وجوه تثير الشفقة.. أجساد منهكة.. أقوال إعتادت عليها الإذن كلها ملامح رسمتها لنا فرشاة الزمان ولونتها الأيام لتجسد لنا صورة كانت أبسط ملامحها الفقر والحاجة والآن ينقل لنا الحاضر صورة جديدة لتسول الأطفال بمحافظة المنيا وكأنها بمثابة وظيفة تورث من جيل إلي آخر. تعد ظاهرة التسول بقري ومراكز محافظة المنيا إحدي الظواهر السلبية والمرفوضه في حياة المجتمع وقد دخلت في السنوات الاخيرة مرحلة النصب والاحتيال حيث استخدمها ضعفاء النفوس كوسيله للعب بعواطف ومشاعر الناس مقابل الحصول علي مبالغ مالية يكون حاصل راتبها الشهري أعلي من راتب عدد كبير من الموظفين. وبحسب الإحصائيات المتوفرة بالتضامن الإجتماعي وبعض جمعيات التنمية ومؤسسات المجتمع المدني فأن عدد المتسولين تجاوز 6 ألاف متسول بمختلف مراكز المحافظة إفتقدوا جميعهم دور رعاية المؤسسات الحكومية في رعايتهم والعمل علي تحسين دخولهم وتوفير فرص عمل أومشروعات إعانه تكون العائل لهم ولأسرهم بديلا عن حالة التسول والتي ترسم صورة سيئة للمجتمع المنياوي لتصبح هذه الصورة مكذبة لكل تصريحات مسؤلي ديوان عام المحافظة عن وجود تنمية مجتمعية يعيشها الشعب المنياوي وبمحاولة من ' المصري الديمقراطي ' استطاعنا إنتزاع بعض الكلمات من أحد الأطفال الموجودة بالشارع عن سبب إفتراشها أرض الكوبري وتعرض الأطفال لأشعة الشمس المحرقة والتراب طوال اليوم قالت وهي مطأطئة رأسها: أين نذهب فلا ملجأ للحياة وتوفير لقمة العيش إلا بإتباع هذه الوسيلة لأعيش فلا يوجد لدينا شي نعيش منه ولا أي دخل لا مال. وعند سؤال إحدي الشابات التي لم تصفح عن اسمها بقولها ما 'عليك من اسمي ' عن أسباب ممارسة طلب الناس والتسول بالشارع فكان ردها علي ما يبدو أنه يحمل الصراحة نوعا ما حين تصطحب أختها الصغيرة بجانبها قائلة لي 7 سنوات ونحن علي هذه الحالة منذ أن كنت طفلة صغيرة تصطحبني والدتي معها لتمارس التسول من الناس اليوم وعلي حسب قولها أصبحت والدتها عاجزة عن الخروج للشارع بإعتقادها انه جاء دورها للعمل بدلا من أمها ويقول أشرف محمود أخصائي إجتماعي بالمنيا بالرغم من أن التسول ظاهرة إجتماعية إعتدنا عليها في مجتمعنا إلا أنها دائمة التغيير والتطور فعلي سبيل المثال ممكن تلاقي أسرة بأكملها تعيش علي دخلها من التسول زي الأسر المتواجدة وبصفة دائمة في مواقف السيارات بيكونوا أسرة واحدة لكن كل فرد يتسول بطريقة مختلفة ممكن تلاقي منهم من بتسول بالمناديل مثلا ومنهم اللي بيتسول بعاهة معينة للتعاطف معه ومنهم اللي بيتسول بشهادات مرضية يعني بالرغم من أنهم أسرة واحدة لكن مختلفين في طريقة التسول وبنبرة بها إستياء تقول نادية إبراهيم ربة منزل: بصراحة أنا شايفة إن طرق التسول إختلفت كتير عن زمان وبقت أكثر جرأة وكأنهم بيطلبوا حق مكتسب يعني أنا ربة منزل وبتعرض لموضوع التسول وأنا في بيتي وتضيف كثير من المتسولين الآن بيطلعوا إلي المنازل وبيطلبوا مبالغ من المال بحجج مختلفة وطبعا ده يجعلنا مضطرين إننا نعطيهم المبلغ حتي لو أحنا شايفيين أنهم ميستحقوش خوفا منهم يعني موضوع التسول مبقاش علي قد الشارع وبس ده كمان وصل البيوت وأصبح إستعلال الأطفال للضغط علي عواطف الناس واستعطاف مشاعرهم. وبحزن شديد يقول علي أحمد ' مدرس ' بصراحة أنا حزين علي حال الاطفال اللي بيلجأوا للتسول لأني ملاحظ إنهم بقوا فعلا كتير جدا وده طبعا بيرجع لظروف كثيرة منها عدم وجود تكامل أسري والبطالة أو إنعدام الأمل في الحصول علي وظيفة للاب وأيضا النفوس الضعيفة لدي بعض الاباء بدل ما يدورا علي أي وظيفة أو مشروع صغير يلجاوا إلي التسول كوسيلة للكسب السريع وبمجهود اقل والجديد أنهم يتفننوا في إيجاد طرق مختلفة للتجديد من الأشكال المألوفة بالنسبة للمجتمع والجدير بالذكر أن التسول ظاهرة ليست بجديدة علي مجتمعنا المصري ولكن طرق التسول نفسها تتجدد بإستمرار لدرجة أن التسول أصبح بمثابة وظيفة تمتهن والمتسولين أشبه بالهيكل الادراي والتنظيمي الذي يعمل علي تجديد وتنشيط هذه الوظيفة من حين إلي أخر والسبب الرئيسي في إستمرار هذه الوظيفة إلي الآن هو إستسهال الرزق فمن الممكن أن يكون للمتسول ثروة هائلة من خلال إستمراره في التسول ومن اجل حرصه في الحفاظ علي هذه الثروة يتسمر في إمتهان هذه الوظيفة وتبقي ظاهرة التسول تتسع يوما بعد أخر في ظل ما يؤكده البعض وحسب ما يراه البعض الأخر أن ظاهرة التسول أصبحت مهنة تدر علي أصحابها أموالا طائلة قد تكون جانبا إستثماريا لبعض المتسولين لصالح جهات تعمل لهذا الغرض. وليبقي السؤال الذي يتردد في أذهاننا جميعا ما هي طريقة التسول مستقبلا خاصة مع إزدياد الضغوط الإجتماعية وحالات الفقر والتشرد وبعد أن أظهر مجتمعنا المصري براعته في إظهار تلك الظاهرة علي مدار سنوات طويلة وبطرق مختلفة وكأنه يتحدي العالم قائلا هل من منافس؟؟ فعلي الدولة والمؤسسات الحكومية أن تعمل علي رعايتهم والعمل علي تحسين دخولهم وتوفير فرص عمل أومشروعات إعانه تكون العائل لهم ولأسرهم بديلا عن حالة التسول والتي تعطي إنطباع سييء وترسم صورة قبيحة للمجتمع المنياوي بخلاف أن ترك هذة الفئة دون رعاية وعناية يعطي المجال لبعض الخارجين علي القانون والعصابات والمافيا بتجنيدهم حتي يصبحوا قنابل موقوتة تكاد تنفجر بين اللحظة والأخري هذا بخلاف سهولة إنحرافهم مقابل المال إلي الإدمان والإتجار فيه وممارسة أعمال الرذيلة والذي يهدد الكيان والسلام الإجتماعي بالمجتمع .