا أن هناك حالة خوف لدى السائح نفسه تدفعه إلى إلغاء رحلته، فالشركة التى كانت تستقبل فوجًا من مائة سائح أصبحت تستقبل 50 و60 فقط والأعداد تتناقص بمرور الأيام بالرغم من وجود تعاقدات مسبقة. ما قاله صديقنا الخبير السياحى يحمل الكثير من الرسائل التى يجب أن نقرأها جيدًا.. فالسياحة بالطبع لن تعود إلى سابق عهدها بين يوم وليلة، وتشابكات السياسة وتعقيداتها تفرض واقعًا يصعب معه الخروج من الأزمة سريعًا، وحتى وإن تجاوزنا أزمة سقوط الطائرة، فإن هناك جانبًا آخر لا يمكن التغاضى عنه، وهو كيفية إعادة الثقة فى نفوس السياح مرة أخرى، وبث الطمأنينة فى وجدانهم، وهو بالطبع ما يحتاج لوقت لا يرى أى مراقب إنه قريب. وزارة السياحة وخاصة هيئة تنشيط السياحة مطالبة بعدم التعامل مع الأزمة وكأنها أمر واقع وكفى.. بل يجب ابتكار سبل للخروج من هذا المأزق وعمل حملات ترويجية عن السياحة المصرية فى دول أخرى ومنح تيسيرات وخصومات للأفواج السياحية، بالاضافة إلى تنشيط السياحة الداخلية لتعويض هذا النقص فى الرحلات الخارجية وهو ما يتطلب رؤية مستقبلية للتعامل مع الأمر وليس مجرد تعاطف لحظى. «شرم» فى أزمة حقيقية، والعاملون فيها مهددون بقطع أرزاقهم، فهل من حل؟...