يقف المرء في حيرة اليقظ، وغفلة المدرك، وشك المتيقن، وعجز القادر، أمام إنحطاط الخلق، وانحسار الإحسان، وإنعدام البصيرة، وغياب العقل. أناس يتحدثون بلسان القرأن وهديه وشرح المصطفي عليه الصلاة والسلام، تجد شدة في تراصهم وتصافهم في بيوت الله وتسابقهم دون الصف الأول، تنصت لأحدهم فيأخذك بعذب الحديث وسلاسة المنطق ووضوح الكلم وخشوع المحيا هذا مقاله! لكن الحال شيئا مغاير. والله لو صدقت النوايا لديهم لما كان هذا حالك يا أمة الحبيب محمد 'صلي الله عليه وسلم' تتقاذف سفنك أمواج التيه بجهل العالمين من أبناءك، قال تعالي عز من قال 'إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر' فلو حسنت تلك الصلوات لحسنوا، ولكنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم، ولم يتقوه في خلقه فمدهم في طغيانهم يعمهون، ويملي لهم وما يشعرون. شد انتباهي الحديث عن عقد عدة مؤتمرات لحكماء ليبيا في كافة ربوع ليبيا! بغية رقع الصدع في ما يسمي باللحمة والمصالحة الوطنية، فتوقفت بالزمن لاستذكر يومي 7-6 من شهر الماء 'مايو' من العام 2011 حين عقد بمدينة طرابلس مؤتمر لشيوخ القبائل وحكمائها له نفس الهدف والمسعي وقد تم من خلاله إطلاق مبادرة لم الشمل التي ووجهت بالرفض والنار. فسألت نفسي خيرا يا بلادي أخيرا ظهر فيك حكماء؟! أين كانت هذه الحكمة وأين كان هذا العقل؟!، ومن هم هؤلاء الحكماء؟! هل هم أؤلئك الذين خرجوا علي ولي أمرهم وكانوا يغذون الفتنة ويدعون للاقتتال، أم أؤلئك الذين وقفوا إلي جانب الشرعية ثم بعد نجاح المؤامرة خافوا علي أنفسهم من الموت ونسوا أن الموت بيد الله فأينما تكونوا يدرككم الموت، ولبسوا ثوب الهوان ورضوا بالقعود مع الخوالف. بعد الجهاد الطويل والمشرف للأجداد الذي شهد له الأعجمي قبل العربي والنصراني قبل المسلم، وانجازات أبناء ليبيا الشرفاء الذين ساروا علي خطي الآباء، تم بيعك يا بلادي من قبل حكماء العمالة والخيانة من يدعون أنهم أبناؤك وحفدة المختار، وألبسوك يا ليبيانا الحبيبة ثوب الذل والهوان، وأخرجوك من النور إلي الظلمات بعلمهم وفقهم واهمين الناس أنهم قد تبين لهم الرشد من الغي وقد أنعم الله عليهم أن استمسكوا بالعروة الوثقي لا انفصام لها. أي بعد أكثر من أربعين عام وهم يرزحون تحت وطأة الطغيان والظلم، وانعدام مقدرتهم علي مواجهة ذلك الواقع المقيت، والعجيب أنهم كانوا يهتفون رياء لما يدعون أنه الجبروت والعسف القابع فوق الصدور بالعمر المديد والنصر المبين والمؤازرة ويوثقونها بالعهود والمبايعة، فجعلوا له القول الفصل والقضاء النافذ بأيديهم وأيدي أبناءهم. فأين العقل وأين الحكمة؟ لا أحد أستطاع أن يشعر بوجودهما خلال الأشهر القليلة الماضية مع هذه الفوضي العارمة التي تسود البلاد والاقتتال الدائر بين ثيران المؤامرة في كل زاوية وركن من ليبيا بسبب انتشار السلاح وعدم سيطرة حكومة العمالة المستوردة وتوطن الإرهاب متجسدا في القاعدة بفكرها الهدام التي كانت الجزء الأكبر من المؤامرة والسلاح الرئيسي لتنفيذها، والأيام كفيلة بكشف الستار عن جميع خبايا المؤامرة وحقائقها. يأتي اليوم زمرة من الخونة والعملاء بثوب من النفاق والرياء يدعون شيئا ليس فيهم لينصبوا أنفسهم حكماء ليبيا ويخضون هرجا ومرجا في شؤونها بعد 'خراب مالطا!' أن باعوها بأرخص الأثمان وسلموها لقمة سائغة لأعداء الأجداد والآباء بالأمس. وإذ افترضنا جدلا وتسليما بغاياتهم النبيلة؟! فكيف تصح المصالحة ولم الشمل والعديد من أبنائنا يقبعون في السجون ويتعرضون لأسوء المعاملات غير الانسانية والانتهاكات الصارخة لأبسط الحقوق التي يتبرأ منها الدين الإسلامي الحنيف، والحرمات تنتهك والأعراض تستباح والحقوق تغتصب كل يوم. 'يخادعون الله والذين أمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون' صدق الله العظيم.