لا يزال كثيرٌ من أعماله محتفظة بشعبيّته حتي اليوم. تميَّز أسلوبه بالدُّعابة البارعة والسخرية اللاذعة. صوَّر حياة الفقراء، وحمل علي المسؤلين عن المياتم والمدارس والسجون حملةً شعواء. حين كتب 'أوليفر تويست'و'قصة مدينتين'و'دايفيد كوبرفيلد'و'أوقات عصيبة' كان عضواً بالجمعية الملكية للفنون، وناشط اجتماعي، وعُرف باسمٍ مستعار هو 'بوز'. لم تتوقف طباعة روايات ديكنز وقصصه القصيرة بسبب شعبيته، ظهر عديد من روايات ديكنز في الدوريات والمجلات بصيغة مسلسلة، وكان ذلك الشكل المفضل للأدب وقتها. وعلي عكس الكثيرين من المؤلفين الآخرين الذين كانوا ينهون رواياتهم بالكامل قبل نشرها مسلسلة، فإن ديكنز كان غالباً يؤلف عمله علي أجزاء بالترتيب الذي يُريد أن يظهر عليه العمل. أدت هذه الممارسة إلي إيجاد إيقاع خاص لقصصه يتميز بتتابع المواقف المثيرة الصغيرة واحداً وراء الآخر ليبقي الجمهور في انتظار الجزء الجديد. ولد ديكنز في 'لاندبورت بورتسي' جنوبإنجلترا في 7 فبراير 1812، لأبوين هما جون وإليزابيث ديكنز وكان ثاني أخواته الثمانية، كان أباه يعمل في وظيفة متواضعة ويعول أسرة كبيرة العدد مما اضطره إلي الدين ولم يستطع السداد فسجن، لهذا ترك ديكنز المدرسة صغيراً وألحقه أهله بعمل شاق بأجر قليل حتي يشارك في نفقة الأسرة، وكانت تجارب هذه الطفولة التعسة ذات تأثير في نفسه فتركت انطباعات إنسانية عميقة في حسه، انعكست فيما بعد علي أعماله. كتب تشارلز عن انطباعاته وتجاربه المريرة أثناء طفولته في العديد من قصصه ورواياته التي ألفها عن الأطفال الصغار الذين عانوا كثيرا ً وعاشوا في ضياع تام بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة التي كانت سائدة في 'إنجلترا' في عصره، ونجد أن شخصيته تجلت بوضوح رغم المشقة التي عاني منها في طفولته حيث كان يستغل أوقات فراغه من العمل، فينكب علي قراءة الكتب كما كان يحرص علي التجول وحيدا ً في الأحياء الفقيرة بمدينة الضباب الاصطناعي 'لندن' حيث الحياة البائسة والخارجة عن القانون في بعض الأحيان. وصف ديكنز هذه الأحياء الفقيرة بكل تفاصيلها ومآسيها، وعندما وصل إلي سن العشرين تمكنت الأسرة أخيرا ً من إلحاقه بأحد المدارس ليكمل تعليمه. وفي نفس الوقت كان يعمل مراسلا ً لأحدي الجرائد المحلية الصغيرة لقاء أجر متواضع أيضا، ولكنه لم يهتم بالأجر فلقد تفاني في هذا العمل الصحفي الذي كان بمثابة أولي خطواته لتحقيق أحلامه فقد كان بمثابة تمرين له علي حرفة الأدب، ولقد أتاح له هذا العمل الصحفي أن يتأمل أحوال الناس علي مختلف مستوياتهم الاجتماعية والأخلاقية فخرج بالعديد من التجارب الإنسانية التي وسعت آفقه ومداركه الأدبية والحياتية. نشر ديكنز ما يزيد عن اثنتي عشرة رواية، وعدداً كبيراً من القصص القصيرة - من ضمنها عدد من القصص التي تدور حول ثيمة عيد الميلاد، وعدداً من المسرحيات. أصدر ديكنز أولي رواياته الأدبية والتي كانت بعنوان 'مذكرات بيكويك' والتي لاقت نجاحا ً ساحقا ً بالفعل وجعلته من أكثر الأدباء الإنجليز شهرة، والتي ازدادت بعد أن توالت أعماله ونشرت في العالم بلغات مختلفة. يدعي ديكنز في أغلب أعماله إلي ضرورة الإصلاح الاجتماعي وإلي تدعيم المؤسسات الخيرية والصحية التي ترعي الفقراء من الناس. كما آمن أن الأحوال المزرية قابلة للإصلاح مهما كان مدي تدهورها، لهذا سخر قلمه للدعوة إلي تخليص المجتمع البشري مما يحيط به من شرور وأوضاع اجتماعية ظالمة. مجد الناقدان غيورغ غيسنغ وجي. كيه. تشسترتون أستاذية ديكنز النثرية، وابتكاراته المتواصلة لشخصيات فريدة، وقوة حسه الاجتماعية. لكن زملاءه الأدباء مثل جورج هنري لويس وهنري جيمس وفيرجينيا وولف عابوا أعماله لعاطفيتها المفرطة، وكذلك بسبب التصوير المبالغ فيه للشخصيات. توفي ديكنز في 9 يونيو 1870 عن عمر يناهز 58 عاماً أثر أزمة دماغية حادة