احتلت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لروسيا والقمة التي جمعته بنظيره الروسي فلاديمير بوتين مكانة بارزة من نشاط الرئيس خلال الأسبوع الماضي، حيث شهدت هذه الزيارة مباحثات مهمة مع كبار المسئولين ورؤساء الشركات الروسية الكبري، وتناولت المباحثات مجمل العلاقات الثنائية وتعزيزها في مختلف المجالات خاصة الاقتصاد والطاقة، فضلاً عن التشاور إزاء عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك وعلي رأسها مكافحة الإرهاب والأوضاع علي الساحة العربية، ومن ناحية أخري عقد الرئيس اجتماعات لمتابعة تحسين الخدمات وتنفيذ عدد من المشروعات الإنتاجية والخدمية. ففي لقاء القمة بروسيا أكد الرئيس السيسي ونظيره الروسي بوتين خلال مباحثاتهما علي التزامهما بدعم التعاون العسكري بين البلدين علي كافة الأصعدة بما يحقق أعظم استفادة ممكنة للطرفين وعلي صعيد مكافحة الإرهاب، أكد الرئيس الروسي علي الدور المحوري الذي تقوم به مصر لدحر الإرهاب والحيلولة دون انتشاره، منوهاَ بأن بلاده تساند مصر بشكل كامل وتدعم جهودها المبذولة لمكافحته. وعلي الصعيد الثنائي، أشاد الرئيس بوتين بنمو معدلات التبادل التجاري بين البلدين، والتي زادت بنسبة 86% خلال عام 2014، مشيراً إلي أن تراجع هذه المعدلات القليل في الآونة الأخيرة إنما يُعزي إلي التقلبات التي يشهدها سعر صرف العملة الروسية، وذكر الرئيس الروسي أن قطاع السياحة يحتل مكانة متقدمة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث زادت السياحة الروسية الوافدة إلي مصر بنسبة 35% خلال عام 2014 لتستقر عند ثلاثة ملايين ونصف المليون سائح. وأضاف بوتين أن هناك العديد من أوجه التعاون الثنائي التي تحقق تقدما ومن بينها التعاون في قطاع البترول، فضلاً عن مساهمة روسيا في توفير 40% من احتياجات مصر من القمح، مؤكداً رغبة بلاده في المساهمة في مشروع إنشاء المركز اللوجيستي العالمي لتخزين وتداول وتجارة الحبوب الذي سيُقام في دمياط، الأمر الذي رحب به الرئيس السيسي، مشيرا إلي الإجراءات التي تتخذها لتوفير مناخ جاذب للاستثمار. كما تباحث الرئيسان بشأن إنشاء منطقة صناعية روسية في مصر، وتوافقت رؤي الرئيسين علي مواصلة التشاور والتعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية ومن بينها إنتاج الكهرباء، وأكد بوتين دعم بلاده لطلب مصر إنشاء منطقة للتجارة الحرة مع دول الاتحاد الجمركي الأوراسي التي تشمل روسيا وأرمينيا وكازاخستان وبيلاروسيا وقرغيزيا، كما تم الاتفاق علي اتخاذ الخطوات العملية اللازمة لتفعيل فكرة إنشاء صندوق استثماري مشترك بين كل من مصر وروسيا والإمارات لصالح تنفيذ عدد من المشروعات التنموية والاستثمارية في مصر. وعلي الصعيد الإقليمي، تم التباحث في عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك في منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي اتفق الرئيسان علي أهمية تسويتها وإنهاء حالة الجمود الراهن الذي يخيم علي جهود تحقيق السلام، كما تناولت المباحثات مستجدات الأوضاع في كل من سوريا وليبيا واليمن، حيث عكست المباحثات توافقا في الرؤي حول أهمية الحل السياسي لهذه الأزمات بما يصون مقدرات شعوبها ويحافظ علي كيانات ومؤسسات تلك الدول. وأجري الرئيس السيسي مباحثات مع كبار المسئولين الروس بهدف توسيع التعاون في مختلف المجالات، فزار مقر مجلس النواب الروسي حيث أشاد رئيسه بما حققته مصر من تقدم علي الصعيدين السياسي والاقتصادي علي مدار العام الماضي، وذلك علي الرغم من التحديات والظروف السلبية التي تواجهها بعض دول منطقة الشرق الأوسط والتي تؤثر بالتبعية علي مصر، وبحث مع دينيس مانتوروف وزير الصناعة والتجارة الروسي، وكيريل ديمترييف رئيس صندوق الاستثمار الروسي التعاون في تطوير وتحديث المجمعات الصناعية الكبري والتعاون في قطاعي الصناعة والتجارة. وبحث الرئيس السيسي مع سيرجيه كيريينكو رئيس شركة 'روزاتوم' العاملة في مجال بناء المحطات النووية، العرض الذي كان رئيس مجلس إدارة مجموعة 'روزاتوم' قد قدمه لإنشاء محطة طاقة نووية مصرية لإنتاج الكهرباء أثناء زيارته إلي مصر في يونيو الماضي، كما بحث مع أركادي دوفور كوفيتش نائب رئيس الوزراء الروسي التعاون علي الصعيد الاقتصادي، وأبدي كوفيتش استعداد بلاده للتعاون مع مصر في مجال التعليم وزيادة عدد المنح الدراسية المُقدمة للطلاب المصريين في الجامعات والمعاهد الروسية، وبحث الرئيس أيضا مع رئيس شركة روز نافت تخزين منتجاتها البترولية في مصر وتوريدها إلي مختلف المناطق. وأجري الرئيس السيسي مباحثات مع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، تناولت سبل تعزيز التعاون المشترك في مجالات الدفاع في إطار الروابط الوثيقة التي تربط البلدين. كما استقبل الرئيس السيسي بمقر إقامته بموسكو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلي للقوات المسلحة بالإمارات، الذي يقوم بزيارة عمل لموسكو، وتم خلال اللقاء التباحث بشأن سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين علي مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية، كما التقي الرئيس السيسي، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في إطار التشاور المستمر بين مصر والأردن إزاء قضايا المنطقة، وعلي صعيد مكافحة الإرهاب، اتفقت رؤي الجانبين علي ضرورة تكاتف جهود المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية للتعامل بكل حزم مع خطر الإرهاب والتطرف والتنظيمات الإرهابية، وتباحث الزعيمان بشأن عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، ومن بينها الأزمة السورية والليبية والقضية الفلسطينية. وبالنسبة لنشاط الرئيس السيسي علي المستوي المحلي فقد وجه خلال استقباله الدكتور محمد شاكر المرقبي وزير الكهرباء والطاقة المتجددة بمواصلة صيانة محطات الكهرباء القديمة والتعاقد علي إنشاء محطات جديدة لتوفير الكهرباء للمواطنين والصناعة، وأشاد الرئيس بالجهد المبذول علي صعيد النهوض بقطاع الكهرباء في مصر وتوفير الخدمة بشكل منتظم للمواطنين علي الرغم من زيادة الأحمال بالتزامن مع موجة الطقس الحار التي تشهدها البلاد. وأكد الرئيس، خلال الاجتماع، علي أهمية ترشيد استهلاك الطاقة، وذلك عبر العمل علي تقليل نسبة الهدر والفاقد، والاعتماد علي اللمبات وأجهزة التكييف الموفرة للطاقة، وتركيب عدادات الكهرباء مسبوقة الدفع، إلي جانب ضرورة تعزيز إجراءات مكافحة تسريب التيار الكهربائي وتحصيل مستحقات الدولة، وقد عرض وزير الكهرباء الجهود التي تبذلها الوزارة في هذا الشأن، بالإضافة إلي الخطوات التي قامت بها لرفع كفاءة إضاءة الطرق والشوارع. وفي الاجتماع الذي عقده الرئيس السيسي بحضور سامح شكري وزير الخارجية، والدكتور حسام الدين مغازي وزير الموارد المائية والري، تم استعراض نتائج اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة الذي عقد في أديس أبابا يومي 20 و21 أغسطس الحالي، حيث قررت اللجنة منح المكتبين الاستشاريين لسد النهضة، مهلةً حتي الخامس من سبتمبر المقبل لتسليم العرض الفني المعدل ومراجعته من قِبَل خبراء الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، خلال الاجتماع التاسع للجنة بالقاهرة في موعد يُتفق عليه بعد الانتهاء من فحص ودراسة العرض المعدل. وشدد الرئيس علي أهمية مواصلة المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي وفقاً للمرجعيات التي تم إقرارها في إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في الخرطوم في مارس 2015، وكذا وفقاً للتفاهمات التي تمت بين الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي 'هيلاماريام ديسالين' أثناء لقاءاتهما المختلفة، والتي كان أولها علي هامش قمة الاتحاد الأفريقي في مالابو في يونيو 2014، والتي تم التوافق خلالها علي أهمية تحقيق المكاسب المشتركة وعدم الإضرار بمصالح أي طرف، وأكد الرئيس علي أهمية العمل علي تحقيق مصالح شعوب الدول الثلاث باعتبار نهر النيل مصدراً للتفاهم والتعاون فيما بين دول الحوض الشقيقة. كما أكد الرئيس دعم الدولة للصناعات الصغيرة والمتوسطة وذلك خلال اجتماعه بأعضاء المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية، حيث تم استعراض الأنشطة والتكليفات التي يقوم بها المجلس، وشدد علي الأهمية التي توليها الدولة للصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تساهم في توفير فرص العمل وتشغيل الشباب، فضلاً عن قدرتها علي الانتشار الأفقي، مشيراً إلي ما تحققه من تنمية شاملة مصاحبة لها في المناطق التي تُقام فيها. واستعرض الاجتماع الموقف التنفيذي لمشروع تشغيل ألف مصنع بالقاهرة الجديدة، والتصور الخاص بإنشاء عدد من المناطق الصناعية الجديدة، ومشروع استصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان، وكذلك دراسة مبدئية بشأن عملية جمع وفرز القمامة واقتصاديات التخلص منها، ومشروع التنمية بمنطقة قناة السويس وسبل تعظيم الاستفادة من الموارد والإمكانيات الهائلة التي يوفرها موقع المشروع، بما يساهم في تحويل المنطقة إلي ممر عالمي يقدم الخدمات اللوجيستية وخدمات تموين وإصلاح السفن والحاويات، فضلاً عن العديد من الصناعات التي يمكن إقامتها في تلك المنطقة. ورحب الرئيس السيسي بالمشاركة في أعمال قمة منتدي الهند أفريقيا، وذلك خلال استقباله سوشما سواريج وزيرة الشئون الخارجية الهندية، وأشاد الرئيس بتجربة الهند وخبرتها الناجحة في تحقيق النمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي، مؤكداً علي وجود آفاق واسعة للتعاون وتطوير العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، خاصة في ضوء ما توفره مصر من فرص اقتصادية وإمكانيات لوجيستية تتيح للاستثمارات الهندية الانطلاق نحو الشرق الأوسط وأفريقيا، كما أشار الرئيس إلي الخطوات التي قامت بها مصر لتيسير عمل المستثمرين، والحد من الإجراءات البيروقراطية، وزيادة الكفاءة والشفافية. وأعربت الوزيرة الهندية خلال اللقاء عن تطلع بلادها لتعزيز مستوي التعاون بين البلدين وخاصة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والمستحضرات الطبية، وقالت إن هناك مجالات متعددة للتعاون الثقافي في ضوء عراقة الحضارتين، وما يجمعهما من قيم وخصائص مشتركة. وفيما يتعلق بالقرارات الجمهورية، أصدر الرئيس ثلاثة قرارات جمهورية بقوانين بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة علي الدخل وقانون الكسب غير المشروع، وبتعديل بعض أحكام قانون الرقابة والإشراف علي التأمين، وأصدر ثلاثة قرارات جمهورية بضم ممثل عن هيئة الرقابة الإدارية لعضوية اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، وبندب القاضي مجدي عبد الخالق الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة للعمل مساعدا لوزير العدل لشئون الأمن القضائي، وبالموافقة علي بروتوكول التعاون مع منظمة العمل الدولية لتوظيف الشباب.