سقط قتيلان علي الأقل وعدد من الجرحي في هجوم بالرصاص الحي نفذه من وصفوا بأنهم مناصرون للرئيس حسني مبارك فجر اليوم علي جموع المتظاهرين في ميدان التحرير. وأفاد شهود عيان بأن إطلاق النار ما زال متواصلا من جهة المتحف وميدان عبد المنعم رياض، وأن سيارات الإسعاف دخلت إلي الميدان لنقل المصابين إلي المستشفيات. وقد استمرت الهجمات طوال ساعات الليل، واستخدم المهاجمون القنابل الحارقة، مما أدي إلي احتراق سيارتين إحداهما للجيش قرب المتحف المصري، بعد أنباء عن استعداد لهجوم علي الميدان. وكان ثلاثة أشخاص قد قتلوا وجرح 1500 آخرون في المواجهات الدائرة بين المتظاهرين المؤيدين والمعارضين للرئيس مبارك في ميدان التحرير. وقال وزير الصحة المصري أحمد سامح فريد إن ثلاثة أشخاص لقوا حتفهم مساء أمس الأربعاء، فيما ذكر التلفزيون أنه جري نقل المصابين الذين ذكرت مصادر طبية أن عددهم بلغ 1500 جريح، إضافة إلي خمسة مستشفيات قريبة من الميدان. وذكر شهود عيان أن مؤيدي مبارك كانوا قد بدؤوا في إلقاء القنابل الحارقة علي المتظاهرين المعتصمين في ميدان التحرير في محاولة للسيطرة علي ساحة الاعتصام. وقالت طبيبة في عيادة طبية للطوارئ أقيمت في ميدان التحرير إن أكثر من 1500 شخص أصيبوا بجروح في الاشتباكات. وأبلغت الدكتورة مني مينا -التي تعمل في العيادة المقامة بمسجد عمر مكرم المجاور للميدان- وكالة رويترز، أن الكثير من الجروح ناتجة عن إصابات في الوجه بقضبان معدنية أو الطوب أو الحجارة. وأضافت أن عدد المصابين -وهو أعلي كثيرا من الرقم الذي أعلنه وزير الصحة، وهو 611 شخصا- يشمل الكثير من الإصابات الطفيفة. وأوضحت مصادر صحفية أن هناك عددا كبيرا من الجرحي بميدان التحرير مصابين بكسور في قاع الجمجمة، مضيفة أن المتظاهرين يقيمون حاليا عيادات طبية ميدانية لإسعاف المصابين. وتبادل المؤيدون لمبارك والمعارضون له التراشق بقنابل حارقة والحجارة في أحد مداخل ميدان التحرير، بعد ساعات من محاولات مؤيدين للرئيس طرد المحتجين من أكبر ميادين العاصمة. وسبب التراشق اشتعال النار في سيارتين في وقت متأخر من الليل قرب المتحف المصري، إحداهما لقوات الجيش المنتشرة في المنطقة لكنها تلزم الحياد خلال الاشتباكات. وألقي مؤيدون لمبارك القنابل الحارقة والحجارة من فوق كوبري أكتوبر علي المحتجين الذين بادلوهم القذف دفاعا عن مواقعهم في الميدان، الذي اتخذوه قبلة لاحتجاجات الغضب التي بدؤوها في 25 يناير الماضي. وسقطت قنبلة حارقة ألقاها مؤيد لمبارك علي سيارة للجيش أتت عليها النيران. واشتعلت النار في سيارة أخري إلي جوارها من قنبلة حارقة أيضا. كما اشتعلت النار في منزل قديم مكون من طابقين في المنطقة. وتحدثت مصادر عن أنباء عن استعدادات لتنفيذ هجوم علي المعتصمين في ميدان التحرير اليوم، مشيرة إلي اشتباكات قوية بين المتظاهرين وأنصار الحزب الوطني قرب المتحف المصري. وقال شاهد عيان إن حريقا اشتعل قرب المتحف المصري بسبب قنابل المولوتوف التي ألقاها "بلطجية" الحزب الوطني الذين تم القبض علي بعضهم، واتضح أنهم من أمناء الشرطة والمباحث، مشيرا إلي أن الحريق أخمد وأن المتحف لم يتضرر. وقال مدير المواقع الأثرية في مصر -خلال اتصال هاتفي مع الجزيرة- إن الهجوم الذي يتعرض له المتحف الوطني في مصر "دعمه النظام"، مضيفا أن منطقة سقارة الأثرية تتعرض للنهب، وأن الحراسة محدودة. ومن جهته قال مصدر إن مؤيدي مبارك اعتلوا أسطح المباني في ميدان التحرير وألقوا كرات نارية علي المحتجين، موضحا أن المعتصمين في الميدان أكدوا استعدادهم لمواجهة أي هجوم، وأنهم لن يغادروا قبل رحيل مبارك. وفي المقابل ذكرت مصادر أن مديرا سابقا في مكتب الرئيس مبارك قال إن هناك خطة موضوعة لتفريق المتظاهرين بأي ثمن، والمنفذون لها من الأمن. في حين نقل عن مسؤول أميركي قوله إن شخصا مواليا لمبارك أطلق قوات مؤيدة له لترويع المحتجين. وقد شهدت أحياء القاهرة تشديدا في فرض حظر التجول علي عكس الأيام الماضية، وذلك لمنع المحتجين من الانضمام إلي زملائهم في ميدان التحرير، علما بأن حظر التجول في الأيام السابقة كان شكليا إلي حد كبير. وفي هذه الأثناء عمت المظاهرات مختلف المحافظات المصرية تأييدا للمحتجين وتنديدا بالنظام. وقال مراسل الجزيرة إن المتظاهرين في الإسكندرية دعوا إلي أن يكون اليوم الخميس يوم الشهداء والجمعة يوم رحيل مبارك. واندلعت اشتباكات عنيفة الأربعاء في ميدان التحرير بين مطالبين بتنحي الرئيس مبارك ومن وصفوا بالمؤيدين للرئيس، استخدم فيها الأخيرون أسلحة بيضاء وقنابل حارقة خلفت قتلي وجرحي. وكانت صور تلفزيونية مباشرة أظهرت -مع بداية الاشتباكات- مهاجمين يمتطون أحصنة وجمالا، ويحملون ما يبدو أنها عصي وقضبان حديدية، ويغيرون علي جموع من المتظاهرين المطالبين برحيل مبارك. وشوهدت في لقطات أخري صور لمتظاهرين يسيطرون علي مهاجمين كانوا فوق أحصنة، ولآخرين يبرزون هويات رجال أمن يبدو أنها انتزعت أو سقطت من المهاجمين أثناء الاشتباكات. واتهمت مصادر صحفية من وصفتها بعناصر من وزارة الداخلية بلباس مدني ومن يوصفون ب"البلطجية"، بمهاجمة المتظاهرين في ميدان التحرير. وأدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان ما وصفته بالاعتداءات علي المتظاهرين المعارضين في ميدان التحرير. وطالبت المنظمة السلطات بالتحرك الفوري لحقن دماء المواطنين ووقف الانزلاق إلي مذابح دامية. وحملت الشبكة الدولية للحقوق والتنمية مبارك مسؤولية الدماء التي تسيل، وتعهدت بمقاضاته. وكان مبارك قد أعلن الثلاثاء -في خطاب له- أنه لن يترشح لفترة رئاسية سادسة في الانتخابات المتوقعة في سبتمبر/أيلول المقبل، كما دعا إلي تغيير المادتين 76 و77 من الدستور المصري الخاصتين بشروط الترشح للرئاسة وتحديد مدتها.