قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 كان الاعتقاد السائد لدي الأجهزة الأمنية المصرية والأجنبية ومراكز البحوث الأجنبية المختصة بدراسة ومتابعة الحركات الإسلامية، أن ما لديهم من أسماء وملفات عن جماعة 'الإخوان المسلمين' في مصر ليس إلا الكثير الذي يخفي الأكثر منه، وكان الجميع يعتقد أن هذا التنظيم الدولي العتيق يضم خلايا قائمة وأضعافها نائمة ويعمل بمخططات علنية وأخري سرية، وينتشر في جميع مؤسسات الدولة ولا يحول بينه وبين سلطة الحكم سوي عمليات القمع والمنع، وطوي الزمان صفحاته، واجتمع التنظيم الإخواني قيادة وأعضاء في ساحة مسجد 'رابعة العدوية' بالقاهرة لأكثر من شهر جهارًا نهارًا طوال يوليو 2013 ومعهم أخطر قيادات الجماعات الإسلامية المسلحة وغير المسلحة، ليكونوا هدفًا لأقمار التجسس التي تسبح في الفضاء وترسل بالمعلومات لدول كانت ستستغرق سنوات لتصل إلي ما قدمه لهم 'الإخوان' من معلومات علي طبق من ذهب، وأصبحت عمليات الرصد والحصر متاحة ببصمات الصوت والصورة وبصمات حرارة الجسم، وكانت الاتصالات الهاتفية واتصالات الإنترنت بما تحويه من رسائل ومراسلات تصب في أبراج واحدة لشبكات الهاتف المحمول، وظهر الجميع إلي السطح قادة وأعضاء، والفضل في ذلك يرجع إلي تنظيم إخواني دخل مهلكة السلطة ومحرقتها!!!! 853 يومًا فقط هي الفترة ما بين يوم 11 فبراير 2011 يوم تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة والثالث من يوليو 2013 يوم عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي من منصبه، وهي الفترة الزمنية التي حصلت فيها جماعة 'الإخوان المسلمين' علي الحرية الكاملة التي لم تحصل عليها منذ ما يزيد علي نصف قرن من عمر الجماعة التي تأسست عام 1928. وحكم التنظيم مصر لمدة 368 يومًا لأول مرة في تاريخه، وخلال تلك الفترة قدم تنظيم 'الإخوان' كل ما لديه من قوة بشرية أخرجها علي غير موعد من باطن الأرض إلي ظاهرها، ومن ظلام السرية إلي أضواء الزهو وشمس الحرية، وأعجبتهم كثرتهم، وظنوا أنها سلطة ودولة لا نهاية لها، بل وستكون البداية لنشر التجربة المصرية في دول عربية أخري، ليتولي التنظيم الإخواني الحكم في العديد من الدول لعشرات وربما مئات السنين، وقدم 'الإخوان' خلال 853 يومًا قوائم كاملة من أعضاء الجماعة تأسس بهم حزب 'الحرية والعدالة' الذي ضم إلي جانب 'الإخوان' أعدادًا كبيرة من المؤيدين والمحبين، وأصحاب المصالح والمنتفعين، وأعدادًا قليلة من عناصر أجهزة الأمن التي تم الدفع بها لاختراق الحزب، وظهرت بقية الكوادر في مقار الجماعة التي انتشرت في جميع المحافظات وفي عدد من المدن والقري والأحياء، ليظهر التتنظيم الإخواني بكوادره، جهارًا نهارًا، وجاءت أول انتخابات مجلسي الشعب والشوري، وأخرج التنظيم قوته البشرية وعدته وعتاده حتي يتمكن من الفوز بالأغلبية في أول برلمان بعد الثورة، وظهرت كوادر جماعة 'الإخوان' بأسمائها ومسمياتها القيادية، في المؤتمرات والندوات، وألقي التنظيم بكامل قوته في محرقة السلطة وحصل علي أغلبية المقاعد في مجلسي الشعب والشوري، وجاءت الانتخابية الرئاسية، وتحققت للجماعة أمنية طال انتظارها أكثر من 85 عامًا واصبح الدكتور محمد مرسي مندوبًا للجماعة في مقعد رئيس الجمهورية، ودفع التنظيم بكوادره إلي المواقع والمناصب التنفيذية في الدولة، وانطلق أعضاء الجماعة إلي منابر المساجد دون قيد أو شرط من وزارة الأوقاف، فكان الأئمة المسئولون عن المساجد يتركونها طواعية لعناصر الإخوان لتتقاسم المساجد بمنابر الجمعة والندوات الأسبوعية والدروس اليومية، مع السلفيين وأعضاء الجماعة الإسلامية، وظهر من التنظيم الإخواني ظهر القائمون علي أموال التنظيم، وبرزت أسماء بعينها في عمليات متسارعة لشراء الأراضي والعقارات وتأسيس الشركات، وظهرت هذه الكوادر بقوة في إدارة النواحي المالية الخاصة بالإنتخابات البرلمانية ثم الرئاسية، وبرز دور هذه الكوادر بشكل كبير في عمليات تنظيم مظاهرات الاحتجاج والاعتصامات!! وأصبحت ملفات التنظيم متاحة لخصوم 'الإخوان' من خلال أجهزة الهاتف وأجهزة الحاسب الكفية المرتبطة بالإنترنت والتي تم اختطافها من عناصر إخوانية بارزة كان ظاهرها أنها عمليات سرقة ذات هدف جنائي، وسقطت أجهزة الحاسب بما تحويه من ملفات بعد عمليات الاقتحام لمقار الجماعة والحزب، التي كان يظنها قادة الجماعة عمليات تخريبية انتقامية، وتكررت عمليات اختراق العديد من المواقع والحسابات الإلكترونية الخاصة بالجماعة وقياداتها وزاد 'الإخوان'الطين بلة وقدم التنظيم جميع كوادره وكوادر أنصاره من الجماعات الإسلامية غير المسلحة والمسلحة، ليكونوا في فنجان واحد في ساحة مسجد 'رابعة العدوية'، وفي ميدان النهضة، واصبح الجميع بين فنجان وكأس تتداوله أجهزة الاستخبارات الأجنبية التي أصبحت لديها فرصة سانحة للحصول علي بصمات الصوت والصورة والبصمات الحرارية لجميع كوادر الجماعات الإسلامية في مصر، لتتمكن من تحديث ملفات هؤلاء في مكان وزمان واحد –حسب تحليل للواء ثورت جودة وكيل المخابرات المصرية السابق- وهكذا كان 'الإخوان' كتابًا مفتوحًا يمكن تقليب صفحاتها وقراءة سطوره، وأفكاره ومخططاته، فخرج التنظيم الإخواني من حكم مصر كما يخرج المخيط من الماء!!! لقد كانت السلطة محرقة ومهلكة للتنظيم فخسر سريعًا كل ما حققه من مكاسب سياسية وعاد إلي نقطة الصفر، فلم يتمكن 'الإخوان' من الاحتفاظ بالسلطة التشريعية في مجلس الشعب بأغلبيته الإخوانية لأكثر من ستة أشهر، فانعقدت الجلسة الأولي في 23 يناير 2012، وصدر حكم المحكمة الدستورية العليا بحله يوم 14 يونيو 2012، وحاول الرئيس الإخواني محمد مرسي أن يعيده للحياة بقرار جمهوري، إلا أن المحكمة الدستورية أبطلت القرار خلال أيام ليعود المجلس إلي قبره دون بعث أو قيامه، وكما فشل 'الإخوان' بمجلس الشعب، لم يتمكنوا من الاحتفاظ برئاسة مصر لأكثر من 368 يومًا، وخرج الرئيس الإخواني محمد مرسي معزولًا ولحق به مجلس الشوري بأغلبيته الإخوانية، كما لحق به دستور الجماعة الذي قسمت شعب مصر من أجله بين مسلم وكافر.. مسلم من يقول لهذا الدستور نعم، وكافر من قال لا!!! وخسرت الجماعة مقرها الرئيس في المقطم وقبله أكثر من 28 مقرًا تعرضت للإحراق والتدمير، وأصبحت مسيرات الجماعة هدفًا للمطاردة والهجوم من الأهالي، وفوق هذا وذاك خسرت الجماعة الحرية الكاملة التي حصلت عليها بعد ثورة يناير، وبدأت قيادات الجماعة وعناصرها في العودة إلي السجون، وينتظر التنظيم بين يوم وليلة قرارات الحظر والمنع والضبط والإحضار والتحقيق والمحاكمة، ولحق بالجماعة ما لم يلحق بها من قبل في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، فلأول مرة يكون للجماعة مرشد سابق داخل السجن ويكون المرشد العام مطلوبًا علي ذمة العديد من القضايا والاتهامات وتضطر الجماعة إلي تهريبه وإخفائه!! ولأول مرة يسير قادة 'الإخوان' في الشوارع تحت حراسة مسلحين، وتستعين الجماعة بمسلحين لحماية مقرها الرئيس وتقوم الشرطة بالقبض علي هؤلاء المسلحين، ويتعرض مقر الجماعة للحرق والتدمير!! وتدهور الحال بالجماعة الدعوية إلي العنف والمواجهات الدامية مع القوات المسلحة تارة ومع الشرطة تارة أخري ومع مصريين مدنيين تارة ثالثة، وفقدت الجماعة، خلال شهر واحد، المئات من أعضائها، وتصرح قياداتها في فخر بما يمكنها أن تقدمه من ملايين الضحايا حتي يعود المعزول إلي مقعده!! العودة إلي العمل السياسي!! وبعد كل هذه الأحداث والتطورات نجد أنفسنا أمام سؤال عن احتمالات عودة جماعة 'الإخوان' المسلمين إلي العمل السياسي من خلال ذارعها السياسي حزب 'الحرية والعدالة' دون أن يعود رئيسها المعزول محمد مرسي إلي سلطة الحكم؟!! والإجابة علي هذا السؤال تقتضي أن نسأل عن موقف الأعضاء من القيادات التي توافق وتقبل بأي حل سياسي يكون أقل من سقف الطموحات الذي حددته القيادات هدفًا لاعتصامها وقدمت من أجله مئات الضحايا والمصابين، وكلفت الجميع مشقة السفر والترحال والتظاهر والاعتصام والدخول في معارك دامية؟! هل ستكون هناك ثقة في القيادة إذا تنازلت عن مطلبها الأول والأهم بعودة الرئيس المعزول إلي منصبه؟!! ربما يستمر الأعضاء في مستوي 'الأخ العامل' علي ثقتهم، لكن ماذا عن الأخ المؤيد والمحب؟! وماذا عن الأنصار؟! وماذا عن رجل الشارع الذي خرج ليتظاهر دفاعًا عن معركة قيل له أنها لله ولدينه.. هل سيخرج هؤلاء مرة ثانية ليصطفوا خلف 'الإخوان'؟!! ولنفترض جدلًا أن الجماعة وجدت الصف الإخواني علي تماسكه وقررت العودة إلي العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة.. فهل ستكون لدي الجماعة مساحة من حرية الحركة في الشارع كما كانت في السنوات الماضية؟!! إن المشاركة السياسية تقتضي عودة مقرات الجماعة والحزب إلي الحالة التي كانت عليها منذ البداية، وتتطلب تأمينًا كافيًا لهذه المقار من أية هجمات محتملة خاصة في المحافظات التي سقط بها قتلي ومصابين من خصوم 'الإخوان'، فهل ستلجأ الجماعة وحزب 'الحرية والعدالة' للشرطة لتقوم بتأمين هذه المقار أم أنها ستستعين بشركات الحراسة التي ترفض أن تقامر وتغامر بأعضائها في مواجهات دامية، أم أن الجماعة ستنظم فرقًا قتالية لا تفارق هذه المواقع فتقع مصادمات جديدة ومتجدده؟!! وتقتضي المشاركة السياسية – أيضا - أن تكون لدي قيادات حزب 'الحرية والعدالة' وقيادات الجماعة حرية في التنقل والسفر، وحرية في تنظيم جولات الدعاية الانتخابية، وتنظيم المؤتمرات والندوات الجماهيرية.. فهل ستكون هذه الفعاليات في مأمن من أية هجمات محتملة؟!! وهل ستتمكن الجماعة بعد كل هذه الأحداث من حصد الأصوات والفوز بمقاعد الأغلبية مرة أخري؟!! والأهم من ذلك كله.. هل سيكون لدي الجماعة والحزب التمويل الكافي لتغطية نفقات المشاركة في انتخابات مجلس النواب ثم مجلس الشوري ثم الانتخابات الرئاسية وبعدها انتخابات المحليات، هل سيتوفر التمويل اللازم إذا استمر الحال علي ما هو عليه الآن واستمر تجميد أموال قيادات 'الإخوان' أو تم تنفيذ عمليات تجفيف لمنابع التمويل، بالتضييق والملاحقة لشركات 'الإخوان' واستثماراتهم في مصر، وخارجها أو إذا تحقق ما يتردد في الدول العربية الآن عن احتمال صدور قرارات تنهي عقود عمل أعضاء جماعة 'الإخوان' خاصة في دول الخليج؟!! هذه التساؤلات يطرحها المعتصمون في فنجان 'رابعة'، وتنحصر الإجابات الحتمية لكل هذه التساؤلات في أن التنظيم يعود إلي نقطة الصفر!! مخططات فاشلة ووعود وهمية!! ولأن التنظيم الإخواني وأنصار المعزول الذين يديرون غرفة عملياتهم من فنجان 'رابعة العدوية' قد اصبحوا كتابًا مفتوحًا أمام أجهزة الأمن، فقد كان مصير جميع مخططاتهم الفشل منذ 3 يوليو 2013 وحتي كتابة هذه السطور، فتبدأ التحركات بتصريحات نارية عن النصر القادم وتنتهي إلي نقطة الصفر بوعود جديدة، ولم يتحقق وعد واحد من الوعود التي أعلنتها منصة 'رابعة العدوية'، ومع ذلك هناك من يصدقهم وينتظر تحقيق ما يعلنون عنه من وعود لن تتحقق.. فقد دعا صفوت حجازي المعتصمين إلي اقتحام دار الحرس الجمهوري لإخراج الرئيس المعزول وإعادته إلي منصبه، وتزامنت دعوة حجازي مع خطبة عصماء ألقاها المرشد العام ل 'الإخوان المسلمين' الدكتور محمد بديع من علي منصة 'رابعة'، وضع خلالها المعتصمين بين خيارين: إما أن يحملوا الرئيس المعزول علي أكتافهم ويعودوا به إلي منصبه أو الخيار الدامي الذي عبر عنه بقوله: 'أو نفديه بأرواحنا'، وقد أسرفت منصة 'رابعة العدوية' في وعودها للمعتصمين وحددت العديد من المواعيد ليوم النصر الذي يعود فيه الرئيس المعزول محمد مرسي إلي منصبه، وكان من ابرز المتحدثين بهذه الوعود والأوهام الدكتور محمد البلتاجي والمدعو صفوت حجازي فحددت المنصة يوم العاشر من رمضان يومًا لما أسماه بالعبور الثاني، وبعد انتهاء اليوم بإراقة دماء جديدة من أبناء مصر، تم الإعلان عن يوم بدر يوم السابع عشر من رمضان، وانتهي اليوم الموعود دون عودة المعزول ليسقط ضحايا جدد من أبناء مصر، وجاء يوم الجمعة الموافق الرابع والعشرين من رمضان بوعود جديدة عن النصر المرتقب، وكانت أبرز مخططات هذا اليوم فتح ميادين جديدة للاعتصام ردًا علي أية محاولة لفض الاعتصام في 'رابعة' و'النهضة'، وتوجه المعتصمون إلي ساحة مسجد مصطفي محمود في المهندسين لتنظيم اعتصام هناك، فلم يتمكنوا من الاستمرار إلي نهاية اليوم وانصرفوا قبل أن يصل إليهم المئات من ابناء بولاق الدكرور والمناطق الشعبية الذين كانوا يعتزمون فض هذا الاعتصام بالقوة، وتكررت محاولة ثانية في ميدان الألف مسكن، وقام الإخوان بفض الاعتصام سريعًا قبل وصول أهالي عين شمس والمطرية والأميرية إليهم، وكان قرار التحرك إلي مدينة الإنتاج الإعلامي في السادس من أكتوبر، وقدم الإخوان للمعتصمين هدفًا وهميًا اسمه إغلاق مدينة 'العهر' الإعلامي الليلة حسب تعبيرهم، وحاول الآلاف منهم اقتحام مدينة الإنتاج فتصدت لهم قوات الأمن، فشرعوا في بناء خيام للاعتصام بهدف الاستمرار في محاصرة المدينة فتعاملت معهم قوات الأمن وقامت بفض الاعتصام في أقل من ساعة، وألقت القبض علي أكثر من ثلاثين شخصًا، وأصيب أكثر من عشرين في المصادمات كان بينهم جنود من قوات الأمن، وتم إحراق سيارة شرطة وهرب بعض المعتصمين إلي اعتصام 'النهضة'، وعاد آخرون إلي اعتصام 'رابعة' ولم يتحقق وعد 'الإخوان' وعهدهم بأن يكون هذا اليوم هو اليوم الأخير لقنوات الأعداء!! والذي يعرفه الإعلاميون أن عملية اقتحام مدينة الإنتاج الإعلامي بالسادس من أكتوبر لن يترتب عليها تعطيل بث قنوات التلفزيون الفضائية، وحتي لو تمت عملية تفجير ناجحة أزالت هذه المدينة من علي وجه الأرض، فلن يتوقف البث الإذاعي والتلفزيوني للقنوات التلفزيونية، فالكثير من هذه القنوات يمتلك ترددات أخري علي قمر مواز يظهر في ذات المدار، مدار نايل سات، والمعروف والمعلوم أن تقنيات البث الحديثة تجعل البث المباشر متاحًا من أي موقع في مصر بجهاز بث لا يزد حجمه عن حقيبة سفر صغيرة، أي أنه يمكن البث من سيارة صغيرة أو من الشارع أو من شقة سكنية في أي موقع، لتنتقل المواد الإعلامية إلي محطات البث الكبري المنتشرة في الخليج وفي عدد من الدول الأوربية، ولا تستغرق عملية تغيير البث من مدينة الإنتاج الإعلامي إلي محطة بث أوربية علي التردد الاحتياطي سوي دقائق ويمكن في هذه الحالة نشر الترددات الجديدة علي صفحات التواصل الاجتماعي لتكون بين يدي ملايين المصريين والعرب في أقل من خمس دقائق!! سيناريو الفوضي!! وبعد كل هذا الفشل المتكرر علي مدار أكثر من شهر، وبعد فشل السيناريوهات المطروحة في مناقشات 'رابعة' والتي كانت تتضمن خططًا لتكرار السيناريو الليبي أو السوري في مصر بدأ التفكير في سيناريو الفوضي، وقد جمع قيادي إخواني سيناريو الفوضي في نص واحد تم تداوله بين 'الإخوان' وأنصارهم علي مواقع التواصل الاجتماعي ليبشر بالنصر القريب فكتب يقول: الثورة تتبلور في شكلها الصحيح المتعارف عليه في التاريخ.. تتحرك مجموعات يشتركون في قضية واحدة.. ثم تتسع الرقعة المؤيدة للاحتجاج بعدها.. ويتم توجيه الضربات لمجموعة ليخاف الباقيين ويهربوا من الميدان ثم ثبات الثوار مدعومًا بانضمام طوائف أخري.. تدخل مرحلة الزلزال وتوالي الصدمات.. يتبعها ازدياد أكبر في رقعة الاحتجاج السلمي.. ثم انهيارات اقتصادية تحدث.. تؤدي إلي زيادة مساحة الساخطين علي النظام الحاكم.. كل ذلك وكرة الثلج تزداد وتتحرك ... كل ذلك ولم يحدث عصيان مدني او شل لحركة القطارات او دعوات للامتناع عن دفع فواتير الماء والكهرباء مما يزيد من التدهور الاقتصادي.. كل ذلك محاطا بعلاقات دولية شبه مقطوعة.. وهروب كل الاستثمارات الخارجية.. الثورة تتبلور وتأخذ مسارها الصحيح...!! انتهي النص الذي يظهر هدف الجماعة من زيادة رقعة الاحتجاجات والاضطرابات.. وقد ظهر هذا النص مساء الخميس الأول من أغسطس وظهرت بعده دعوات بالامتناع عن دفع فواتير المياه والكهرباء والاتصالات، ويوم الجمعة 02 أغسطس 2013 أطلق أحمد المغير المعروف برجل خيرت الشاطر دعوة إلي المصريين لسحب أموالهم من البنوك، وزعم في تدوينه له علي الفيس بوك أن الوضع المالي حاليًا في مصر أصبح علي حافة الإفلاس، وأضاف، أنه يجب سرعة سحب الأموال من البنوك فورًا.. !! وصدرت تعليمات ل'إخوان' الخارج بعدم استخدام البنوك في تحويل أموالهم إلي مصر، وأن يتم ارسال الأموال بالأيدي عن طريق شخصيات وبالتنسيق مع الجماعة، حتي لا تدخل العملات الأجنبية إلي البنوك، وتستهدف هذه الخطة إحداث أزمة سيولة نقدية في البنوك المصرية. وتخطط غرفة عمليات 'رابعة ' إلي كسب المزيد من الوقت لإطالة أمد الاعتصام والتظاهر في العديد من المواقع لأطول فترة ممكنه حتي تؤدي الاحتجاجات المستهدف ويحدث انهيار اقتصادي في البلاد وتخرج ثورة الجياع، ويتدخل الإخوان في هذا التوقيت للعودة إلي الحكم!! والعجيب في فنجان 'رابعة' أن بعض المعتصمين الذين يرفعون شعارات السلمية فوق المتاريس يطرحون سيناريو اغتيال الفريق أول عبد الفتاح السيسي نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وعدد من قادة القوات المسلحة خاصة اللواء أركان حرب أحمد وصفي الذي يردد بعض المعتصمين مقولة أنه أبلغ الفريق السيسي بمحتوي اتصال هاتفي جاءه من رئاسة الجمهورية يتضمن عرضًا بتولي منصب وزير الدفاع بعد عزل عدد من قيادات الجيش وفي مقدمتهم الفريق السيسي، ويري هؤلاء الواهمين أن هذا الحل هو السيناريو الأفضل للخروج من الأزمة الحالية بعد أن تحطمت أضغاث أحلامهم علي واقع يقول أن الجيش علي قلب رجل واحد، وأن أوهام التمرد الانشقاق داخل القوات المسلحة لا وجود لها إلا في خيالهم المريض!! التلاعب بالمبادرات!! وقد وجدت قيادات إخوانية في المبادرات الجديدة التي تستهدف وضع حلول سلمية تنهي اعتصام رابعة والنهضة، فرصة لكسب المزيد من الوقت لإطالة أمد الاعتصام إلي أطول فترة ممكنة بعد أن خسرت الجماعة كل شئ، فالغالبية العظمي من المعتصمين ومن قيادات الإخوان والجماعات الإسلامية لا تعترف بشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وتري أنه من جبهة أعداء الإسلام فكيف تستمع إلي مبادرة يطرحها؟!! أما مبادرة الشيخ محمد حسان وأعضاء مجلس شوري علماء السلف، فتلحق من وجهة نظرهم بمبادرة شيخ الأزهر، فمن لم يكن مجاهدًا معهم مثل الشيخ محمد عبد المقصود فلا سمع ولا طاعة له، وهو من المتقاعسين عن الجهاد والاستشهاد في ساحة العزة والكرامة ساحة رابعة العدوية، حسب قولهم.. لكن بعضهم يري أنه لابد من اعداد فريق تفاوضي علي اعلي مستوي، لكي يحصل علي افضل المكاسب، او معظمها، ويري بعضهم أن النصر قريب وأن استمرار الاعتصامات والاحتجاجات ستحقق الأهداف وعليه فإن المبادرات فلا فائدة منها، لكن ليس هناك مانع من استخدامها في كسب المزيد من الوقت!! ويرد الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة علي مبادرة الشيخ محمد حسان وأعضاء مجلس شوري العلماء بقوله في تدوينه علي تويتر والفيس بوك: إن أي حل سلمي لابد أن يبدأ من استئناف المسار الديمقراطي، لدينا دستور، وانتخب الشعب رئيسا وبرلمانا ولإقناع الشعب بالديمقراطية لابد من احترام قراراته السابقة، ولن يذهب مصري ألي صناديق الاقتراع مرة أخري إذا كانت الدبابات أو المظاهرات تلغي أصواته الحرة!! ويتفق رأي العريان مع محتوي تصريحات متعددة أدلة بها جهاد الحداد المتحدث باسم جماعة 'الإخوان' والذي أكد أنهم لن يقبلوا بأية حلول لا تتضمن عودة الدكتور محمد مرسي لمنصبه!! وتمر الأيام دون أن تحقق جماعة الإخوان شيئًا سوي المزيد من المصادمات، ولا تري أملًا إلا في التصعيد الذي يقودها إلي الانتحار، والصعود إلي الهاوية، لأنها بغير ذلك لن تستطيع العودة للبداية من نقطة الصفر في مجال الدعوة الفردية، ولن تستطيع العودة إلي نقطة الصفر في العمل السياسي، وليس أمامها – حسب رؤية قادتها إلا التصعيد الذي يقود إلي الفوضي والانهيار الاقتصادي ثم الثورة التي تقفز عليها للمرة الثانية بتنظيم تراه الأكثر تنظيمًا وقدرة علي القفز فوق ثورة قادمة، حسب أوهامهم!!