ضمن الجولة التي يقوم بها الرئيس السيسي إلي دول أسيا اختار أن تكون محطته الأولي في سنغافورة ثم إلي الصين وإندونيسيا، وهي جولة يراها المحللون والخبراء السياسيون باعتبارها جولة اقتصادية واستثمارية بامتياز يطمح من خلالها الرئيس السيسي إلي الانفتاح علي كل بلاد العالم وبخاصة الدول الرائدة والحديثة في مجال الاقتصاد والتي يشهد لها العالم بالتفوق والنجاح وأكثرها في دول أسيا والتي يعول عليها الرئيس للاستفادة من تجاربها الرائدة في مجالات التكنولوجيا والتصنيع والملاحة والنقل لجذب مزيد من الاستثمار من أجل المشاريع الكبري التي يسعي الرئيس إلي إقامتها في مصر علي غرار مشروع محور تنمية قناة السويس الجديدة. ولهذا تأتي الزيارة لسنغافورة من باب اقتصادي بحت تتويجا للعلاقات الدبلوماسية والتاريخية بين البلدين والتي تقترب من الخمسين عام عندما بدأت تلك العلاقات في نوفمبر 1966 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي اعترف بسنغافورة سياسيا في هذا العام ولتأتي زيارة السيسي كأول زيارة لرئيس مصري باستثناء الزيارات الدبلوماسية والمؤسساتية الكبيرة المتبادلة بين البلدين إذ تعتبر مصر من أكبر السوق الاستثماري لسنغافورة بالشرق الأوسط إضافة إلي حجم الاستثمار الذي يبلغ ما قيمته 13 مليون دولار لسنغافورة في مصر مع توقيع عدد من اتفاقات الشراكة منذ عام 1968 ووصولا لآخر الاتفاقات التي وقعت عام 2009 بين البلدين والمتعلقة بالخدمات الجوية، كما أن سنغافورة كانت من أوائل البلدان التي دعمت الثورة المصرية في 25 يناير وصولا لثورة 30 يونيو مع احترامها لإرادة الشعب المصري وتوجهه في اختيار مصيره ورئيسه ونظام حكمه الذي أيدته سنغافورة وتضامنت مع مصر ووقفت بجوارها وظلت وحتي الآن تستنكر وتشجب الأعمال الإرهابية التي تقع في مصر، وفوق هذا الدعم فإن سنغافورة كانت من أوائل الدول الداعمة لمصر في ترشيحها لعضوية مجلس الأمن، ومما يدلل علي عمق العلاقات بين البلدين هو تأسيس منتدي الحوار الأسيوي الشرق أوسطي عام 2004 بناء علي تنسيق مصري سنغافوري ، وتأتي أهمية تلك الزيارة كمحطة أولي للرئيس السيسي لتفهمه لأهمية وقيمة هذا البلد والاستفادة من خبراته بعد أن تحولت تلك البلد الخالية من الموارد إلي أكبر الاقتصادات الواعدة في أسيا خلال السنوات الماضية، كما أنها تقع في مراكز متقدمة علي مستوي العالم لتقدمها في مجالات التكنولوجيا والمجالات الصناعية المختلفة والمتعددة والتي يعتبرها الرئيس مثالا يحتذي في إقامة المشروعات الواعدة في مشروع محور قناة السويس وإنشاء الموانئ الملاحية والجوية وإدارة الموانئ ونقل الحاويات والخدمات اللوجستية مع الاستفادة من خبرات سنغافورة الكبيرة في إنشاء محطات تحلية المياه وبخاصة مياه البحار التي تتمتع بها سنغافورة والخدمات الملاحية وتوليد الطاقة ومجال السياحة والاستثمار، وكذلك يسعي الرئيس من خلال تلك الزيارة إلي تفعيل الأنشطة في الكثير من المجالات وتوقيع عدد كبير من الاتفاقات وجذب مزيد من الاستثمارات بعد الرضا الذي شاهده رجال الأعمال في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، وأيضا يسعي الرئيس إلي الاستفادة من خبرات سنغافورة في مجال بناء القدرات وتدريب الكوادر والبرامج المتعلقة بالتعليم الفني والصناعات الصغيرة والمتوسطة وزيادة المنح الدراسية العلمية والأزهرية بين البلدين وكذلك بحث قضايا الإرهاب والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك بين البلدين. وقد بدأت الزيارة الرسمية اليوم الاثنين والتي شهدت مراسم استقبال مميزة في قصر الأستانة الرئاسي بسنغافورة قام خلالها الرئيس السيسي باستعراض حرس الشرف ثم تبعه بجلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس توني تان أعقبها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين تم خلالها بحث وتفعيل سبل العلاقات الثنائية في شتي المجالات والتطرق للقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك ومكافحة الإرهاب، كما التقي الرئيس أيضا برئيس وزراء سنغافورة لي هسيين لونج لبحث سبل وأوجه التعاون في مجالات الطاقة وإدارة الموانئ والتعليم الفني والاستثمار والخدمات اللوجستية وغيرها من الموضوعات، وخلال الزيارة قام الرئيس السيسي بزيارة حديقة النباتات الشهيرة لسنغافورة، وفي تقليد تقيمه البلاد لرؤساء الدول وكبار الشخصيات الدولية التي تزور سنغافورة يتم إطلاق الاسم علي زهرة الأوركاديه والتي أطلقت اليوم بالحديقة علي أحد زهورها التي سميت باسم الرئيس السيسي ناهيك عن الحفاوة البالغة التي قوبل بها الرئيس السيسي من جانب رئيس وحكومة وشعب سنغافورة، وهي زيارة نوهت عنها الصحافة في سنغافورة ووصفتها في مجملها بالتاريخية وصنفتها علي أنها زيارة اقتصادية بامتياز الأمر الذي جعل الرئيس السيسي يقدم دعوته لرئيس سنغافورة ورئيس وزرائه بزيارة القاهرة في أقرب وقت وهي دعوة لاقت الموافقة والقبول والترحاب من جانب الرئيس السنغافوري ولهذا تأتي أهمية تلك الزيارة لسنغافورة والتي جعلها الرئيس محطته الأولي لينطلق بعدها إلي كل من الصين وإندونيسيا لتأخذ تلك الجولة طابعا اقتصاديا وتنمويا بامتياز.