أثار قانون الضريبة العقارية الجديد الذي أقره الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعديلاته الأخيرة قلقًا وجدلا واسعًا بين المواطنين والخبراء الذين انقسموا إلي فريق مؤيد للقانون يري أنه بداية لتحقيق العدالة الاجتماعية ويأخذ من الأغنياء لصالح الفقراء ومحدودي الدخل.. وسط توقعات بوصول حصيلة تلك الضريبة إلي أكثر من 5 مليارات جنيه سوف تسهم في علاج عجز الموازنة العامة الذي بلغ 240 مليار جنيه وأيضا سوف يسهم بنسبة كبيرة في تطوير العشوائيات وتحسين المرافق العامة. وفريق معارض يري أن الدولة تحاصر الأغنياء وتسلبهم الحق الدستوري في مسكن خاص يعفي نهائيًا من الضرائب وأن هناك اتهامات بالفساد والرشاوي المصاحبة لوجود لجان الحصر والتقدير.. وأيضا هناك أشخاص يعيشون في قصوروهم من الورثة كالآرامل والعجائز وغير القادرين علي دفع الضريبة.. بل إن الكثير من تلك الفيللات والقصور تم تأجيرها بالايجار القديم ولا تدر علي مالكها غير عائد بسيط لا يصل إلي قيمة الضريبة المفروضة.. وكانت هناك مطالبات بإعفاء المسكن الخاص من الضريبة ولكن تم رفضه من قبل مجلس الوزراء وتم إعفاء المسكن الخاص من الضريبة العقارية والذي تصل قيمته إلي أقل من 2 مليون جنيه وايجاره أقل من 24 ألف جنيه سنويا. ومن جانبه صرح هاني قدري دميان وزير المالية أن التعديلات التي تضمنها مقترح قانون الضريبة العقارية الذي أصدره رئيس الجمهورية هدفت إلي مطمأنة محدودي الدخل وأصحاب الدخول الأدني من الطبقة المتوسطة بعدم تحملهم أي أعباء ضريبية ومؤكدا أنه لا مساس بالفقراء ومحدودي الدخل.. وإن ملاك الوحدات العقارية هم المخاطبون بالضريبة وليس المستأجرين. وأوضح وزير المالية أن التعديلات تشمل وضع إعفاء خاص للوحدات العقارية المستغلة في غير أغراض السكن من الضريبة العقارية إذا قل صافي قيمتها الايجارية السنوية عن 1200 جنيه بعد استبعاد مصاريف الصيانة الشهرية التي تبلغ 32% من القيمة التي تحددها لجان الحصر والتقدير.. وهذا يعني أن الوحدات غير السكنية التي تصل قيمتها حتي 100 ألف جنيه معفاة من الضريبة.. وأضاف أن التعديلات تضمنت أيضا النص صراحه علي إعفاء المسكن الخاص للأسرة من الضريبة بشرط ألا تزيد قيمته السوقية علي 2 مليون جنيه وهو ما يؤكد عدم المساس بمحدودي ومتوسطي الدخل.. وأوضح الوزير أنه إذا كانت الوحدة السكنية تبلغ قيمتها 4 ملايين جنيه فإن الضريبة تحصل علي ال 2 مليون الاضافية وليس علي قيمة العقار الكلية. وتصبح قيمة الضريبة السنوية 2640 جنيهًا فقط وهو ما يعني تخصيص 660 جنيهًا لصندوق تطوير العشوائيات و660 جنيه أخري لتطوير المحليات.. وأكد الوزير أن إيرادات الضريبة العقارية المحصلة سيتم توجيهها بنسبة 25% للمحافظات كمورد اضافي لها يساعدها علي تنفيذ مشروعاتها و25% لصندوق تطوير العشوائيات التي تحتاج إلي مزيد من الموارد لإعادة تخطيطها وتطويرها بالاضافة إلي 50% توجه للخزانة العامة للدولة ليتم إنفاقها علي تطوير التعليم والصحة والتأمينات وإقامة مشروعات تنموية بالمحافظات.. ومن جانبه طالب اتحاد الصناعات بتحصيل الضريبة بدءا من يوليو 2013 بدلا من يناير 2008 وإعفاء المصانع المتوقفة عن الانتاج لأسباب مادية من دفع الضريبة. كما طالب اتحاد الصناعات بعدم احتساب الضريبة العقارية علي المساحة الكلية المخصصة للمنشآت الصناعية وفرضها علي الأجزاء المستغلة فقط.. كما طالب الاتحاد بضرورة تمثيل الاتحاد في لجان الحصر والتقدير.. وأن يتم التقييم للمنشآت الصناعية والسياحية والبترولية والمطارات والموانئ والمناجم والمحاجر وما في حكمها من منشآت ذات طبيعة خاصة بغرض تحديد وعاء الضريبة والقيمة الايجارية السنوية لها وذلك بقرار من وزير المالية بالاتفاق مع الوزير المختص خلال 3 أشهر من تاريخ العمل بالقانون.. طالب عمر صبري عضو الجمعية المصرية للخبرة والتنمية والتصفية بتعديل لجان الحصر والتقييم ولجان الطعن لتفعيل قانون الضريبة العقارية وخبراء التقييم العقاري وذلك لضمان الشفافية والنزاهة والحيادية وعدم التعسف في اتخاذ القرارات حيث تخلو اللجان من الخبراء المختصين الذين يقومون بأعمال التقييم بشكل موضوعي. وأضاف صبري إن قانون الضريبة العقارية الجديد للقانون 196 لسنة 2008 سوف يضم المنشآت الصناعية والعمارات والمنشآت السكنية بالمدن العمرانية الجديدة ويفرض عليها ضريبة لتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية.. وأشار إلي أن حجم الموارد المتوقعة من تطبيق الضريبة العقارية يتراوح ما بين 5 إلي 7 مليارات جنيه.. وسوف تخضع الفيللات والشاليهات للضريبة. .. وانقسم الخبراء إلي ما بين مؤيد ومعارض للضريبة العقارية وأوضح الدكتور فخري الفقي الخبير الاقتصادي أن الحصيلة المتوقعة من قانون الضرائب العقارية الجديد قد تزيد علي 4 إلي 5 مليارات جنيه سنويا. وأضاف أن التعديلات الجديدة علي القانون ستصب في مصلحة الموازنة العامة.. وإن عدد اللجان سوف يصل إلي 22 لجنة في مختلف أنحاء الجمهورية لتقييم العقارات سيحقق العدالة الاجتماعية لجميع فئات الشعب.. وإن القانون بالأساس تم وضعه لعدة أسباب شراء العقارات من أجل التهرب من الضرائب المفروضة علي قنوات الاستثمار الأخري.. وأن قيام رجال الأعمال بعمليات تسقيع العقارات والمضاربات الضارة فرضت علي الحكومة ايجاد قانون للسيطرة علي تلك الممارسات. وفي رأي آخر اعترض يحيي ماهر الخبير العقاري في تصريحاته مؤكدا أنه كان لابد من الأخذ بالمقترحات التي تم عرضها علي وزارة المالية في الاعتبار والتي من بينها إعفاء المسكن الخاص من الضريبة ودون حد أقصي لسعر الوحدة.. واعتد أن امتلاك وحدة سكنية خاصة حق يكفله الدستور وبالتالي لا يمكن فرض ضريبة عليه طالم لم يستغل تجاريا.. وأضاف: فرض ضريبة علي العقارات ليس بدعة والعديد من الدول فرضتها ومصر في احتياج لموارد جديدة لسد احتياجاتها لكن يجب الأخذ في الاعتبار مصالح المواطنين.. وإن هناك مواطنين ورثوا وحدات سكنية ذات قيمة عالية ويعيشون فيها الآن وقدراتهم المالية محدودة لا تمكنهم من دفع الضريبة. وقال طارق فراج الرئيس السابق لمصلحة الضرائب العقارية ل'الأسبوع': إن قانون الضريبة العقارية يقوم بتحقيق العدالة الاجتماعية وذلك بتطوير العشوائيات.. ويتساءل طارق فراج: 'لماذا يضن المواطن القادر الذي يسكن في فيللا أو قصر يصل ثمنه إلي 40 أو 50 مليون جنيه عن دفع الضريبة لصالح علاج عجز الموازنة العامة للدولة'؟!. واضاف 'إن هناك ما يقرب من 1800 لجنة للحصر والتقدير وسوف تعمل بأساليب علمية حديثة وتعتمد علي معايير مستوي البناء والموقع الجغرافي والخدمات.. وسوف تقوم بجمع البيانات الحقيقية من الواقع ومن أمام العقار وتقديره إذا كان فاخرًا أو متوسطًا.. ووقوعه علي شارع رئيسي أو فرعي.. وملحق به حديقة أو يطل علي مقابر.. وأيضًا صرف المياه النقية والتليفونات وأيضًا مستوي البيع والشراء لقيمة متر الأرض في المنطقة. وأشار طارق فراج إلي أن 'هناك القانون رقم 29 لعام 2008 الذي ينص علي أن الدولة لا تقوم بتحصيل الضريبة العقارية من الورثة للقصور والذين هم غير قادرين علي دفع الضريبة مثل الأرامل وغيرهن. وأكمل طارق فراج.. إن سعر السوق يأتي من ضمن العوامل في عملية تقدير الضريبة، كما أنه يجوز الطعن علي قرار اللجان خلال 60 يومًا من استلام الإخطار، كما أنه ينظر في الطعن خلال 30 يومًا. وأضاف فراج: 'إن الأراضي الفضاء لا تخضع للضريبة ولكن الأراضي المستغلة التي عليها أسوار أو بدون أسوار تخضع للضريبة وكذلك العقارات المقامة عليها.. وأن مصلحة الضرائب استجابت لطلب اتحاد الصناعات بوجود ممثلين عن الاتحاد في اللجان وأيضًا للبند 13 من التوصيات'. وصرح عمرو الجارحي رئيس بنك الاستثمار العقاري سابقًا وحاليًا العضو المنتدب في شركة 'القلعة' للاستثمار ل'الأسبوع': لا داعي لخوف الناس من دفع الضريبة العقارية لأن المسكن الخاص معفي حتي 2 مليون جنيه، وهذا سوف يعفي حوالي 99 % من الشعب المصري من الضرائب لأن نسبة الشقق والفيللات التي تبلغ قيمتها 4 أو 5 ملايين جنيه نسبة قليلة. وأضاف: 'إن قانون الضرائب الجديد يعالج أخطاء الماضي وسوف تعود فائدته علي الفقراء فمثلاً عند تشكيل لجان الحصر والتقدير سوف يظهر المواطن الذي يمتلك أكثر من منزل أو عقار ويعفي من مسكنه الخاص وحتي 2 مليون جنيه ويدفع ما هو أكثر من هذا'. وأكمل 'إن القانون الجديد حقق العدل فإذا كان دفع الضريبة جزافيًا وبقيمة 5 % أو 10 % من قيمة العقار سنويًا كانت قيمته سوف تذهب ولكن التعديلات الجديدة تقرر دفع الضريبة علي ما هو أكثر من 2 مليون جنيه وتعتبر قيمة الضريبة مبلغًا بسيطًا سنويًا. وأضاف 'الدولة كانت تري عدم رفع الدعم لمصلحة الفقراء بينما في الحقيقة هي تقوم بجلب الضرر ووقوعه عليهم وذلك بإهلاك موازنة الدولة في ديون يومية وعليها فوائد وعدم قدرة الدولة علي القيام بمشروعات أو إصلاح للتعليم أو الصحة أو أي شيء آخر! وأكد عمرو الجارحي أن أسعار العقارات ترتفع حاليًا ولكن هذا غير مرتبط بالضريبة العقارية ولكن بسبب زيادة الحركة في سوق بيع العقارات بعد الاستقرار النسبي ووجود رئيس للجمهورية.