بعد زيادة البنزين والسولار، محافظ المنوفية يعلن تعريفة الركوب الجديدة للتاكسي والتوكتوك    إعلام عبرى: حماس أبلغت الوسطاء بوجود جثث إسرائيليين على عمق 7 طوابق وقرب قنابل غير منفجرة    استقبال زيلينسكى فى الولايات المتحدة دون مراسم    فى مقابلة قديمة .. لماذا هاجم صهر ترامب "الصهيونى " محمود عباس بعبارات "مهينة" !    نجوم الجونة وشوشوا الودع على الريد كاربت وقالوا أسرار ومفاجآت.. فيديو    فى ذكراه.. منير مراد الموسيقار المنسى من وزارة الثقافة والغائب عن حفلات ومهرجانات الأوبرا    فلسطين.. الاحتلال يدمر سيارة مواطن خلال اقتحام حي المخفية في نابلس    إعلان الكشوف المبدئية لمرشحي انتخابات مجلس النواب 2025 بسوهاج "مستند"    انتفاضة بيراميدز تتحدى البركان المغربي.. من يفوز بالسوبر الإفريقي غدًا؟    أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة الشرقية لانتخابات مجلس النواب 2025    فنزويلا تطالب مجلس الأمن بموقف حازم تجاه الضربات الأمريكية وانتهاك سيادتها    المخرج أكرم محمود البزاوي يعلن وفاة الفنان «أشرف بوزيشن»    عماد النحاس وجهازه المعاون يصل إلى بغداد لقيادة فريق الزوراء العراقي    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن أسماء المرشحين على النظام الفردي بانتخابات مجلس النواب    انطلاق البطولة المصرية المفتوحة للهواة وسط حضور دولي واسع يضم أكثر من 100 لاعب| فيديو وصور    الحفني: تعزيز السلامة الجوية أولوية تستهدف التشغيل الآمن وفق متطلبات الإيكاو    «مش صديقي.. وبقول اللي حسيته».. رد مثير من كريم نيدفيد بشأن هجومه على رمضان صبحي    القبض على المتهمين بارتداء ملابس فاضحة وارتكاب أفعال خادشة للحياء    إسرائيل ال3.. أسعار البنزين الأعلى تكلفة في العالم (قائمة ب10 دول)    فاروق جعفر يتغزل في نجم الزمالك.. ويؤكد: «قدراته الفنية كبيرة»    ستاد المحور: الكوكي يدرس الدفع ب صلاح محسن في التشكيل الأساسي أمام الاتحاد الليبي وموقف الشامي    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 فى الشرقية    طقس حار نهارًا وشبورة صباحية خفيفة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس الجمعة 17 أكتوبر 2025    «زي النهارده».. وفاة شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود 17 أكتوبر 1978    عاجل- أمن المقاومة يحذر من الشائعات حول مصير أبو عبيدة وسط اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في غزة    سعر الدولار اليوم الجمعة 17102025 بمحافظة الشرقية    اختبر ذكاءك ب10 ألغاز مع الحل.. هل تقدر تجاوب على الكل؟    عاجل - حريق أمام المتحف المصري الكبير قبل افتتاحه    أطعمة طبيعية تساعد على خفض الكوليسترول في 3 أشهر    حيلة لتنظيف الفوط والحفاظ على رائحتها دائمًا منعشة    لو عايز تركز أكتر.. 5 أطعمة هتساعدك بدل القهوة    أسماء المترشحين بنظام الفردي عن دوائر بمحافظة الغربية لانتخابات النواب    حبس متهم بقتل شقيقه فى قنا    الصحف المصرية: إسرائيل تماطل فى فتح معبر رفح    روسيا توسع أسواق نفطها وتستهدف إنتاج 510 ملايين طن    أوقاف الفيوم تعقد فعاليات البرنامج التثقيفي للطفل لغرس القيم الإيمانية والوطنية.. صور    جوتيريش يدعو للعودة إلى النظام الدستورى وسيادة القانون فى مدغشقر    رفضت إصلاح التلفيات وقبول العوض.. القصة الكاملة لحادث تصادم سيارة هالة صدقي    بحضور رئيس مجلس الوزراء.. وزير الشؤون النيابية يشهد ختام أسبوع القاهرة الثامن للمياه    «أفضل لاعب في مصر بمركزه».. فاروق جعفر يتغزل ب نجم الأهلي    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسوان اليوم الجمعة    حماس: إعادة جثث الرهائن من غزة قد يستغرق وقتًا بسبب دفنها في أنفاق    ترامب: لقاء مرتقب مع بوتين في المجر لبحث حرب أوكرانيا    الحفني يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين سلطة الطيران المدني وإدارة الحوادث    4 أبراج «مبيخافوش من المواجهة».. صرحاء يفضلون التعامل مع المشكلات ويقدّرون الشفافية    تركي آل الشيخ: «بدأنا الحلم في 2016.. واليوم نحصد ثمار رؤية 2030»    فضل يوم الجمعة وأعماله المستحبة للمسلمين وعظمة هذا اليوم    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ووقتها المستحب    أدعية يوم الجمعة المستحبة للمتوفى والمهموم والأبناء    الداخلية تكشف ملابسات واقعة فيديو «التوك توك» بملابس خادشة للحياء    السيطرة على حريق سيارة ملاكي بميدان الرماية في الهرم    السيطرة على حريق داخل مخزن لقطع غيار السيارات بميت حلفا    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    استبعاد هيثم الحريري من انتخابات البرلمان بالإسكندرية وتحرك عاجل من المرشح    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 17 أكتوبر 2025    الرعاية الصحية: المواطن يدفع 480 جنيه ونتحمل تكلفة عملياته حتى لو مليون جنيه    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماهى اسباب موت الضمير ؟
نشر في الجمعة يوم 28 - 02 - 2013

ما هي الأسباب التي تؤدي الى ابتلاء الأمة بمرض موت الضمير وفقدان الإرادة، بحيث يصبح هذا الإنسان بموت ضميره وفقدان إرادته إنساناً ضائعاً لا يعرف طريقه في هذه الحياة، أومستلباً مستسلماً للطغيان أو الشهوات؟ هناك اُمور آثيرة يشير اليها القرآن الكريم ويعتبرها أسباباً في موت الضمير وفقدان الإرادة وسوف نشير اليها، حيث يمكن تلخيصها في سببين رئيسين لموت الضمير، وعدة أسباب لموت الإرادة. أ - أسباب موت الضمير 1 - انهيار القاعدة الأخلاقية: السبب الأوّل من أسباب موت الضمير هو انهيار القاعدة الاخلاقية واختلال موازينها وضوابطها، وفي مقدمة مؤشرات هذا الانهيار (التمرد على الله سبحانه وتعالى)، الذي هو أحد الاسباب الرئيسية التي تؤدي بالإنسان إلى قسوة القلب وموت الضمير، لانّ هذا التمرد يعبر عن نقض العهود والمواثيق التي أخذها الله على الإنسان عند خلقه، ويعبر عن آفران النعمة بدل شكرها، لأن الله هو المنعم المطلق على الإنسان، وآذلك يعبر عن التخلي عن تحمل المسؤولية للاستخلاف حيث جعل الإنسان خليفة له. وخيانة الأمانة التي تحملها الإنسان إلى غير ذلك من المعاني الأخلاقية. فالإنسان الذي لا ينسجم في سلوآه وتصرفاته مع الأحكام والحدود الشرعية ولا يطّبق حكم الله ولا ينعكس إيمانه بالله تعالى على أعماله والتزاماته يصاب بمرض القلب، وقد ينتهي به الأمر في مسيرة التسافل والتمرد إلى الكفر بالله تعالى، آما هو الحال في المنافقين. فإن النفاق على درجات آما أن الإيمان على درجات. ويبدأ النفاق من التمرد وعدم الطاعة والالتزام ونقض العهود والمواثيق، وممارسة الظلم والكذب والخديعة والبخل وأآل المال بالباطل، وهتك الحرمات والمتاجرة بالمقدسات، وعدم الشعور .( بالمسؤولية واللامبالاة والشعور بالتعب والملل( 76 76 ) هذه الظواهر والأمراض وأمثالها هي الظواهر الاجتماعية المترتبة على موت الضمير وفقدان الإرادة، والتي لها ) علاقة بالنقطة الثالثة التي أشرنا إليها في صدر هذا الفصل. وبحث هذه الظواهر بحث واسع تتناوله الكتب الأخلاقية وآذلك آتب الحديث في جانبيها السلبي السيء - مثل هذه الظواهر - أو الايجابي الحسن والتي تكون نتيجة لحياة الضمير وقوة الإرادة مثل العدل والإحسان والصدق واحترام حقوق المؤمنين والناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر والتضحية والإيثار... الخ. وإذا لاحظنا حديث القرآن الكريم عن الطبع على القلب وقسوته ومرضه وأسباب ذلك، وآذلك حديث القرآن الكريم عن المنافقين الذين يصفهم مع الكافرين والمتمردين بهذه الأوصاف، نجد أن هذا الحديث يقترن دائماً بموضوع التمرد على الله تعالى في المنافقين، وفي تكذيب آيات الله في الكافرين والمشرآين. فمثلا عندما يتحدث القرآن الكريم عن مسيرة بني إسرائيل التي انتهت بهم إلى قسوة القلب - آما جاء في أوائل سورة البقرة - يستعرض مجموعة من المخالفات ومظاهر التمرد على الله تعالى، مثل اتخاذهم العجل إلهاً، أو تبديلهم الكلام الذي أمرهم الله أن يقولوه عند دخولهم الباب، أو عدم صبرهم على الطعام الواحد، وقتلهم الأنبياء والعصيان، ونقضهم الميثاق، وعدوانهم في السبت، وموقفهم في قضية البقرة حيث يختم القرآن الكريم هذا الاستعراض بقوله: (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي آالحجارة أو أشدّ قسوة وإنّ من الحجارة لما يتفجّر منه الأنهار وإنّ منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإنّ منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عمّا تعملون)( 77 )، ثم يستعرض القرآن الآثار التي تترّتب على قسوة القلب ومرضه. وآذلك عندما يتحدث القرآن الكريم عن المنافقين في سورة التوبة ويذآر مظاهر تمردهم وتخلفّهم عن طاعة الله، وما يفرضه الواجب الشرعي والمسؤولية الاجتماعية تجاه حرآة الامّة والجماعة، يعقب على ذلك، بمثل هذه الآيات الكريمة. (إنّما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم .( يترددون....)( 78 .( (فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما آانوا يكذبون)( 79 .( (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون)( 80 (إنما السبيل على الذين يستأذونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم .( فهم لا يعلمون)( 81 إلى غير ذلك من الموارد القرآنية الاُخرى. ولعلّ من أفضل الآيات التي تعبّر عن هذا السبب هو ما جاء في سورة الحديد من قوله تعالى: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذآر الله ولا يكونوا آالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال .( عليهم الأمد فقست قلوبهم وآثيرٌ منهم فاسقون)( 83 ولعلّ سورة الحديد من أروع السور القرآنية التي خصصت تقريباً لمعالجة هذا المرض في المجتمع الإسلامي. آما أن القرآن الكريم يربط بين حالة الزيغ عن الحدود الشرعية وزيغ القلب وانحرافه، آما جاء في سورة الصف. ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ .( قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين )( 84 إن هناك قضايا رئيسية وأساسية ترتبط بحرآة المجتمع ولها تأثير آبير في موضوع مرض القلب وقسوته، يأتي في طليعتها - آما يظهر من القرآن الكريم - قضية الجهاد في سبيل الله والاستعداد للتضحية بالنفس والمشارآة في القتال. وآذلك قضية بذل الأموال والانفاق في سبيل الله، حيث يكون التخلفّ عن ذلك سبباً لمرض القلب. والقضية الثالثة قضية الطاعة لولي الأمر في الأوامر التي يصدرها لإدارة العملية الاجتماعية والسياسية للجماعة الإسلامية، حيث يفتح التمّرد في هذه المجالات بشكل خاص باب النفاق ومرض القلب ومن ثم قسوته. ولا شك أن المخالفة تارة تكون حالة طارئة تنشأ من بعض عوامل الضعف الإنساني فتلّم بالإنسان بشكل مؤقت، وبالتالي تستتبعها حالة التوبة والندم والإنابة إلى الله تعالى، فهي لا تدلل على مرض القلب وليس لها هذا الأثر السيء. . 82 ) التوبة: 125 ) . 83 ) الحديد: 16 ) . 84 ) الصف: 5 ) (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ آَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ .( سُوءاً بِجَهَالَة ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)( 85 واُخرى تكون المخالفة تعبيراً عن حالة التمّرد والعصيان والإصرار على المعصية واللا مبالاة بها، فهذه هي الحالة الخطيرة التي تنتهي بالإنسان أو الجماعة إلى موت الضمير ومرض القلب وقسوته. 2 - حب الدنيا والسبب الآخر لموت الضمير وقسوة القلب ومرضه هو حب الدنيا والانغماس في شهواتها ولّذاتها، والحرض على زخارفها، واللهو بالأموال والأولاد عن ذآر الله والدار الآخرة. وقد تحدّث القرآن الكريم في موارد آثيرة عن تأثير هذا السبب في مرض القلب وطريقة معالجة ذلك. آما تحدثّت النصوص الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام) في هذا المجال. فمن ذلك قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْم وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَ تَذَآَّرُونَ* وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا .( نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا الاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذلِكَ مِنْ عِلْم إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ)( 86 وقوله تعالى: (وَمِنْهُم مَن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا .( قَالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ)( 87 وقوله تعالى: (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ* .( أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)( 88 ولعلّ في هذا المشهد الذي يتحدثّ فيه القرآن الكريم عن مصير المنافقين يوم القيامة ما يجسّد لنا صورة تأثير حبّ الدنيا في النهاية المأساوية التي تصيب (مرضى القلوب) وما يلاقونه في الدار الآخرة من عذاب. ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُورِآُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَآُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُور لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ* يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّآُم .( بِاللَّهِ الْغَرُورُ)( 89 .« حبّ الدنيا رأس آل خطيئة » : وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال آما ورد عن علي(عليه السلام) في وصف أثر حبّ الدنيا على قلب الإنسان، قوله: .« ومن لهج قلبه بحبّ الدنيا التاط قلبه منها بثلاث، همُّ لا يغبّه وحرصٌ لا يترآه وأملٌ لا يدرآه » آما وصف الفسّاق وأهل الدنيا وتأثير سلوآهم على حياة قلب الإنسان بقوله: اقبلوا على جيفة قد افتضحوا بأآلها وأصطلحوا على حبّها ومن عشق شيئاً أغشى بصره وأمرض » قلبه فهو ينظر بعين غير صحيحة ويسمع بأُذن غير سميعة، قد خرقت الشهوات عقله وأماتت الدنيا قلبه وولهت عليها نفسه فهو عبد لها ولمن في يديه شيء منها حيثما زالت إليها وحيثما أقبل .(90)« عليها ولعلّ من أهم مقاصد (الدين) هو معالجة هذا السبب، وذلك من خلال أساليب الموعظة والتحذير وبيان الدور الحقيقي للحياة الدنيا وموازنتها بالحياة الآخرة، وقد اشتمل القرآن الكريم على المئات من الآيات الكريمة التي تناولت هذا الموضوع وفي مختلف أدوار نزوله. ومن الأمثلة على ذلك، قوله تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ* قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْر مِن ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللّهِ .( وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ)( 91 (اعْلَمُوا أَ نَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلاَدِ آَمَثَلِ غَيْث أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَراً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ .14 - 89 ) الحديد: 13 ) . 90 ) نهج البلاغة: الخطبة 109 ) .15 - 91 ) آل عمران: 14 ) وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ* سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَة مِن رَبِّكُمْ وَجَنَّة عَرْضُهَا آَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ .( الْعَظِيمِ)( 92 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُآُمْ عَن ذِآْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون .(93)( (قُلْ إِن آَانَ آبَاؤُآُمْ وَأَبْنَاؤُآُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ آَسَادَهَا وَمَسَاآِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَاد فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ .( وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)( 94 (لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ آَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ آَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِروح مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّات
تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ .( هُمُ الْمُفْلِحُونَ)( 95 وهذا الحب للدنيا وإن آان غريزة في نفس الإنسان، ولكن عالجه القرآن الكريم والدين الحنيف. ومن خلال إثارة عوامل التقوى والورع. ومن خلال التعويض عن التضحية بثواب الآخرة ورضوان الله. ومن خلال التقويم الصحيح للدار الدنيا: (وما الحياة الدنيا في الآخرة إلاّ متاع). (فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلاّ قليل). (وما الحياة الدنيا إلاّ متاع الغرور). (وما الحياة الدنيا إلاّ لعب ولهو). ويتحول هذا السبب إلى حالة خطيرة عندما تتوفّر للجماعة بشكل عام أسباب الترف والدعة وتنفتح عليها أبواب الثروة والأموال والرخاء، حيث تتعرض الجماعة بأآملها إلى خطر موت الضمير العام لديها، وتصاب بهذا المرض القاتل. وهذا ما واجهته الأمة الإسلامية في الصدر الأول للإسلام، فإن شهوات الدنيا وزينتها لم تصبح قاصرة على فئة معينة ومحدودة من الناس، بل أصبحت في متناول عموم الجماعة الإسلامية بسبب الفتوحات وتدّفق الأموال الهائلة عليهم بسبب هذا الفتح. لقد آان المسلمون في السابق جماعة من الفقراء، يعيشون حياة صعبة وقاسية فيها الكثير من شظف العيش، فإذا بهم تنفتح عليهم بلاد آسرى وبلاد قيصر وتقع بأيديهم أرض السواد والشام ومصر وأفريقيا، وتتهيّأ لهم الوسائل المختلفة للعيش المرفّه وأساليب الترف الجديدة. وأصبحت أمامهم فرص واسعة لم يعرفوها من قبل، هذا الإنسان الذي لم يكن يتمكن أن يعد الأشياء بأآثر من الألف، ولم يكن يتصور أنّ هناك عدداً أآبر من الألف، إذا به يملك الملايين من الأموال ولا يعرف آيف يتصرف بها. حتى أن بعض الصحابة أخذ يملك من الذهب آميات آبيرة تكسر بالفؤوس، مثل عبد الرحمن بن عوف، أو أنّ بعضهم آان قد أقطعه الخليفة خراج أفريقيا بأآمله مثل مروان بن الحكم. مثل هذه الأوضاع الاجتماعية والسياسية تحولت إلى مرض اجتماعي خطير في غياب التخطيط الاقتصادي الصحيح، والتوجيه التربوي والأخلاقي السليم، أو التوزيع العادل الذي يقوم على أساس المقاييس القرآنية من العلم والتقوى والجهاد والحاجة... الخ. لقد أصبحت الحالة تشبه إلى حد آبير الحالة التي يعيشها بعض المسلمين في أيامنا المعاصرة عندما انفتحت عليهم أبواب النفط، وأصبحت الأموال تأتيهم من آل جانب ومكان، وأخذوا يتصرّفون في هذه الأموال بعقلية الترف والإسراف والتبذير، الأمر الذي أدّى بهم إلى أن يصابوا بحالة مشابهة لحالة المسلمين الأوائل، حالة .( مرض القلب وموت الضمير( 96 والقرآن الكريم يشير إلى هذا المرض الخطير والأوضاع الاجتماعية التي تنشأ منه عند حديثة عن الأمم السابقة وآأنّه يتحدّث عن هذه الأمة الخاتمة. ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَم مِن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ* فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا آَانُوا يَعْمَلُونَ* فَلَمَّا نَسُوا مَاذُآِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا .( عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ آُلِّ شَيْء حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُبْلِسُونَ)( 97 (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَة مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ* ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ .( السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَيَشْعُرُونَ)( 98

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.