هل يخرج المصريون بالملايين ليفرضوا دستور ثورتهم، ويحددوا ملامح مستقبلهم، ويكتبوا صفحة جديدة من صفحات تاريخهم المجيد؟. هل يعيد الشعب المصري إلي الأذهان مشاهد ثورة يناير و30 يونية و3 و26 يوليو؟!!. البعض متوجس، أو يشعر بالقلق ويسأل: هل ينجح الإخوان في جر البلاد إلي دوامات العنف والإرهاب الذي تروج له الجماعة وتتوعد به المصريين يومي الاستفتاء وصولا إلي 25 يناير المقبل!! نفس حالة القلق التي سيطرت علي البعض قبيل الإطاحة بنظام حكم الإخوان، ونفس السؤال الذي كان يردده المتوجسون، عاد يطلُّ من جديد: هل تدخل مصر إلي نفق 'الحرب الأهلية'؟!!. هؤلاء المتوجسون، لم يقرءوا جيدًا مشاهد الميادين أو الملايين التي خرجت في 30 يونية، عندما ضرب المصريون بعمليات التهديد ب'الحرب الأهلية' و'الميليشيات المسلحة' وغيرها، عرض الحائط.. وقتها كان الإخوان في السلطة، ولم ينفعهم سلطانهم. هؤلاء لم يدركوا عظمة الشعب الذي ينتمون إليه، وقدراته الهائلة وقت الأزمات، ولم يفهموا بعد أن إرادة الشعب نافذة لن يقف أمامها أحد، وأن خروج الملايين إلي صناديق الاقتراع سيرهب الإخوان ويلقي الرعب في قلوبهم.. ويحسم الأمر للأبد. يا سادة.. لا تهتموا كثيرًا بما يروجه الإخوان وصبيانهم ممن يطلقون علي أنفسهم 'تحالف دعم الشرعية'، فهم يكذبون ويضللون، يصدرون البيانات ويرسمون خرائط المسيرات، والمظاهرات ويهددون بإحراق البلاد، ولن يفعلوا شيئًا. هل تذكرون صفوت حجازي وتهديداته: 'الرئيس محمد مرسي خط أحمر واللي يرشه بالميه أرشه بالدم.. يخبطوا دماغهم في الحيط'؟!، فإذا به يكون أول الهاربين بل بادر بحلق ذقنه وصبغ شعره، وعندما ضبطته قوات الشرطة علي حدود ليبيا راح يقسم بالله وب'الطلاق' إنه لا ينتمي إلي الإخوان!!. هل نسيتم عاصم عبد الماجد و'مهيصته الفارغة': 'إني أري رءوسًا قد أينعت وحان قطافها'، 'وسنأتيكم بمائة ألف رجل والرجل منهم بمائة ألف رجل'؟.. فإذا به ينضم إلي قافلة الهاربين ويتحول إلي مذيع ويبرر ذلك قائلا: 'أنا دوري إعلامي'!!. يا سادة: نحن أمام مجموعة من 'المجاذيب' يرددون نفس العبارات الساذجة التي روجها إعلام 'الجماعة' قبل ثورة 30 يونية وبعدها.. ويبدو أنهم لم يستوعبوا الدرس، جيدًا وتصوروا أن قدراتهم غير المحدودة في التضليل وتشويه الحقائق واختلاق الأكاذيب والمتاجرة بالدماء، ستصنع واقعًا جديدًا.. أو تفرض أمرًا واقعًا. أما خبراتهم في القتل والإرهاب فلم تنفعهم من قبل منذ أن اغتالوا النقراشي، ولن تنفعهم، بل كلما مضت مصر في طريقها نحو إتمام خارطة المستقبل، كلما انحسر العنف، والتجربة العملية أمامنا نعيشها عن قرب، وسيلقي الإرهابيون في النهاية المصير الذي يليق بهم. هم يراهنون الآن علي تخويف المصريين لمنعهم من النزول للإدلاء بأصواتهم.. لكنهم لم يقرءوا التاريخ، ومن قرأه منهم لم يفهمه.. لم يعرفوا بعد حقيقة الشعب المصري، لم يدركوا أنه يصبر ويصبر ويمنح الفرصة تلو الأخري، يتحرك ببطء، لكنه عندما يغضب، يغير وجه الأرض، يعصف بمن يقف في طريق حريته أو يحاول أن ينال من دولته. سيفعلها المصريون من جديد ويخرجون بالملايين، لتخرس ألسنة تجار الدين، و'المناضلين مدفوعي الأجر' والراقصين علي السلالم ومن يأكلون علي كل الموائد. حقائق التاريخ تقول: المصريون سوف يبهرون العالم كعادتهم.. ويقول الحاضر: إن المصريين سيتجاوزون باقتدار مرحلة الدستور، ويقطعون شوطًا كبيرًا في مسيرة الحرية والبناء والاستقرار. نعم سيفعلها المصريون.. التاريخ يؤكد ذلك، والحاضر أيضًا. في القرن ال21 قبل الميلاد، سجل الشعب المصري باسمه أول ثورة شعبية في تاريخ البشرية.. وكما قال 'إيبو- ور' الحكيم في البردية التي تحمل اسمه والتي روي فيها وقائع الثورة: 'لقد دارت الأرض كما لو كانت طبق طعام'، في تعبير عن خروج المصريين عن بكرة أبيهم، في يوم واحد بل لحظة واحدة، في جنوب البلاد وشمالها ضد حاكمهم الظالم 'بيبي الثاني'. وهي الثورة التي أسفرت في النهاية عن زوال حكم 'بيبي الثاني' ليفرض المصريون كلمتهم ويرفعوا إلي سدة الحكم واحدًا من عامة الشعب، هو 'أمنمحات الأول' مؤسس الأسرة ال12. منذ ذلك الوقت، وتاريخنا مليء بالثورات والهَبَّات والانتفاضات أو الفتن كما كان يصفها بعض المؤرخين ومنهم 'الجبرتي'، الذي وصف ثورة الشعب المصري ضد نابليون بأنها فتنة ولا أبالغ إذا قلت: إن عدد الاحتجاجات التي قام بها الشعب المصري في تاريخه أكبر من عدد سكان دولة مثل قطر بكثير، وإن الوقت الذي قضاه المصريون ثائرين ضد الظلم والاستبداد، يفوق عمر دولة كبيرة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية بسنوات وسنوات. هل لفت انتباه أحدكم عبارة الحكيم المصري القديم 'إيبو- ور': 'لقد دارت الأرض كما لو كانت طبق طعام'؟!!.. ألا يذكركم ذلك بما جري في 30 يونية و3 و26 يوليو عندما خرج ملايين المصريين يسجلون باسمهم أكبر ثورة شعبية أو تجمع بشري عرفه التاريخ؟!!. حقًا.. لقد عادت الأرض لتدور لكن هذه المرة في القرن ال21 بعد الميلاد فزلزلت أركان الإمبراطورية الأمريكية في المنطقة، وتحطمت تحت أقدام الشعب المصري المؤامرات التي كانت تهدف إلي خلق شرق أوسط جديد، أو كبير!!، وتناثرت في الهواء المخططات والنظريات التي تصطدم مع الدولة المصرية الموحدة.. 'سايكس بيكو الجديدة' و'الفوضي الخلاقة' وغيرها من الخزعبلات التي لا تعي حقائق التاريخ. أعرف أن محاولات جر الوطن العربي إلي الفوضي كثيرة وخطيرة، فالسيناريوهات صاغتها أعتي أجهزة المخابرات، وتقف وراءها أكبر دولة في العالم.. وأفهم تخوفات البعض من المؤامرة 'الأمريكية - الغربية' علي مصر وجيشها. لكن يجب أن ندرك أو بالأحري نؤمن بأن مصر أعظم من المؤامرات والمخططات والسيناريوهات، وشعبها عفيٌّ، عصيٌّ علي الكسر والهزيمة. فالشعب المصري صاحب أول ثورة عرفتها البشرية قبل 4 آلاف عام، وأكبر ثورة شهدها العالم، لن يسمح لأحد بأن يقف في طريق حريته ودولته الموحدة. سيحتشد أبناؤه أمام صناديق الاستفتاء في مشهد غير مسبوق، وسيقولون 'نعم' ليضيفوا إلي أمجادهم مجدًا جديدًا ويستكملوا معركة الاستقلال الوطني والتحرر من براثن التبعية، ويمضوا نحو تحقيق أهداف ثورتهم في 25 يناير و30 يونية. لن ينسي المصريون مشاهد جنودنا المخطوفين وهم معصوبو الأعين يجلسون علي ركبهم ويضعون أيديهم فوق رؤوسهم ويتوسلون للإفراج عنهم، لن ينسوا طفل الإسكندرية الذي رماه الإخوان الإرهابيون من فوق سطح إحدي العمارات، كما لن ينسوا شهداء 'مكتب الإرشاد'، و'الاتحادية'، وغيرهم من الشهداء. سيخرج المصريون يثأرون لدماء أبنائهم في 'مذبحتي رفح' الأولي والثانية، و'مجزرة بورسعيد' و'كرداسة' وغيرها.. يثأرون لأرواح شهدائهم.. كل الشهداء، حتي من فاضت أرواحهم إلي السماء وهم يعتقدون أنهم يدافعون عن الإسلام، ممن خدعتهم عبارات الإخوان الناعمة عن الدين والشريعة. سيخرج المصريون، ويخرجون كلما لزم الأمر، ليدافعوا عن مستقبل بلدهم ووطنهم العربي، وليعلموا الجميع حقائق التاريخ. ساندرا نشأت 12 دقيقة فقط هي مدة فيلم 'خليك فاكر' للمخرجة ساندرا نشأت، تعرض من خلاله رأي المصريين في الدستور الجديد. غاصت ساندرا في أعماق المجتمع المصري، طافت البلاد شرقًا وغربًا، شمالا وجنوبًا ونقلت بأمانة وحرفية وإتقان وإبداع شديد وروح مصرية خالصة، نبض الملايين، وطموحاتهم البسيطة تجاه بلدهم. كلمات قليلة قالها أبطال الفيلم من المصريين البسطاء جسدت وبعمق سبعة آلاف سنة من الحضارة، فقد قالوا في دقائق ما يلوكه السياسيون في ساعات. فتحية إلي فريق العمل الذي ينضم لقائمة أفضل ما شهدته السينما المصرية والعربية: أحمد عبد العزيز 'التصوير'، ومحمد عبد الحسيب 'المكساج'، ووائل فرج 'المونتاج' وهاني عادل 'الإنتاج الفني'. وتحية وتقدير إلي المخرجة الكبيرة المبدعة ساندرا نشأت.