تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    خالد أبو بكر: الدولة ليست وحدها المسئولة عن الأسعار    مصير مجهول ينتظر "مؤتمر المصالحة الليبية" ..تحشيد عسكري روسي وسيف الإسلام مرشحا للقبائل !    مراقبون: فيديو الأسير "هرش بولين" ينقل الشارع الصهيوني لحالة الغليان    فلسطين والانتخابات الأمريكية.. تحولات في التوجهات والتأثيرات    عضو «دفاع النواب»: الحديث عن تنسيق مصري إسرائيلي لاجتياح رفح الفلسطينية «كلام مكذوب»    بعد خسارة الأهلي ضد أويلرز الأوغندي.. موقف مجموعة النيل ببطولة ال«BAL»    بعد خسارة ليفربول.. كلوب يعلق على ضياع حلم البريميرليج    أتالانتا يضرب موعدا مع يوفنتوس في نهائي كأس إيطاليا    ختام فعاليات الشباب والرياضة الحوار المجتمعي «دوّي» بالإسكندرية    إصابة أم وأطفالها الثلاثة في انفجار أسطوانة غاز ب الدقهلية    اختيارات النقاد.. بعد سيطرة الكوميديا ما هى الأفلام الأنسب لموسم العيد؟    حظك اليوم برج العذراء الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    رئيسة «القومي للمرأة» تزور مكتبة الإسكندرية.. وتشيد بثرائها وأصالتها    «صاحب صاحبه».. 3 أبراج لديها رغبة شديدة في تخفيف معاناة الناس    مدير تعليم القاهرة: مراعاة مواعيد الامتحانات طبقا للتوقيت الصيفي    تحالف الأحزاب المصرية يوجه تحية لأبناء وقبائل سيناء    مايا مرسي: الدولة المصرية مهتمة بتذليل العقبات التي تواجه المرأة    المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمطاعم والمولات والمقاهي    سفير ألمانيا بالقاهرة: المدرسة الألمانية للراهبات أصبحت راسخة في نظام التعليم المصري    السجن 10 أيام عقوبة جندى إسرائيلى تخابر مع إيران    أحمد جمال سعيد ينفصل عن زوجته سارة قمر.. والجمهور يعلق: "ربنا يعوضكم خير"    الهلال الأحمر المصري: إسرائيل تعطل إجراءات دخول الشاحنات إلى قطاع غزة    خال الفتاة ضحية انقلاب سيارة زفاف صديقتها: راحت تفرح رجعت على القبر    إجازات شهر مايو .. مفاجأة للطلاب والموظفين و11 يومًا مدفوعة الأجر    أحمد موسى: مصر قدمت تضحيات كبيرة من أجل إعادة أرض سيناء إلى الوطن    صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    الأمم المتحدة تدعو لإصلاح النظام المالي للإسهام في تحقيق أهداف التنمية    علي فرج: مواجهة الشوربجي صعبة.. ومستعد لنصف نهائي الجونة «فيديو»    رئيس جي في للاستثمارات لأموال الغد: 30 مليون دولار استثمارات متوقعة لاستكمال خطوط الإنتاج المطلوبة لسيارات لادا    رئيس جامعة دمنهور يشهد فعاليات حفل ختام مهرجان بؤرة المسرحي    في الموجة الحارة.. هل تناول مشروب ساخن يبرد جسمك؟    طريقة عمل الكبسة السعودي باللحم..لذيذة وستبهر ضيوفك    للتهنئة بعيد القيامة.. البابا تواضروس يستقبل رئيس الكنيسة الأسقفية    هل تقتحم إسرائيل رفح الفلسطينية ولماذا استقال قادة بجيش الاحتلال.. اللواء سمير فرج يوضح    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    دعاء الستر وراحة البال والفرج.. ردده يحفظك ويوسع رزقك ويبعد عنك الأذى    خالد الجندي: الاستعاذة بالله تكون من شياطين الإنس والجن (فيديو)    أمين الفتوى: التاجر الصدوق مع الشهداء.. ومحتكر السلع خبيث    بروتوكول تعاون بين «هيئة الدواء» وكلية الصيدلة جامعة القاهرة    مدير «مكافحة الإدمان»: 500% زيادة في عدد الاتصالات لطلب العلاج بعد انتهاء الموسم الرمضاني (حوار)    متحدث «الصحة» : هؤلاء ممنوعون من الخروج من المنزل أثناء الموجة الحارة (فيديو)    بعد إنقاذها من الغرق الكامل بقناة السويس.. ارتفاع نسب ميل سفينة البضائع "لاباتروس" في بورسعيد- صور    «الزراعة» : منتجات مبادرة «خير مزارعنا لأهالينا» الغذائية داخل كاتدرائية العباسية    العاهل البحريني ورئيس الإمارات يدعوان إلى تهدئة الأوضاع بالشرق الأوسط    فوز مصر بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    بلطجة وترويع الناس.. تأجيل محاكمة 4 تجار مخدرات بتهمة قتل الشاب أيمن في كفر الشيخ - صور    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    يسري وحيد يدخل حسابات منتخب مصر في معسكر يونيو (خاص)    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    "تحليله مثل الأوروبيين".. أحمد حسام ميدو يشيد بأيمن يونس    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    «التابعي»: نسبة فوز الزمالك على دريمز 60%.. وشيكابالا وزيزو الأفضل للعب أساسيًا بغانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق جويدة: ثورتان.. والشعب واحد
نشر في أخبار مصر يوم 06 - 09 - 2013

لم يكن المصريون في حاجة الى انقسامات جديدة بعد ثورة يونيه كانت الأحداث التي مرت على مصر كافية لأن تفتت جموع هذا الشعب لكي يتحول الى شظايا متناثرة لم تمتد فقط في الشوارع والميادين الكبرى في المدن ولكنها تسللت الى القرى والنجوع حتى وصلت الى البيوت الطينية الصغيرة القابعة في اعماق الريف المصري العتيق..
لم يكن من الصعب ان تتسلل الشظايا الى ابناء الأسرة الواحدة فيخرج الأبناء عن وصاية الآباء الى مكان مجهول تحت فتوى او شعار وتصر الزوجة على الطلاق لأن الداعية قال لها انت على حق وزوجك هو الباطل ويلقي الرجل اليمين على زوجته ويترك لها الأبناء ويرحل.. بعد ثورة يناير كانت مساحة الإنقسامات لا تتجاوز منطقة الثوار والفلول.. كانت هذه هي بداية قصة الصراع بين نظام سقط ودولة جديدة تحاول ان ترسي قواعدها..
كان امرا مقبولا ان تكون هذه هي مساحة الخلافات امام نجوم تهاوت ونجوم اخرى صعدت ولا مانع ان يكون بينها صدام في لحظة تغيير حادة..
كنا نتصور ان الوفاق سيكون يوما سيد الموقف والقرار وان درجة الخلاف مهما تمادت سوف تعود الى منطقة ما تتوافق فيها الآراء وتتوحد فيها الأهداف مادامت النوايا خالصة وطيبة..
حتى هذه اللحظة كانت الإنقسامات بين القوى السياسية والوطنية امرا عاديا حتى انطلقت معركة الصراعات حول الإعلان الدستوري والإنتخابات البرلمانية ثم الرئاسية.. ثم ظهرت لأول مرة لعنة الإنقسامات الدينية التي حملتها الطوائف الدينية ما بين مؤمن وكافر وما بين شريعة وعلمانية ومابين الإخوان والسلفيين وجبهة الإنقاذ وزادت حدة المواجهة حتى وصلت الى طريق مسدود او بمعنى آخر انه لا حوار ولا مشاركة ولا وفاق..
كان من الضروري ان تهتز اركان هذه المنظومة العشوائية وتتهاوى امام الجميع في مشهد تاريخي امام الملايين الذين خرجوا يوم 30 يونيه يرفضون ما وصلت اليه احوال مصر على كل المستويات السياسية والإجتماعية والأمنية والإقتصادية..
كان من الصعب ان تبقى هذه المنظومة العشوائية التي فقدت كل مقوماتها ورغم هذا كانت تصر على البقاء حتى ولو كان ذلك على حساب استقرار الوطن وامنه وسلامته.. هنا عادت موجات الإنقسام تجتاح حياة المصريين مرة اخرى ووجدنا انفسنا امام ثورتين.. وامام اكثر من فصيل سياسي وبدأت رحلة الإتهامات تجتاح حياة المصريين مرة اخرى..
بدأ البعض رحلة التشكيك في ثورة يناير ابتداء بالشباب الذي شارك فيها وانتهاء بدماء الشهداء الذين سقطوا فداء لهذا الوطن.. في فترة ما لم يكن احد يجرؤ ان يشكك في ثورة يناير او ان يهاجم رموزها وامتدت الإتهامات حتى وصلت الى مناطق العمالة والخيانة والمؤامرة.. بقي الإنقسام حول ثورة يناير محل خلاف لأن الإخوان كانوا يرون ان ثورة يناير صناعة إخوانية رغم ان الحقيقة تقول غير ذلك.. ولكن الإتهامات لحقت بالجميع واصبح من الضروري إيهام الرأي العام بأن يناير أكذوبة كبرى ولم تكن ثورة شعب.
مع هذا الشكيك في ثورة يناير كان التلويح بعودة مواكب الفلول وما بقي من النظام السابق الى الساحة مرة اخرى.. وهنا ايضا خرجت اتهامات اخرى ان رموز الفلول دفعوا اموالا طائلة لتشويه ثورة يناير وان الإعلام الخاص لعب دورا كبيرا في هذه المؤامرة.. ومع الإتهامات التي لحقت بثورة يناير كانت الحشود التي خرجت في 30 يونيه تدعي انها الثورة الحقيقية ووجد المصريون انفسهم امام ثورتين كل منهما تدعي انها ثورة الشعب الحقيقية وان ما دونها باطل.. وحتى تكتمل الصورة خرج من يقول ان ثورة يناير عملية إخوانية وصلت بالإخوان الى السلطة وحكم مصر وان ثورة يونيه ثورة شعبية اعادت السلطة للشعب وكلا الرأيين خاطئ.. لأن ثورة يناير قام بها شباب مصر قبل ان يدرك الإخوان حقيقتها ويشاركوا فيها ويقطفون ثمارها.. اما ثورة يونيه فقد سلكت نفس طريق ثورة يناير واطاحت بالإخوان المسلمين وهنا لا بد ان نتذكر ان الإخوان كانوا الضلع الثاني لمنظومة الحكم في مصر وكانوا يمثلون جناحا قويا مع الفلول في حكم مصر قبل ثورة يناير.. وما حدث في الثورتين ان الشعب المصري قرر ان يتخلص من الإثنين معا وان اختلف التوقيت والظروف والأحداث والأشخاص..
ولم يكن غريبا ان يكون العامل المشترك بين الثورتين هو الشعب والجيش.. ان الشعب كان صاحب الثورتين والجيش هو الذي قام بالحماية وفرض إرادة هذا الشعب.. كان الجيش في الثورة الأولى يرفض فكرة توريث حكم مصر ولهذا وقف مع الشعب ضد النظام.. وكان الجيش نفسه ضد فكرة استبداد الدولة الإخوانية ولهذا وقف مع الشعب واسقط الإخوان وهذا يعني انه لاخلاف على الإطلاق بين ثورة يناير وثورة يونيه لأنهما جسدتا الإرادة الشعبية في ظل قناعة وحماية كاملة من الجيش.. وهنا يصبح التراشق والإتهامات بين ثوار يناير وثوار يونيه جريمة كبرى ومغالطة خطيرة.. ان ثوار يناير يرفضون تماما ثورة يونيه ويتهمون فلول النظام السابق بأنهما وراء ما حدث ولو ان النظام السابق كان قادرا على جمع هذه الحشود فهنيأ له الحكم مرة اخرى.. اما ثوار يونيه فهم يعتقدون ان ثورة يناير كانت مؤامرة دولية شاركت
فيها اطراف محلية.. وإذا كانت المؤامرات قادرة على حشد هذه الجماهير بهذه الأعداد الرهيبة فلماذا لم يحدث ذلك منذ عشرات السنين التي مضت وامام حكم مستبد سيطر على إرادة الشعب ثلاثين عاما.
ان تصوير ما حدث في مايو على اساس انه مؤامرة خارجية وتصوير ما حدث في يونيه على انه مؤامرة من الفلول خيانة لدماء الشهداء واستخفاف بإرادة هذا الشعب وعلى السادة المنظرين من الانتهازيين وكذابي الزفة ان يتركوا للشعب قراره وإرادته لأن هذا الشعب هو الذي اسقط الحزب الوطني وفلوله وهو الذي اطاح بالإخوان المسلمين وحشودهم.. ان اخطر الظواهر في هذه الإنقسامات بين الثورتين اننا بدأنا رحلة تتجاوز دائرة الإتهامات حتى وصلنا الى العمالة والخيانة وبيع الأوطان..
ان ثوار يناير في قائمة الإتهامات الآن تلقوا اموالا من جهات اجنبية وتم تدريبهم في مؤسسات خارجية وقد جمعوا اموالا طائلة من وراء ذلك كله..
ومن يقول هذه الإتهامات عليه ان يثبت الحقيقة امام القضاء وامام الشعب.. يقولون هناك من تلقى اموالا من دول كثيرة ولا اعتقد ان إثبات ذلك سوف يكون امرا مستحيلا وعلى الجهات الأمنية ان تراجع الحسابات والممتلكات وتعلن للشعب الحقيقة.. على جانب آخر هناك اتهامات لثوار يونيه ان فلول النظام السابق قدمت المال والتأييد واستخدمت الإعلام في جمع الحشود وهذه اشياء لا يصعب رصدها ومعرفة حقيقتها..
في كل يوم تطالعنا وسائل الإعلام بإتهامات لأشخاص لا نعرف إذا كانوا مدانين او ابرياء والكلمة ينبغي ان تكون للعدالة اما ان يتحول المصريون كل المصريين الى خونة وعملاء لجهات خارجية فهذا عار ما بعده عار..
لا يعقل ان تكون نهاية الشعب المصري العظيم مع حدثين من اهم اللحظات المضيئة في تاريخه الحديث ان يكون مصيرهما اتهامات بالعمالة.. لقد خرج المصريون بحشودهم التي اذهلت العالم عن إيمان حقيقي بحب هذا الوطن وحين يجئ النهر مندفعا شامخا فهو لا ينظر الى طحالب تسللت هنا او وقفت هناك.. لقد خرج المصريون في يناير ويونيه حشودا بالملايين كان بينهم الثوار وكان فيهم البلطجية ولكن الملايين كانت تنظر فقط لهدف عظيم وغاية سامية هي تحرير إرادة هذا الشعب..
لا يعقل ان تلقى الإتهامات جزافا على شباب طاهر نقي تصدر المشهد ودفع حياته ثمنا لحرية هذا الشعب وهناك آلاف الأمهات الثكالى وآلاف الشباب الجرحى ولا ينبغي ان تكون الإدانة هي آخر المطاف.. ان الشباب الذي نزل الى الشوارع يوم 25 يناير و30 يونيه لم يكن يدافع عن مكاسب او مصالح خاصة ولكنه كان يحلم بوطن اكثر إنسانية..
إذا كانت لدى جهات الأمن والأجهزة الرقابية حقائق ثابتة تدين اشخاصا فلا ينبغي ان تكون سيفا مسلطا على رقاب الجميع وعلى هذه المؤسسات ان تقدم المدانين للمحاكمة العلنية حتى يأخذ كل شخص جزاؤه لأن الأحاديث الهولامية عن العمالة والخيانة لا تسئ لأصحابها فقط ولكنها تسئ لكل إنسان شارك في هذه الصحوة وليس من المعقول ابدا ان نلقي التراب على كل شئ..
هناك اشخاص يجيدون الوقيعة والصيد في الماء العكر فلا هم شاركوا في ثورة يناير ولا هم شاركوا في ثورة يونيه ولم تكن لهم يوما مواقف غير رغبتهم في تشويه صور الآخرين وهؤلاء ينبغي ان يخرجوا تماما من المشهد وعلى الإعلام ان ينقي صفحاته ويطهر نفسه من هذه الأوبئة البشرية..
ما حدث في يناير ثورة عظيمة ضد الوطني والفلول ونظام فاسد وما حدث في يونيه ثورة عظيمة ضد الإخوان ودعاة التكفير ونظام مستبد احمق والثورة صنعتها إرادة شعب يحلم بحياة كريمة.. ياعزيزي كلنا مصريون وطنيون مخلصون محبون لهذا الوطن وهذا التراب ومن العار ان تتحول اجمل اللحظات وانقاها في حياتنا الى اتهامات ظالمة.
..ويبقى الشعر
نسيت ملامح وجهي القديم..
ومازلت اسأل: هل من دليل ؟!!
أحاول أن استعيد الزمان
وأذكر وجهي...
وسمرة جلدي...
شحوبي القليل...
ظلال الدوائر فوق العيون
وفي الرأس يعبث بعض الجنون
نسيت تقاطيع هذا الزمان
نسيت ملامح وجهي القديم..
عيوني تجمد فيها البريق..
دمي كان بحرا..
تعثر كالحلم بين العروق..
فأصبح بئرا..
دمي صار بئرا
وأيام عمري حطام غريق..
فمي صار صمتا.. كلامي معاد
وأصبح صوتي بقايا رماد
فما عدت انطق شيئا جديدا
كتذكار صوت أتي من بعيد
وليس به اي معني جديد
فما عدت أسمع غير الحكايا
وأشباح خوف برأسي تدور
وتصرخ في الناس
هل من دليل ؟؟
نسيت ملامح وجهي القديم
لأن الزمان طيور جوارح
تموت العصافير بين الجوانح
زمان يعيش بزيف الكلام
وزيف النقاء... وزيف المدائح
حطام الوجوه علي كل شئ
وبين القلوب تدور المذابح
تعلمت في الزيف ألا أبالي
تعلمت في الخوف ألا اسامح
ومأساة عمري.. وجه قديم
نسيت ملامحه من سنين
أطوف مع الليل وسط الشوارع
وأحمل وحدي هموم الحياه
أخاف فأجري.. وأجري أخاف
وألمح وجهي.. كأني أراه
وأصرخ في الناس هل من دليل؟!!
نسيت ملامح وجهي القديم
وقالوا..
وقالوا رأيناك يوما هنا
قصيدة عشق هوت.. لم تتم
رأيناك حلما بكهف صغير
وحولك تجري.. بحار الالم
وقالوا رأيناك خلف الزمان
دموع اغتراب.. وذكري ندم
وقالوا رأيناك بين الضحايا
رفات نبي مضي.. وابتسم
وقالوا سمعناك بعد الحياة
تبشر في الناس رغم العدم
وقالوا..وقالوا.. سمعت الكثير
فأين الحقيقة فيما يقال ؟
ويبقي السؤال..
نسيت ملامح وجهي القديم
ومازلت أسأل.. هل من دليل ؟!!
مضيت أسائل نفسي كثيرا
تري أين وجهي.. ؟!!
وأحضرت لونا وفرشاة رسم..
ولحنا قديم
وعدت أدندن مثل الصغار
تذكرت خطا
تذكرت عينا
تذكرت أنفا
تذكرت فيه البريق الحزين
وظل يداري شحوب الجبين
تجاعيد تزحف خلف السنين
تذكرت وجهي
كل الملامح.. كل الخطوط
رسمت انحناءات وجهي
شعيرات رأسي علي كل باب
رسمت الملامح فوق المآذن..
فوق المفارق..بين التراب
ولاحت عيوني وسط السحاب
واصبح وجهي علي كل شئ
رسوما..رسوم
ومازلت أرسم.. أرسم.. أرسم
ولكن وجهي ما عاد وجهي..
وضاعت ملامح وجهي القديم.
قصيدة وضاعت ملامح وجهي القديم سنة 1983
نقلا عن جريدة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.