"تأمل النعم التي تمتلكها الآن والتي يمتلك كل إنسان الكثير منها، ولا تفكر في أحزانك الماضية والتي لدى كل منا القليل منها". هذه الكلمات جاءت على لسان أعظم قصاص بريطاني وثاني رجل بين كتاب بريطانيا بعد شكسبير وهو الأديب الذي ترك ثروة أدبية وروائية خالدة علي مر الزمان ، إنه تشارلز ديكنز الذي اتخذ من حياة البؤساء والفقراء والمهمشين عالم خصب لقلمه ، نسج أروع الإبداعات الروائية التي تتحدث عن ضرورة تحسين النظام الصحي العام، وتربية الجماهير الفقيرة، ومحو الأمية، إنه الظاهرة الخارقة كما تصفه الروائية الأمريكية جين سميلي. وقد احتفل محرك البحث جوجل اليوم بالذكرى ال 200 لميلاد الكاتب والروائى " تشارلز ديكنز" والذي يعتبر واحد من أعظم الروائيين الإنجليز في العصر الفكتوري. هو (تشارلز جون هوفام ديكنز) ولد في (لاندبورت بورتسي) في جنوبإنجلترا عام 1812م لأبوين هما جون وإليزابيث ديكنز وكان ثاني أخوته الثمانية .. عاش طفولة بائسة لأن أباه كان يعمل في وظيفة متواضعة لهذا اضطر إلى السلف والدين ولم يستطع السداد فدخل السجن، لهذا اضطر تشارلز لترك المدرسة وهو صغير وألحقه أهله بعمل شاق بأجر قليل حتى يشارك في نفقة الأسرة، وكانت تجارب هذه الطفولة التعسة ذات تأثير في نفسه فتركت انطباعات إنسانية عميقة في حسه والتي انعكست بالتالي على أعماله فيما بعد. وقد تميَز أسلوب ديكنز بالدعابة والسخرية اللاذعة وتميز أدبه بالاهتمام بشئون الفقراء وتصوير مدي البأس و الشقاء الذى يعانون منه، صور جانباً من حياة الفقراء، وشن على المسئولين عن المدارس والسجون حملة شعواء، و كان ديكينز يحرص على التجول وحيدا ً في الأحياء الفقيرة بمدينة لندن، حيث يعيش الناس حياة مريعة وخارجة عن القانون في بعض الأحيان . نشر ديكنز ما يزيد عن اثنتي عشرة رواية مهمة وعدداً كبيراً من القصص القصيرة - من ضمنها عدد من القصص التي تدور حول ثيمة عيد الميلاد -، وعدداً من المسرحيات، كما أنه كتب كتباً غير خيالية. روايات ديكنز نُشرت مسلسلة في البداية في مجلات أسبوعية أو شهرية، ثم أعيدت طباعتها في هيئة كتب، وفي سن الرابعة والعشرين بالتحديد في عام 1836م...وقد أصدر ديكنز أولى رواياته الأدبية والتي كانت بعنوان "مذكرات بيكويك"، والتي لاقت نجاحا ً ساحقا ً بالفعل وجعلته من أكثر الأدباء الإنجليز شعبية وشهرة، ثم ازدادت شهرته في إنجلترا وخارجها عندما توالت أعماله في العالم بلغات مختلفة. من أشهر رواياته "مغامرات أوليفر توست - أوقات عصيبة- أوراق بيكويك - حياة ومغامرات نيكولاس نيكلباي- متجر الفضول القديم". وصفه الكاتب الإنجليزي تشيسترتون بأنه "أحبُ الروائيين الإنجليز إلى قلوب الناس, ولعله أعظمهم بغير مُنازع. إنه شعلة مكشوفة من عبقرية فطرية ترسل نوراً لم يعرف البحر ولم تعرف الأرض نظيراً له من قبل ". صوَّر جانباً من حياة الفقراء، لذلك حين توفى وهو لم يتعد الثامنة والخمسين من عمره، بكته إنجلترا كلها ومشت وراء جنازته بالملايين.