اليوم تمر علينا الذكري ال50 لتلك الملحمة العظيمة التي خاضتها مصر حكومة وشعبا ضد الدول الاستعمارية التي أرادت اذلالها من منطق القوة والذي كسر علي يد شعب مصر الملتحم مع زعيمها عبد الناصر في هذا الوقت من الزمن. 50 عاما تمر هذه الأيام علي بناء هذه المعجزة الهندسية.. كان السد العالي حلما والان نحن نحتفل بعيدة ال50 تؤكد كثير من المصادر علي أن المهندس اليوناني 'دانينيوس'، أول من اقترح علي الحكومة المصرية قبل ثورة 1952 فكرة بناء السد، واختار موقع السد العالي في مكانه الحالي جنوب خزان أسوان بمسافة ستة كيلو مترات ونصف الكيلو متر، وذلك لضيق مجري نهر النيل نسبيا في هذا الموقع. لم يلق اقتراح 'دانينيوس' حينذاك أدني استجابة حتي علي سبيل الوعد ببحث المشروع وجدواه الاقتصادية، وفي عام 1953 تقدم بمشروعه من جديد إلي مجلس قيادة الثورة، لكنه هذه المرة حظي باهتمام كبير من جانب مجلس قيادة ثورة 52 والزعيم الخالد جمال عبد الناصر من أجل إتمام بناء السد العالي كانت مصر بحاجة إلي 400 مليون دولار، وهو رقم كبير جدا في تلك الأيام. كان المشروع قبل التمويل في حاجة إلي قرار سياسي جريء، وكان جمال عبد الناصر يتمتع برؤية استراتيجية بعيدة المدي، ولم تكن موافقته علي بناء السد نابعة من قرار متسرع، حيث استوعب كل النتائج التي توصلت إليها الدراسات الفنية المتخصصة للمشروع وسعي إلي تحويله لحلم قومي يستحق أن تجند له كل الطاقات والخبرات لوضعه موضع التنفيذ. و من أجل توفير المبالغ الطائلة اللازمة لبناء السد، لجأت مصر إلي كل من الولاياتالمتحدة وإنكلترا والبنك الدولي الذي أقر تمويل مشروع بناء السد في عام 1955، وتقدمت كل من إنكلترا وأمريكا في خريف 1955 بعروض جزئية للمشاركة في تمويل قروض مشروع بناء السد تبلغ في جملتها 130 مليون دولار، شريطة موافقة البنك الدولي علي تقديم قرضه إلي مصر البالغ 200 مليون دولار. وقد أدي رفض مصر لهذه الشروط، إلي سحب الأمريكان عرض التمويل، حيث استدعي وزير الخارجية الأمريكي وقتها، جون فوستر دالاس، السفير المصري في واشنطن، أحمد حسين، إلي مكتبه، وأبلغه بأن حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية رأت أن اقتصاد مصر لا يستطيع تحمل أعباء بناء السد العالي، ما دفعها إلي سحب عرضها بتقديم المعونة المالية. وفي رده علي الإهانة أمر الزعيم عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس في 26 تموز/ يوليو 1956، حتي يخصص العائد منها لتمويل السد العالي.وهو ما كانت نتيجتة العدوان الثلاثي المهزوم علي مصر وقد حقق السد لمصر فوائد مهمة للغاية، أبرزها: - زيادة نصيب مصر من مياه النيل حيث أصبح 55, 5 مليار متر مكعب سنويا. و زيادة مساحة الرقعة الزارعية في مصر بحوالي 1, 2 مليون فدان. و تحويل 970 ألف فدان من نظام الري الحوضي إلي نظام الري الدائم. و تحسين الملاحة النهرية علي مدار العام. والتوسع في زراعة الأرز إلي 700 ألف فدان سنويا. وتوليد طاقة كهربائية جديدة تصل إلي عشرة مليار كيلووات لإنارة القري والمدن وأغراض التوسع الصناعي والزراعي. وقاية البلاد من أخطار الفياضانات الجفاف في الأعوام شحيحة الإيراد مثل ما حدث في الفترة من عام 1979 إلي عام 1987