أوصى المؤتمر الختامي "نحو إستراتيجية عربية شاملة لمواجهة التطرف" تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، المنعقد بمكتبة الإسكندرية اليوم الإثنين على الآتي: ضرورة التعليم والتنشئة الاجتماعية على ثقافة الاستعلاء ورفض الآخر والتسفيه منه وتراجع التفكير النقدي وانتفاء ثقافة المشاركة. الخطابات الدينية المتعصبة التي تستند إلى تأويلات وتفسيرات خاطئة، مرافقة لصحيح الإسلام ومجافية لروح الأديان كلها من الحفاظ على القيم الروحية النبيلة التي تعتمد على المحبة والرحمة والتسامح، وتنبذ التعصب والكراهية. الفقر والأمية والجهل.. تلك الثلاثية التي تدفع الشخص إلى الانسياق وراء خطاب ديني مشوّه وفتاوى وتأويلات مغلوطة، وآراء ضيقة الأفق، ومناخ معادٍ لثقافة الاختلاف، وفي أحيان كثيرة تكون "المرأة" في مقدمة ضحايا التطرف نتيجة لتعثر مسيرة التنمية الثقافية والاجتماعية في المجتمعات العربية. الشعور بالقهر نتيجة المعايير المزدوجة في العلاقات الدولية تجاه قضايا العرب والمسلمين، التي يأتي في مقدمتها استمرار القضية الفلسطينية واحتلال الأراضي العربية في ظل تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ موقف حاسم وحازم إزاءها. تنامي دور قوى فاعلة، سواء كانت دولًا وجماعات في إذكاء التطرف، ورصد الموارد المادية والبشرية لتأجيج العنف في المجتمعات العربية بهدف خدمة مصالحها من ناحية، وإضعاف الأوطان العربية، وتمزيق أواصرها، وعرقلة انطلاق مسيرة التقدم بها من ناحية أخرى. غياب قادة ورموز الفكر القادرين على مواصلة مسيرة سابقيهم من رواد النهضة والتنوير في العالم العربي، الذين قدموا اجتهادات ملهمة نجحت في المزج بين الأصالة والمعاصرة وتحديث بنية المجتمعات العربية دون انقطاع عن جذورها الحضارية وأصولها الثقافية، وقد اقترن تراجع تيار التحديث بتصاعد خطابات متزمتة فكريًّا، متطرفة دينيًّا، سلطوية سياسيًّا، منغلقة اجتماعيًّا. انتشار العديد من المنابر الإعلامية المحلية والإقليمية التي تبث رسائل تحض على التطرف والكراهية، وتسيء إلى وسطية الفكر الديني المعتدل. الآثار السلبية للموروثات والعادات الاجتماعية والقيم الثقافية التي أنتجت تشوهات ثقافية واجتماعية تذكي نعرات الاستعلاء ضد المختلف وتشعل نيران الطائفية العرقية والمذهبية. وتصدي المؤسسات الدينية للمفاهيم التي تروج في المجتمع خاصةً بين الشباب، وفي مقدمتها التفسيرات المشوهة لمفهوم الجهاد والردة ووضع المرأة، وكذلك الدعوة إلى تغيير الأوضاع القائمة بالعنف والخروج على دولة القانون والمؤسسات. فتح أبواب الاجتهاد والمعرفة الأصيلة بمقاصد الشريعة والاعتراف بالمنظور التاريخي للتشريع، وتطويره للتلاؤم مع مقتضيات العصر وإحياء جهود المجددين من أعلام الإسلام والتوافق مع مواثيق حقوق الإنسان. مراجعة القوانين واللوائح والممارسات الإدارية على النحو الذي يعزز الانطلاق الحر للفكر والإبداع في المجتمع، ويزيل العقبات التي تحول دون حرية الرأي، والتصدي لمحاولات فرض الوصاية الفكرية أو الرقابة الدينية. التوسع في إصدار الكتب والمؤلفات التي تدعم العقلانية والاستنارة، وتنشر الفكر النهضوي، وتحارب الخرافة والتطرف وتفتح الأبواب للتفاعل الخلاق مع منجزات الثقافة الإنسانية في العلوم الطبيعية والإنسانية. تشجيع الأعمال الفنية الراقية التي تهدف إلى النهوض بثقافة النشء وتنمية المواهب، وثقلها في المؤسسات التعليمية والثقافية بشكل منهجي منظم، وتشجيع نشر الفنون واكتشاف المواهب الخلاقة. تيسير الوصول إلى المنتج الثقافي من خلال التوسع في إنشاء المكتبات والمراكز الثقافية والأندية الأدبية، وكذلك مراكز الفنون التعبيرية والتشكيلية والموسيقية، وتطوير المتاحف التي تجمع التراث الثقافي المشترك للشعوب. الإفادة من النشر الإلكتروني، وتدشين مواقع التواصل الاجتماعي بين الشباب تهدف إلى محاصرة التطرف، وثقافة العنف، وتدعيم حرية الفكر ونشر الفنون الجميلة بكل الوسائل. تدشين "مرصد لمجابهة التطرف" بمكتبة الإسكندرية، على غرار مرصد الإصلاح العربي لمواجهة فكر التطرف، وتجميع المبادرات الثقافية الرامية لمواجهته. التأكيد على أهمية "التربية المدنية" في برامج التعليم، خاصة قبل الجامعي، لما لها من تأثير على تشجيع قيم المشاركة، والتطوع، والعمل المشترك، وحقوق الإنسان والإيمان بأهمية التنوع في إدارة العمل؛ ما يعزز التنوع والتعددية، بدلًا من الأحادية والانغلاق. وضع برامج لتطوير القدرات الإبداعية في التعليم الموسيقي والتصوير والشعر والمسرح والأدب وغيرها؛ لبناء جيلٍ مبدع يسهم في تعزيز البناء الثقافي للمجتمع. وضع برامج لتطوير المكتبات المدرسية، وتجهيزها بأحدث المتطلبات للارتقاء بدورها في تشجيع القراءة والاطلاع الرامي إلى تنمية التفكير الحر الناقد والمبتكر. حث المؤسسات الإعلامية على الالتزام بالمواثيق المهنية والأخلاقية، التي تتضمن الابتعاد عن الخطابات المتعصبة، أو ترويج آراء من شأنها بث روح الفرقة والانقسام بين المواطنين، أو إثارة السجالات الدينية أو المذهبية، أو التنابذ السياسي، أو القبلي أو العرقي. إطلاق مبادرة عربية لمراجعة المعايير المهنية والأخلاقية، وسنّ التشريعات التي تجرّم نشر المواد الإعلامية التي تبث الكراهية وتحرِّض على العنف. تدشين برامج إعلامية مشتركة بين وسائل الإعلام العربي تفند فكر التطرف، وتهتم بقضايا العلم والتنوير، وتكشف الممارسات اللاإنسانية المنافية للدين والأخلاق، والقيم التي تمارسها التنظيمات المتطرفة ضد المواطن العربي.