أثارت الدراسة التي قام بها باحث الآثار فرانشيسكو تيرادريتي بجامعة 'إنا كور' الإيطالية ومدير البعثة الأثرية الإيطالية في مصر، والتي أعلن من خلالها عن اعتقاده بأن لوحة 'أوز ميدوم' الشهيرة الموجودة في المتحف المصري بالتحرير مزيفة وليست أثرية وتم رسمها في القرن ال19. حالة من الصدمة والجدل داخل الأوساط الأثرية العالمية والمصرية. وأعرب الآثري كريس نانتون بمركز البحوث الأمريكي عن صدمته في رأي فرانشيسكو عن اللوحة، التي يصفها العلماء ب'موناليزا الفن المصري' لجمالها وتفاصيلها التي ساعدتها في اكتساب شهرة كبيرة. وطالب عالم المصريات أحمد صالح بضرورة تشكيل لجنة أثرية علي أعلي مستوي لمناقشة رأي فرانشيسكو، خاصة أنه شخصية علمية مرموقة، إلي جانب قيام متخصصين بدراسة الألوان والشقوق في اللوحة وقصة اكتشاف فاسالي اللوحة التي عثر عليها عام 1871 في مقبرة تقع بالقرب من هرم 'ميدوم' بمحافظة بني سويف. وأوضح صالح أن تلك اللوحة ترجع لعصر الملك سنفرو 4600 عام ق.م، وهي جزء من جدار مقبرة نفر ماعت بميدوم، واللوحة تصور 6 أوزات تتغذي علي العشب وارتفاعها 72 سم وطولها 180 سم وعرضها 172 سم. وبدوره قال محمود الحلوجي، مدير عام المتحف المصري، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، 'إننا لا نستطيع أن نجزم بأن لوحة 'أوز ميدوم' مزيفة أو آثرية إلا باستخدام الأساليب العلمية الحديثة التي تحدد العمر الزمني للقطعة، وهي متوفرة في وزارة الآثار، مشيرا إلي أنه سيتم اتخاذ كل الإجراءات للرد علي تلك الدراسة بأسس علمية صحيحة وليس بافتراضات ظنية'. وأضاف أن هذه الدراسة تأتي ضمن الحملة الشرسة علي الحضارة المصرية وآثارها، والتي تشكك في كفاءة وقدرات الآثاريين والمرممين المصريين. ولفت الباحث إسلام عزت إخصائي ترميم الآثار وعلوم المواد بالمتحف إلي أن اكتشاف أثرية القطع باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة أصبح بالأمر السهل ومتاح في مصر، مشيرا إلي أنه كان في الماضي يتم الاعتماد علي مادة 'كربون 14'، لكن في وقتنا الحالي أصبح هناك تقنيات تحدد العمر الزمني للقطعة دون أخذ أي عينة منها، مما يعطي نتائج دقيقة مثل الإلكترونات الحرة أو المغناطيسية وغيرها. وأوضح أنه في حالة لوحة 'أوز ميدوم' يمكن استخدام تقنية 'الرنين المغزلي الإلكتروني'، والتي تكشف عن العمر السنوي للمادة اللونية للوحة. وكانت الدراسة، التي آثارت الجدل ونشرها موقع 'ساينس لايف' ومجلة 'الآثار الأمريكية' مؤخرا، أوضحت اعتقاد الباحث الإيطالي بوجود عدد قليل من الشكوك حول تزييف 'أوز ميدوم'، مستندا في ذلك إلي أن اللوحة التي تصور 3 أنواع من الأوز، من غير المرجح أن تكون تلك الأنواع موجودة في مصر. كما أن بعض الألوان في اللوحة فريدة من نوعها في ذلك الوقت، إلي جانب الطريقة التي تم رسم بها الأوز بحيث تظهر بنفس الحجم وهو أمر غير عادي في الفن المصري القديم، حيث تعود المصريون القدماء علي رسم الحيوانات والبشر في أحجام مختلفة. وأضاف أن الأمر الأخر الذي يشكك في أثرية اللوحة هو أن الشقوق الموجودة بها لا تتناسب مع الجدار الذي وجدت به، معربا عن اعتقاده بأن مكتشفها فاسيلي، صاحب الفضل في إيجادها وإزالتها، هو الذي قام بتزويرها حيث كان فنانا بارعا درس الرسم في أكاديمية الفنون 'دي بريرا' في ميلانو، لافتا إلي أنه علي الرغم من اكتشافه اللوحة لم ينشر كلمة واحدة عن ذلك، وهو أمر غير معتاد، نظرا لأنه كان يحب التحدث عن اكتشافاته في مصر وحتي في مخطوطاته لم يذكر اللوحة. ومن المقرر أن تنشر نتائج الباحث الإيطالي في صحيفة 'الأدب' في نسختيها 'إنجليزي وإيطالي' يوم الأحد المقبل.