الشئون النيابية تنشر ضوابط التصويت الصحيح في انتخابات مجلس النواب    بدء التصويت بالداخل في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025    لليوم العاشر.. التموين تواصل صرف مقررات نوفمبر حتى 8 مساء    ننشر الجديد في أسعار الذهب اليوم في مصر| عيار 21 وصل لكام؟؟    الإحصاء: ارتفاع أسعار قسم الرعاية الصحية بنسبة 27.7% خلال عام    125 مليون دولار صادرات الصناعات الغذائية إلى السوق الكويتي    31 قتيلا وإصابة العشرات فى أعمال عنف داخل سجن بالإكوادور    إعلام عبري: ويتكوف وكوشنر يجتمعان مع نتنياهو اليوم لبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة    وزير الخارجية يطالب نظيره المالي ببذل أقصى الجهود للعمل على إطلاق سراح المصريين الثلاثة المختطفين    سان جيرمان يتصدر ترتيب الدوري الفرنسي بعد الجولة ال 12    بعد تتويج الأهلي بالسوبر.. توروب يسافر إلى الدنمارك لقضاء إجازة    حركة المرور اليوم، سيولة بالدائرى ومحور 26 يوليو وزحام بشارعى الهرم وفيصل    «الأرصاد»: طقس اليوم خريفي مائل للبرودة.. والعظمى بالقاهرة 28 درجة    مازن المتجول: أجزاء فيلم «ولاد رزق» مثل أبنائي.. ولا يوجد تأكيد لجزء رابع    اللجان الانتخابية بدائرة الهرم والعمرانية تستعد لاستقبال الناخبين في انتخابات مجلس النواب 2025    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    أسعار البيض اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    بعد 40 يوما .. مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون تمويل الحكومة لإنهاء الإغلاق الحكومى    التعليم تحدد مواعيد امتحان شهر نوفمبر لصفوف النقل والدرجات المخصصة .. اعرف التفاصيل    «العمل» تواصل اختبارات المتقدمين للفرص في مجال البناء بالبوسنة والهرسك    6 ملايين مشاهدة لأغنية "سيبتلي قلبي" ل أنغام على يوتيوب (فيديو)    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب    وزير المالية: بعثة صندوق النقد تصل قريبًا ومؤشراتنا مطمئنة    نقل محمد صبحي للعناية المركزة بعد إغماء مفاجئ.. والفنان يستعيد وعيه تدريجيًا    هاني رمزي: تجاهل زيزو لمصافحة نائب رئيس نادي الزمالك «لقطة ملهاش لازمة»    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    «محدش كان يعرفك وعملنالك سعر».. قناة الزمالك تفتح النار على زيزو بعد تصرفه مع هشام نصر    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    عدسة نانوية ثورية ابتكار روسي بديل للأشعة السينية في الطب    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    تقرير - هل يتراجع المد اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين في هولندا بخسائر فيلدرز؟    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب    ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    «مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر    الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    ميشيل مساك لصاحبة السعادة: أغنية الحلوة تصدرت الترند مرتين    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم    كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



'الإخوان' و'متلازمة رابعة' !!

لا يزال اعتصام 'الماسادا' شعاراً ورمزاً وطنياً عند اليهود بعد مرور ما يقرب من عشرين قرناً علي أحداثه التي انتهت بانتحار جماعي للمعتصمين اليهود الذين رفضوا التفاوض أو الاستسلام للقوات الرومانية.. ولا تزال مقولة: 'لن تسقط مسادا ثانية' من الشعارات الوطنية التي يرفعها اليهود للتأكيد علي بطولاتهم في الصمود والدفاع عن الوطن، رغم ما أحاط بأحداث اعتصام الماسادا من شك وريبة، ورغم التساؤلات التي دفعت البعض إلي القول بأن الانتحار الجماعي في نهاية الأحداث كان اسطورة، وضرباً من الخيال!!
و'الماسادا' أو مسعدة، وينطقونها بالعبرية 'مِصَادَة أو مِتْسَادَاه'، هو اسم جبل يطل علي الساحل الغربي للبحر الميت، شرقي منطقة النقب الصحراوية. ويبلغ علو قمة الجبل 450 مترا فوق سطح البحر، و في قمة الجبل يقع الموقع الأثري الذي يحمل اسم 'ماسادا' ويضم بقايا قلعة قديمة وقصرا محصنا تم بناؤهما في نهاية القرن الأول قبل الميلاد بأمر ملك مملكة يهوذا هيرودس الكبير ليلجأ إليها في حالة الخطر.. لكنها صارت ملاذاً آمناً لليهود الذين فروا من اضطهاد الرومان !!
وقد وردت قصة 'الماسادا' في كتاب 'تاريخ حرب اليهود ضد الرومان للمؤرخ اليهودي الروماني يوسيفوس فلافيوس الذي اشترك في التمرد اليهودي علي الرومان ثم سلم نفسه وتعاون معهم.. وفي 'ويكيبيديا – الموسوعة الحرة' قالوا عن 'الماسادا' إنه '.. في عام 66 ميلاديا، تمكنت مجموعة من اليهود المتمردين علي الرومان من الإستيلاء علي قلعة 'مسادا' وانتزعوها من الجيش الروماني الذي كان مرابطا فيها. وكانت هذه المجموعة من المجموعات الأكثر تطرفا بين المتمردين اليهود، وتعرف باسم 'السيكاري' بقيادة إليعازر بن يائير.. وعندما نجح الرومان في قمع التمرد وتدمير مدينة أورشليم 'القدس'، طرد أهالي القدس أنصار السيكاريين مع عائلاتهم من المدينة، ففروا هاربين إلي قلعة مسادا.
وفي الفترة 70 و72 ميلاديا تحولت إلي قاعدة أو 'مقر اعتصام الماسادا' علي بلدات يهودية ورومانية في المنطقة، وكانت مسادا آخر المواقع التي استولت القوات الرومانية عليها في حملتها لقمع التمرد اليهودي عام 73 ميلاديا، حيث فرض عليهم الجيش الروماني حصارا استمر 3 أشهر تقريباً، ورفض المعتصمون في القلعة الاستسلام وكان عددهم 960 رجلا وامرأة وطفلا، واختاروا أن يقوموا بقتل أنفسهم، في عملية انتحار جماعي، فأصدروا أمراً أثناء اقتحام القوات الرومانية لمقر الإعتصام بأن يقتل الواحد منهم تسعة ثم ينتحر وقبل الانتحار قاموا بتدمير مخازن الغذاء وإتلاف ما تبقي في القلعة من نبات وحيوان.
وبقي موقع 'ماسادا' أثراً تاريخيا، وأقام فيه اليهود نصباً تذكارياً وشعلة لا تنطفئ، ليذهب إليه القادة العسكريون عند أداء قسم الولاء وأصبح الموقع مزاراً سياحيا، وسجلته منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة في عام 2001 موقعاً للتراث العالمي.
ومن واقعة الانتحار الجماعي وتدمير الذات يتخذ اليهود 'المسادا' شعاراً لهم حتي الآن، وهذا ما يصفه علماء النفس بمتلازمة 'الماسادا' أو عقدة الماسادا 'Masada Syndrome'.
وقد استخدم علماء النفس مؤخراً اسم 'متلازمة الماسادا' للتعبير عن الحالة النفسية المرضية لجماعة 'الإخوان' وتابعيهم الذين يتخذون من مأساتهم في اعتصام 'رابعة' بالعاصمة المصرية القاهرة، شعاراً ورمزاً لما يعتبرونه صموداً رغم أن قياداتهم سارعت بالفرار إلي أقرب ملاذ آمن وتركت المعتصمين يواجهون مصيرهم!!
وكان مقر الاعتصام في محيط مسجد 'رابعة العدوية' ملاذا آمناً لقيادات جماعة الإخوان التي صدرت بحقها قرارات ضبط وإحضار من النيابة العامة بعد الثالث من يوليو 2013.. ومنذ ذلك التاريخ تحول مقر الاعتصام في 'رابعة' إلي مركز عمليات تنطلق منه خطة التنظيم الإخواني لإعادة الرئيس المصري المعزول إلي الحكم، وبالتوزاي مع 'رابعة' حشد 'الإخوان' فريقاً آخر من حلفائهم وتابعيهم في اعتصام ثان بميدان 'النهضة' ومحيط جامعة القاهرة، وتمسك 'الإخوان' وعلي مدار 47 يوماً بعدم الاستجابة إلي أي نداء يطالبهم بفض الاعتصامين، وأغلقوا الباب أمام أية محاولات للتفاوض، وأحاطوا أنفسهم بالمتاريس وقوات الردع التي قاموا بتشكيلها منذ اليوم الأول في الاعتصام وقرروا الدخول في مواجهة غير عادلة مع قوات الشرطة التي حددت موعداً نهائياً لفض الاعتصامين في صباح الرابع عشر من أغسطس 2013، واختار 'الإخوان' لتابعيهم الانتحار الجماعي وانتهي الاعتصامان إلي سقوط المئات من القتلي والمصابين ممن تم دفعهم إلي مهاجمة قوات الجيش والشرطة في 'رابعة'، و'النهضة'!!
ورغم أن 'الإخوان' فشلوا في تحقيق وعودهم بإعادة الرئيس المعزول إلي الحكم خلال ساعات ثم أيام ثم أسابيع، ورغم أنهم فقدوا حسب قولهم الآلاف ما بين قتيل ومصاب أو سجين إلا أنهم اتخذوا من 'رابعة' رمزاً لما يقولون أنه كان صموداً وعملاً بطوليا، كما اتخذ اليهود من 'الماساداً ' شعاراً ورمزاً وطنيا، ومن هنا جاء وصف الحالة النفسية المرضية لجماعة 'الإخوان' وتابعيها ب 'متلازمة رابعة' أو عقدة 'رابعة' !!
وعن 'متلازمة رابعة' قال الدكتور أحمد جمال ماضي أبو العزائم أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر في برنامج 'مساء الخير' علي قناة سي بي سي 2 ' مساء 22 ابريل 2014 إن 'متلازمة 'رابعة' مرض يعاني منه 'الإخوان' حيث ان الارتباط برمز ليس له معني يعد مرضاً مدمراً، وذلك بالإضافة إلي أن الإنسان الذي يكرر علي نفسه آلامه يحتاج إلي مراجعة نفسية عميقة'.
ويتفق معه في هذا الرأي الدكتور علي النبوي استشاري الطب النفسي بجامعة الأزهر بالقاهرة الذي يري أن استخدام 'الإخوان' لشعار 'رابعة' حالة نفسية مرضية، ويؤكد أن اعتصام 'رابعة' قام علي مضمون فكرة ضلالية - مغايرة للواقع الحقيقي- حيث استخدمت جماعة 'الإخوان' خطاباً انفعالياً علي منصة 'رابعة' يوحي للمعتصمين بأن الجيش والشرطة ومؤسسات الدولة هم أعداء الإسلام والمشروع الإسلامي، وأن المعتصمين في جهاد ورباط لإعادة الدولة الإسلامية، ومن هنا كانت عملية تزييف الوعي التي أحاطت بالمعتصمين.
واعتمدت جماعة 'الإخوان' في الاعتصام علي فكرة الحشد.. والحشد معناه تحويل الكتلة المتفرقة الي شخص واحد، مع تحديد الهدف فيظهر التضخم، ويهتف الجميع هتافاً واحداً بنمط واحد، فيشعرون بقوتهم، ومع الهتاف يزداد الحماس، وفي وقت الحماس يتم افراز ناقلات عصبية مثل الأدرينالين الذي يتم افرازه وقت الغضب والانفعال، ويزداد هذا الغضب عند الشباب لأن هرمون التسترون يحفز الناقلات العصبية التي تشجع علي شيئين: الأول عدم ادراك الواقع الحقيقي، وتغيير الواقع وبث أفكار ضلالية.
والثاني: هو الجرأة التي تصل إلي حد التهور، فيتصرف الواحد منهم تصرفات انفاعلية فتراه ينام مثلاً أمام دبابة أو يقذف جنديا مسلحا بحجر دون أن يبالي بما في يد الجندي من سلاح ناري ودون أن يبالي بقوات الجيش والشرطة، وكان هؤلاء يقدمون علي ما فعلوه دون حسابات للأرباح أو الخسائر الناتجة عن أفعالهم !!
ويقول الدكتور علي النبوي : 'من هنا رفض بعضهم فض الاعتصام ولم يستجيبوا للنداء المتكرر من قوات الشرطة التي فتحت لهم ممرات آمنة خرج منها الآلاف، وبقي في الاعتصام من تمسكوا بالموت لأنه كان يسمع من قياداته ورموزه أن الرصاصة التي اخترقت جسد زميله كانت اختياراً ربانياً نقله من الدينا إلي الجنة، وسقط بعضهم ضحايا لتزييف الوعي والأفكار الضلالية، واختار الموت بديلاً عن الاستسلام.. وسقط بالفعل شباب من أنقي وأطهر الشباب لكنهم كانوا للأسف ضحايا لقيادات نرجسية كانت أول من هرب من موقع الاعتصام وتم القبض علي أكثرهم في مواقع آمنة بعيداً عن الاعتصام وما وقع فيه من أحداث.
ودفع التنظيم تابعيه إلي الموت الجماعي وتدمير الذات منذ بداية فض الاعتصام وما تلاه من أحداث دامية لتكون متلازمة 'رابعة'، كما كانت من قبل متلازمة 'الماسادا' مع الاختلاف بين الضحايا في الحالتين!!
ويري الدكتور علي شوشان استشاري الطب النفسي أن الوصف المناسب للحالة النفسية ل'إخوان رابعة' هو 'متلازمة الماسادا' فما أتوه من أفعال وما يقومون به لم يكن سوي أعمال انتقامية ورغبة في تدمير الذات وتعذيب الآخرين.
ويقول الدكتور علي شوشان إن 'اخوان رابعة' يقاتلون في المعركة الأخيرة، ويتمسكون بالاستمرار فيها حتي الموت أو الانتحار الجماعي، مثلهم مثل يهود 'الماسادا'، واصبح الإخواني ومن يتبعه بين اختيارين إما أن نموت نحن أو يموت هو !!
ويؤكد الدكتور علي شوشان أن مواقف 'الإخوان' في اعتصام 'رابعة' وما بعده كانت هي التطرف بعينه.. فالتطرف أسلوب مُغلق للتفكير يتسم بعدم القدرة علي تقبل أية معتقدات تختلف عن معتقدات الشخص أو الجماعة أو علي التسامح معها، فهو يعتقد أن جماعته هي جماعة الصلاح والإصلاح والفرقة الوحيدة الناجية من النار، ومن خرج عنها فهو فاسد هالك في الدنيا والآخرة، ولا تستمد المعرفة إلا من جماعته ولا سبيل لصلاح الكون إلا سبيل هذه الجماعة، ولذلك يسعي المتطرف إلي فرض اعتقاده بالقوة والعنف، ولا يقبل رأياً لمخالف إلا علي سبيل التقية التي تتيح له التمكين لجماعته.
و لدي أصحاب الفكر المتطرف والسلوك التدميري توجهات وقناعات فكرية معينة لا يرغبون في التخلي والتنازل عنها ومناقشتها مع الآخرين، ويشعر المتطرف بالاغتراب السلبي والعزلة، ويعاني من مشكلات واضطرابات في العلاقات مع الآخرين، وقد يدفعه ذلك إلي القيام بسلوكيات مؤلمة، من بينها العنف والسلوك التدميري تجاه الذات أو تجاه الآخرين.
ويعاني الإخواني من التطرف المعرفي الذي يدفعه إلي أن ينغلق علي فكرة أو أفكار معينة يعتبرها من الثوابت المطلقة التي لا تقبل المناقشة فيها أو الاختلاف حولها، وهو في هذه الحالة لا يلغي وظيفة عقله فقط في تمحيص هذه الفكرة أو الأفكار بل إنه يلغي أي رأي آخر مخالف، ولا يسمح لمخالفه بأن يدخل مجال وعيه!!
ويري الدكتور علي شوشان أن اضطراب الشخصية البارانوي يؤدي بهؤلاء إلي ما هم عليه الآن لذلك تري في المتطرف صفات الشخص المتعالي المتسلط الذي يري أنه جدير وحده بتوجيه الناس إلي ما يريد، وأن الناس كل الناس عليهم أن يسمعوا خاضعين لرأيه، وإذا اعترضوا فلابد من قهرهم ولو بالقوة إرضاء لرغباته ونقائصه الذاتية.
ويجد 'إخوان رابعة' بيئة خصبة لنشر أفكارهم الدينية، والسياسية في أرض القري والمدن التي ينتشر فيها التدين المرتبط بالاضطرابات النفسية، ويري الدكتور علي النبوي استشاري الأعصاب والطب النفسي بجامعة الأزهر أن في مصر الآن عدة أنواع من التدين المرتبط باضطرابات نفسية منها : التدين الذهاني، والتدين الهستيري أو الإستعراضي، والتدين السيكوباتي، والتدين الضلالي، والتدين الحدي 'Border line'، والتدين النرجسي.. والأخير هو الذي نحن بصدده في الحديث لأن التدين النرجسي هو الذي تظهر به جماعة 'الإخوان' والجماعات السلفية.. فأمثال هؤلاء يعتقدون أن تدينهم هو الحق المطلق والهادي، ويعتقد كل منهم أنه الفرقة الناجية، وما عداه فهو باطل هالك.. فيعتقد الإخواني أن تدينه يجمع بين الدين والدنيا، ويري أن فكرته أكثر عمقاً من غيره لأنها فكرة عالمية تستهدف إقامة الدولة الإسلامية ثم الخلافة – من وجهة نظره - ولا يهتم الإخواني بالمظاهر كارتداء الجلباب القصير وإطالة اللحية.. أما السلفي فهو نرجسي أيضاً لأنه يعتقد أنه الوحيد الملتزم بنهج السلف الصالح، ويعتقد أيضاً أن جماعته هي الفرقة الناجية ويهتم بالمظاهر كالجلباب الأبيض القصير واللحية بالغة الطول.
والنرجسية اضطراب في الشخصية، وتعني حب النفس، ويتميز صاحبها بالغرور، والتعالي، والشعور بالأهمية ومحاولة الكسب ولو علي حساب الآخرين.
ويقول الدكتور علي النبوي إن التدين الحقيقي يختلف عن كل الأنواع المرتبطة بالاضطرابات النفسية، فهو نمط وسطي لا يعادي غيره وهو تدين علي هدي الرسول صلي الله عليه وسلم، ومثاله منهاج الأزهر الشريف، وعلماؤه الذين لا ينتمون لتيارات بعينها ولا يعرفون من الأسماء والمسميات غير أنهم مسلمين، والله تبارك وتعالي يقول : '.. مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَي النَّاسِ.. '.
والتطرف هو أحد أوسع الأبواب التي تؤدي إلي الإرهاب وقد أثبتت الدراسات والبحوث أن 95% من حالات الإرهاب، والإرهاب المنظم، التي اجتاحت العالم العربي خلال الخمسين عاماً الماضية كانت نتاجاً للتطرف.
وفي دراسة تحت عنوان 'أسباب الإرهاب والعنف والتطرف' تري الدكتورة أسماء عبد العزيز الحسين، أستاذ الصحة النفسية المساعد، بكلية التربية للبنات بالرياض بالمملكة العربية السعودية أن 'الإرهابي شخص يرفض الواقع ويسعي لمحاربة المبادئ والمعتقدات السائدة' وترصد الدراسة ما يعاني منه الإرهابي من أعراض وأمراض تؤدي به إلي تدمير ذاته وتدمير الآخر.. ومنها:
- هذاءات العظمة:
وتعد هذاءات العظمة – حسب الدراسة - عاملا نفسيا، يمكن أن ييسر التورط في عنف أو حرب مدمرة، ويؤدي إليها. فهذاءات العظمة هو عرض مرضي عقلي، ويعني اعتقادا يسود فكر المريض بأنه شخص عظيم، دون أن يسند هذا الاعتقاد واقع يدعمه منطق ولقد كان 'أدولف هتلر' مثلا واضحا لهذه الشخصية في إدارة الحرب ضد عدوه. فلقد غالي في تقدير قوة جيشه وكفايته في إدارة دفة الحروب غلوا كبيرا فكان من نتيجة هذا التصرف الجنوني أن تسبب في فقدان حياته الشخصية، وتدمير بلده. وفوق كل هذا فإن تصرفه هذا أدي إلي تقسيم ألمانيا إلي بلدين منفصلين هما ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، ولقد أصبحت هاتان الألمانيتان متضادتين في توجهاتهما السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولقد كان من الممكن أن تتورط إحداهما في حرب ضد الأخري، لولا أن انتهي الأمر إلي التوحد في دولة واحدة.
- هذاءات الاضطهاد:
تعد هذاءات الاضطهاد من أعراض المرض العقلي، ويمكن أن يحفز الرئيس أو القائد المضطرب إلي بدء حرب أو شن إرهاب أو عمل إرهابي، أو إلي تفضيلها. ففي هذا الاضطهاد يعتقد القائد في دعاوي زائفة بأن الآخرين يكيدون للإضرار به، أو تدميره هو، أو بلده الذي يحكمه ويقوده، أو إلي فكره أو منطقه أو قيمه التي يؤمن بها، ولذا فإنه يصبح متشككا ويفضل أن يأخذ موقف الهجوم ويبدأ خطواته عن أن يأخذ موقف الدفاع. ففي مثل هذه الحالة، قد نجد بلده أو جماعته أو فريقه، يتورط بسهولة في حرب أو عمل إرهابي. ويلحظ أن هذاءات الاضطهاد هذه قد تكون مصحوبة بهذاءات عظمة فيكون أيسر علي القائد أو جماعته التورط بأساليب العنف أو الحروب أو لا تكون مصحوبة بهذاءات العظمة.
وتتحدث الدكتورة أسماء الحسين في دراستها عن الشخصيات المتبلدة أو الفصامية التي تتكون منها التنظيمات الإرهابية فتقول:
'الشخصية المتبلدة أو الفصامية هي العامل النفسي المهم والأخير من العوامل النفسية لظهور العنف والإرهاب والتطرف وهذه الشخصية تمثل حالة مرضية تجعل صاحبها منفصلا عن الواقع، مخطئا في تقدير ظروفه، خاليا من المشاعر، وغير مكترث بشيء 'أي غير مبال'.
فإذا كان قائد البلد أو رئيسه له هذا النمط من الشخصية فإنه سوف يسيء تقدير العوامل السياسية وغيرها من ظروف الواقع وملابساته، والتي تعد ذات أهمية قصوي 'في تقدير المواقف واتخاذ القرارات المصيرية خاصة' كما أنه سيكون أيضا غير مكترث بالتدمير الذي سيقود بلده أو جماعته إليه، أو سيلحقه بعدوه.
وفي 'ورقة مقدمة للمؤتمر الدولي الرابع المنعقد بمدينة فيفاي vevey بسويسرا' عام 2005 يتناول الدكتور طارق محمد الطواري الأستاذ المساعد بكلية الشريعة جامعة الكويت أسباب ومظاهر وعلاج التطرف والغلو، فيقول إن من أسباب الغلو: 'الهوي المؤدي للتعسف في تأويل النصوص ولي أعناق الآيات والأحاديث طلبا للشهرة والرياسة والزعامة وقد وافق ذلك نفسية مريضة منحرفة فهي تميل إلي العنف والحدة والانحراف مما يؤدي إلي إسقاط الثقة بالعلماء، ويستقل الإنسان بنفسه وفهمه ورأيه.
ويتحدث الدكتور طارق الطواري عن ظاهرة الغلو فيقول إنها تورث آثارا سيئة منها :
1 الإفراط في التدين لإثبات الذات وإظهارها بأنها مميزة عن الآخرين.
2 التفريط الذي يؤدي إلي الكفر والإلحاد فلا يبقي للإنسان فضيلة في نفسه وقد يلجأ للهروب من الواقع ويتعاطي المخدرات والمسكرات كعلاج لهذا الواقع المرير.
3 التعصب للرأي وعدم الاعتراف بالرأي الآخر، مما يؤدي إلي إلزام الناس بما لم يلزمهم الله به وقد يؤدي ذلك إلي الغلظة والخشونة وإيذاء الآخرين.
ورغم كل الآراء والدراسات والبحوث التي تتفق علي أن 'إخوان رابعة' ومن سار علي دربهم يعانون من اضطرابات نفسية تؤدي بهم إلي تدمير الذات وتدمير الآخر.. إلا أنهم يتمسكون بالإنكار المرضي ويستمرون في الصعود المتسارع إلي الهاوية التي لا تختلف عن هاوية الماسادا!!
**
البرقية الثانية إلي الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف:
في العدد الماضي من جريدة 'الأسبوع' كانت برقيتي إليكم حول مشروع إنارة المساجد بالطاقة الشمسية، ويوم السبت الماضي طالعنا تصريحكم الصحفي بشأن هذا المشروع والذي جاء فيه: 'إن وزارة الأوقاف المصرية لديها خطة لإنارة المساجد عن طريق استخدام الطاقة الشمسية، وستبدأ الوزارة ب10 مساجد علي مستوي الجمهورية بالتعاون مع العديد من المستثمرين لتعميم تلك التجربة، كما سيتم استغلال فائض الطاقة المتولدة في تغذية الشبكات الرئيسية للطاقة'.. شكراً لكم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.