من نافلة القول أن تعامل الولاياتالمتحدةالأمريكية مع الأحداث في مصر أصبح يشكل مثلًا ونموذجًا للتخبط، والتناقض، وعدم الجدية التي تقترب من الاستهانة أو البلاهة.. وكأنها تري في شعوب المنطقة مخلوقات أقل ذكاء.. أقل كفاءة.. وأكثر غفلة من غيرهم علي أرض الله الواسعة.. ولا بد أن كثيرين قد لاحظوا تظاهر أمريكا بعدم التدخل فيما يجري في مصر.. وحرصها علي نفي أي علاقة بها بالجماعات المتطرفة.. وفي نفس الوقت ترتكب من الأفعال ما يؤكد عكس ذلك تمامًا.. مما يضعها في موضع الدولة المتآمرة.. الضالعة في الإرهاب قلبًا وقالبًا، والشريك الفاعل مع الإخوان في كافة المنظمات الإرهابية الخارجة من عباءتهم، والمتحالفة معهم.. ووقائع ما يجري في المنطقة يقول إنه كان لأمريكا سفير في دمشق اسمه 'روبرت فورد' الذي عاصر بداية التوتر في سوريا، بل شارك في صنعه كما تشير كل الدلائل.. ومع سخونة الأحداث تم سحبه ليتفرغ لقيادة السياسة الأمريكية الداعمة- بل الصانعة- ل'المعارضة السورية'.. خاصة أنه علي علاقة وثيقة بالإخوان الذين بدأوا العملية ومازالوا يديرونها، وسط ظروف تزداد صعوبة لتوافد العديد من المنظمات الإرهابية علي سوريا.. ومعروف أن 'فورد' أحد أهم وأبرز مهندسي الحرب متعددة الأطراف الدائرة علي أرض الشام.. وأنه الذي جند لها عشرات الآلاف من المرتزقة المحترفين الأجانب.. ومن أعاجيب أمريكا وكهنة البيت الأبيض أنهم بحثوا عن سفير أمريكي مناسب لدي مصر في ظروفها الحالية، فلم يجدوا إلا 'روبرت فورد' هذا.. وبالطبع رفضت القاهرة، وقابلت الفكرة بجفاء واستهجان شديدين.. وقد نشرت خبر الرفض صحيفة 'واشنطن بوست' الأمريكية.. ووصفت السفير المرفوض بأنه من الضحايا غير المباشرين لعزل مرسي وسقوط حكم الإخوان.. وفي نفس الوقت واصلت هجومها علي نظام ما بعد ثورة 03 يونية، وعلي الإعلام المصري.. واتهمتهما بإذكاء العداء لأمريكا.. ومحاولة إخفاء المصداقية علي نظرية المؤامرة.. والتأكيد علي وجود مؤامرات أمريكية وغربية ضد مصر ودول عربية أخري.. وقالت ال'واشنطن بوست' في افتتاحيتها إنه منذ الإطاحة بحكم الإخوان فإن وزير الدفاع -السيسي- حوّل وسائل الإعلام الرسمية إلي جهاز دعائي.. يكرس العداء لكل ما هو أمريكي.. ناهيك عن قيام الحكومة بملاحقة الصحفيين الغربيين العاملين في القاهرة.. وكانت تقصد 'خلية الماريوت' التابعة ل'قناة الجزيرة' المتهمة وقتها ببث أكاذيب تهدد الأمن القومي وحيازة أجهزة بث دون ترخيص.. وتعددت التقارير الصادرة من أمريكا وتوابعها حول ما يجري في مصر والمنطقة.. وتحذر من تركيبة التحالف الذي يقود العمليات الإرهابية في مصر.. والتي تسعي لتقويض الدولة المتماسكة وجيشها القوي والوحيد الباقي للعرب.. وقد حذرت وكالة 'الاسوشيتد برس' من تحول مصر إلي 'جبهة جهادية' مع تزايد الهجمات، وتصاعد وتيرتها، وظهور أسلحة أكثر تطورًا.. وفي تقرير لمعهد 'ستراتفورد' الاستخباري الأمريكي المختص بتقييم المخاطر: إن جماعة أنصار بيت المقدس، سرعان ما أصبحت واحدة من الجماعات 'الجهادية' الأكثر نشاطًا في العالم، وأفاد التقرير بحصول الجماعة علي مساعدات خارجية سخية من فرع القاعدة في اليمن.. والدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام 'داعش' التي تعمل كفرع للقاعدة في العراقوسوريا.. وقالت ال'أسوشيتد برس' إنه خلال حكم الإخوان لمصر، شكل مرسي تحالفا سياسيًا مع المتطرفين، بمن في ذلك أعضاء سابقون في الجماعات المسلحة التي شنت هجمات دموية ضد الحكومة في التسعينيات.. كما قام بإرسال متشددين للتفاهم مع المسلحين في سيناء.. حيث قاموا ببناء تحالف مع 'الجهاديين' تحت مظلة 'المفاوضات' التي رعاها مرسي ومكتب الإرشاد.. وأضافت الوكالة أن الأيام القليلة التي سبقت سقوط الإخوان وخلال الأسابيع التي أعقبت ذلك ظهر قادة الجماعات الإرهابية علي منصة اعتصام رابعة.. كان بينهم رفاعي طه أحد شركاء أسامة بن لادن في أفغانستان، وعبود وطارق الزمر المتهمان في قضية مصرع السادات.. وعاصم ماجد المتهم بقتل العشرات من جنود الأمن المركزي والذي هدد معارضي الإخوان علنًا بقطع رءوسهم.. وقد أكدت مصادر رصد أوربية أن التنظيمات الإرهابية في مصر تستقطب مزيدًا من المتطوعين الأجانب خاصة من هؤلاء الذين قاتلوا في سوريا وجهات أخري.. وأن أجهزة أمريكية تقدم لهم دعمًا سخيًا عبر وسطاء داخل معسكرات في تركيا ودول عربية صغيرة.. والسؤال الآن.. هل بقي هناك من يتباكي علي 'الدم المسال' عندما يتعقب الجيش المصري منظمات الإرهاب المدفوعة من أمريكا وغيرها؟ وهل هناك من يقدم لنا وسيلة جديدة لحماية مصر والدول العربية من تلك المؤامرات التي تحمل الدمار والخراب؟ ومتي يتقدم من يمتلك الحل؟.. سيظل الجيش المصري- مفرزة كل العرب المتقدمة- المسئول عن حماية الوطن وسلامة أهله وأراضيه..