علمت 'الأسبوع' أن مصر وروسيا شرعتا في تفعيل بروتوكولات التعاون العسكري- الاقتصادي، التي جري الاتفاق علي خطوطها العريضة خلال الزيارة التي قام بها النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، المشير عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع، برفقة وزير الخارجية، نبيل فهمي، لموسكو قبل أيام. وأسفرت الزيارة عن اتفاق القاهرةوموسكو علي الأسس القانونية للتعاون العسكري بين البلدين، وتفعيل التعاون في مكافحة الإرهاب، واستئناف عمل اللجنة الوزارية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي بين روسيا ومصر. وجرت مشاورات رباعية بحضور وزيري الدفاع والخارجية في البلدين، استكمالًا لمباحثات التعاون المشترك '2+2'، التي بدأت في القاهرة منتصف نوفمبر الماضي، علي هامش الزيارة المهمة لوزيري الدفاع والخارجية الروسيين للقاهرة آنذاك. وفيما بدأ التجهيز لاجتماع اللجنة الوزارية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي، التي ستنعقد نهاية شهر مارس المقبل، فقد جري التوقيع بالأحرف الأولي علي مذكرات تفاهم بين موسكووالقاهرة، تتضمن تعزيز التعاون العسكري، وتفعيل التعاون الاستخباراتي، في مجال مكافحة الإرهاب. ووصف مراقبون الزيارة 'التي تعد الأولي لوزير دفاع مصري لموسكو منذ 40 عاما'، ب'الناجحة' في ضوء النتائج الاستراتيجية التي تحققت. ونقلت وسائل إعلام روسية علي لسان وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، أنه جري الاتفاق مع الجانب المصري علي إجراء مناورات تكتيكية مشتركة، وتعزيز التعاون العسكري- التدريبي. وسيتم وضع خطة لشكل المناورات الحربية المشتركة بين الدولتين، والتي ستتمثّل في مناورات جوية وبحرية وبرّية.. وقالت المصادر إنه من المقرر أن يقوم وزير الدفاع الروسي بزيارة إلي مصر قريبا، بحسب الاتفاق الذي تم مع الوفد المصري خلال زيارته لروسيا. وإلي جانب حرص الوفد المصري رفيع المستوي علي التوصل لاتفاق يضمن بموجبه التعاون والشراكة في مجال التصنيع العسكري، فقد كان حريصا أيضا ألا يؤثر التعاون بين موسكووالقاهرة علي القرار السياسي المصري. وجري الاتفاق خلال الزيارة علي صفقات سلاح للجيش المصري، 'طائرات روسية مقاتلة من طراز MiG-29M/M2.. صواريخ مضادة للدبابات من نوع كورنيت.. طائرات من طراز إم آي 35، وطائرات نقل بضائع.. أنظمة دفاع جوي متقدمة.. تحديث بعض المعدات العسكرية القديمة'. وقدرت المصادر القيمة المبدئية لإجمالي الصفقة بين القاهرةوموسكو بأكثر من ثلاثة مليارات دولار، حيث من المقرر أن تتسلم مصر الأسلحة المطلوبة في غضون عامين. وعبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال استقباله للوفد المصري، عن طموحاته في تطوير التعاون المشترك بين روسيا ومصر، واعتقاده بأن روسيا ومصر تستطيعان النهوض بحجم التبادل التجاري بينهما ليرتفع من 3 إلي 5 مليارات دولار. وقال وزير الدفاع الروسي إن الجيش المصري من أكبر الجيوش العربية، وإن روسيا تتطلع للتعاون مع مصر في كل المجالات، وتعمل علي دعم المؤسسة العسكرية التي انحازت لإرادة الشعب المصري دون تفرقة، وإن بلاده تدعم خارطة الطريق في مصر، وستدعم المؤسسة العسكرية بأعلي وسائل التكنولوجيا في حربها علي الإرهاب. وأكد 'السيسي' أن المباحثات تُطلق إشارة التواصل الممتد للعلاقات الإستراتيجية التاريخية عبر بدء مرحلة جديدة من العمل المشترك والتعاون البناء المثمر علي الصعيد العسكري ويعزز العلاقات الممتدة بين البلدين منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي ويوطد الصلات التي تجمع شعبي البلدين، وأن مجالات التعاون تعمل علي تحقيق أهدافنا في إقامة السلام الشامل والعادل والمتوازن الذي يدعم توفير الأمن في منطقة الشرق الأوسط. ونجحت الزيارة في فتح مجالات متعددة للتعاون العسكري بين القاهرةوموسكو، وتفعيل الشراكة الإستراتيجية التي جري الاتفاق عليها عام 2009، بهدف تنويع مصادر التسليح ودعم التعاون بين القاهرةوموسكو عسكريًا واقتصاديًا. وأشارت وكالة 'أسوشيتد برس الأمريكية' إلي أن إبرام الصفقة العسكرية المقررة يبعث برسالة هامة لواشنطن مفادها أن 'مصر أصبح لديها خيارات متعددة في مجال التسليح في ضوء توتر العلاقات المصرية - الأمريكية' كما اعتبرها مراقبون تحررا مصريا من التبعية، وإعادة التوازن إلي السياسة المصرية الخارجية. وفيما رجحت مصادر قيام وزارة الدفاع الأمريكية، بإرسال وفد عسكري أمريكي رفيع المستوي، للقاء المشير السيسي، خلال أيام، لبحث التعاون العسكري بين القاهرةوواشنطن، ومحاولة تبديد توتر العلاقات السياسية بين الجانبين المستمر منذ عزل الرئيس السابق، محمد مرسي في يونية الماضي. وأكدت مصادر أن القاهرة تقاربت مع موسكو كرد فعل علي المؤامرة الأمريكية التي استهدفت تفكيك الجيش المصري وتحويله من جيش نظامي محترف وعلي درجة عالية من الكفاءة القتالية والتسليح، إلي مجرد كتائب متخصصة في الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب. وكانت واشنطن قد رفضت إتمام صفقة عسكرية مع الجيش المصري تشمل توريد طائرات f16، وألغت مناورات 'النجم الساطع'، كما هددت بقطع المعونة للضغط علي الجيش المصري، للضغط علي النظام الجديد في مصر. وكان المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير بدر عبد العاطي، قد وصف قرار واشنطن بتأجيل تسليم بعض المعدات العسكرية الأمريكية لمصر ب'الخاطئ في مضمونه وتوقيته'، مؤكدا رفض مصر استخدام الولاياتالمتحدة لأداة المساعدات العسكرية، للضغط علي القرار المصري الداخلي، وشدد علي أن الحكومة المصرية ملتزمة بتنفيذ خارطة المستقبل، التي وافق عليها وأيدها الشعب المصري. وتبلغ المعونة العسكرية الأمريكية لمصر تبلغ 1.3 مليار دولار، يذهب ثلثها تقريبا إلي خبراء وشركات نقل أمريكية، ما يؤكد أن واشنطن هي المستفيد الأكبر من المعونة. وتشير معلومات إلي أن تعليق المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر في الإضرار بصناعة السلاح الأمريكية، ويهدد بعض الشركات بإيقاف خطوط إنتاجها. وأشارت المعلومات إلي أن شركات السلاح الأمريكية لاسيما شركة جنرال داينمكس، قامت بمقاضاة الكونجرس بعد رفضه طلب مصنع الدبابات التابع لها باستمرار التصدير وفاء لتعاقدات دول مختلفة من بينها مصر. وكانت القاهرةوواشنطن وقعتا مذكرة تفاهم، تعطي مصر حق الاشتراك في إنتاج الدبابة 'إبرامز' من خلال شركة 'جنرال داينمكس'، ومن ثم فإن تعليق المساعدات العسكرية لمصر قد يكون له تأثير مدمر علي الشركة الأمريكية. غير أن مؤسسة الدبلوماسية المصرية تركت الباب مواربًا مع واشنطن. ونفي وزير الخارجية نبيل فهمي أن يكون تطوير العلاقات مع روسيا نتيجة توتر العلاقات مع واشنطن، مؤكدا أن روسيا ليست بديلًا لأحد فهي دولة عظمي لها مكانتها وأهميتها ودورها علي الساحة الدولية، وأن القاهرة تتطلع لتعاون مثمر مع موسكو في مجالات متعددة، في إطار العلاقات المستمرة والممتدة بين البلدين. وفي خطاب مماثل قال المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير بدر عبد العاطي، إن مصر تجري الآن عملية مراجعة للعلاقات مع الولاياتالمتحدة، وأن المساعدات العسكرية تحتل الأولوية في عملية المراجعة، لكنه أكد أن زيارة وزيري الدفاع والخارجية لموسكو يعكس عمق العلاقات بين البلدين وأن التعاون بينهما ليس بديلا عن العلاقات مع واشنطن، كونه يثبت استقلال القرار المصري. وبلهجة دبلوماسية ودودة اعتبرت الإدارة الأمريكية، أن زيارة 'السيسي'، و 'فهمي' إلي روسيا، لا تغير علاقاتها الخاصة مع مصر، ولا يمكن أن تؤثر فيها. وقالت المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماري هارف، 'هناك علاقات قوية وأصيلة مع مصر لم تتغير، ولا نري أن تلك الزيارة من شأنها التأثير علي تلك العلاقات'، وأن 'مصر حرة في علاقاتها مع الدول الأخري، ومثل تلك العلاقات لا تؤثر إطلاقا علي مصالحنا المشتركة'. غير أن المباحثات الوزارية المصرية الروسية '2+2' وما صدر عنها من تصريحات ومؤشرات بشأن التعاون بين البلدين، أزعج الإدارة الأمريكية، حيث تبدو واشنطن أمام تحدًًّ كبير يتعلق بعلاقاتها بالدول الحليفة، في ظل تصاعد حدة الغضب الشعبي بمنطقة الشرق الأوسط تجاه الإدارة الأمريكية، التي ساهمت بشكل أو بآخر في الأحداث الجارية بالمنطقة. وألقي التقارب المصري - الروسي بظلال القلق علي الجانب الإسرائيلي. وتخشي تل أبيب من اختلال التوازن العسكري بين القاهرة وتل أبيب في ضوء التعاون العسكري مع روسيا، في ظل المتغيرات الراهنة والمعادلات السياسية سواء فيما يتعلق بالأزمة السورية أو برنامج إيران النووي، والأطراف المؤثرة في المشهد إقليميا ودوليا، وهي الأولويات التي ستتصدر أجندة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال زيارته لموسكو مطلع الأسبوع المقبل. يذكر أن الهيئة الفيدرالية الروسية للتعاون العسكري التقني قد أشارت إلي ارتفاع حجم صادراتها من الأسلحة المصنعة محليًا إلي 13.2 مليار، وأن أهم الجهات التي اشترت الأسلحة الروسية عام 2011 هي الهند وبلغت حصتها 20% من إجمالي حجم المبيعات، تليها الجزائر وبلغت حصتها 13%، ثم فنزويلا وبلغت 10%، مشيرًا إلي أن حجم التعاون العسكري التقني عموما تضاعف مع الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي.