أطلق خبراء الأمن والمتخصصون في مكافحة جرائم المعلومات الكثير من التحذيرات للتوعية بمخاطر الحسابات والصفحات والمجموعات الوهمية التي يتم استخدامها علي مواقع التواصل الاجتماعي في عمليات جمع المعلومات والتجسس والاحتيال وتنفيذ المخططات الارهابية، وقد سقط البعض فريسة لمثل هذه الحسابات وتعرضوا لعمليات الابتزاز أو التشهير التي تمت بعد قيام القراصنة أو أصحاب الحسابات الاحتيالية باختراق أجهزة الحاسب والهاتف المتصلة بالإنترنت واستخدامها كنقطة اتصال وتسجيل صوتي ومرئي لما يدور في محيط هذه الأجهزة بالإضافة إلي الاستيلاء علي المعلومات والبيانات الخاصة بأصحاب الأجهزة، وقد رضخ عدد من الضحايا لتهديدات القراصنة وقاموا بدفع المبالغ المالية المطلوبة التي بدأت بألفي دولار من كل ضحية في مصر، ونتج عن ذلك استنزاف المصريين وخروج عشرات الآلاف من الدولارات من مصر إلي القراصنة في العديد من الدول، وكان نصيب الممتنعين عن الدفع التشهير بنشر ما أمكن تسجيله أو الاستيلاء عليه من معلومات بعد إجراء عمليات التغيير بالحذف أو الإضافة أو القص واللصق أو التلاعب ببصمة الصوت. وقد لجأت التنظيمات الإرهابية إلي استخدام الحسابات الوهمية في محاولات اختراق مؤسسات الدولة المصرية والأجهزة الحكومية إلي جانب اختراق الحسابات الخاصة بشخصيات بعينها وجمع المعلومات اللازمة لتنفيذ المخططات الإرهابية، وأكد اللواء تامر الشهاوي الضابط السابق بالمخابرات الحربية المصرية أن لديه 'معلومات مؤكدة تفيد قيام البعض بانتحال صفة سيدات من خلال جروبات اجتماعية نسائية علي 'الفيس بوك' وغيرها مدعيين دعمهم للدوله المصرية وفي حقيقة الأمر ينتمون للتنظيم الارهابي ويسعون لاستقطاب زوجات السادة الضباط من الجيش والشرطة والقضاء والنيابة بغرض جمع معلومات شخصية عنهم مثل محلات الإقامة وأرقام الهواتف، والأبناء ومدارسهم ونشاطاتهم بالأندية، وغيرها من المعلومات بغرض استهدافهم بالخطف أو الاغتيال وللضغط علي ذويهم' وطالب الشهاوي في تحذير أطلقه عبر حسابه علي 'الفيس بوك' بتاريخ 4 يونيو 2015 بعدم الإدلاء بأية معلومات شخصية في أي حوار مع غرباء عبر الإنترنت، وأكد أهمية عدم الموافقة علي لقاء غرباء تم التعارف عليهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقال الرائد السابق خالد أبو بكر المتخصص في مكافحة الجريمة الإلكترونية إن العديد من هذه الحسابات النسائية الوهمية الاحتيالية يحاول أصحابها تنفيذ عمليات اختراق لحسابات ضباط الجيش والشرطة والقضاة والصحفيين والشخصيات العامة.. بل إنهم يقومون باختراق أجهزة الحاسب وأجهزة الهاتف المرتبطة بالإنترنت للقيام بعمليات تجسس تهدد الأمن القومي المصري. ويقول الرائد خالد أبو بكر قائد الجيش المصري الإلكتروني: 'إن عناصر الجيش تابعوا خلال الأسبوع الأول من يونيو 2015 حالة من أغرب حالات الاحتيال واستخدام الحسابات الوهمية والتي انتشر بشأنها فيديو يتحدث عن مخطط يستهدف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وقال إن هذه الحسابات تستخدم أسماء نسائية غير حقيقية، ويزعم أصحابها من الرجال بأن صاحبة الحساب 'مراسلة صحفية'، أو 'شاعرة' ويعتمدون في منشورات هذه الحسابات علي القيام بسرقة المقالات والأعمال الصحفية والأدبية، وقاموا خلال شهر واحد بالسطو علي مقالات عدد من الكُتاب والصحفيين مثل الأساتذة كرم جبر وعادل الدندراوي وعادل السنهوري وعبد الفتاح عبد المنعم وكمال حبيب، والكثير من المقالات والأعمال التي تم نشرها في صحيفة وبوابة 'اليوم السابع'، وكل ما يفعله القائمون علي هذا الحساب هو حذف اسم الكاتب أو الصحفي، وكتابة اسم الشخصية النسائية بدلاً منه ورغم نشر تحذيرات متكررة من هذه الحسابات، إلا أن القائمين عليها قاموا بتكرار عمليات السرقة وانتقلوا من السطو علي مقالات 'اليوم السابع' إلي مقالات جريدة 'الحياة' اللندنية و غيرها ثم يزعمون عقب كل عملية سطو أن الحساب تعرض للاختراق، والحقيقة أن أحد محترفي الاختراق يعمل داخل هذه المجموعة التي تدير هذه الحسابات ويسعي لاختراق حسابات بعض من يقبلون بطلبات الصداقة لديهم'. ويؤكد الرائد خالد أبو بكر أن 'هذه الحسابات يزعم أصحابها أنهم من مؤيدي الرئيس عبد الفتاح السيسي والداعمين للدولة المصرية، لكن علي الجانب الآخر يديرون صفحة مسيئة لرجال القوات المسلحة وكبار المسئولين في الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وعلي رأسهم اللواء أبو بكر الجندي، وقال الرائد خالد أبو بكر إنه تبين من متابعة منشورات هذه الحسابات الاحتيالية أن هناك تعاونا سابقا بين هؤلاء وحركة 6 أبريل، وسبق نشر محتويات تفيد بتأييد رئيس الإخوان المعزول محمد مرسي'. وقد تضمن الفيديو الأول الذي يرصد جرائم هذه الحسابات وقائع تزوير مدوية لصور توحي بظهور ما يزعمون أنها صحفية في الفضائيات، وكذلك تزوير صفحات من صحف أجنبية للإيحاء بأن صاحبة الاسم الاحتيالي كاتبة في صحف عالمية مثل 'الجارديان'، وقال الرائد خالد أبو بكر 'هناك صفحة أخري تحمل اسم الجهاز المركزي للتعبئة العامة والأحصاء ويتم استخدامها في الإساءة إلي الرئيس عبد الفتاح السيسي وترويج الشائعات والأكاذيب ضد مؤسسات الدولة'. وبعيداً عن أعمال الرصد التي تمت لمثل هذه الحسابات التي يديرها موظفون في 'الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء'.. مازالت هناك علامات استفهام كثيرة حول عدم اتخاذ إجراءات قانونية تجاه المسئولين عن هذه الحسابات وما يقومون به من تجاوزات داخل مقر الجهاز في شارع صلاح سالم بالقاهرة، ومنها الإعلان صراحة أنه تم تسجيل أحاديث خاصة باللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز خلال اجتماعاته دون علمه متضمنة أقوالا تهدد بقاءه في منصبه حسب مزاعمهم، بالإضافة إلي الادعاء بأن محتويات اللاب توب المسروق من رئيس الجهاز قد أصبحت بين يدي أحدهم، وأنه تمكن من الاستيلاء علي مستندات بخط يد اللواء أبو بكر الجندي من مكتبه وكل ذلك يحميه – حسب زعمه – من أي إجراء قانوني قد يفكر رئيس الجهاز في اتخاذه ضده!! وقد تناولت مثل هذه الوقائع في مقال سابق تم نشره في جريدة 'الأسبوع' في عدد 20 أبريل 2015 تحت عنوان 'السرية المفقودة في جهاز التعبئة والإحصاء'، وقمت بزيارة اللواء أبو بكر الجندي في مكتبه بمقر الجهاز وطالبته بتقديم بلاغ إلي إدارة المعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية بشأن الصفحة المُسيئة للجهاز وكذلك الصفحة المسروقة أو المزيفة التي تحمل أيضاً اسم الجهاز، وقيل إنه تم التقدم ببلاغ رسمي في هذا الشأن، لكن لم تظهر- حتي كتابةهذه السطور- أي نتائج تؤكد أن هناك إجراءات تم اتخاذها، وقد أرسلت إلي اللواء أبو بكر الجندي عدة مراسلات أكدت خلالها أن عملية تسريب المستندات والمعلومات وافشاء أسرار العمل من داخل الجهاز مستمرة بالإضافة إلي الجرائم التي تقع عبر الإنترنت إلا أن آخر رد جاء منه علي رسالتي كان مفاده 'أنه لا ينبغي أن نعطي أمثال هؤلاء أكبر من حجمهم'!!! ومن مقر 'الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء' في شارع صلاح سالم بالقاهرة إلي شبكات كهرباء فيصل بالجيزة حيث تم استخدام الحسابات الوهمية في إثارة القلاقل والفتن والاضطرابات داخل هذا المرفق الحيوي، وأسس أحد الأشخاص حساباً وهمياً تم استخدامه في نشر تسجيلات صوتية مزيفة منسوبة للمهندس م. م تمس شرف وعرض شخصيات نسائية، ويبدو من التسجيلات أنها خضعت لعمليات تزييف باستخدام أساليب تقنية متقدمة.. لكن القائم علي عملية التزييف ترك الكثير من الأخطاء التي تكشف عدم صحة محتوي الملفات الصوتية وهذا ما دفع المهندس م.م إلي تقديم بلاغ إلي إدارة المعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية، وبعد اتخاذ الإجراءات اللازمة اختفي هذا الحساب الوهمي بعد أن تسبب في أزمة كبيرة داخل شبكات كهرباء فيصل وعدد من القطاعات التابعة لشركة كهرباء جنوب القاهرة!! وقد حذر النقيب أحمد خضر العرايشي الضابط بالقوات المسلحة من استخدام حسابات وصفحات 'الفيس بوك' الوهمية والحقيقية في عمليات 'التوغل الناعم والسيطرة علي العقول'، وأطلق العرايشي عدة حملات للتوعية بمخاطر استخدام التنظيمات الإرهابية وأجهزة الاستخبارات الأجنبية لصفحات التواصل الاجتماعي في السيطرة علي العقول عن بعد، وقال إن اللجان الإلكترونية للتنظيمات الإرهابية تبدأ هذه العمليات بإنشاء صفحة داعمة للقوات المسلحة المصرية أو الرئيس عبد الفتاح السيسي وتكون داعمة بمنتهي القوة لمؤسسات الدول في مقابل السخرية والهجوم علي جماعة 'الإخوان' وأساليبهم وتطرفهم كنوع من الجذب للطرف الآخر وبالفعل يشترك الآلاف من مؤيدي ومحبي الدولة وأجهزتها وتصبح هذه الصفحات مفضلة بالنسبة لهم لتبدأ بعدها عملية التوغل الناعم والاستمالة الي الجانب المضاد تماما عن طريق نشر بعض الموضوعات والمنشورات التي تتضمن نوعاً من الانتقاد البناء للدولة وبالفعل يكون انتقادهم علي حق.. ثم تأتي مرحلة تالية بنشر أكذوبة بسيطة يصدقها ويروجها بعضهم ثم يزداد الترويج ونشر الأكاذيب تدريجيا ً حتي يصل الي مرحلة متقدمة في الاستمالة ويبدأ بعدها التحول الي الاتجاه المعاكس تماما بالهجوم علي الدولة وخططها وأجهزتها بطريقة مباشرة وغير حقيقية وبالتالي فمن رأي منهم المصداقية قبل ذلك في نقد حقيقي وكذبة بسيطة سيكون من المصدقين في الحرب الحقيقية التي تتزايد تدريجياً، ويؤكد النقيب العرايشي أن 'أسوأ ما يمكن أن يتركه هذا النوع من التوغل ليس فقط جذب وتحويل الانتماء من انتماء الي الدولة الي عكس ذلك ولكن تتمثل الكارثة في أنهم يصنعون جيلا غير قادر علي اتخاذ القرار السليم المبني علي أساس صحيح'.. وأوضح النقيب العرايشي أن المرحلة الأهم في هذه العمليات تبدأ باستخدام هؤلاء المغيبين في نشر الشائعات عن طريق دسها بين العديد من الحقائق كي يقتنع بها الناس طالما اقتنعوا بالحقائق التي ترافق تلك الشائعة، ولا عجب أن تسمع من هؤلاء في بداية حديثهم من يقول: 'أنا انتخبت السيسي.. بس فعلاً أنا نادم أو أنا مش إخوان ولا أنتمي لأي حزب' والكثير من العبارات التي يعلمها الجميع تماما!! وأمام السيل المنهمر من الحسابات الوهمية علي مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة 'الفيس بوك' نطالب السادة القضاة وضباط الجيش والشرطة، والصحفيين والإعلاميين وأسرهم بالتحقق ومراجعة الحسابات التي تُرسل إليهم بطلبات صداقة ومراجعة طلبات الصداقة القديمة التي تمت لأشخاص لا يعرفونهم حق المعرفة، والتوقف تماماً عن الحوار عبر الإنترنت مع أي شخصيات مجهولة، وننصح السادة ضباط الجيش والشرطة بصفة خاصة بعدم نشر أسماء وصور الأبناء والبنات وأفراد العائلة.. والواجب علينا جميعاً أن نضع في الاعتبار أن 'الفيس بوك' وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي ليس سوي نافذة مفتوحة علي ميدان كبير وما ننطق به من كلمات تخرج من جهاز الحاسب أو الهاتف إلي عالم آخر لا يعترف بالسرية أو بأية قواعد من قواعد الخصوصية، وقد يسهم أحدنا دون أن يدري في أن يكون الجاسوس البديل الذي ينقل معلومات قد تبدو له غير مهمة.. لكن الآخرين يعرفون كيف يصنعون منها سهاماً وسموماً قاتلة في العاجل أو الآجل!!