تقع شبه جزيرة القرم في شمال البحر الأسود ويحدها شرقا بحر أزوف وتعتبر ضمن اليابس الأوروبي وهي جمهوريه تتمتع بالحكم الذاتي ضمن جمهورية أوكرانيا وتقع جنوبها، أرضها سهلية مستوية وتتعدد بها البحيرات والخلجان وبخاصة في جنوبها وغربها حيث تتواجد الموانئ الهامة بها و مناخها معتدل ويسقط بها الأمطار صيفا وتعتمد علي الصناعات الغذائية ومجالات الهندسة الميكانيكية والمعدنية ويوجد بها الحجر الجيري وحجر الحديد، ومن أهم زراعاتها القمح والشوفان والبنجر والفواكه وتعتبر غنية بالثروات المعدنية والطبيعية، كما أن موقعها استراتيجي وتعتبر من أفضل الوجهات السياحية بسبب طبيعتها وجبالها الخلابة وانتشار الهضاب والمراعي والكهوف إضافة إلي شواطئها الجميلة وقصورها وقلاعها القديمة التي شهدت الكثير من الأحداث التاريخية ووجود الكثير من الآثار الإسلامية بها إضافة إلي انتشار الكثير من الأساطير والحكايات الشعبية بسبب غناها الثقافي والهام والمتنوع ووجود المياه العلاجية بها وتميزها في العالم بالعلاج الطيني كما دارت بها حرب القرم التي تعتبر من اكبر الحروب التاريخية بالقرن التاسع عشر وشارك فيها الجيش المصري وحقق خلالها البطولات والأمجاد واستشهد منه عدد كبير وحسمت المعركة لصالح الدولة العثمانية وحلفائها ضد الروس. تبلغ مساحة شبه جزيرة القرم حوالي 26 ألف كيلومتر مربع ويبلغ سكانها 2مليون نسمة تقريبا وينتمون للكثير من الأعراق يشكل الأوكرانيون بها نسبة 24% ويشكل الروس نسبة 58% ويشكل التتار وهم السكان الأصليون للبلاد نسبة13% من السكان إضافة إلي ملل كثيرة كاليهود واليونانيون والبولنديون والألمان وغيرهم وتعتبر اللغة الأوكرانية هي اللغة الرسمية بها رغم أن 77% من سكانها يعتبرون اللغة الروسية هي لغتهم الأم، كما يشكل المسلمون منذ الفتوحات العثمانية النسبة الأكبر بالقرم منذ القرن الثالث عشر الميلادي عندما أسس التتار الذين اشتركوا مع الأتراك واستولوا علي أجزاء واسعة من أسيا وأوروبا ومنها القرم التي خضعت سنة 1521م للعثمانيين في عهد محمد الفاتح وأصبحت ولاية إسلامية عثمانية وعاصمتها بخش السرايا التي مازالت محتفظة بالآثار الإسلامية، ثم خضعت الجزيرة لروسيا القيصرية سنة 1664م الأمر الذي مهد لاستيلاء الروس علي الأراضي الأوكرانية، من أهم مدنها العاصمة سيفروبل واشتهرت بوقوع حرب القرم بها بالقرن التاسع عشر وتحتوي الآن علي قاعدة حربية روسية ومقر أسطول البحر الأسود الروسي، ثم مدينة يالطا الجميلة، ومدينة سيفستوبل التي تعد ميناء يحوي أسطول الاتحاد السوفيتي سابقا والذي أصبح محل نزاع بين روسياوأوكرانيا. يبدأ تاريخ الأزمة السياسية بالقرم إلي عهود طويلة عندما فكر الروس في القرن السابع عشر في السيطرة عليها لأهميتها الإستراتيجية لهم علي البحر الأسود وظلوا يحاولون ضمها حتي سقطت في أيديهم عام 1774م باستسلام خانات القرم من التتار بموجب معاهدة كوجاك فينارجا وبعدها ضمت روسيا القيصرية القرم سنة 1783م وضمت الكثير من أراضيها لصالح الروس وهرب الكثير من التتار والسكان إلي تركيا والدول المجاورة، وفي عام 1917م علي إثر الثورة الشيوعية في موسكو أعلن تتار القرم عن قيام جمهوريتهم المستقلة برئاسة نعمان حجي خان فأعدمه الروس وأعلنت حكومة الاتحاد السوفيتي سنة 1920م عن قيام جمهورية القرم ذات الاستقلال الذاتي ومع عهد الزعيم ستالين شهدت القرم الكثير من المآسي بقتل وطرد الكثير من التتار حتي تقلص عددهم وتم اتهامهم بالخيانة العظمي أبان الحرب العالمية الثانية بعد أن نجح الألمان في هزيمة الروس عام 1945م. وفي عام 1946م تم إصدار قرار بإلغاء جمهورية القرم بحسب موسوعة الويكيبديا الحرة، وفي عام1954اعلن الزعيم خروتشوف ضم القرم إلي أوكرانيا وفي عام 1967م ألغي مجلس السوفيت الأعلي قراره السابق باتهام شعب القرم بالخيانة العظمي ورغم ذلك لم يسمح لهم بالعودة لأراضيهم وتم الاعتذار لهم فقط عن الفظائع التي ارتكبت في حقهم ولم يسمح لهم بالعودة إلا عام 1988م عندما أعلن الرئيس جرباتشوف برنامجه الإصلاحي تحت شعار إعادة البناء بريسترويكا فعادوا بلا أية حقوق وظلوا مهمشين وعندما نالت أوكرانيا استقلالها عام 1991م عقد التتار مؤتمر بمدينة سميفربول وتم تأسيس المجلس الأعلي للتتار وانتخب المناضل مصطفي جميل رئيسا للمجلس وعمل علي الحفاظ علي شخصيتهم الإسلامية وإعادة حقوقهم وبخاصة أنهم مازالوا يعيشون مهمشين وبلا حقوق وبلا جنسية أوكرانية، ورغم استقلال أوكرانيا والفرم فإن روسيا ظلت محتفظة بأسطولها العسكري والنووي في مدينة سيفستوبل، وفي عام 2008م بدأت روسيا تشعر بالخوف علي مصالحها في القرم بسبب مد الاتحاد الأوروبي وسيطرته بمساعدة أمريكية علي الكثير من الدول التي كانت خاضعة للحقبة السوفيتية وبسبب المد القومي وبزوغ حركة المعارضة الأوكرانية التي مالت إلي الاتحاد الأوروبي علي حساب روسيا ومصالحها الإستراتيجية في البحر الأسود فبدأت روسيا تمنح جوازات السفر الروسية لمواطني القرم كحركة استباقية منها لما هو آت. وفي عام 2009م بدأت مظاهرات مناهضة للحكومة الأوكرانية من سكان القرم من ذوي الأصل الروسي، وفي عام 2010م اندلعت فوضي في البرلمان الأوكراني علي إثر تصديقه علي تمديد عقد الإيجار للقاعدة البحرية والمنشآت العسكرية الروسية بالقرم لعام 2042م عندما صدق مجلس الدوما الروسي علي المعاهدة وبعدها بدأ الروس يشعرون بالقلق علي مصالحهم وبخاصة عندما بدأ الكثير من سكان أوكرانيا في كييف ومدن الجنوب والشرق يميلون للعنصرية والقومية وتم إلغاء قانون اللغة للأقليات بما فيها اللغة الروسية وتم إعلان اللغة الأوكرانية بأنها اللغة الرسمية الوحيدة بالبلاد مما أساء للكثير من الأقليات والأعراق الأخري ومنها سكان شبه جزيرة القرم الذين رءوا في ذلك أكبر دليل علي معاداة الأوكرانيون لروسيا وفي 27 فبراير الماضي احتل بعض الملثمون بالقرم بعض الأماكن الحيوية ومنها مطارات القرم بعد عزل أوكرانيا للرئيس المنتخب يانكوفيش وتعيين رئيس جديد لأوكرانيا وحكومة جديدة جاءت مناهضة لروسيا ومتلاحمة مع أمريكا والغرب وتهدد المصالح الروسية في القرم وتهدد بنشوب حرب مع روسيا لاتهامها بالتدخل في شئونها واحتلال أجزاء من أراضيها وهو الأمر الذي استوجب أن يقوم برلمان القرم بإعلانه الانضمام إلي روسيا والاستعداد لإجراء استفتاء شعبي علي ذلك يوم الأحد المقبل الأمر الذي تراه الحكومة الأوكرانية ومن ورائها دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا أنه استفتاء غير شرعي ومغاير للاتفاقات الدولية المتعلق بسيادة الدول علي أراضيها ورغم ذالك تم تصعيد الموقف في القرم بين الأطراف المؤيدة لروسيا من جهة وبين الأطراف المؤيدة لأوكرانيا من جهة أخري الأمر الزي استجلب ردود أفعال من حلفاء الأوكرانيين من الغربية فتوالت التهديدات الأمريكيةوالغربية علي روسيا وسوف تشهد الأيام القليلة المقبلة تطور كبيرا لهذا الصراع لدرجة إمكانية اندلاع حرب متعددة الأطراف تري روسيا أنها ستكون وحيدة فيها ورغم ذالك فإنها ستخوضها ولن تتنازل عن حقوقها وهو ماينوي عليه الرئيس بوتين المعروف بصلابته وقراءته الواعية للأحداث الدولية وحنكته في التعامل مع الدول الكبري، وسعيه في نفس الوقت لإعادة روسيا لسابق مجدها كقوة عظمي، إن الأحداث التي سوف تشهدها القرم خلال الأيام المقبلة سوف تتدخل في حسمها لصالح طرف علي آخر حسابات التاريخ والجغرافيا وتصفية النزاعات القديمة والجديدة والحقوق التاريخية لكل طرف في هذا النزاع ، وأيا كانت النتائج فان الأوضاع في شبه جزيرة القرم لن تعود إلي ما كانت عليه من قبل.