أقام مركز الاعلام العربي احتفالية حاشدة خلال الاسبوع الماضي بنقابة الصحفيين لتكريم المفكر الاسلامي الدكتور محمد عمارة. الاحتفال الذي شهد حضورا مكثفا لعدد من العلماء والمفكرين علي رأسهم الدكتور يوسف القرضاوي رئيس اتحاد علماء المسلمين والمستشار طارق البشري والدكتور احمد كمال ابو المجد والدكتور محمد مختار المهدي والكاتب الصحفي فهمي هويدي والمستشارة نهي الزيني والدكتورة امنة نصير ومرشدي الاخوان السابق والحالي والدكتورالسد عسكر وغيرهم شهد اجماعا علي فكر وعلم د محمد عمارة واعتباره خلفا للامام محمد الغزالي ووصفه بالمفكر الاصلاحي والمجدد الموسوعي المرابط علي ثغور الامة وعرض المركز فيلما بعنوان "القلم المرابط "عن مسيرة الدكتور عمارة يحوي شهادات عدد من العلماء والمفكرين ومنهم الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية وتحدث خلاله د عمارة عن بعض المحطات في حياته وخلال الاحتفال الذي تعرض للجوانب الانسانية في حياة د عمارة وتحدث خلاله ابنه الدكتور خالد عمارة عن "عمارة الوالد والجد" واختتم بكلمات للدكتور يوسف القرضاوي تحدث فيها عن الدكتور عمارة واكد أنه بصدد اعداد كتاب عنه كما سبق وألف كتابا عن الامام الغزالي مؤكد ان د.عمارة احد العلماء الذين ادخرهم الله لنصرة الاسلام واعتبره احد العلماء المجددين كما القي الدكتور عمارة كلمة في نهاية الحفل تحدث فيها عن بعض لمحات من حياته لا يعرفها الكثيرون حيث بدأ حياته منتميا لليسار وعمل موظفا في احدي المجمعات الاستهلاكية ومر في حياته بصعاب كثيرة مؤكدا انه ثمرة لدعاء والده والشيخ الغزالي والشيخ الشعراوي . أكد الدكتور يوسف القرضاوي الذي جاء خصيصا من قطر لحضور حفل تكريم د محمد عمارة أننا نقصر دائما في تكريم العلماء والرموز الاسلامية التي تستحق التكريم لذلك أثني علي جهد مركز الاعلام العربي والزميل صلاح عبد المقصود في احياء هذه السنة الغائبة وتكريم العلماء في حياتهم مشيرا الي ان الله كرم الانبياء والمؤمنين والرسول "ص " كرم الصحابة ولقبهم بالصديق والفاروق وذا النورين ومن حق المحسن أن نقول له احسنت واضاف "نحن الاسلامييون أقل الناس تقديرا لعلماءنا ومفكرينا فلا ينوه بعضنا ببعض ولا يزين بعضنا بعضا ولا نقتبس من بعض علي خلاف الماركسيين والاشتراكيين " وأشار د القرضاوي قائلا " حين أردت ان أكتب عن الدكتور عمارة غرقت في بحره اللجي الزاخر ولم أعرف هل اكتب عن عمارة المحقق الموضوعي أم الداعية الذي وقف بالمرصاد أمام من يعملون ضد الاسلام سواء في الداخل او الخارج ام الاديب ام المفكر الذي نقل الفكر الاسلامي من الاسلوب الاعتذاري والتبريري والدفاعي الي فكر المواجهة مؤكدا أن د عمارة ممن ادخرهم الله لنصرة دينه وممن يبعثهم الله لتجديد الدين علي المنهج الوسطي الذي يجمع بين المتقابلان . وأن عمارة اصبح الان المدافع الاول عن الاسلام بعد الامام الغزالي حيث انه يمتلك نفس الادوات من المعرفة والتكوين العلمي والازهري ولديه حاسة يقظة لتتبع ما يكتب فيه ومن كشف المكائد التي تحاك ضد الاسلام في الداخل والخارج . وانتقل الشيخ القرضاوي للحديث عن الفتنة الطائفية مؤكدا انها من الموضوعات التي اتقن الدكتور عمارة الكتابة فيها وان الاسلام لم يظلم النصاري الذين رحبوا بالفتح الاسلامي وساعدوا المسلمين علي فتح مصر لانقاذهم من ظلم الرومان لذلك كانت المرة الاولي التي تفتح بها بلد بثمانية الاف محارب فقط ولم يجبر احد علي الدخول في الاسلام وانما اعتنقه اغلب المصريون دون اكراه و عندما ارسل والي مصر رسالة الي عمر بن العزيز يستفتيه في ان يستمر في جمع الجزية ممن دخلوا الاسلام لمدة عام اخر حتي لا ترتبك خزينة الدولة رد عليه عمر قائلا "قبح الله رأيك ان الله بعث محمدا هاديا وليس جابيا " واضاف القرضاوي ان قريته في الغربية وفيها مات اخر الصحابة عبدالله بن معد كرب دخل كل اهلها المصريون الاسلام واشار القرضاوي مداعبا "اذن ففي الغالب انني فرعوني انتمي الي تحتمس "وأثني علي جهود د عمارة في مقاومة الفكر التنصيري وهو ما جعله هدفا لهجوم اعداء الاسلام وأكد القرضاوي انه بصدد اعداد كتاب عن الدكتور محمد عمارة كما فعل مع الشيخ الغزالي فهو قمة من القمم ورجل موسوعي يستحق ان نحتفي به. وفي كلمته التي تحدث فيها الدكتور محمد عمارة عن لمحات من حياته لا يعرفها الكثيرون أشار الي ان في حياته شخصيات تستحق هذا الشكر والثناء وانه ثمرة لدعاء والده الفلاح الأمي والشيخ الغزالي والشيخ الشعراوي فوالده كان نموذجا للتدين العميق وقد نذره للعلم وهو جنين فحرص علي ان يحفظ عمارة القرأن والحقه بالمعهد الديني وكان اهل قريته قد استقوا امور الفقه من الشيخ محمود البيلي احد الشيوخ الذي علم جيلا من القرية امور الفقه ليأتي عمارة ليكمل هذه المسيرة ويزيد عليها تعليمهم مقاومة الظلم التي ورثهاعن اجداده حيث اخذت السلطة جده في الحرب العالمية الاولي لانه كان يقاوم الظلم كما اخذوا جده الأكبر بسبب مقاومته للعمل بالسخرة في حفر قناة السويس وكان من المتمردين الذين قاوموا السخرة وقتل منهم الكثيرين لذلك تعلم ان مقاومة الظلم فريضة وافضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر واضاف انه تولدت لديه شرارة القراءة منذ الصغر وتعلم الخطابة وكانت قضية فلسطين هي موضوع خطبته في المسجد وموضوع اول مقال كتبه ونشر له في مصر الفتاة بعنوان "جهاد "وانه حتي عندما اراد الله ان ينتمي في فترة من فترات حياته الي اليسار كان هذا سببا كي يعود بعد ذلك الي الفكر الاسلامي بقوة وحين اعتقل مع اليسار كان هذا سببا في تاخر تخرجه من كلية دار العلوم لمدة سبع سنوات وبعدها رفضت الحكومة توظيفه في اي وظيفة لها علاقة بالثقافة وعينوه في مجمع استهلاكي ولكنه اصر علي ان يكمل مشروعه الفكري لانه قرر منذ البداية الا يكون موظفا فاشتري مكتبة احد العلماء الذي توفي في سنة تخرجه وكانت تحوي 4 الاف كتاب بسعر 40 جنيه رغم حالته المادية البسيطة وعكف علي قراءتها وانه استغني في بداية حياته وزواجه عن كل الاساسيات في سبيل القراءة وساعدته في ذلك زوجته التي تحملت معه الكثير لانها قدرت هدفه الفكري والعلمي و رفض ان يشغله اي شئ عن هذا المشروع حتي ما عرض عليه لتدريس في جامعات الخليج , ويحكي د عمارة عن الجانب الصوفي في حياته مؤكدا انه يؤمن بان التصوف تجربة مشيرا الي انه كان يعاني في بداية حياته من "لدغة " في لسانه كانت تعيقه في الخطابة فذهب الي مكان خال واخذ يناجي ربه بقوله " اللهم اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة م لساني يفقهوا قولي "ورددها مرات كثيرة حتي زال هذا العيب كما اشار الي انه ثمرة لدعاء الشيخ الغزالي الذي كان في بيته قبل وفاته فاعطاه الغزالي كتابه "نحو تفسير موضوعي " وكتب له اهداء ادرك عمارة انه يقصد من كلماته انه يحمله امانة من بعده حيث كتب الغزالي في هذا الاهداء"الي اخي عمارة داعية الاسلام وحارس تعاليمه " وكذلك الشيخ الشعراوي الذي رأه في عزاء الشيخ جاد الحق علي جاد الحق وذهب عمارة ليسلم عليه فانتفض الشعراوي ليحتضن عمارة مهللا "ربنا يجعل فيك العوض "وكررها مرات كثيرة ليؤكد عمارة انه يشعر بانه ثمرة لدعاء والده والشيخين الغزالي والشعراوي وأنه لن يتوقف عن الرباط علي ثغور الامة للدفاع عن الاسلام بالعلم والفكر ومقاومة التغريب مشيرا الي ان معية الله جعلته في غني عن اي شئ فهو لا ينتظر مالا ولا منصبا ولا تكريما وان الله أكرمه كرما شديدا فهو من القلة الذين يعيشون من كتبهم واستطاع ان ينفق علي ما أنشأه من معاهد ومسجد ومركز اسلامي في قريته " صبروه " من ماله الحلال ومن هذه المؤلفات حيث انشأ د عمارة خمسة معاهد دينية في قريته ومسجد ومركز خيري وأشار عمارة الي انه رغم حملة الهجوم التي شنها البعض عليه بسبب دفاعه عن الاسلام وامتناع معظم وسائل الاعلام عن الحديث عن مؤلفاته الا ان معدل الاقبال عليها زاد سبعة اضعاف وهذا من فضل الله الذي اعطاه بلا حساب واشار د عمارة الي انه لا ينتظر تكريما ويكفيه كونه خادم لهذا الدين متبتل في محراب العلم مرابط علي ثغور الأمة وأن يكون انتاجه الفكري هو الانجاز الذي يلقي الله به.