رحل عن عالمنا فجر هذا اليوم أحد رموز وأقطاب فن الكاريكاتير بمصر والعالم العربي الفنان مصطفي حسين عن عمر يناهز 79 عام بعد صراع مع المرض، ورغم ذلك استطاع أن يضيء بأعماله الفنية الراقية جريدة الأخبار ويعطي لها من خلال كاريكاتيره بالصفحة الأخيرة نكهة مصرية خالصة جمعت حولها الكثير من محبيه ومحبي فن الكاريكاتير المصري بلمسة فريدة ومتميزة انتقد من خلال رسومه وشخصياته مراحل وأوضاع سلبية بالمجتمع خلال العهد السابق، كما تميز بعرض أفكاره ومزج فيها السياسة بالنواحي الاجتماعية والاقتصادية والسخرية والنقد لكثير من شتي مناحي الحياة، ولهذا فقد كان قريبا من المصريين وبخاصة الطبقات الاجتماعية الفقيرة والمهمشة ونقل عن طريق كاريكاتيره اليومي الكثير من آلامها وأحلامها ونقلها إلي المسئولين حتي اشتهر في تلك الأعمال بتقديمه لشخصية شهيرة عرفها جميع المصريين وهي فلاح كفر الهنادوة التي عبر من خلالها عن أحاديثه للرئيس والوزراء وكان أشهرها ما قدمه من صرخات وانتقادات موجه علي لسان الشعب وطبقاته المختلفة إلي حكومة الراحل عاطف صدقي، كما قدم الكثير من الشخصيات النمطية والشهيرة التي اختصت بها أعماله الفنية ومنها عبده مشتاق، والكحيت، وعزيز بك الأليط، وعبد الروتين، وعباس العرسة، وعلي الكومندا، وكمبورة، ومؤخرا سيسي مان وكلها شخصيات استطاع أن ينتقد من خلالها الأوضاع السلبية بالمجتمع ويسخر ويتهكم من خلالها بحلم الناس المطحونة وتطلعاتها إلي المستقبل حتي تحول الكثير منها إلي مسلسلات تليفزيونية كمسلسل ' قط وفار، وناس وناس '، وقد شكل في جريدة الأخبار التي عمل بها منذ عام 1974 وحتي وفاته الكثير من الأعمال الفنية والرسوم المعبرة مشاركة مع الكاتب الشهير أحمد رجب وشكلا معا ثنائيا قويا اختص هو بالريشة واختص أحمد رجب بالأفكار. ولد مصطفي حسين في 7 مارس 1935، وتخرج من كلية الفنون الجميلة بجامعة القاهرة 1953 ثم بدأ حياته الصحفية بالعمل في دار الهلال، وشارك في تصميم غلاف مجلة الاثنين، ثم رسام للكاريكاتير بصحيفة المساء عام 1963م، وبعدها انتقل عام 1974م للعمل بجريدة أخبار اليوم ومجلة آخر ساعة، ومؤخرا انضم لجريدة المصري اليوم لمساهمته الأسبوعية بتقديم كاريكاتير للجريدة، وقد حصل مصطفي حسين خلال مشواره الصحفي والفني لتميزه وتفرد أسلوبه وروعة ريشته علي الكثير من الجوائز والأوسمة والتكريم ومنها نوط الامتياز من الطبقة الأولي عام 1985م، وجائزة الدولة التشجيعية من المجلس الأعلي للثقافة عام 1985م، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 2003م وغيرها من الجوائز وحفلات التكريم داخل مصر وخارجها. من أهم المناصب الرفيعة التي ارتقي إليها بجانب عطائه الفني المتدفق اختياره رئيسا للجمعية المصرية للكاريكاتير عام 1993م، والإشراف علي الإدارة الفنية لوكالة أنباء الشرق الأوسط ورئيس مجلة الكاريكاتير عام 1989م، ثم اختياره كنقيب للفنانين التطبيقيين، ويذكر أنه كان قد اختير لتصميم وسام نجمة سيناء التي تقلدها الرئيس السادات لإبداعه في إخراجها علي نحو رائع، كما أنجز العديد من رسوم كتب الأطفال في مصر والعالم العربي، وقد صمم أيضا أفيش الدورة السادسة والعشرين لمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، وله العديد من المقتنيات الفنية العالية القيمة في فن الرسم بمتحف الفن الحديث، والمعهد العالي للموسيقي العربية، والمحكمة الدستورية العليا وغيرها من الأماكن. وكان مصطفي حسين قد عاد مؤخرا إلي مصر من إحدي المستشفيات بالولايات المتحدةالأمريكية بعد استكمال علاجه إلا أنه قد وافته المنية فجر اليوم ليغيب عن عالمنا ويتم تشييع جثمانه لمثواه الأخير بعد صلاة الظهر اليوم من مسجد السيدة نفيسة بالقاهرة مع الكثير من أحبائه ورفاقه ومريديه، رحم الله هذا الفنان والصحفي الكبير الذي قلما يجود الزمان بمثله وأسكنه فسيح جناته.