اختتم مؤتمر 'نحو إستراتيجية عربية شاملة لموجهة التطرف' فعالياته مساء أمس 'الاثنين' بمكتبة الإسكندرية، والذي استمرت فاعلياته علي مدي ثلاثة أيام للوصول إلي بيان ختامي وتوصيات سيتم رفعها إلي القمة العربية المقبلة حول مشروع يتضمن آراء مثقفين عرب ليتم وضعها حيز التنفيذ لمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب التي تعاني منها المجتمعات العربية مؤخرًا. وعقد المؤتمر تحت رعاية رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، بالتنسيق بين مكتبة الإسكندرية ووزارة الخارجية. وأوصي المؤتمر، في بيانه الختامي بتدشين مرصد لمجابهة التطرف، يكون مقره مكتبة الإسكندرية علي غرار مرصد الإصلاح العربي لمواجهة فكر التطرف وتجميع المبادرات الثقافية الرامية لمواجهته، فضلاً عن توحيد النظم التعليمية في مرحلة التعليم الأساسي لمواجهة الازدواجية بين أشكال من التعليم المدني أو الديني أو الأجنبي، لضمان تشكيل العقل العربي بدون تشرذم واضطراب والاعتماد علي التوازن المعرفي بين العلوم الطبيعية والإنسانية وتربية وجدان النشء علي الإبداع وترسيخ ثقافة الديمقراطية. وناشد المشاركون في المؤتمر من جامعة الدول العربية بإنشاء صندوق تمويل لمواجهة التطرف من جامعة الدول العربية. وشجع البيان علي وضع برامج بحثية مشتركة بين المؤسسات العربية تنصب علي ظاهرة التطرف وإصدار وثائق مرجعية تتناول قضاياه، إلي جانب تنقية برامج التعليم الديني من الأفكار المشجعة علي التطرف والعنف. وأطلق المؤتمر، بحسب البيان الختامي مبادرة تحث المؤسسات الإعلامية العربية علي مراجعة المعايير المهنية والأخلاقية وسن التشريعات المجرمة لنشر مواد تبث الكراهية أو تحرض علي العنف. وشدد البيان الختامي علي حتمية المواجهة الأمنية للتصدي لمشكلة التطرف وربط الأمن بالتنمية، ومواجهة الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي، والحرص علي تنمية التجارب الديمقراطية السليمة. وحمل البيان مطالبة باستكمال المبادرة المصرية لعقد المؤتمر بمكتبة الإسكندرية من خلال سلسلة مبادرات مشتركة لدعم ومساندة جامعة الدول العربية لمواجهة التطرف في مجالات الثقافة والتعليم والإعلام والأمن. وطالب مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، المشاركون بمواصلة العمل علي موضوع المؤتمر من خلال إرسال مقترحات إلي المكتبة، مبينا إلي أنه سيتم إرسال التوصيات النهائية بعد تعديلها إلي كافة الدول العربية، بالإضافة إلي جامعة الدول العربية لاستعراضها خلال اجتماع القمة العربية المقبل. أرجع المشاركون أسباب التطرف إلي ثمانية أسباب، شملت التعليم والتنشئة الاجتماعية القائمة علي ثقافة الاستعلاء ورفض الآخر والتسفيه منه وتراجع التفكير النقدي وانتقاء ثقافة المشاركة، بالإضافة إلي الخطابات الدينية المتعصبة المستندة إلي تأويلات وتفسيرات خاطئة، مفارقة لصحيح الإسلام وروح الأديان كلها، دون الحفاظ علي القيم الروحية المعتمدة علي المحبة والرحمة والتسامح ونبذ التعصب والكراهية. وشملت أسباب التطرف – بحد وصف البيان الختامي إلي الفقر والأمية والجهل كثلاثية تدفع الأشخاص إلي الانسياق وراء خطاب ديني مشوه وفتاوي مغلوطة وآراء ضيقة الأفق، فضلا عن الشعور بالقهر نتيجة المعايير المزدوجة، لتصبح 'المرأة' في مقدمة ضحايا التطرف نتيجة لتعثر مسيرة التنمية الثقافية والاجتماعية، إلي جانب الشعور بالقهر الناتج عن المعايير المزدوجة في العلاقات الدولية تجاه قضايا العرب والمسلمين، خاصة في ظل استمرار القضية الفلسطينية واحتلال الأراضي العربية وتقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ موقف حاسم تجاهها. واستمر طرح أسباب التطرف في تنامي دور القوي الفاعلة في دعم التطرف ورصد الموارد المادية والبشرية لتأجيج العنف في المجتمعات العربية بهدف خدمة مصالحها من ناحية وإضعاف الأوطان العربية وتمزيقها وعرقلة انطلاق مسيرة التقدم. وأكد البيان أن غياب قادة ورموز فكر قادرين علي مواصلة مسيرة النهضة والتنوير في العالم العربي قاد إلي تراجع تيار التحديث وتصاعد خطابات متزمتة فكريا ومتطرفة دينيا وسلطوية سياسيا، ومنغلقة اجتماعيا. وأعتبر البيان أن انتشار المنابر الإعلامية المحلية والإقليمية تبث رسائل تحض علي التطرف والكراهية وتسيئ إلي وسطية الفكر المعتدل تشارك في صناعة التطرف، بالإضافة إلي الآثار السلبية للموروثات والعادات الاجتماعية والقيم الثقافية التي أنتجت تشوهات ثقافية واجتماعية تعلي نعرات الاستعلاء ضد المختلف وتشعل نيران الطائفية العرقية والمذهبية. وبشأن الخطاب الديني خلص البيان الختامي – وفق جلسات المناقشات التي استمرت علي مدي ثلاثة أيام – إلي أن أبرز سبل مواجهة التطرف تكمن في تصدي المؤسسات الدينية للمفاهيم التي يتم ترويجها بين الشباب، والخاصة بالتفسيرات المشوهة لمفهوم الجهاد والردة ووضع المرأة، بالإضافة إلي تغيير الأوضاع القائمة علي العنف والخروج عن دولة القانون والمؤسسات. وأوصي البيان بفتح أبواب الاجتهاد والمعرفة الأصلية بمقاصد الشريعة والاعتراف بالمنظور التاريخي للتشريع وتطويره للتلاؤم مع مقتضيات العصر وإحياء جهود المجددين من أعلام الإسلام والتوافق علي مواثيق حقوق الإنسان.