أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    10 طلاب من جامعة بيتاجورسك الروسية في زيارة ل"مطرانية الأرثوذكس" بأسيوط    الجرام يتجاوز ال3500 جنيه.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة بعد الارتفاع    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    بعد نزوح 88 ألف شخص، ارتفاع عدد ضحايا الأمطار الغزيرة في البرازيل    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    جيش الاحتلال يغلق معبر كرم أبو سالم بعد قصفه بالصواريخ    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    جهاد جريشة ينتقد حكم مباراة الزمالك وسموحة ويكشف مفاجأة عن ركلة جزاء صحيحة    تعليق مثير لفرج عامر بعد فوز سموحة على الزمالك    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    التحفظ على نص طن رنجة وفسيخ غير صالح بالقليوبية    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    انفصال ثنائي بوليوود روي كابور وأنانيا بانداي    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان وتلقيه العلاج في باريس    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    أمير عزمي: خسارة الزمالك أمام سموحة تصيب اللاعبين بالإحباط.. وجوميز السبب    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    تصل ل9 أيام متواصلة.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024 في مصر للقطاعين العام والخاص    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: تصنيف «فيتش» بشأن مصر له دور في تدفق الاستثمار    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    طاقم حكام مباراة بيراميدز وفيوتشر في الدوري    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    إنفوجراف.. نصائح مهمة من نقابة الأطباء البيطريين عند شراء وتناول الفسيخ والرنجة    أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منها    إصابة 10 أشخاص في غارة جوية روسية على خاركيف شرق أوكرانيا    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    سعرها صادم.. ريا أبي راشد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    نائب سيناء: مدينة السيسي «ستكون صاعدة وواعدة» وستشهد مشاريع ضخمة    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



37 عاماً علي زلزال أكتوبر .. الذي حطم الغطرسة الإسرائيلية "7" اللواء أ. ح متقاعد صادق عبدالواحد ل "المساء": نصر 73 أعاد للمصريين العزة والكرامة.. وسجل "المقاتل المصري" بأحرف من نور
نشر في المساء يوم 09 - 10 - 2010

37 عاماً مضت علي ذكري أعظم الانتصارات العسكرية في التاريخ العسكري العالمي.. سجله المقاتل المصري بأحرف من نور بروحه ودمائه الذكية التي روت رمال سيناء.. فالمقاتل المصري هو خير اجناد الأرض والفرد المقاتل والجندي البطل كان مفاجأة حرب 1973 هذا البطل شهد له العدو قبل الصديق.. ستظل العسكرية المصرية علي مر العصور نبراساً يحتذي به في كل العصور.. وبطولات الجيش المصري سجلها التاريخ منذ عهد مينا موحد القطرين حتي حرب أكتوبر.. سالت دماؤهم وصعدت أرواحهم في بورسعيد والإسماعيلية والسويس ودمياط والمنصورة والشرقية في قاهرة المعز والصحراء الغربية في الإسكندرية وفي جنوب الوادي قصص وبطولات سجلها التاريخ وشهد بأن المقاتل المصري هو بحق خير أجناد الأرض كما قال رسول الإنسانية صلي الله عليه وسلم.. ولم ينقطع دور فرسان العسكرية المصرية المرابطين خلف اسلحتهم في كل شبر من أرض الوطن عيون ساهرة لحماية سماء ومياه وأرض مصر الكنانة مدافعين عنها ضد كل من تسول له نفسه الاقتراب أو المساس بأمن مصر الغالي..
فانه يحق لمصر جيشا وشعبا ان تحتفل بنصره العظيم في ملحمة أكتوبر واستعادة العزة والكرامة بهذه الكلمات بدأ اللواء أ. ح متقاعد صادق عبدالواحد حديثه للمساء أحد فرسان العسكرية الذي تخرج عام 65 من الكلية الحربية وعمل مدرسا بمدرسة الصاعقة وتدرج في الوظائف القيادية يتحدث عن معركة أبوعطوة يوم 22 أكتوبر 1973
أوضح أنه كنا نعلم ان هدف هجوم العدو الرئيسي في الثغرة هو احتلال مدينة الاسماعيلية وتطويق وحصار الجيش الثاني الميداني القوة الرئيسية واتجاه المجهود الرئيسي للقوات المسلحة في حرب أكتوبر لاخلال التوازن الاستراتيجي للجبهة وامكانية عزل مدينة بورسعيد وحصارها وتهديد الدلتا والقاهرة بما له من تداعيات سياسية وعسكرية واعلامية ومعنوية ستنعكس حتما علي طرفي الصراع "مصر وإسرائيل".
يعلم الجميع ان العدو وصل الي مشارف مدينة الاسماعيلية في قرية أبوعطوة. ثم ارتد إلي الجنوب وإلي مدينة السويس ولكن لم نقف عند السؤال لماذا غير العدو هدفه واتجاهه؟ وهل تم طواعية وهو علي بعد عشر دقائق من قلب مدينة الاسماعيلية وأهدافها الحيوية العسكرية والمدنية؟ أم توقف لفشل وهزيمة ألمت به؟ وبالتأكيد ليس طواعية: اذن كيف فشل وهزم؟ ومن هم الشهداء والأبطال سبب فشله وهزيمته. ان هذه المرحلة من معركة الدفاع عن الاسماعيلية تتسم بالغموض والضبابية عند معظم المحللين والإعلام ومسئولية ذلك تعود الينا كمنفذين للعملية في معركة أزعم انها غيرت مجري سير العمليات العسكرية وأهداف الحرب في الثغرة وغيرت تاريخ مدينتين عزيزتين علينا "الاسماعيلية والسويس" وسجلت هزيمة في تاريخ العسكرية الاسرائيلية هي سبب اقامة متحف لمعدات العدو المدمرة في أبوعطوة.
عندما أعود وأسترجع مسئوليتي في حضور المراسلين العسكريين المكلفين بالتغطية الاعلامية لهذا الحدث بحضور الرائد علي أمين قائد كتيبة الصاعقة وشخص الرائد صادق عبدالواحد كرئيس عمليات الكتيبة وكوني نظمت أوضاع الكمائن والقوات علي الأرض وأشرفت وأدرت أعمال قتالها في مواجهة العدو ومن أرض المعركة حضروا ليسجلوا بطولة الشهداء والجرحي وكل من شارك في هذه المعركة والتي ارتوت الأرض بدمائهم الزكية الطاهرة انكرنا ذاتنا جميعا من منطلق ان الأداء من هذه المعركة وننتائجها هو صلب مهمتنا وما أعددنا انفسنا له ولم نقدم الا ما يمليه علينا واجبنا وهو قتال العدو وهزيمته وإحداث أكبر خسائر في أفراده وأسلحته ومعداته وقد تحقق ذلك بعون الله. وطلبنا ان يكون التسجيل مع الضباط والصف والجنود فهم أولي بالحديث عن أنفسهم وبطولتهم ولكن ذلك لم يكن يرضي طموحهم كما اتضح فيما بعد.
إنكار الذات
الآن أدركنا ان التمسك بفضيلة التواضع وانكار الذات ضيع حق تكريم هؤلاء الأبطال وأصبح الفضل لا يعود الي أهله بادعاءات عديدة من جهات مختلفة ولمن لا علاقة لهم بهذا الشأن وأصبح الأمر كشيء تركه أصحابه وأهله فتنازعه الآخرون.
عودة إلي الموقع الذي شهد نهاية طموحات جنرالات الثغرة وتحولت معداتهم إلي مواد متحفية بمتحف قرية أبوعطوة علي مدخل الاسماعيلية وشاءت ارادة الله وبطولة رجال الصاعقة ان تدحر العدو وتحطم آماله في تحقيق أهدافه علي هذا المحور بعد ان تكبد أفدح الخسائر في المعدات وخيرة جنوده من المظلات علي أيدي رجال ذوي عقيدة قتالية وشراسة في القتال وايمان راسخ بضرورة تحقيق المهمة مهما كانت الصعوبات والمعوقات وشاء حظ العدو العاثر ان تكون الاسماعيلية هدفه والطريق اليها من انسب المناطق لعمل رجال الصاعقة فدار القتال من قرية إلي قرية وارتوت أشجار الحدائق بدماء الشهداء. وكان نصيب قرية أبوعطوة والخشاينة والدريسة ان تشهد قوات الجنرال شارون وهي تمرغ أنوفها في الوحل. وتعود فلولها للخلف مجللة بالعار وذل الهزيمة لتبحث عن اتجاه آخر تلملم فيه شرفها وترفع به معنويات جنودها فاتجهت الي السويس وصحرائها. فاتاحت لجنود مصر وشبابها هناك أن يصنعوا ما نفخر به جميعا.
كانت بداية يوم 22 أكتوبر ساكنة وهادئة لا تنبيء اطلاقا بنهايته وما صاحبها من صراع وقتال. فقد كانت أول مهام اليوم اجراء عملية تغيير القوات التي تحتل بعض المواقع علي محور تقدم العدو المنتظر "الضبعية نفيشة أو الضبعية أبوعطوة في اتجاه مدينة الإسماعيلية".
بعد احتلال كمين الضبعية نفيشة بقيادة الرائد ابراهيم الدسوقي والنقيب حامد شعراوي تجمع باقي الضباط علي مفارق طريق نفيشة أبوعطوة وعبرنا الترعة والسكة الحديد لاجراء استطلاع في منطقة زراعات الذرة علي الجانب الآخر "الغربي" في مواجهة منطقة العمليات وبتمام تمركز واحتلال كمين الرائد ابراهيم الدسوقي ونهاية الاستطلاع توجهنا الي قيادة الكتيبة في الخلف سعت 0900 يوم 22 أكتوبر.
في تمام الساعة 1230 يوم 22 أكتوبر تلقي الرائد علي أمين قائد الكتيبة بلاغا من الكمين بتقدم العدو علي محور الضبعية نفيشة بقوة 2 عربة مدرعة و2 دبابة وجار الاشتباك معهم واستشهاد الرائد ابراهيم الدسوقي وبأوامر من قائد الكتيبة توجهت ومعي الملازم أول سيد عبدالخالق والجندي أحمد مصطفي لاستطلاع الموقف واعادة تنظيم الكمائن في المنطقة واخلاء الخسائر من الشهداء والجرحي واختيار موقع آخر لاحتلال الكمين بعناصر أخري من الكتيبة طبقا لأسلوب قتال وتكتيكات الصاعقة.
لا يفترض بقاء نفس القوات في ذات الموقع لكشفه من العدو بعد الاشتباك معه وعدم تجهيزه للدفاع والتمسك بالأرض بما يتنافي مع أسلوب تنفيذ المهام في الصاعقة نظرا لحجم القوة وتسليحها وكمية الذخيرة المحدودة معها وعدم امكانية تحقيق المفاجأة مرة أخري لإحداث أكبر الخسائر في أفراد العدو وأسلحته ومعداته ثم الارتداد بعد تنفيذ المهمة إلي قاعدة القوات لاستعادة الكفاءة القتالية من أفراد وتسليح وذخيرة وعلاج الجرحي والمصابين.
أثناء الدخول إلي موقع كمين الرائد الشهيد ابراهيم الدسوقي بالتسرب من خلال اشجار الحدائق كان الاشتباك مازال قائما وطلقات الرصاص تكسر الأغصان وتسقط الأوراق وتحدث "سكترمة" بمعني تغيير الاتجاه في كل اتجاه ومع صوت الصدي في الحديقة لا ندري من أي وإلي أين اتجاه هذا الرصاص المنهمر حتي أصيب الملازم أول سيد عبدالخالق بطلق في مؤخرته فأمرت الجندي أحمد مصطفي باخلائه الي الخلف.
تقدمت حتي وصلت إلي النقيب حامد شعراوي قائد الكمين وسألته عن الموقف وجثة الرائد الشهيد إبراهيم الدسوقي فذكر ان رتل العدو توقف نتيجة أعمال الكمين وظهور رجال الصاعقة من تحت الأرض وخلف الأشجار وبكثافة نيرانية شديدة وقام الرائد الشهيد ومعه مجموعة من الصف والجنود باقتحام العدو واعتلي إحدي دبابات العدو والقي قنبلة من البرج فانفجرت الدبابة بمن فيها واستشهد الرقيب عبدالمعطي سليمان ولا أثر لجثة الرائد ابراهيم يمكن التعرف عليها أو جمعها خاصة في ظل ظروف المعركة والاشتباك مع قوة العدو المكلفة بستر تقدم قواته أو انسحابها فطلبت منه ان يرتد إلي الخلف بعد ان حقق الكمين اهدافه ويتم الارتداد في شكل مجموعات صغيرة متخذة اتجاه الشمال الشرقي حتي الوصول الي قرية أبوعطوة واعادة تجميع القوة هناك.
اهتم العدو بسحب معداته المدمرة وقتلاه وجرحاه لاعادة فتح الطريق تحت ستر نيران قواته وجميع أنواع المدفعية القريبة والبعيدة المدي وكانت الاصابات خفيفة لبعض جنودنا بحمد الله.
بعد اعادة تجميع القوة تم الاتصال بالرائد علي أمين قائد الكتيبة وإحاطته بالموقف مع طلب الامداد بقوات لسد خسائر الشهداء والمصابين والامداد بالذخيرة وتم تنفيذ المطالب من قيادة الكتيبة.
تم تنظيم أعمال الكمين الثاني ومعي النقيب حامد شعراوي في الموقع الجديد علي محور أبوعطوة الاسماعيلية مع السيطرة علي مفارق الضبعية نفيشة وتم اعادة توزيع الذخيرة واتخاذ أفراد القوة لمواقعهم المحددة لهم والتأكد من تفهم الجميع لمهامهم من خلال احتلال القوة لأزقة القرية واسطح المباني المبنية بالطوب اللبن واحتل الملازم أول عزت عطية منطقة المقابر في الخلف لمنع التفاف العدو في حالة استخدام العدو لتكتيكاته بتثبيت القوة الرئيسية في المواجهة والالتفاف والتطويق لها من الخلف.
في هذه الأثناء اتصل الرائد علي أمين بالكتيبة لتوصيل رسالة الرئيس أنور السادات الي المقدم أ. ح أحمد أسامة ابراهيم قائد احدي مجموعات الصاعقة بضرورة منع العدو من احتلال مدينة الاسماعيلية وعند ابلاغي الرسالة الي الجنود والضباط ارتفعت الروح المعنوية وزاد الاصرار علي تحقيق المهمة وشعروا ان الجميع يرقب عملهم ويقدرون مهمتهم.
وفي أثناء ذلك كانت سرية الكتيبة 223 صاعقة قد أجرت عملية الغيار ومرتدة من اتجاه نفيشة في اتجاه قاعدتها من خلال مواقعنا بقيادة النقيب سيد خميس وتحت اشراف الرائد مبارك عبدالمتجلي فطلبت منهم البقاء واحتلال منطقة محطة تنقية المياه في اتجاه الشمال الشرقي لقواتنا وتأمين هذا الجانب لاحتمال التفاف العدو منه وهذا أمر غير مألوف في تخصيص المهام لأي وحدة ولكنها باختصار دون الدخول في تحليلات عسكرية أو سيكولوجية هي "روح وانتماء وفدائية رجال الصاعقة" وأشرفت والرائد مبارك عبدالمتجلي علي تمام استعداد السرية وجلسنا نناقش بعض الموضوعات حتي كانت الطلقة اللعينة الغادرة التي اخترقت صدره ولامست هامش مصحفه في جيبه الأيسر العلوي وسقط الرائد مبارك عبدالمتجلي شهيدا أتي عندي لينال الشهادة رحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين وتم اخلاؤه محمولا علي أكتاف الرجال حيث ان الموقف لا يسمح بدخول عربات للموقع.
استطلاع جوي
قام العدو بطلعة استطلاع جوي للمنطقة "أتيح لي في وقت قريب سابق في مجال بحث العدو عن جثث قتلاه في المنطقة الاطلاع علي نتيجة هذ التصوير الجوي ووضح به استخدام قواتنا الجيد للأرض وتنفيذ جميع عناصر الإخفاء والتمويه" مما شجع العدو بامكانية تحقيق التقدم بقواته خاصة ان التفاحة لم تسقط في يده بعد ولم يتحقق هدفه بتطويق الجيش الثاني الميداني واحتلال مدينة الاسماعيلية وهي علي مرمي بصره فليحاول مرة أخري بحذر أ كبر وبعد اجراء استطلاع ميداني دقيق عن أوضاع عناصر الصاعقة في المنطقة وقوتها وتسليحها حيث ان الوقت ليس في صالحه فقيادته السياسية والعسكرية تحثه علي سرعة تحقيق المهمة قبل تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي بايقاف اطلاق النيران سعت 1800 السادسة مساء من نفس اليوم.
دفع العدو بعنصر من الميتكال وهي قوات عسكرية ترتدي زيا طبقا للمهمة ذات ملامح عربية وتتحدث العربية بلهجة أهل المنطقة التي تعمل بها "مثل المستعمرين اليهود في فلسطين" وتمثل ذلك لنا في ظهور شخص طويل أسمر البشرة مصفف الشعر الأسمر الطويل وجلباب أبيض نظيف وحافي القدمين فلما سألته عن شخصيته وسبب تواجده أفاد انه من المصريين المصرح لهم بالتواجد غرب القناة ويحمل تصريحا بالتواجد حيث بيته وأرضه في المنطقة واطلعنا علي التصريح معه مختوما بختم الجهة العسكرية المصدقة له بالتواجد. فطلبت منه اخلاء المنطقة لأنها منطقة اشتباكات مع العدو. وبتكرار الأمر عليه لم يمتثل للأمر فأخذت بندقية أحد الضباط وهددته فتباطأ فأطلقت دفعة من الرصاص قرب قدميه فتحرك واختفي في زراعات الذرة علي الجانب الآخر الغربي وبعد 10 دقائق بدأ العدو قصفه مدفعية أكثر دقة علي قواتنا وهنا أدركت ان الرجل من وحدة الميتكال للعدو وكان يجب القبض عليه وتسليمه الي قواتنا في الخلف فالمشي حافي القدمين مع هذا الهندام لا يتفق ثم كيف عبر خطوط وقوات العدو حتي وصل الينا وقد سبق ان سلمت عنصرا آخر سابقا إلي الرائد محمود حلمي قائد امن المجموعة أثناء تحرك المجموعة من الاسماعيلية إلي الضبعية فكيف فاتني ذلك الآن؟ أعتقد انها البيروقراطية فينا واحترام الختم.
بعد انتهاء قصف المدفعية ابلغني الملازم طارق متولي المسئول عن الانذار بتقدم العدو في تشكيل مغاير للذي اتخذه مع كمين الشهيد ابراهيم الدسوقي ففي المقدمة ثلاث دبابات لتخفيف صدمة الرعب الذي لاقاه في الكمين الأول وتصدير هذه الصدمة لنا يتبعهم 2 عربة مجنزرة محملة بقوات المظلات وعلي كل منها هاون 81مم ورشاش 1/2 بوصة والتزم الجميع بالصمت والسكون وأصبح كل فرد لا يسمع الا صوت نفسه ودقات قلبه. وخلت السماء من الطيور والعصافير وكأن المنطقة علي اتساعها توقفت بها الحياة تماما الا من صوت جنازير الدبابات التي تقترب.
تقدمت قوات العدو وتركها الملازم طارق تمر امامه حتي كانت القوة الرئيسية للدبابات أمام الكمين ومؤخرة العدو أمام الملازم طارق وكانت أبراج الدبابات تدور في جميع الاتجاهات بزاوية 360 فهي تتوقع الاشتباك ولكنها لا تدري من أين تأتي الضربة.
قبل ان أكمل الأمر بالاشتباك حتي كانت صيحة الله أكبر ممتزجة بلهيب من نيران ال آر. ب. ج والرشاشات الخفيفة والبنادق الآلية والقنابل اليدوية وتلقت الدبابة الأولي قذيفة المقاتل محمد عبدالله وانفجرت الدبابات وتعالت صيحات جنود العدو وسط انفجار دانات مدفعية الدبابات وطار برج أحدها وحاولت الثالثة توجيه مدفعها واقتحام موقع الكمين والدخول في بيوت الطين بدرعها حيث عاجلها الرقيب الشهيد هشام حسين متولي بقذيفة آر. ب. ج فرقدت خامدة واشتبكت مجموعة الانذار والقطع مع عربات وأفراد العدو وأحدثت خسائر بهم وارتد منهم من استطاع القفز والاختفاء بين الاشجار وأصبح العدو في موقف لا يحسد عليه فلن يستطيع الوصول الي دباباته المدمرة أو نجدة أفراده وتحولت المنطقة الي جحيم من نيران المدفعية والقصف الجوي من العدو وحتي آخر ضوء من أبوعطوة وحتي نفيشة مع التركيز علي منطقة المعركة والكمين وتم الرد علي مدفعية العدو بقصفه نيران من مدفعية الجيش الثاني بقيادة العميد عبدالحليم أبوغزالة تم ذلك و نحن في مواقعنا صامدون والحمد لله بدون خسائر إلا من اصابات طفيفة لبعض الجنود نتيجة تطاير شظايا انفجارات دبابات العدو.
قصف مدفعي
كان من نتائج القصف المدفعي والجوي بعض الاصابات في سرية الصاعقة التي كانت تحتل محطة المياه وهي منطقة مفتوحة نسبيا وتم اخلاء جميع الجرحي من منطقة الكمين.
تم المرور علي القوات واعادة تنظيمهم واعادة توزيع الذخيرة علي ضوء المتاح والمتبقي منها وهي قليل لا يفي بدخول معركة اخري.
في ضوء هدوء الاشتباكات مع العدو نجح باستغلال الظلام وساتر الاشجار في التسلل واحتلال مفرق نفيشة أبوعطوة وسيطر علي طريق أبوعطوة الاسماعيلية ومنع اي امداد أو اخلاء.
سعت 2200 يوم 22 أكتوبر وباستغلال الليل وأشجار الحدائق والمقابر حاول العدو الالتفاف علي الجانب الأيسر جنوب الكمين الاتفاق بقوات مترجلة من المظلات فتصدت له قوة الكمين بقيادة ملازم أول عزت عطية وأحدثت به خسائر شديدة في أفراده فارتد وهو يحمل قتلاه وجرحاه وفشل في مهمة الالتفاف والتطويق.
وانبري صباح 23 أكتوبر لنجد اننا والعدو وجها لوجه علي مسافة أقل من 100م ولكن الله قذف في قلوبهم الرعب فآثروا السلامة وانسحبوا من مفرق الطرق وباقي قواته إلي خلف ترعة متفرعة من ترعة السويس الاسماعيلية اتخذها مانعا طبيعيا لمواقع دفاعاته الجديدة ولو علموا بموقفنا من نقص في الذخيرة والقوات ما اتخدوا هذا القرار. والشهادة ما شهد به الاعداء علي لسان أحد قادتهم في كتاب ترجم ونشر في بيروت عن هذه المعركة وشجاعة وصمود رجال الكوماندوز المصريين.
تم تجميع العديد من أسلحة ومعدات وذخائر وخرائط وأخرجنا جثث قتلاهم من الدبابات المدمرة وتم دفنها عملا بالشريعة الاسلامية السمحة ووصايا ديننا الحنيف وبعد وقف اطلاق النيران في حرب أكتوبر وبعدما فشل العدو في مغامرته تجاه الاسماعيلية بعون من الله وبسالة وتضحية وفدائية رجال الصاعقة من احدي كتائب الصاعقة تم تسليم جثثهم وعظامهم الي أحد حاخامات جيش العدو الصهيوني وتحت اشراف قوات الأمم المتحدة.
تحية الي كل رجال كتيبة الصاعقة من شارك أو لم يشارك في هذه المعركة فجميعهم ابطال يستحقون التكريم.
وتحية خاصة الي الرائد الشهيد ابراهيم الدسوقي حسن والرائد الشهيد مبارك عبدالمتجلي والنقيب شهيد فتحي حسين حماد. ورقيب شهيد هاشم حسين السيد. رقيب شهيد عبدالمعطي سليمان أمين. نقيب حامد شعراوي. ملازم أول عزت عطية. ملازم أول سيد عبدالخالق. ملازم طارق متولي.
كلمة إلي أهل الإسماعيلية:
ان تلك المعركة العظيمة علي مشارف الاسماعيلية طول يوم 22 أكتوبر فهي بصدق ملحمة تستحق أن تروي لشعب الاسماعيلية ومصر كلها ولو بعد 37 سنة. ونعلم من هم شهداؤنا الابرار وفي مقدمتهم الرائد الشهيد مبارك عبدالمتجلي والرائد الشهيد ابراهيم الدسوقي حسن سنان ابن الزقازيق الذي قاد الكمين الأول واقتحم العدو وتحولت جثته إلي اشلاء وكأنها تبخرت أو صعدت إلي السماء ولا أنكر ذلك عليه فهو أهل للصلاح والتقوي والايمان بالله والوطن والواجب وطلب للشهادة طمعا في تكريم ومثوبة من الله. رحمه الله وأدخله فسيح جناته مع الشهداء والصديقين والأبرار فهو نعم الإنسان والبطل والشهيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.