'حيدر علييف' هو الرئيس السابق لجمهورية 'أذربيجان' الواقعة بمنطقة القوقاز الفاصلة بين أوروبا الشرقية وغرب آسيا.. وهو أيضاًالجنرال السابق في المخابرات السوفيتية، والأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي عن أذربيجان، قبل أن يُنتَخَب رئيساً لها عام 1993 بعد الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي إثر انقلاب عسكري شهير. حكم بلاده لعشرين عاماً، ولم يكن محبوباً بقدر ما كان مثاراً لإعجاب واحترام المواطنين في أذربيجان لقوته وحنكته في إدارة الدولة، ولكونه القائد الوطني الوحيد المُختَبَر من قبل شعبه الذي لم يعرف سواه قائداً، فكانوا يعتبرونه بمثابة الزعيم والأب رغم ما أُشيع عن استبداده، وتنكيله بخصومه للقضاء علي المعارضة، فضلاً عن فساده، ومحسوبيته في توزيع الوظائف الكبري، والفرص المتميزة علي الأصدقاء، والحلفاء، بينما نصف السكان يعيشون عند خط الفقر.. كان الرجل مزمعاً علي الترشح لخمس سنوات رئاسية جديدة لولا أن الموت أقصاه عن تلك الانتخابات الصورية التي فاز بها 'إلهام علييف' خلفاً لأبيه 'علييف الكبير' عام 2003. سار الخلف علي نهج السلف فأحكم قبضته علي مقاليد الأمور، وأشرك معه زوجته 'مهربان' فأصبحت نائبة بالبرلمان، وسفيرة النوايا الحسنة باليونيسكو، بجانب العديد من الألقاب الأخري.. وهي في الأصل سليلة عائلة 'باشاييف' التي بات أفرادها هم الأكثر نفوذاً بعد اعتلاء أختها، ووالدها، وخالها، وغيرهم من الأقرباء لأرفع المناصب في الدولة.. والحق أن الابن كان شديد البِر بأبيه، حتي أنه صنع منه بعد وفاته زعيماً سرمدياً لأذربيجان، فراح يقيم له التماثيل في مختلف بلدان العالم، ومن بينها تمثال 'حيدر علييف' المقام بحديقة الصداقة المصرية-الأذربيجانية في مدينة القناطر الخيرية، كما أُطلِقَ اسم 'أذربيجان' علي أحد شوارعها، وكذلك اسم السيدة الأولي 'مهربان علييف' علي أحد مدارس مدينة العبور.. وفي المقابل أقيم تمثال للرئيس الأسبق مبارك، بجانب نماذج للأهرامات الثلاثة، وأخري لبعض الرموز الفرعونية في حديقة تحمل نفس الاسم بمحافظة 'أبشيرون' الأذربيجانية، كذلك أُطلِقَ اسم 'القليوبية' علي أحد شوارعها، واسم 'سوزان مبارك' علي أحد مدارسها، وذلك تفعيلاً لاتفاقية التوأمة الموقعة بين محافظتي القليوبية وأبشرون.. غير أن أذربيجان قامت في أعقاب ثورة 25 يناير يإزالة تمثال 'مبارك' واستبدلته بتمثال للكاتب المصري، كذلك رفعت اسم 'سوزان مبارك' من علي المدرسة ليتحول إلي 'المدرسة المصرية'. وفي الواقع لم يكن ما كتبته عن 'إلهام' وأبيه إلا رأي المكسيكيين الذين تظاهروااحتجاجاً علي وجود تمثال 'حيدر علييف' داخل حديقة في 'مكسيكو سيتي' رافضين أن يكون لهذا الديكتاتور تمثالاً في مدينة تحتضن تماثيل لشخصيات أفنت حياتها دفاعاً عن حقوق الإنسان مثل 'غاندي'، و'مارتن لوثر كينج'. ثار المكسيكيون لوجود تمثال علي أراضيهم لزعيم دولة في قارة تبعد عنهم عشرات الآلاف من الأميال.. رأوا في ذلك أمراً مشيناً.. وتفهمت الحكومة المكسيكية اعتراضهم، فلم تنظر لعلاقات أو استثمارات أذربيجانية قد تخسرها، فالثوابت عند الرجال أغلي من أي مصلحة أو مال. [email protected]