اسقط نوري المالكي وتحالف دولة القانون كل الخيارات التي تحافظ علي وحدة العراق ودفع البلاد إلي التقسيم الفعلي علي الرغم من دعاوي الديمقراطية والاستحقاقات الانتخابية ، فقد اصر المالكي وتحالفه علي الترشح لرئاسة الحكومة للمرة الثالثة علي الرغم من رفض جميع الفصائل والاحزاب السنية والكردية لاعادة ترشحة، وقدم رئيس البرلمان السابق اسامة النجيفي، خطوة نحو انقاذ العراق بسحب ترشحه لرئاسة البرلمان مقابل انسحاب المالكي ولكن تحالف دولة القانون رفض جميع المطالب الداخلية بما فيها احزاب شيعية كمجموعة مقتدي الصدر واقليمية تمثل جميع دول الجوار الخليجي وتركيا وأخري دولية تمثل امريكا ومعظم الدول الاوربية. المالكي، اذن اختار الصدام مع ممثلي الشعب العراقي مستندًا إلي الحشد الطائفي الذي بلغ ذروته بعودة الميليشيات المسلحة التي تعمل خارج القانون وتنفذ عمليات قتل في الشوارع والمنازل ضد السنة وتنذر بعودة فرق الموت مرة اخري، اضافة إلي اصراره علي اتباع النهج الامريكي في استخدام سلاح الجو العراقي في تدمير البنية الاساسية للمحافظات السنية وهدم البيوت علي رأس ساكنها. وكان يمكن للمالكي الذي يستحوذ علي 95 مقعدًا ويحتاج الي70 أخري لتشكيل الحكومة، ان يترك تحالف اياد علاوي80 مقعدًا يشكل حكومة انقاذ وطني خاصة وان علاوي الذي ينتمي للمذهب الشيعي يحظي باجماع سني كردي وعربي ودولي لوقوفه مع وحدة العراق وعروبته في مواجهة الهيمنة الايرانية. الموقف السني علي الرغم من دخول صفقة طائرات السخوي الروسية في حرب المالكي ضد ثوار الموصل والانبار وتكريت والفلوجة وعلي الرغم من احداث دمار هائل في تلك المحافظات خلال الايام الماضية الا ان قوات المالكي فشلت علي الارض في تحقيق أي انتصار ونجح الثوار في قتل واسر عدد كبير من جنود المالكي الذين جاء بهم بلا تدريب إلي ارض المعركة وكشف اعتراف ايران بقتل عدد من ضباطها في الموصل عن محاولات يائسة يقوم بها المالكي بدعم ايراني لحسم عسكري ضد مواطنيه في المحافظات السنية وهو ما وحد جميع فصائل الصف علي هدف واحد وهو اسقاط نوري المالكي الذي تعمد الخلط بين ثورة المحافظات المهمشة من ابناء السنة وتنظيم 'داعش' الارهابي الذي تدور شكوك كثيرة حول دور المالكي نفسه في السماح بظهوره وتمدده، وفي هذا الاتجاه لم يبق امام المحافظات السنية إلا الاستمرار في الحرب ضد المالكي ويتوقع كثير من المراقبين ان تلجأ العشائر إلي المطالبة بالفيدرالية علي غرار الاكراد او اعلان دولة مستقلة تكريسا للتقسيم الذي يبدو ان الولاياتالمتحدةالامريكيةوايران والمالكي يدفعون في اتجاهه. انفصال كردستان كان تحرك قوات البشمركة إلي محافظة كركوك وسيطرتها عليها وزيارة مسعود برزاني لها ودعوته إلي الاستفتاء علي استقلال الاقليم خلال شهور، اعلانا بان اقليم كردستان حسم امره نحو الاستقلال وتشكيل دوله كردية، تمثل وحدتها العرقية والمذهبية والثقافية عناصر قوة امام الدولة العراقية في نسختها الامريكية التي رسختها تصرفات المالكي العنصرية وتعنته في مواجهة كردستان التي تطالب المركز بدفع مليار ونصف المليار دولار، مستحقات مالية فيما تتهم بغداد الإقليم بتهريب النفط إلي دول الجوار 'إيران وتركيا' عبر الشاحنات وتخفيض كمية الإنتاج المتفق عليها من 175 ألف برميل يوميا إلي ستين - سبعين ألف برميل. ويقدر الاحتياط النفطي في الإقليم ب45 مليار برميل، وكان الإقليم قد تحرك مبكرا نحو الاستقلال عن دولة المالكي القائمة علي الكراهية واعمال القتل والتفجيرات اليوميةعبر التحرك بشكل منفرد في تصدير النفط إلي تركيا كمدخل إلي أوروبا وشكل الاتفاق النفطي بين أربيل وأنقرة بعدة مليارات من الدولارات اضافة إلي اتفاقية لتصدير الغاز عبر بناء خط لنقل عشرة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا إلي الخارج عبر تركيا، احد مؤشرات الاستقلال. كما ان تصدير النفط لاسرائيل مؤخرا كان جلبا للرضي الامريكي حول الدولة القادمة، اضافة إلي فتح الاقليم أمام الشركات العالمية للنفط للاستثمار والتي بدت وكانها تساعد علي استقلال الاقليم. وتشير الدراسات النفطية إلي أن الإنتاج الحالي للإقليم من النفط بلغ قرابة أربعمائة ألف برميل يوميا، ويستهدف المسئولون أن يبلغ مليون برميل نهاية العام المقبل ومليوني برميل بعد ذلك بخمس سنوات. المخطط الامريكي وهكذا تتضح ملامح المخطط الامريكي للعراق في ثلاث دول، شيعية قوية عسكريا واقتصاديا بنفوذ ايراني ونفطي وامريكي باعتبارها راس حربة ضد المنظمات الارهابية في المنطقة ودويلة سنية متهمة بالارهاب مستباحة بنيتها الاساسية وسكانها وزعاماتها طوال الوقت بحجة مكافحة الارهاب واخري كردية نفطية تبقي شوكة في قلب تركيا تهددها بإقامة دولة الكرد الكبري التي يمكنها ان تسيطر علي كل الجنوب التركي. ولا يبدو أن السيد نوري المالكي، لديه استعداد للتخلي عن طموحه الشخصي بالبقاء رئيسا للوزراء مدي الحياة مقابل انقاذ العراق من حروب ودماء وتقسيم وتخريب لشعب وامة كانت سائدة ونموذجًا للدولة التي تعايش فيها الجميع تحت راية الوطن والمواطنة فالرجل الذي مارس نفوذه علي المحكمة العليا لابطال قانون البرلمان بقصر ولاية رئيس الوزراء علي مدتين، هو اليوم يمارس نفوذه علي تاريخ وشعب العراق كله ليمزق وحدته ويقسم شعبه