إعداد: محمد عبد السميع ودعاء رمزي تمرّ السنوات تباعا ويظلّ أدب تشارلز ديكنز يحظى بدرجة رفيعة لم يستطِع أي أديب حتى الآن زحزحته من عليها؛ فلقد اقترب ديكنز من طبقات في المجتمع الإنجليزي لم يقترب منها أي أديب آخر عاصره خاصة انتقاده اللاذع للعصر الفيكتوري الذي ينتمي إليه.
ويُوافق اليوم (الثلاثاء) 7 فبراير الذكرى ال200 لميلاد الكاتب البريطاني تشارلز جون هوفام ديكنز الذي وُلِد عام 1812 وتُوفّي في 9 يونيو 1870، وهو يُعتبر -بإجماع النّقاد- أعظم الروائيين الإنجليز في العصر الفيكتوري، ولا يزال كثير من أعماله يحتفظ بشعبيّته حتى اليوم.
تميَز أسلوبه بالدّعابة البارعة والسخرية اللاذعة، كما صوّر جانبا من حياة الفقراء، وحمل على المسئولين عن المياتم والمدارس والسجون حملةً شعواء.
ولعل أكثر ما يميّز تشارلز ديكنز هو اقترابه في عصر اللوردات من تلك الطبقات الفقيرة التي لم يتحدّث عنها أحد في هذا العصر الذي كان الجميع يتحدّث فيه عن السادة والخدع الخفية في القصور، بينما نأى ديكنز بنفسه عن كل هذه الأمور ليتحدّث عن الطبقية والطبقات المعدمة في عصر كان المسيطر فيه هو الطبقية والعنصرية.
من أشهر أعماله رواية "أوليفر تويست" التي كَتَبها عام 1839، و"قصة مدينتين" عام 1859، و"دايفيد كوبرفيلد" عام 1850، والرواية الشهيرة "أوقات عصيبة".
وديكنز عضو الجمعية الملكية للفنون، كما يُعتبر من أكثر كُتّاب العصر الفيكتوري شعبية ونشاطا اجتماعيا، وعُرف باسم مستعار هو "بوز"، وقد تُوفّي بسبب أزمة دماغية حادة.
وقد أثنى النقاد على شخصياته الفريدة وقوة حسّه الاجتماعي، ولكن من ناحية أخرى وجّه بعضهم اللوم له لعاطفية أعماله المفرطة، والصدف غير المحتملة، والتصوير المبالَغ فيه لشخصياته.
بسبب شعبية روايات ديكنز وقصصه القصيرة؛ فإن طباعتها لم تتوقّف أبدا، وقد ظهر عديد من روايات ديكنز في الدوريات والمجلات بصيغة مسلسلة أولا، وكان ذلك الشكل المفضّل للأدب وقتها.
وعلى عكس الكثيرين من المؤلفين الآخرين الذين كانوا ينهون رواياتهم بالكامل قبل نشرها مسلسلة؛ فإن ديكنز كان غالبا يُؤلّف عمله على أجزاء بالترتيب الذي يُريد أن يظهر عليه العمل، وقد أدّت هذه الممارسة إلى إيجاد إيقاع خاص لقصصه يتميّز بتتابع المواقف المثيرة الصغيرة واحدا وراء الآخر ليبقي الجمهور في انتظار الجزء الجديد.
وقد عاش ديكنز طفولة بائسة؛ لأن أباه كان يعمل في وظيفة متواضعة ويعول أسرته كبيرة العدد؛ لهذا اضطرّ إلى السلف والدين، ولم يستطِع السداد فدخل السجن، لهذا اضطرّ ترك المدرسة وهو صغير، وألحقه أهله بعمل شاق بأجر قليل حتى يشارك في الإنفاق على الأسرة، وكانت تجارب هذه الطفولة التعسة ذات تأثير في نفسه فتركت انطباعات إنسانية عميقة في حسّه، والتي انعكست بالتالي على أعماله فيما بعدُ.