أيام صعبة حتمًا ستعيشها مصر خلال الفترة القادمة ربما بدأت معالمها بزرع القنابل داخل بعض الأماكن الحيوية في مصر سواء داخل مواصلات عامة أو بالقرب من المدارس والمصالح التي تخص غالبية الشعب المصري وليس الشرطة والجيش فحسب. فالقرار الذي أصدره مجلس الوزراء الأسبوع الماضي باعتبار الإخوان جماعة إرهابية بالتأكيد لن يمر بسلام خاصة أن البعض يراه قرارًا إداريًا والبعض الآخر يري انه كان ضرورة واجبة للتمهيد للاستقرار واستكمال خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية. إلا أنه علي الجانب الآخر يري البعض انه سيكمل حلقات العنف لتزيد وتهدد كل شيء في مصر فالجماعة لن تسكت 'محليًا أو دوليًا' علي القرار. الذي لا يعد السابقة الأولي في التاريخ فجماعة الإخوان تم حلها علي يد محمود فهمي النقراشي في 8 ديسمبر عام 1948، وهو ما كلفه حياته بعد عشرين يومًا فقط من إصدار القرار، ثم الرئيس جمال عبد الناصر الذي حل الجماعة للمرة الثانية في 29 أكتوبر عام 1954 بعد ثلاثة أيام من محاولة اغتياله علي يد الجماعة في حادث المنشية الشهير بالإسكندرية. صحيح أن الدكتور حازم الببلاوي وبعض أعضاء وزارته لم يكونوا علي اقتناع تام بإعلان الجماعة إرهابية بقرار إداري معتبرين ان القرار سيؤدي إلي الاساءة لمصر دوليًا إلا أنه في نهاية الأمر اتخذ الببلاوي القرار ويتحمل عواقبه. خاصة ان الجدل والضيق زاد بين كافة فئات الشعب المصري بعد تفجير مديرية أمن الدقهلية وعدد آخر من الحوادث التي شهدتها مصر ومنها محاولة اغتيال وزير الداخلية والمذابح التي وقعت بحق الجنود في سيناء أكثر من مرة واستهداف مقر المخابرات الحربية ومعسكر الأمن المركزي في الإسماعيلية. لكل ذلك قرر مجلس الوزراء إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وتنظيمها تنظيمًا إرهابيًا في مفهوم نص المادة 86 من قانون العقوبات بكل ما يترتب علي ذلك من آثار أهمها 'توقيع العقوبات المقررة قانونًا لجريمة الإرهاب علي كل من يشترك في نشاط الجماعة أو التنظيم، أو يروج لها بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخري، وكل من يمول أنشطتها وتوقيع العقوبات المقررة قانونًا علي من ينضم إلي الجماعة أو التنظيم واستمر عضوًا في الجماعة أو التنظيم بعد صدور هذا البيان وإخطار الدول العربية المنضمة لاتفاقية مكافحة الإرهاب لعام 1998م بهذا القرار مع تكليف القوات المسلحة وقوات الشرطة بحماية المنشآت العامة، علي أن تتولي الشرطة حماية الجامعات وضمان سلامة أبنائنا الطلاب من إرهاب تلك الجماعة'. تداعيات الأحداث تلك الأحداث الدامية بحسب نص بيان مجلس الوزراء الذي اعتبر الجماعة هي المسئولة عن كل هذا العنف والقتل والدمار الذي تشهده مصر لم يكن يصلح معه أي مبررات قدمها الببلاوي وبعض وزرائه بالتروي انتظارًا لحكم قضائي بدلاً من قرار إداري من الحكومة، وهو الأمر الذي يعطي الجماعة أو أحد كوادرها الحق في الطعن علي القرار أمام القضاء الإداري، فإذا تم قبول الطعن. سيحق للجماعة الزعم بأنها تملك حكما قضائيا بأنها ليست إرهابية وليست محظورة وهنا تخرج الجماعة بنصر لم تكن تحلم به في تاريخها. فالحكومة ومؤيدو القرار اعتمدوا علي تأييد غالبية الشارع لقرار الحكومة وهو ما يكشف عنه استطلاع للرأي أصدره أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام 'بصيرة' أكد أن 35% من المصريين يرون أن جماعة الإخوان المسلمين هي الجهة المسئولة عن تنفيذ الحادث الإرهابي الذي شهدته محافظة الدقهلية، وأشار استطلاع الرأي، الذي أجراه المركز باستخدام الهاتف المنزلي والمحمول علي عينة احتمالية حجمها 1374 مواطنا في الفئة العمرية 18 عاما فأكثر بجميع محافظات الجمهورية، وعلي عينة أكبر من محافظة الدقهلية. بأن نسبة المصريين الذين يعتقدون أن جماعة الإخوان المسلمين وراء الحادث ترتفع بين الحاصلين علي تعليم جامعي أو أعلي لتسجل 44% مقابل 34% بين الحاصلين علي تعليم أقل من متوسط أو متوسط، لافتًا إلي أن الحضر أكثر ميلًا إلي الاعتقاد بأن الإخوان المسلمين وراء الحادث من الريف لتبلغ نسبتهم 39% في الحضر مقابل 31% في الريف. الحكومة التي اعتمدت علي الظهير الشعبي المؤيد للقرار, اعتمدت كذلك علي الثغرات القانونية ومنها المادة 86 مكرر من قانون العقوبات والتي تتيح لها الإجهاز علي الجماعة فالمادة ' تعاقب كل من أنشأ أو أدار جمعية كان الغرض منها الدعوة إلي تعطيل أحكام الدستور أو القانون أو الاعتداء علي الحريات 'إلي آخره' بالسجن كما تعاقب كل من موّل أو انضم إلي هذه الجمعية، إضافة إلي وجود حكم محكمة عابدين المستعجلة والذي تم تأييده بحظر الجماعة قبل أكثر من شهرين. ولعل ما قاله ثروت الخرباوي يؤيد هذا الاتجاه فهو يري ان قرار اعتبار الجماعة جاء متأخرًا وان الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب والتي وقعت عليها الدول العربية 'ألزمت جميع الدول الموقعة عليها في الفقرة 8 من المادة 3 والتي تنص علي 'أن تتعهد الدول المتعاقدة بعدم تنظيم أو تمويل أو ارتكاب الأعمال الإرهابية أو الاشتراك فيها بأية صورة من الصور، والتزامًا منها بمنع ومكافحة الجرائم الإرهابية طبقًا للقوانين والإجراءات الداخلية لكل منها فانها تعمل بحسب الفقرة الثامنة من المادة' علي أن تقوم كل دولة من الدول المتعاقدة بانشاء قاعدة بيانات لجمع وتحليل المعلومات الخاصة بالعناصر والجماعات والحركات والتنظيمات الإرهابية ومتابعة مستجدات ظاهرة الإرهاب، والتجارب الناجحة في مواجهتها، وتحديث هذه المعلومات، وتزويد الأجهزة المختصة في الدول المتعاقدة بها، وذلك في حدود ما تسمح به القوانين والإجراءات الداخلية لكل دولة'.. الخرباوي رأي أن قطر من بين الدول الموقعة علي هذه الاتفاقية وعليها الالتزام بنص المادة. ولكنه في الوقت ذاته يعتقد أن الإخوان لن تقبل بالقرار وسندخل في المزيد من العنف في الفترة المقبلة. خاصة إن الحكومة ممثلة في وزارة الخارجية بدأت بالفعل من خلال جامعة الدول العربية بإخطار الدول العربية المنضمة لاتفاقية مكافحة الإرهاب لعام 1998 بقرار مجلس الوزراء الخاص باعتبار الإخوان جماعة إرهابية حيث تحظر الاتفاقية 'الانضمام إلي أي جماعات تمارس الإرهاب، وتلتزم الدول بملاحقة ومحاكمة من ينتمون إلي تلك الجماعات وقياداتها وسائر عناصرها، وتلزم الدول العربية المصدقة عليها بالقبض علي مرتكبي الجرائم الإرهابية ومحاكمتهم وفقًا للقانون الوطني، أو تسليمهم وفقًا لأحكام هذه الاتفاقية، أو الاتفاقيات الثنائية بين الدولتين الطالبة والمطلوب إليهم التسليم، وكذا تجميد والتحفظ علي ومصادرة الأموال المستخدمة في أعمال إرهابية، وفي المساعدة في التحقيقات في الجرائم الإرهابية فيما بينها، وفي تسليم المتهمين والمحكوم عليهم في قضايا إرهابية، كما تلتزم أيضًا بتبادل المعلومات فيما بينها عن تلك الجماعات. أما الاتفاقية العربية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب لعام 2013 فتلزم الدول العربية المصدقة عليها بالتعاون فيما بينها في تعقب وتجميد والتحفظ علي الأموال المتحصلة أو المستخدمة في تمويل الإرهاب، ويندرج تحت الحظر في هذه الاتفاقية تقديم أو اكتساب أو حيازة الأموال لتمويل الإرهاب. وتلتزم الدول الأطراف في الاتفاقية بضبط تلك الأموال والتحفظ عليها ومصادرتها، وللدول الأطراف طلب استرداد تلك الأموال إذا كانت متحصلة أو متعلقة بأفعال إرهابية تم ارتكابها في أراضيها، كما تلتزم الدول الأطراف بالقبض علي وبتسليم المتهمين والمحكوم عليهم بارتكاب الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية للدول الطالبة، وهي الدول التي وقعت مثل تلك الجرائم علي أراضيها أو يحمل المتهمين والمحكوم عليهم جنسيتها، ومن الدول المصدقة علي هذه الاتفاقية الأردنوقطر والسعودية والعراق وفلسطين والكويت'. تأييد الشارع قرار الحكومة بالتأكيد لاقي قبولا من الشارع ومن بعض المؤسسات الحقوقية ومنها مؤشر الديمقراطية الصادر عن المركز التنموي الدولي والذي اكد أن ما تتعرض له الدولة المصرية من أحداث إرهاب سياسي بدأت في عشرات الاعتداءات التي قام بها أنصار جماعة الإخوان ومؤيدوهم منذ 30 يونية وحتي التفجيرات التي نسبت لبعض الجماعات كما حدث مؤخرًا في المنصورة وما تلاها من تفجيرات مدينة نصر حيث اعتبر المركز أن الدولة المصرية بحكومتها ومؤسساتها قد تركت المواطن المصري في مواجهة مفتوحة أمام جماعات إرهابية منظمة. وهو ما يتطلب من الدولة المصرية أن تتخذ من التدابير المناسبة ما يمكن مواطنيها من العيش بأمان وإلا تحول الأمر من دولة لغابة تقوم علي مبدأ الصراع والدماء، كما يري أنه لن تستطيع الدولة مجابهة هذا الإرهاب سوي بمنظومة أمنية حقيقية وفاعلة، تستند علي نظام قضائي قوي وعادل وجهات تحقيق محترفة ومستقلة و نزيهة في وجوب مساندة شعبية منظمة وواعية. وقال المهندس محمد صلاح زايد رئيس حزب النصر الصوفي إن الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء يتحمل مسئولية التأخير في اعلان جماعة الإخوان بالجماعة الارهابية علي حساب ارواح الابرياء من الشعب. وحمل 'زايد' الدكتور حسام عيسي وزير التعليم العالي ونائب رئيس الوزراء مسئولية المظاهرات الإخوانية والمؤيدين لهم في الجامعات المصرية، والتي استهان بها من قبل عندما قال إنها في خمس جامعات فقط، وهو يعلم من يقف وراء الطلاب من المسئولين في الجامعات وأشار 'زايد' إلي انه سبق وطالبنا وزير التضامن الاجتماعي بفتح ملف التمويل الخارجي للجمعيات الاسلامية المتشددة وعلي رأسها جمعية أنصار السنة التي دخل في حسابها 296 مليون جنيه ابان ثورة يناير وكانت هناك لجنة تقصي حقائق اثبتت ان المبلغ المنصرف علي أعمال الخير 30 مليونا فقط. اعتراضات القرار الذي اتخذته الحكومة كان له اعتراضات فيما يخص الجزء الانساني منه وهو تجميد أموال الجمعيات التي تعمل في المجال الخيري وتقديم المساعدات والخدمات الطبية والتي تشمل 1055 جمعية تابعة للإخوان حيث اعتبر الكثيرون أن من اتخذ قرار تجميد أموال الجمعيات الخيرية الإسلامية لا يعلم شيئا عن مصر فالجمعية الشرعية لها 1090 حضانة للأطفال المبتسرين منتشرة في 18 محافظة، بالإضافة إلي 30 مركزًا طبيًا في التخصصات الطبية، والتي تقدمها بالمجان للفقراء والمحتاجين، لاسيما أنها تركز علي علاج الأمراض المزمنة مثل الغسيل الكلوي، ومراكز رعاية الأطفال المبتسرين، والأشعة التشخيصية، وعلاج الحروق والأورام، بالإضافة إلي مشروعاتها المتعددة لرعاية الأيتام وأمهاتهم، وطلاب العلم الفقراء والبالغ عددهم 540 ألف يتيم و250 ألف من أمهاتهم، ومحطات تنقية مياه الشرب والتي يصل عددها إلي 700 محطة يشرب منها ماء نقيا 8.5 مليون مواطن يوميًا. من المتحفظين علي القرار أيضًا خالد علي مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية معتبرًا انه 'قرارًا ليس في وقته' فهو قرار إداري لم يصدر بموجب حكم قضائي ويمكن الإخوان من أن تدافع عن نفسها بأن كل الإجراءات المتخذة ضدها باطلة. كما ان القرار بحسب خالد علي يخلق في المجتمع حالة رعب والأفضل كان أن ننتظر التحقيقات والمحاكمات فالإخوان هزموا شعبيًا وسياسيًا وكان هذا كافيا.