يظل الارهاب والتطرف دائماً فكراً في عقول أصحابه الي أن يجد التمويل اللازم لتحويل التفكير إلي تفجير وتدمير وقتل .. وتظل التنظيمات الدينية والسياسية فكرة لا تتجاوز العقول الي أن تجد أموالاً تمتطيها وتنقلها الي أرض الواقع وتخلق منها جماعات وأحزابًا وائتلافات.. وبدون هذه الأموال لا تستطيع الجماعات الدينية أن تخوض غمار المعارك السياسية التي تنقلها الي مقاعد البرلمان، ومنها الي مقاليد الحكم والسلطة.. وبدون الأموال ايضاً لا تستطيع الجماعات الدعوية أن تجد أرضاً بين الفقراء وأصحاب الحاجة، وقد كان للمال والتمويل أثر واضح في صعود الجماعات الدينية الي قمة الهرم السياسي في مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، ولا يزال المال وقوداً لعمليات القتل والتخريب والتدمير التي بدأت بعد أن أطاحت ثورة الثلاثين من يونيو 2013 بحكم 'الإخوان' !!! وقد ظهر أثر المال والتمويل في جميع المعارك الانتخابية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير حيث كان حزب 'الحرية والعدالة' الذراع السياسية لجماعة 'الإخوان المسلمين' هو التنظيم الأقوي الذي استطاع أن يحشد مندوبيه لتغطية جميع اللجان الانتخابية في كل الاستحقاقات الانتخابية التي تمت في مصر بعد ثورة يناير، وكان هذا واضحاً في الاستفتاء علي الإعلان الدستوري في مارس 2011، وانتخابات مجلس الشعب ومن بعدها انتخابات مجلس الشوري ثم الانتخابات الرئاسية بجولتيها التي جاءت بالدكتور محمد مرسي مندوباً عن الجماعة في مقعد الرئيس، ثم الاستفتاء علي دستور 2012، وخاضت جماعة 'الإخوان' معارك انتخابية حسمتها لصالحها في العديد من النقابات المهنية مثل: المعلمين والصيادلة وأطباء الأسنان والبيطريين، وكانت جماعة 'الإخوان' هي الأقوي في المطبوعات والملصقات واللافتات والندوات والمؤتمرات والمسيرات والجولات الانتخابية والحملات الاعلانية مدفوعة الأجر في وسائل الاعلام. وأنفقت الجماعة وحزبها 'الحرية والعدالة' الملايين في تأسيس مقار لها في القاهرة والمحافظات والمدن والمراكز والقري والأحياء الشعبية، وحققت الجماعة حلمها في امتلاك صحيفة يومية وقناة فضائية، فأصدرت يوم الجمعة الثامن والعشرين من أكتوبر 2011 العدد الأول من صحيفة الحرية والعدالة، وكان الدكتور محمد مرسي، رئيساً لمجلس ادارتها، ثم تولي الدكتور سعد الكتاتني رئاسة مجلس الادارة بعد فوزه برئاسة حزب 'الحرية والعدالة' خلفاً لمحمد مرسي الذي جلس علي عرش مصر مندوباً عن جماعة 'الإخوان'. واستمرت الصحيفة في عملها حتي صدر قرار بمنع طباعتها في السادس والعشرين من ديسمبر 2013، وقد تحملت الجماعة وحزبها تكاليف اصدار الجريدة يومياً رغم أنها حققت خسائر كبيرة فلم تكن هناك اعلانات تكفي لتغطية تكاليف الطباعة ورواتب العاملين، وقد تحملت الجماعة وحزبها تكاليف طباعة مليون نسخة تم توزيعها مجاناً خلال الأيام الحاسمة في جولة الانتخابات الرئاسية، وعقب سقوط حكم 'الإخوان' في الثالث من يوليو اهتمت جماعة الإخوان بصحيفة أخري أصبحت ناطقة بلسان التحالف الإخواني ووصلت مطبوعات الصحيفة الي مائة ألف نسخة في العدد الواحد، وصدرت جميع الأعداد دون اعلانات باستثناء عددين أو ثلاثة !!!! وفي سبتمبر 2011 أطلقت جماعة 'الإخوان' قناتها الفضائية مصر 25، ولم تحقق القناة عائداً يكفي لتشغيلها وبالتالي تحملت الجماعة جميع التكاليف طوال فترة عمل القناة التي توقفت في الرابع من يوليو 2013 بعد الاطاحة بحكم 'الإخوان'، وأطلقت الجماعة بدلاً منها قناة أحرار 25 بالاضافة الي مجموعة من القنوات التي يتم بثها حتي الآن من خارج مصر بالاضافة الي تأجير ودعم قنوات أخري. ولو نظرنا الي تكاليف حجز الحيز الفضائي فقط دون تكاليف الانتاج لوجدنا أن الحد الأدني لاطلاق القناة الواحدة هو حيز 2 ميجا ولا تقل قيمته سنوياً عن مائتي ألف دولار أمريكي أي أن الحد الأدني الذي تحتاجه القنوات الخمس من قنوات الإخوان هو مليون دولار بخلاف تكاليف الانتاج الاعلامي!!! وكان سقوط حكم الإخوان باباً لملايين من الجنيهات أنفقها التنظيم الإخواني في الاحتجاجات التي ظنوا أنها ستعيدهم الي الحكم، وضخت الجماعة ملايين الجنيهات لتنظيم الاعتصام في 'رابعة العدوية' والنهضة طوال 48 يوماً تم خلالها نقل مئات الآلاف من أتباع 'الإخوان' وحلفائهم والبسطاء الذين حشدتهم الجمعيات الخيرية من كل صوب وحدب وجاءت بهم من المدن والأحياء والمحافظات الي مقر الاعتصام، وحسب ما أعلنته جماعة 'الإخوان' فان الاعتصام في رابعة كان يضم الملايين، أي أن المليون الواحد يحتاج الي ثلاث وجبات في غير أيام رمضان، ووجبتين في رمضان، لو تكلفت الوجبة الواحدة جنيها واحداً لكان علي تنظيم 'الإخوان' الذي تكفل بتكاليف الاعتصام أن يدفع 90 مليوناً من الجنيهات المصرية علي مدار شهر واحد من أيام الاعتصام، هذا اذا قلنا ان هناك مليون مصري فقط احتشدوا في 'رابعة'، ولو افترضنا جدلاً أن تكلفة الفرد الواحد في الوجبة الواحدة من الطعام في رمضان كانت جنيهاً واحداً فهذا يعني أن الجماعة تحملت 60 مليوناً خلال هذا الشهر، وبحساب بسيط يمكن أن نقول أيضاً ان تكلفة نقل عشرين ألف شخص من محافظة أسيوط الي القاهرة ذهاباً وعودة تصل الي مليون جنيه في المرة الواحدة. وقد أنفقت جماعة الإخوان ملايين الدولارات في نشر الحملات الاعلانية مدفوعة الثمن في الصحف والقنوات الأجنبية وكان النصيب الوافر في هذه الاعلانات لصحيفة الجارديان البريطانية، وصحيفة 'فرانكفورتر الجيمايني تسايتونج' اﻷلمانية. كما أنفقت الجماعة ملايين الدولارات لتأسيس 'التحالف الدولي لدعم الديمقراطية ومناهضة الانقلاب' في أوربا، والتحالف الوطني لدعم الشرعية في مصر، كما أسست الفريق الدولي للدفاع عن جماعة الإخوان خارج مصر، والذي يضم عددا من كبار المحامين في أوربا وأمريكا، ولا يعرف هؤلاء حديث الأرقام الصغيرة !!! ونظمت جماعة 'الإخوان' العديد من المؤتمرات في بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية وتركيا وباكستان وماليزيا وجنوب إفريقيا، كما تمكن التنظيم من تهريب عدد كبير من قيادات التنظيم الإخواني وحلفائه من مصر حيث جري نقلهم من مصر الي دول مجاورة ومنها الي قطر وتركيا وقد زاد عدد العناصر الهاربة من مصر علي الألف شخص، ولا تقل عملية تهريب ونقل الفرد الواحد عن عشرة آلاف جنيه فما بالنا بتهريب ألف شخص !! أما علي مستوي العمليات المسلحة فقد ظهرت الأسلحة الثقيلة والخفيفة وأعلنت التنظيمات الارهابية عن عمليات استخدمت فيها صاروخ سام 7 وطلقات ال 'آر. بي. جي' وألغام الأفراد والمركبات والعبوات الناسفة التي زادت علي النصف طن في العملية الواحدة، كما حدث في تفجير مديرية أمن الدقهلية ومن بعدها تفجير مديرية أمن القاهرة، وتنوعت الأسلحة التي يحملها أعضاء هذه التنظيمات لتظهر بين أيديهم مدافع الجرينوف والكلاشينكوف والمترليوس والآلي والخرطوش المحلي والتركي، وظهرت هذه الأسلحة بشكل واضح في سيناء وكرداسة بالجيزة ودلجا بالمنيا !!! وقد أعلنت بعض الأحزاب السياسية المصرية أنها تحولت أيضاً الي تنظيمات مسلحة فطالبت أعضاءها بحيازة المولوتوف والعبوات الناسفة وحرضتهم علي احراق آليات الشرطة ومواقعها، واعترف حزب 'الحرية والعدالة' الذراع السياسية لجماعة 'الإخوان المسلمين' أن تابعيه أحرقوا عدداً من مركبات الشرطة، ودعا حزب الاستقلال 'العمل سابقاً' الي استهداف مواقع الشرطة ومركباتها وأصبح الاحراق والتخريب والتدمير مدعاة للفخر ورمزاً للانجاز والنصر عند فصائل التحالف الإخواني الذي وصف نفسه ب 'التحالف من أجل دعم الشرعية'!!! واللافت للنظر أن النشاط الاقتصادي الذي شاركت فيه قيادات 'الإخوان' بشراهة بعد الحادي عشر من فبراير 2011 لم يتوقف بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013 ولا تزال عمليات الاستثمار العقاري مستمرة رغم صدور قرار بالتحفظ علي أموال قيادات وكوادر بارزة في الجماعة، ولم يتأثر هذا النشاط بما انفقته الجماعة من مليارات بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013، والتغيير الوحيد الذي تم هو نقل ادارة أموال الجماعة الي عناصر غير قيادية أو شخصيات كانت مقربة من قيادات التنظيم لتظل أموال الكبار بعيداً عن ملاحقات الأجهزة الأمنية !!! ويفتح حديثنا الموجز عن المال والتمويل باباً للعديد من التساؤلات التي تبحث عن اجابة وهي كما يلي: 1 كم من الأموال أنفقتها جماعة 'الإخوان المسلمين' منذ الحادي عشر من فبراير 2011 وحتي الثالث من يوليو 2013، وكم أنفقت في الفترة من الثالث من يوليو 2013 وحتي اعلان فشلها النهائي في تحقيق ما وعدت به من اعادة مرسي الي الحكم قبل موعد أقصاه الحادي عشر من فبراير 2014؟!!!! 2 ما هي مصادر تمويل العمل السياسي لجماعة 'الإخوان' وحلفائها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، وما هي مصادر تمويل العمليات المسلحة التي اندلعت بعد الثالث من يوليو 2013؟!! 3 هل يكفي المصروف اليومي للطالب الجامعي أو طالب الثانوي لشراء مستلزمات تصنيع العبوات الناسفة التي يتم استخدامها لتدمير مركبات الشرطة؟!! ونحن هنا لا نفتري علي الطلاب فالبيانات التي يصدرها التحالف الإخواني الداعم للارهاب تتراقص طرباً بعمليات احراق سيارات الشرطة وتعلن صراحة ان القائمين علي تنفيذ هذه العمليات حركات تسمي نفسها 'طلاب ضد الانقلاب' و'شباب ضد الانقلاب'!! وقد تكون التساؤلات أكثر وضوحاً عندما نسأل عمن دفع عشرة آلاف دولار لشراء صاروخ سام 7 استخدمه ارهابي في إسقاط مروحية عسكرية؟!! وهل يملك الارهابي ثمن طلقة آر بي جي أطلقها صوب أطباق الاتصالات في محطة الأقمار الصناعية بالمعادي؟!! وهل يملك الارهابيون الباحثون عن ملاذ آمن أموالاً يشترون بها ألغاماً يزرعونها تحت الآليات العسكرية في سيناء وعبوات ناسفة يتم استخدامها في تفجير مواقع الجيش والشرطة؟!! وهل جاء الارهابيون بهذه الأموال من ميراث آبائهم وأمهاتهم؟!! واذا كان أكثرهم من العاطلين فما هي مصادر تمويلهم ومن يتحمل نفقات اعاشتهم وتنقلاتهم بين المخابئ؟!!! ** كلمات من كتاب: في كتابهما 'قطر.. أسرار الخزينة' ينقل الصحفيان الفرنسيان 'كريستيان تشيسنو وجورج مالبرون' رواية عن روبرت فيسك تضمنت تفاصيل حواره مع وليد المعلم وزير الخارجية السوري بدمشق الذي تناول من خلاله ما وقع بينه وبين الأمير القطري في نوفمبر2011 بالدوحة: وكان أهم ما فيه النص التالي: 'اذا وافقتم علي المبادرة العربية، سأغيّر تعامل الجزيرة تجاهكم، كما سأطلب من القرضاوي أن يدعو للمصالحة، كما سأضخ ملايين الدولارات في الخزينة السورية. وعد الأمير القطري وزير الخارجية القطري. حينما كنتُ أنتظر الأمير، سمعته يأمر بصرف 150 مليون دولار لصالح الاسلامي التونسي راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة الذي سبقني بالدخول علي الأمير'!!! انتهي النص ونكتفي بهذا القدر من الكلمات وما بينها من الحروف والمعاني !!!