'أخبار.. بالأكتاف العارية.. ونشرات.. بالصدور البارزة'.. هذا ما انقلب إليه حال بعض 'الفضائيات الخاصة'، والتي راحت تزيد من مساحة 'العري' لمذيعاتها.. علي حساب 'مساحات الأخبار' والمتابعات للأحداث.. فكلما تقلص حجم النشرة الإخبارية.. تزايد حجم 'تعرية الجسد'. ولا ندري.. ما الحكمة المبتغاة وراء 'تعرية المذيعات' علي هذا النحو، إلا أن يكون الهدف، جذب مزيد من المراهقين 'للجلوس أمام الفضائيات الخاصة' سعيًا لجذب أكبر نسبة من المشاهدة التليفزيونية. منافسة ضارية.. اجتاحت عددًا كبيرًا من الفضائيات الخاصة'، في سباق محموم، للتواجد في محيط الأسر المصرية سيرًا من هذه القنوات وراء 'سينما الشباك' التي تخصصت في 'مخاطبة الغرائز'، وتخصيص مذيعات الشباك لتكرار التجربة بنجاح، والتي أسهمت في السابق في رفع دخل الأفلام، كلما اتسعت فيها مساحات 'الإثارة والمشاهد الفضائحية'. قبل فترة من الوقت.. لم يكن يتخيل أحد أن تظهر 'قارئة للأخبار' علي هذا النحو، الذي نشهده في مذيعات هذه الأيام، فالصورة 'المطبوعة' في نفوس المشاهدين عن قارئة النشرة، هي 'القبول، والارتياح لأدائها، وصوتها المناسب ولغتها السليمة، وصحة مخارج الحروف وحضورها الطاغي، وتلقائيتها العفوية، وثقافتها السياسية، وثقتها بنفسها، وشكلها الخارجي المناسب، مع عدم المبالغة في الملابس أو المكياج'. أي أن البحث عن 'الجوهر' كان ولا يزال هو الأساس، ليس 'المظهر'، وهو ما انعكس 'إيجابًا' علي قدرة 'المذيعة الحقيقية' للدخول إلي قلوب المشاهدين، وحب الناس لها. ولعل الرعيل الأول من المذيعات المصريات، الرائدات، جسدن هذه النوعية التي احتلت مساحات واسعة من الشاشة المصرية، لسنوات طويلة 'خلت' فأوجدن لأنفسهن مكانة في قلوب المشاهدين، وحفرن ذكريات، أبدًا لا تنسي.. فمن يستطيع أن ينسي 'ليلي رستم وسناء منصور وسلوي حجازي وفريال صالح وسهير شلبي وسهير الأتربي وأماني ناشد ونجوي إبراهيم.. وغيرهن من الرائدات'. وقد يرد علينا بعض 'المتحذلقين' بالقول إن 'سمة العصر' و'السماوات المفتوحة' و'التطورات المذهلة في عالم الميديا' تستدعي تطور وسائل التواصل مع المشاهدين. وفي هذا لن نرد علي هؤلاء بنماذج مصرية، أو عربية مثل 'الإعلامية خديجة بن قنة' و'مني الشاذلي' ولكن سوف رد عليهم بالمذيعة الأمريكية العالمية 'أوبرا وينفري'. 'أوبرا وينفري' سوداء البشرة، عاشت طفولة فقيرة، حيث كان والدها 'حلاقًا' ووالدتها 'خادمة في البيوت'، وعاشت مع 'جدها' في حي فقير بعد انفصال والديها وهي في الصغر.. ولكنها استطاعت من خلال برامجها، وجوهرها الناجح أن تطفو علي سطح الدنيا، كأنجح مذيعة في العالم، بل واحتلت في تصنيف 'مجلة فوربس' في العالم 2005 المرتبة التاسعة في أول '20' شخصية من النساء الأكثر نفوذًا علي صعيد وسائل الإعلام.. واحتلت في موقع آخر المركز الثاني في قائمة أكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم ضمن مائة شخصية. لم تكن 'وينفري' جميلة حين صعدت لهذا المستوي.. ولم تملك ما تعري به نفسها، ولكنها استطاعت أن تقهر المستحيل، وتحقق النجاح المعتمد علي الثقافة، والوعي، وتجذب لها مئات الملايين من المشاهدين. سلوك معيب.. هذا الذي تسلكه 'فضائياتنا الخاصة' والتي لن تضيف لرصيدها، سوي المزيد من الامتهان لأخلاقنا، وقيمنا، وانتهاج أساليب مغايرة، الأمر الذي يدفعنا لدق 'نواقيس الخطر' خوفًا من يوم نشهد فيه علي شاشاتنا 'مذيعات بالملابس الداخلية'!!