لكي نتحدث عن بركات إبرام عقد طائرات الرافال الأول من نوعه بين مصر وفرنسا وعن مدي الآثار الإيجابية التي حققتها تلك الصفقة التي ترتبط بما يحدث الآن وزيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اليوم للدوحة بقطر يجب أن نشير إلي النتائج المبهرة للزيارة التي قام بها الرئيس السيسي في ديسمبر الماضي لفرنسا وهي إعادة الدفء للعلاقات القوية بين مصر وفرنسا بعد فتورها بسبب المفاهيم المغلوطة للاتحاد الأوروبي وفرنسا بعد أحداث ثورة الثلاثين من يونيو عندما نظروا إلي إرادة الشعب المصري الذي خلع مرسي والإخوان باعتباره انقلابا وليس ثورة، الأمر الذي أثبتت الأحداث عكس صحته بعد خطي الرئيس السيسي انطلاقا من خطي الرئيس عدلي منصور نحو تحقيق نقاط مضيئة لخطة المستقبل التي تحققت تباعا وأذهلت العالم، إضافة لما يقوم به الرئيس لإعادة مصر إلي الواجهة الدولية ومشاركتها الإيجابية في كافة القضايا مع مشاريعه الجبارة، إضافة إلي صدق رؤاه التي ثبتت صحتها تجاه القضايا الدولية والأزمات الشائكة والأسلوب الأمثل في حلها في البلدان العربية وطريقته في محاربة الإرهاب وتحذيره من التنظيم الإرهابي وجماعة الإخوان في مصر والعالم، ولا يمكن أن ننسي الدور الذي بذلته المملكة العربية السعودية ووقفتها القوية مع مصر إبان ثورة ال 30 من يونيو ضد أمريكا والغرب في عهد المغفور له جلالة الملك عبد الله وجهود وزير خارجيته الأمير سعود الفيصل الذي حذر أوروبا وفرنساوأمريكا بعدم التشدد مع مصر والإقرار بثورة ال 30 من يونيو وإرادة الشعب المصر، ولهذا حدث التقارب بين مصر وفرنسا وتمكن الرئيس السيسي من توقيع عقد طائرات الرافال وغيرها من الأسلحة والمعدات العسكرية لمصر تلك التي كانت فاتحة خير علي الفرنسيين بعد أن أقبلت علي شرائها الهند ثم الآن إبرام اتفاق جديد مع قطر سوف يوقعه اليوم الاثنين الرئيس هولاند لتكون ضربة قوية موجهة لأعداء مصر والعرب في الداخل والخارج، فاليوم يوقع الرئيس هولاند علي صفقة بيع الرافال لقطر ضمن زيارة تاريخية لدول الخليج، زيارة أشاد بها السياسيون والمحللون والصحفيون واعتبروها انفتاحا كبيرا في حساب فرنسا علي الدول العربية، زيارة تؤكد تضامنا جديدا لفرنسا مع مصر والخليج بعد أن كانت الرافال سببا في إحياء دفء تلك العلاقة التي يعول عليها كثيرا في كافة الأصعدة وسط الظروف العصيبة التي تمر بها بلداننا العربية، ففي الوقت الذي يطرق فيه هولاند باب البلدان لتقوية العلاقة وطمأنة بلادنا، نري الرئيس السيسي أيضا يزور أسبانيا ليكمل هذا الدور متزامنا مع زيارة هولاند من أجل تقوية العلاقات وإقامة جسور الثقة مع دول أوروبا وجنوب المتوسط، لتطويق الأعداء والخونة من كل جهة، ولهذا تأتي زيارة هولاند لتزيد من شعبيته في فرنسا ضد الأحزاب اليمينية من جهة وإبرامه لعقود الرافال التي ستنعش الاقتصاد الفرنسي من جهة أخري، إنها زيارة تعتبر انتصارا للدبلوماسية الفرنسية، وانتصارا للصناعات الحربية وانتصارا للعمال الفرنسيين في وقت تمر به أوروبا وفرنسا بأزمة اقتصادية كبري، كما أن الزيارة تكتسي أهمية أخري كبري وهي أن الرئيس هولاند سوف يحظي بشرف حضور القمة الخليجية في الرياض بالسعودية وهو شرف لم يحظ به رئيس أجنبي من قبل حتي لقبته الصحف بهولاند العرب أو الأمير العربي لنيله تلك الدرجة، إن السبب وراء ذلك يرجع إلي النقاط الإيجابية التي سجلتها فرنسا تجاه العرب عندما وضع هولاند في صلب سياسته أمن شركائه العرب وتعاونه الوثيق في القضايا الكبري، ومنها هواجس دول الخليج ومصر من تنامي نفوذ إيران في المنطقة والدليل هو وقوف فرنسا بالمرصاد تجاه الملف النووي الإيراني وتشددها في فرض العقوبات ضد إيران، كما أن فرنسا كانت من أوائل الدول التي أيدت عاصفة الحزم بقيادة السعودية ضد الحوثيين وأتباعهم في اليمن وهي تدرك مدي أهمية تلك الضربة لدول منها مصر والسعودية والخليج عامة، إن فرنسا تواجه الإرهاب والتشدد في أكثر من منطقة سواء في العراق أو سوريا أو ليبيا أو مالي وغيرها داخل أوروبا ناهيك عن مؤتمراتها لذلك، إن فرنسا منفتحة علي تصدير الأسلحة للبلدان العربية مع تأييدها للتجربة التونسية، إن هولاند في زيارته للخليج يحمل العديد من الملفات القوية لطمأنة المنطقة ومنها إسهامات فرنسا تجاه القضية الفلسطينية ونيتها في تقديم مقترح قريبا لمجلس الأمن مع تنسيقها المتواصل مع رام الله وتل أبيب وواشنطن بعد تراجع نسبي لحل تلك القضية، إن زيارة هولاند للخليج وبيعه الرافال لقطر بمثابة خيار استراتيجي يسعي لتحقيقه مع العرب ليؤكد إرادة فرنسية خليجية لتحقيق أهداف عسكرية واقتصادية وتجارية مشتركة لتكون تلك العلاقة بمثابة مثال يحتذي لباقي البلدان العربية ولهذا فإن الرافال أحيت الآمال بين فرنسا والعرب.