في ذكري إستشهاد البطل الشهيد "إبراهيم الرفاعي" في 19 أكتوبر 73 حاولنا كثيراً في البحث عن مقدمة تليق بأعمال هذا البطل ولكن عجزنا عن حصر هذه الأعمال البطولية التي قام بها هذا البطل نظراً لعظمتها ولكن يكفية تكريم اللة عز وجل له ومنحه شرف الشهادة في سبيله والتي عاش يتمناها. لكي يثبت لنا نحن والأجيال القادمة أن نصر أكتوبر ماجاء من فراغ ولكن كان وراءه أبطال ضحوا بأرواحهم لكي يعيش أبناء هذا الوطن من أطفال ونساء وشيوخ ولاً يبقي لنا من هؤلاء الابطال سوي ذكراهم العطرة التي نفتخر ونعتز بها وبهذه الكلمات بدأت " ليلي الرفاعي" الحديث عن والدها البطل "إبراهيم الرفاعي". * فطلبنا منها أن تحدثنا عن " إبراهيم الرفاعي " الإنسان؟ ** فقالت :" والدي كان شخصاً بشوشا دائما وكان مبتسم الوجه ويحب روح المداعبة وكانت بينه وبيننا وبين أصدقائه في المجموعة ، كما أنه كان طيب القلب حيثُ أنه رغم شراسته في القتال وقوته كان معنا الأب الحنون وماعرفنا الضرب والتعنيف منه والحمدلله كان الوالد محبوب من الأقارب والجيران وكان معروف بأنه شهم ومواقفه الإنسانية كثيرة وأذكر منها موقف" في فترة من الفترات بعد 67 أبتلُي ابي بقرحة في المعدة ولكنه كان قادراً علي هزيمة المرض وفي نفس الوقت علم والدي بأن بواب العمارة مريض بنفس المرض ويحتاج إلي علاج من الخارج فوصي والدي بأحضار علاج بواب العمارة علي حسابه من أنجلترا فعرفته الناس بالشهامة وكانت الناس دائماً تتردد علي منزلنا ليقوم الوالد بقضاء حوائجهم وأما عن علاقة والدي بعائلته فكان متعلقاً بجده قائد مقام "عبدالوهاب لبيب" وكان دائماً مصاحباً لوالده وأخوته. *ماذا عن شخصية " إبراهيم الرفاعي " ونشأته ؟ ** نشأ والدي وسط أسرة متوسطة الحال ترجع جذورها إلي مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية وأما عن شخصية الوالد فتأثرت بالعدوان الأنجليزي والأحتلال ، فنشأة في شخصيته حب الإستقلال والدفاع عن الوطن كما تأثر بعدد من القيادات العسكرية مثل " البطل أحمد عبد العزيز والغريق عبدالمنعم رياض وروميل وكان والدي بطلاً رياضياً أيضاً من الصغر حيثُ حصل علي المركز الأول في كرة القدم وكان هدافاً للكلية الحربية وكان الأول في رفع الأثقال وحصل علي العديد من الميداليات في ألعاب القوة والبوكس والسباحة ، كما أنه كان بطل الكلية الحربية في الرماية والضاحية وكان أول الدفعة في فرقة الصاعقة والمظلات. * كيف كان يتعامل " الرفاعي " مع أولادة كأب وما الذي تعلمتموه منه؟ ** أبي كان داخل المنزل إنسان بسيط جداً يتحرك بين جنبات المنزل بهدوء لاتسمع له صوتاً ولكن فقط كان يفاجئنا بنظراته وأبتسامته الجميلة وكان لنا الأب والصديق معاً وما حرمنا من شئ قط فأذا طلبنا كان منه التنفيذ وأتذكر موقف لوالدي لا أنساه له قط فكانت ليله العيد وكنت في نزهة مع والدي فأعجبني شئ في محل ولكن كان هذا المحل مغلقاً فعلم والدي من نظرتي لهذا الشئ أنني أعجبت به مع أن المحل مغلقاً ولكن أصبحت في اليوم التالي علي صلاة العيد وعندما أستيقظتُ وجدتُ هذا الشئ الذي اعجبني إلي جانبي علي السرير، فتعلمت من والدي العطاء المستمر مادمُت حية دون أنتظار لمقابل هذا العطاء كما تعلمت منه أنا وسامح أخي الأعتماد علي النفس والرضاء بقضاء اللة والمقسوم لنا فكان الوالد دائماً يقول " لو شوفت غلط قم بأصلاحه حتي ولو كان الثمن هو حياتك ولكن لا تقول أنا مالي " وتعلمت أيضاً من أبي روح البطولة والمغامرة رغم أني كنت بنت صغيرة ولكن والدي كان يكره الميوعة وأذكر أنني كنت ألعب بالكرة من صغري أصطاد بالبندقية. *كيف كان دور الأم زوجة الشهيد خلال حياتة المليئة بالحروب؟ ** كانت أم مثالية جداً فكانت تُعد الشهيد لعملية وتشجعه علي ذلك ومع العلم أن أخوتها كانوا شهداء أيضاً وكانت تحكي لنا أنا الوالد رغم الحروب التي خاضها بداية من حرب 56 واليمن و67 وحرب الأستنزاف وحتي أكتوبر إلا أنه كان رومانسي جداً وكان يستمع لأم كلثوم ويعشقها وكان يحب أن يستمع المزيكا الهادئه وتذكر لنا أن يوم زوجها قال الرفاعي لها أن مش ضامن حياتي لأنها مش بأيدي لأني اعشق القتال وأتمني الشهادة في سبيل الله فوافقت علي أن تنال شرف زوجة الشهيد إبراهيم الرفاعي. * كيف كانت علاقة الوالد مع أصدقائه؟ ** لقد كان الوالد أكثر أخلاصاً للأصدقاء وكان يحبهم ويقدرهم ومن أكثر أصدقائه كان اللواء / صادق مدير المخابرات الحربية الأسبق وأتذكر أننا كانت تربطنا به علاقه عائلية كبيرة حيث كنا دائماً مع أسرة اللواء صادق وجميع أصدقاء الوالد نجلس في نادي الصيد ونادي هليوبليس ولكن دائماً كنا نلعب نحن الصغار وهم يفكرون في مستقبل الوطن وكيفيه الخلاص من المحتل فمن الممكن أن نفسر هذه الصداقة بأنها جاءت في "حب مصر" حيث كانت أحلامهم تتلاقي في النصر علي الأعداء. وكان أيضاً من أصدقائة المقربين اللواء / أحمد حلمي وكان أبن خال الشهيد وكان الوالد أيضاً وأباً روحياً لأخوته وهم اللواء / سامي الرفاعي والشهيد سامح الرفاعي والذي كان له أثر كبير في حماسة " الرفاعي " الذي أستشهد في حرب اليمن معه في ميدان القتال وحثه علي الأستشهاد في سبيل الله وكان والدي يحب أخوته لدرجة لاتقدر بوصف وأذكر أن والدي كان يحترم أخوته جيداً. * علمنا أن الشهيد "الرفاعي" هو صاحب أكبر عدد من الأنواط والأوسمة والنياشين في تاريخ القادة العسكريين وكان هذا هو سؤالنا للعقيد /سامح الرفاعي نجل الشهيد. **نعم والدي منح العدد الكبير من الأوسمة والأنواط والنياشين وبذلك يكون أول قائد عسكري في العالم يحصل علي كل هذه التكريمات وأذكر وأنا صغير عندما كرمني الرئيس محمد أنور السادات بعد إستشهاد والدي كان عمري 10 سنوات فألبسوني ثياب والمقاتل وعلقوا علي صدري كل الأوسمة والنياشين والأنواط التي حصل عليها والدي وهو حي فكنت أكاد أن اختفي من كثرة هذه الأنواط والأوسمة علي صدري وإن كان لي أن أذكر بعض هذه النياشين بحكم أني رجل عسكري سابق. - النجمة العسكرية من الدرجة الأولي 3 مرات. - نوط الشجاعة من الدرجة الأولي مرتين. - وسام الشجاعة المقدم من الجمهورية الليبية. - نجمة الشرف والتي تكون للشهداء حصل عليها وهو علي قيد الحياة. - نجمة سيناء من الطبقة الأولي. - نيشان الترقية الإستثنائية من الطبقة الأولي. - وغيرها وكانت هذه هي اهمها. * حدثنا عن قيادة الوالد لمجموعة مهمة مثل "المجموعة 39 قتال" وماذا تعلمت منه؟ **أولاً قيادة الوالد للمجموعة هو أكثر مني معرفة بذلك ولكن وأنا صغير كان الوالد يصتحبني إلي مواقع عمله لكي أتحمس لهذا العمل ولكي يزرع بداخلي روح البطولة وكسر حاجز الخوف بداخلي وبالفعل كان ذلك ولكن علمت أن والدي كان يتعامل مع جميع أفراد المجموعة كأخ وصديق وليس قائد عسكري وهذا هو ما كان يمتاز به عن غيره من القادة وكان يقف بجانب أإفراد المجموعة علي الجانب الشخصي فكان منهم من يتعثر في أي شئ كان يبادر بمساعدته وكان يقدر الجندي والضابط والصف في مكانه واحدة عنده وكانت مقولة الرئيس السادات عندما قال ذهبت لزيارة مجموعة الرفاعي التي لافرق فيها بين ضابط والجندي وتحسب هذه الكلمات لوالدي لأنه زرع روح الأسرة داخل المجموعة وأتذكر أن والدي في يوم من الأيام كان حفل زفاف جندي عنده في المجموعة فأخذنا جميعاً لأحضار هدية قيمة له وأتذكر أنها كانت من مستلزمات المنزل الضرورية وحضرنا حفل الزفاف ورأيت في عينية فرحه الأب لأبنه يوم زفافه وكان أفراد المجموعة أيضاً يبادلونه هذا الشعور وكانوا يعتبرونه الأب الروحي لهم وبالتالي أنتقلت أخلاقه الجميلة وتفشت بين أفراد المجموعة ويشهد الكثير منهم أنهم تعلموا من الرفاعي معني كلمة "الرجولة" وكيفية القدرة علي التحمل والتعامل بأخلاق الفرسان. وكان من ضمن هذه المجموعة أبن خالة والوالد كان المرافق له دائماً ويحكي لنا عنه الكثير والكثير حتي الأن. - وأما عن ماتعلمته أنا من الوالد في الحياة العسكرية فلم أحضر الفترة فترة الوالد كاملة ولكن أتذكر أنه زرع في روح الرجولة والبطولة وأذكر أنني كنت أحب الصيد والرماية فأخذ يشجعني ويقول لو نجحت هاجبلك بندقية وكنت في الصف الرابع الأبتدائي وقد كان وأحضر لي بندقية من أنتاج المصانع الحربية مخصوص. *علمنا بأن الشهيد قبل يوم الإستشهاد كان يشعر بذلك وأخبربه الزوجة رغم عمله الدائم في الحروب وبطولاته من خلال أكثر من 70 عمليه خلق خطوط العدو. ** ليس بهذا الشكل ولكن حدثت بعض المواقف مع والدتي لم يفعلها الوالد من قبل ففي أخر يوم قبل أخر عملية قال والدي لأمي وهو يضحك " شوفي الجورنال أنا أسمي مكتوب شهيد " وقبل نزوله من باب المنزل في اليوم الأخير قال الوالد للأم "خدي بالك من سامح وليلي " وكان شكله مايطمنش وشعرت أمي بالقلق ولأول مرة رغم وجود والدي دايماً في الحروب والعمليات والعبور أكثر من 70 مرة شرق وغرب القنال داخل وخارج الجمهورية لدرجة أن أصحابة كانوا يقولون " أن الموت بيخاف من إبراهيم الرفاعي وإبراهيم بيجري وراه " ولكن كان أمر ربنا وهو أفضل شرف لبطل قضي معظم حياته في قتال للعدو وأعطاه الله وكرمه بما كان يتمني وهو شرف الشهادة في سبيله . وأستشهد والدي في يوم الجمعة 19 أكتوبر 73 الموافق 23 رمضان مع أذان الظهر. ويقول " والدي بشهادة زملائه وأبن خالته وهو فرد من أفراد المجموعة جسده الطاهر مازال كما هو حتي الأن وتضوح منة رائحة المسك وأكتشفوا ذلك عندما كانوا يقومون بدفن أحد الأفراد مؤخراً قريباً من جسد الشهيد فوجدوا البطل كما هو مثلما دفنوه من 37عام . * هل قصر الأعلام في تناول بطولات الشهيد " الرفاعي"؟ ** لانري أن الأعلام مقصر لأن ثواب الوالد عند الله عز وجل ولكن كان ينبغي من الأعلام الأهتمام بحياة الوالد وبطولاته وتناولها بشكل صحيح وليس بالشكل المغلوط فنحن أبناء الرفاعي نساعد كل من أرد أن يتحدث عن الوالد بالمعلومات الكافية فلماذا الإستعانة لمن لا يعرف شئ أحتلاً عن الوالد لكي يتحدث عنه ولكن نحن لسنا في حاجة لنشر بطولات الشهيد بقدر حاجة المجتمع من شباب وأطفال معرفة هذا البطل وأن يكون قدوته بطل دافع عن الوطن حتي ولو كان الثمن هو حياته وهذا والله لا يزيدولاينقص من قدر والدي لأن الشهيد كرم بأفضل شئ وهو الشهادة في سبيل الله ولكن علي من يريد أن يتناول الموضوع أن يتناوله بشئ من الصحة ونرجوا الأهتمام بجميع الأبطال والشهداء وتعظيم ذكراهم وليس إبراهيم الرفاعي فقط بدلاً من الأهتمام الزائد بالفنانين ولاعبين الكرة والمفكرين " فالرفاعي" ليس أقل من "زويل" و"نجيب محفوظ " وغيرهم من أعلام هذه البلد.