لم يهنأ الاحتلال طويلاً، بعدما تباهي بأنه تمكن من تخفيف حدة انتفاضة القدس، والمواجهات في أحياء المدينة، حتي عاد شبان وفتيان وأطفال القدس مرة أخري يشعلون انتفاضتهم بوجه الاحتلال وممارساته وسياساته القهرية. كما لم ينتظر المقدسيون طويلا أمام استهداف المسجد الاقصي واقتحامه بأكثر من 300 جندي والسماح باقتحامه من عصابات المستوطنين، والاعتداء علي من فيه وتدنيسه، حتي جاء الرد الأوّلي من ابن القدس الشهيد ابراهيم عكاري-ابن مخيم شعفاط- بدخوله بمركبته علي المستوطنين وجنود الاحتلال بحي الشيخ جراح وقتله ضابطا وجنديا ويصيب عدداً آخر قبل أن يستشهد. قابل الاحتلال العملية بإجراءات عصبية هستيرية أغلق خلالها معبري قلنديا شمال القدسالمحتلة، وحزما شمال شرق المدينة، وأغلق المدخل الرئيسي لبلدة العيسوية بالمكعبات الاسمنتية، ودفع بتعزيزات ضخمة الي معبر 'حاجز' شعفاط القريب من مدخل المخيم، فضلاً عن تصريحات عنصرية أبرزها من رئيس بلدية الاحتلال في القدس، المتطرف نير براخات، ووزير الامن الصهيوني أهرونوفيتش عقب العملية الاستشهادية، وأكدا بأنهما يدفعان باتجاه هدم المزيد من منازل الفلسطينيين في القدس كإجراء عقابي منهم، في حين تم الاعلان عن اتخاذ قرار بتحصين محطات الوقوف المخصصة للقطار الخفيف بمقاطع اسمنتية.. وغيرها من اجراءات. الفلسطينيون من جهتهم كان ردهم سريعاً وقاسياً وانتفضوا في كافة الأحياء والشوارع والبلدات بوجه الاحتلال، وهاجموا معبر قلنديا، الفاصل بين مدينتي القدس ورام الله، وأحرقوا البرج العسكري واقتحموه ولاذ جنود المعبر بالهرب قبل استقدام تعزيزات ضخمة من جنود الاحتلال، الذين شرعوا بإطلاق كميات كبيرة جدا من الأعيرة النارية والمطاطية والقنابل الصوتية الحارقة والغازية السامة المسيلة للدموع، في الوقت الذي استخدم فيه الشبان 'قنابل المولوتوف' والمفرقعات النارية والحجارة خلال المواجهات التي ما تزال تدور بمحيط المعبر وسط اصابات غير معلومة. أمّا في مسقط رأس الشهيد العكاري 'مخيم شعفاط' فقد اندفع عشرات الشبان والفتيان بحالة غضب نحو الحاجز العسكري قرب مدخل المخيم وهاجموه بالمفرقعات النارية و'قنابل المولوتوف' وأحرقوا برج مراقبة عسكري، وأمطروا الجنود بالحجارة والزجاجات الحارقة، وصدّوا أكثر من عملية اقتحام للمخيم، في ما تم اغلاق المعبر أمام حركة المركبات والمواطنين بكلا الاتجاهين. وفي تطور لاحق، خرجت، قبل قليل، وعقب الانتهاء من صلاة المغرب، مسيرة ضخمة من مسجد ابو عبيدة بأعداد هائلة باتجاه منزل الشهيد العكاري وسط هتافات وطنية، وبمشاركة كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي ومؤسسات المنطقة. وتشهد بلدة العيسوية، وسط المدينة، مواجهات عنيفة جدا قرب المدخل الرئيسي للبلدة، في الوقت الذي أعادت فيه قوات الاحتلال إغلاق المدخل بالمكعبات الاسمنتية. ونقل مراسلنا عن شهود عيان قولهم أن قوات الاحتلال تطلق كميات كبيرة وبشكل عشوائي وهستيري لقنابل الغاز الخانقة والسامة والأعيرة النارية الحية والمطاطية تجاه الشبان الغاضبين، في حين لم يبلغ عن اعتقالات أو اصابات باستثناء اصابات بالاختناق تم معالجتها ميدانياً. في الوقت نفسه، تشهد العديد من أحياء وحارات البلدة القديمة بالقدس مواجهات تتركز في حارتي باب حطة والسعدية ومنطقة الواد، في ما شهدت باحة باب العمود 'أحد أشهر بوابات القدس القديمة' مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال امتدت الي شارع السلطان سليمان وباب الساهرة، اعتقلت خلالها قوات الاحتلال عدداً من الفتيان والشبان. كما تشهد بلدتي الرام وعناتا شمال القدس مواجهات عنيفة جدا، اصيب خلالها بعض الفتيان بالرصاص المطاطي قرب المدخل الرئيسي لبلدة الرام. الي ذلك، أعلنت مصادر طبية وحقوقية محليةأن الاحتلال سيسلم جثمان الشهيد العكاري لذويه منتصف هذه الليلة بمقبرة باب الاسباط الملاصقة لجدار المسجد الاقصي، دون توديعه بمنزله بمخيم شعفاط أو الصلاة عليه بالمسجد الأقصي.