جامعة المنصورة تستقبل طلاب المرحلة الأولى 2025 بمعامل التنسيق الإلكتروني (صور)    حزب الجيل يختتم دعايته ل انتخابات مجلس الشيوخ بمؤتمر في المنصورة    وزير التموين يبحث مع جهاز تنمية المشروعات تطوير منافذ تجارة التجزئة    سامية سامي: زيادة أجور المرشدين السياحيين تقديرًا لدورهم وتحسين أوضاعهم    أطباء السودان: الجوع يقتل 13 طفلا بمعسكر لقاوة للنازحين بدارفور    الجيش الاردني يعلن عن تنفيذ إنزالين جويين ل 15 طن من المساعدات الإغاثية على قطاع عزة بمشاركة دولة الإمارات    «العد التنازلي بدأ في جبال الألب».. أمريكا وبريطانيا يجهزان بديلًا ل زيلينسكي    النصر السعودي يضم البرتغالي جواز فيليكس رسميا    ضبط عاطلين ألقيا مياه صرف صحي في ترعة بالشرقية    مسعود شومان بعد الفوز بجائزة التفوق بالآداب: هذا التتويج ثمرة لجهد سنوات من العمل والعطاء    بعد غياب مصطفى كامل.. إقبال ضعيف على انتخابات التجديد النصفي ل «المهن الموسيقية» (صور)    تامر حسني vs عمرو دياب.. المنافسة تشتد بين نجوم الغناء على صدارة أنغامي وسبوتيفاي    طريقة عمل البرجر البيتي بمكونات بسيطة وآمنة وأحلى من الجاهز    «اللي بيناموا كتير».. الإفراط في النوم قد يزيد من خطر وفاتك (دراسة)    محافظ بني سويف ورئيس البورصة يفتتحان فعاليات النسخة 13 لمؤتمر "البورصة للتنمية"    المياه أغرقت الشوارع.. كسر في خط مياه رئيسي بالدقهلية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    أكرم القصاص: جهود مصر لإغاثة غزة تواجه حملة تشويه رغم نجاحاتها الدولية    الطب البيطري بسوهاج يتفقد مجزر البلينا للتأكد من سلامة وجودة اللحوم المذبوحة    كسر فى خط مياه بمدينة المنصورة يغرق الشوارع وفصل الكهرباء عن المنطقة.. صور    هيئة الإسعاف: نقل 30368 طفلا مبتسرا بشكل آمن النصف الأول من العام الحالي    رئيس هيئة الرقابة الصحية يستقبل ممثلى "منظمة دعم أداء النظم الصحية والابتكار    بالفيديو.. الأرصاد تكشف موعد انكسار موجة الطقس الحارة    الداخلية تكشف ملابسات مقطع فيديو الاعتداء على بائع متجول في الجيزة    حبس 3 أشخاص في واقعة العثور علي جثه طفل داخل شرفه عقار بالإسكندرية    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في باكستان إلى 281 قتيلًا    واجب وطني.. محافظ بورسعيد يناشد المواطنين المشاركة بانتخابات مجلس الشيوخ    «يا عم حرام عليك».. شوبير يدافع عن محمد صلاح بعد زيارة المعبد البوذي    «أحط فلوسي في البنك ولا لأ؟».. الفوائد تشعل الجدل بين حلال وحرام والأزهر يحسم    حقيقة مفاوضات النصر مع كوكوريلا    بمشاركة وزير السياحة.. البابا تواضروس يفتتح معرض لوجوس للمؤسسات الخدمية والثقافية    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    المنظمات الأهلية الفلسطينية: نطالب الرئيس ترامب بقرارات توقف العدوان الإسرائيلي على غزة    الأمم المتحدة: غزة تشهد أسوأ سيناريو مجاعة    موسوي: إسرائيل كشفت عن وجهها الوحشي بانتهاكها كافة الأعراف الدولية    انطلاق تصوير فيلم «ريد فلاج» بطولة أحمد حاتم    وفاة شقيق المخرج خالد جلال.. ورئيس الأوبرا ينعيه بكلمات مؤثرة    وزير البترول يبحث تعزيز التعاون مع وزير الطاقة والبنية التحية الإماراتي    محافظ الإسكندرية يستقبل وزير العمل في إطار التوعية بقانون العمل الجديد    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية    تدريبات خاصة ل"فتوح والجفالي" بفرمان من مدرب الزمالك    برواتب تصل إلى 12 ألف درهم.. العمل تعلن عن 102 وظيفة بالإمارات    تجديد الشراكة العلمية بين مصر والصين في مجال مكافحة الأمراض المتوطنة    نقيب المهندسين ل طلاب الثانوية العامة: احذروا من الالتحاق بمعاهد غير معتمدة.. لن نقيد خريجيها    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    سبورت تكشف موعد عودة برنال لتدريبات برشلونة    القبض على رمضان صبحى فى مطار القاهرة أثناء العودة من تركيا    «هيدوس على النادي ويخلع زي وسام».. نجم الزمالك السابق ينصح بعدم التعاقد مع حامد حمدان    يوسف معاطي: سعاد حسني لم تمت موتة عادية.. وهنيدي أخف دم كوميديان    رئيس الإسماعيلي يعلق على أزمات النادي المتكررة    الاَن.. الحدود الدنيا وأماكن معامل التنسيق الإلكتروني للمرحلة الأولى 2025 في جميع المحافظات    ياسر الشهراني يعود إلى القادسية بعد نهاية رحلته مع الهلال    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    5 أبراج «معاهم مفاتيح النجاح».. موهوبون تُفتح لهم الأبواب ويصعدون بثبات نحو القمة    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجلس الشوري.. وهم فشل الإخوان في تسويقه!
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 17 - 09 - 2013

اقتربت لجنة العشرة في تعديلاتها من مسألتين تمتد خيوطهم إلي توازنات سياسية واجتماعية وإدارية وهما.. مجلس الشوري والإدارة المحلية، وحولهما تدور أسئلة وإجابات.. وخيارات وفيما يتعلق بهما فإن ما جاء في الدستور تحت مسمي ' مجلس الشوري' ' باب السلطات العامة/ الفرع الثالث' هو مجرد 'مسخ تشريعي' ولا نظير له في دساتير العالم، فالدستور يتحدث عن هذا المجلس.. كمجلس تشريعي ثانٍ، ولكننا نكتشف إننا أمام مجلس لا اختصاص تشريعي واحد له!!، ويأتي- وفي طريقة تشكيله وكأنه استنساخ من المجلس التشريعي الأول ' مجلس النواب'!!، وفي الحاصل.. فإن أحدًا لا يختلف مع لجنة العشرة في تعديل ألغت به مجلس الشوري.. كما جاء في الدستور.
ويبقي السؤال: كيف جاء هذا المسخ التشريعي إلي النص الدستوري؟ والإجابة تستعيد صفحات من ذاكرة الجمعية، ففي يوليو 2012 قدمت مقترحي حول نظام الحكم وكان يتضمن تأسيس سلطة تشريعية بمجلسين ' مجلس النواب ومجلس الشيوخ'، وفي مقترحي كان مجلس الشيوخ 'المجلس التشريعي الثاني' هو إحدي قواعد الارتكاز لتوازنات نظام الحكم، فهو مجلس غير مشتبك مع السلطة التنفيذية.. إذ لايحق له سحب الثقة من الحكومة أو من رئيسها أو من أحد أعضائها ولا يحق له كذلك توجيه الاتهام إلي رئيس الجمهورية، وبالتالي.. فهو مجلس لايحق لرئيس الجمهورية أن يدعو إلي استفتاء لحله، وبناء عليه.. رتبت للمجلس عدة اختصاصات ومهام، مثل:
أ- قيام المجلس بالتدخل لتقريب وجهات النظر بين الحكومة ومجلس النواب في حال نشوب خلاف مستحكم بينهما.
ب - يقوم المجلس وبالمشاركة مع الحكومة بإدارة ملفات نوعية قد تمثل إشكاليات تفضي إلي عدم استقرار المجتمع.
ج- تجنبًا لانتقال السلطة التشريعية إلي رئيس الجمهورية في حال حل مجلس النواب ' المجلس التشريعي الأول'، فلقد تضمن مقترحي المادة '80' التي تقول 'نصًا' في حال حل مجلس النواب تنتقل اختصاصاته مؤقتًا إلي مجلس الشيوخ، فيما عدا: سحب الثقة من الحكومة أو رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء، واقتراح ومناقشة قوانين بإنشاء ضرائب أو تعديلها، أو قوانين بتعديل الدستور.
كانت المادة السابقة 'المادة 80' بمثابة إشارة صريحة في مقترحي إلي عدم تداخل الاخصاصات بين المجلسين، ففضلا عن أن سحب الثقة من الحكومة أو من رئيسها أو من الوزراء وتوجيه الاتهام لهم أو إلي رئيس الجمهورية هي اختصاصات ينفرد بها مجلس النواب وحده، فإن اقتراح قوانين بإنشاء الضرائب العامة والرسوم العامة أو تعديلها أو إلغائها هي - بالمثل- اختصاصات ينفرد بها مجلس النواب، ويلحق بها.. اختصاصه في التصويت علي بيان الحكومة والموازنة العامة والحساب الختامي لميزانية الدولة.
وعلي نحو مقابل.. كانت مراعاة اللامركزية والتوازنات الاجتماعية وحقوق المواطنة بمثابة أولويات أساسية لمجلس الشيوخ في مقترحي، ورتبت عليها الاختصاصات التالية للمجلس:
أ- إبداء الملاحظات علي بيان الحكومة والموازنة العامة والحساب الختامي للدولة.. إذا ما وجد فيها خلل يهدد اللامركزية والتوازنات الاجتماعية وحقوق المواطنة وإرسال هذه الملاحظات إلي مجلس النواب، ومن حق المجلس في ملاحظاته تقديم اقتراحات لإعادة هيكلة الموازنة العامة لصالح المناطق والمحافظات الأكثر فقرًا.
ب- مباشرة كل الآليات الرقابية علي المحافظين بما فيها توجيه استجوابات إليهم وسحب الثقة من أي منهم بناء علي طلب يتقدم به 10% علي الأقل من أعضائه أو بناء علي طلب يرفعه إليه المجلس المحلي للمحافظة، وفي كلتا الحالتين تلزم موافقة المجلس 'مجلس الشيوخ' بأغلبية الثلثين بعد مناقشة الطلب.
ج- فتح نافذة اتصال مع المصريين في الخارج، ووفقًا للمادة '64' في مقترحي.. كان النص يقول 'يجوز للمجلس دعوة ممثلين للمصريين في الخارج لحضور جلسات له، ويكون حضورهم بصفة مراقبين ويكون لهم حق إبداء الرأي وليس لهم حق التصويت، وفي إطار التعليق.. فلقد تراءي لي- وأظنني محقًا- أن هذا النص يمنح للمصريين في الخارج حقًا مستحقًا من حقوق المواطنة، بعدما لم يبخلوا بالوفاء بواجباتهم إزاء الوطن.
وفي أثناء كتابتي لمقترحي، كان الحديث داخل الجمعية التأسيسية يدور حول المجالس القومية المتخصصة أو إلغائها، وكنت منحازًا لبقائها رغم علمي المسبق بأخطاء شابت عضويتها وبسرد إنشائي اتسمت به بعض إصداراتها، ولكنني كنت أجد نفسي - من ناحية- أمام مكون مؤسسي عرف نوعًا من تراكم الرصيد المعرفي وليس من الحكمة - أيا ما كانت الأخطاء- التضحية بسهولة، كما كنت أجد نفسي- من ناحية أخري- أمام غياب لآلية رقابية / مؤسسية لمتابعة مدي تفعيل توصيات هذه المجالس ومدي التزام الحكومات المتعاقبة بها، ولذلك.. فلقد اقترحت اختصاصًا لمجلس الشيوخ حملته المادة '75' من مقترحي وتقول نصًا 'يقوم المجلس باستيضاح رأي الحكومة بشأن توصيات المجالس القومية وإمكانية تنفيذها من عدمه، وفي ضوء ذلك يراقب مدي التزام الحكومة بهذه التوصيات'.
قد يقول قائل.. إن بعض الاختصاصات السابقة والموكلة إلي مجلس الشيوخ يمكن - ويجوز- لمجلس النواب القيام بها، ولكنني أبدو مختلفًا وعلي سبيل المثال.. مجلس النواب لايجوز له مراقبة المحافظين، لأن الأصل.. أن مجلس النواب يراقب السلطة التنفيذية 'رئيس الجمهورية والحكومة' ومجلس النواب لايمكن له إدارة ملفات نوعية مع الحكومة فهو مجلس مشتبك معها، وبالمثل.. فإن مجلس النواب يضم نوابًا جاءوا من دوائر انتخابية، وبالتالي.. فهو بالضرورة لايسمح بتمثيل الطيف الاجتماعي كله في الداخل ولا يبدو متسقًا ومنطقيًا، وعلاوة علي ذلك.. فإن المحافظات الأكثر فقرًا والأقل تعدادًا مثل المحافظات الحدودية لن تملك قوة تصويت في مجلس جاء نوابه كممثلين لدوائر انتخابية حيث المحافظات الأكثر تعدادًا تحظي - بالتبعية- بثقل تصويتي مرجح في المجلس، وفي التقدير.. فلو جاءت الموازنة العامة أكثر انحيازًا لهذه المحافظات.. فإن نوابها لن يتعرضوا وقد يعتبرونها بمثابة إنجاز يدعم موقفهم أمام ناخبيهم في الدوائر، وبمرور الوقت.. سوف تتحول المحافظات الأفقر والحدودية إلي محافظات ومناطق منسية، كما جري في الماضي.. ولكن لاينبغي أن يجري في المستقبل.
إذا كان مجلس النواب- هكذا- لايعبر عن الطيف الاجتماعي كله، فإن مجلس الشيوخ يبقي له دور في فتح ممرات بتمثيل قوي وفئات تعوزها إمكانات القدرة علي خوض منافسة جادة في انتخابات مجلس النواب، والدور يرتبط بطريقة تشكيل مجلس الشيوخ وهي- بالضرورة- لابد أن تكون مغايرة لطريقة تشكيل مجلس النواب، فالقاعدة العامة وفي كل الدول التي تأخذ بنظام المجلسين في السلطة التشريعية تلزم باختلاف الطريقتين وعدم تطابقهما، وهما مختلفان - علي سبيل المثال- في الدستور الفرنسي 'المادة 24' وفي الدستور الأمريكي 'المادة الأولي الباب2، المادة الأولي الباب 3' وفي الدستور البرازيلي 'المادة 45، المادة 46' وفي الدستور الألماني 'المادة 38 والمادة 51' وفي الدستور الإيطالي 'المادة 565، والمادة 575' وفي الدستور الهندي 'المادة 80، المادة 81' وفي الدستور الروسي 'المادة 95، بند2' ولكن الهواة في دستور 2012 أزاحوا جانبًا بالقاعدة وجاءوا بمجلسين متطابقين في طريقة التشكيل 'المادة 113، المادة 128'.
وفي مقترحي 'المادة 62' كان تصوري لطريقة تشكيل مجلس الشيوخ تتمثل في: 52% من الأعضاء يتم انتخابهم بالاقتراع العام السري والمباشر كممثلين للمحافظات 'وليس لدوائر انتخابية' مع مراعاة تساوي - ولو بشكل تقريبي- عدد الأعضاء الممثلين لكل محافظة بغض النظر عن التعداد السكاني للمحافظة، 33% من الأعضاء يتم انتخابهم من بين أعضاء النقابات المهنية والعمالية والفلاحين والغرف التجارية ومؤسسات المجتمع المدني، 15% من الأعضاء يتم تعيينهم وفقًا لخبراتهم وإسهاماتهم التي تعزز من فعالية أداء مجلس الشيوخ ومن فعالية أداء العملية التشريعية، ونصف هؤلاء الأعضاء يأتي باختيار مباشر من رئيس الجمهورية والنصف الآخر يأتي باختيار من مجلس النواب، وينظم القانون ذلك كله.
السطور السابقة حملت الملامح الأساسية لمقترحي حول مجلس الشيوخ، فماذا فعل الهواة؟ والإجابة تنطق بها الوقائع.. هكذا:
أ- أخذوا المقترح بعد توزيعه علي الأعضاء وقاموا بحجبه عن المناقشة في لجنة نظام الحكم وذهبوا به إلي جلساتهم في الغرف المغلقة، وحدث انني دخلت عليهم في إحدي جلساتهم فوجدت السيد/ رمضان بطيخ يجلس وبين يديه مقترحي ويقوم بإجراء تعديل علي المادة '16'، ففي هذه المادة أحلت إلي رئيس مجلس الشيوخ مهمة تولي رئاسة الجمهورية مؤقتًا.. في حال خلو منصب رئيس الجمهورية ولكن السيد الدكتور/ بطيخ قام بحذف رئيس مجلس الشيوخ واستبدله برئيس مجلس النواب وأتذكر انني وجهت حديثي إلي الحاضرين قائلًا: ' لا حق لكم في إضافة كلمة أو حذف كلمة من مقترحي ولكن الحق يبقي للجنة نظام الحكم بعد مناقشة المقترح'، ثم التفت إلي السيد الدكتور/ بطيخ قائلًا.. إن ما جاء في مقترحي هو الصحيح وما قمت بتعديله هو الخطأ، فمجلس النواب هو مجلس مشتبك مع الحكومة وبالتالي فإن المواءمة لا تجيز أن يأتي رئيسه ليباشر مؤقتًا صلاحيات رئيس الجمهورية حتي لا تجد الحكومة نفسها بين حدي الاشتباك، ولكن المواءمة توصي بأن يأتي رئيس مجلس الشيوخ ليباشر الصلاحيات المؤقتة للرئيس.. فهو يرأس مجلس غير مشتبك مع الحكومة، وعندئذ.. قال الدكتور/ جمال جبريل وكان جالسًا أمامه وفي حضور الآخرين أنا قلت له كده!!، ولست في حاجه إلي تعليق علي ما قاله الدكتور/ جبريل ولا أظنني أيضًا في حاجة إلي تعليق علي ما جاء في المادة '153' في دستور 2012 ففي هذه المادة كان رئيس مجلس النواب هو الذي يباشر مؤقًتا صلاحيات رئيس الجمهورية في حال خلو المنصب!!!.
وفي وقفة استطراد.. فإن المواءمة التي حادثت بشأنها الدكتور/ بطيخ والتي تقضي بعدم شغل رئيس مجلس النواب لمنصب الرئيس بصفة مؤقتة في حال خلو المنصب، هو مواءمة تمثلتها الدساتير التي كتبها محترفون، ففي الدستور الفرنسي - مثالًا- يشغل المنصب مؤقتًا رئيس مجلس الشيوخ 'المادة 7' وفي الدستور الروسي يشغل المنصب مؤقًتا رئيس الحكومة 'المادة 92'.
ب- قاموا في الغرف المغلقة بإضافات مدلسة علي مقترحي وأرسلوا مسودات إلي الصحف وتسبقها جملة 'وافقت لجنة نظام الحكم' بينما لجنة نظام الحكم لا علم لها بهذه المسودات ولم تناقشها وكان من بين هذه المسودات المدلسة التي أرسلوها إلي الصحف وقامت الصحف بنشرها في 31/8/2012، وتضمنت المسودة موافقة لجنة نظام الحكم علي تعيين أعضاء المجلس العسكري الأعلي كأعضاء مدي الحياة في مجلس الشيوخ، وقامت إحدي الصحف بنشر ذلك في التاريخ المذكور وفي الصفحة رقم '6'، وفي الصفحة التالية 'ص7' كانت تنشر رد فعل بعض المهتمين بالشأن السياسي إزاء الخبر، وكان رد الفعل سلبيًا وهجوميًا علي أعضاء المجلس العسكري الأعلي، وهنا.. فإنني أسجل ما يلي:
أ- إن ممثلي القوات المسلحة في الجمعية التأسيسية- وكان أحدهم عضوًا في المجلس العسكري الأعلي- أعترتهم الدهشة من الخبر المنشور، وأكدوا أن أحدًا في المجلس العسكري لم يطلب ذلك نهائيًا، فضلًا عن أن لجنة نظام الحكم لم تناقشه أصلًا وكانوا أعضاء فيها، وأجد من واجبي- وكشاهد عيان- أن أسجل موقفهم إزاء الخبر المنشور.. كشهادة للتاريخ.
ب- إنني وفي مقترحي لم ألحق بعضوية مجلس الشيوخ مدي الحياة إلا رؤساء الجمهورية السابقين، وبنص يقول في المادة '63' من مقترحي 'يكون رؤساء الجمهورية السابقون أعضاء مدي الحياة في المجلس، ويستثني من ذلك من صدر بحقه حكم قضائي بالإدانة سواء إبان ولايته الرئاسية أو بعدها'.
ج- أن أحد الهواة من الأعضاء الدائمين في اجتماعات الغرف المغلقة اعترف بأنه هو الذي قام بتسريب المسودة المدلسة إلي الصحف وهو الذي أضاف - ومن عندياته- الفقرة الخاصة بأعضاء المجلس العسكري الأعلي- وما اعترف به حقيقي.. ولكنه ليس الحقيقة كاملة، فكل المسودات المدلسة التي كان يقوم بإرسالها إلي الصحف دون علم لجنة نظام الحكم، كان يقوم بإرسالها بتوجيه خلفي من البعض، ويلفت نظري.. أن توقيت إرسال المسودة التي زجت بأسم المجلس العسكري الأعلي تزامن مع الجدل الذي كان مثارًا- حينذاك حول اقتراحي بالنص في الدستور علي اختصاص القوات المسلحة بحماية الشرعية الدستورية.. كأحد اختصاصاتها، وهو الاقتراح الذي رفضه أعضاء حزب الحرية والعدالة وكلفوا المهندس/ أبو العلا ماضي بالتصدي له، وكان مخلصًا في تصديه.. فلقد استخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة ما عدا الجنازير!!، ولذلك يستقر عندي وفي ظني.. إن المسودة عندما تم إرسالها كان المقصود بها استثارة رد فعل سلبي ضد المجلس العسكري الأعلي والقوات المسلحة وفيما بعد.. كان المرسل هو أحد الأعضاء المعينين في مجلس الشوري.
د- ما ذهب إليه ظني قد يصدق عليه كقرينة.. أن السيد الدكتور/ عمرو دراج الأمين العام للجمعية والسيد الدكتور جمال جبريل مقرر لجنة نظام الحكم لم يستجيبا لطلبي بإرسال تكذيب إلي الصحيفة مما اضطرني وفي 3/9/2012 إلي إرسال رسالة إلي السيد الاستاذ/ رئيس تحرير الجريدة تكذيبًا لما تم نشره وجاء في الرسالة: ' إن بعض ما أفادت به مصادركم وجري نشره لايتفق أصلًا مع المنطق الدستوري ويعد عملًا من أعمال الهواة'.
كان مقترحي حول مجلس الشيوخ يبدو- هكذا- مفيدًا للهواة.. فلقد وجدوا شيئًا يصرحون به للصحف ووجدوا نصًا يمارسون من خلاله هوايتهم المفضلة في الحذف المبتور والإضافة المشوهة، ولكن علي الجانب الآخر.. كانت هناك ثلاث مواد في مقترحي تلقي رفضًا تامًا لدي حزب الحرية والعدلة وحزب النور وهي المواد '8'، '99'، '100'، وكانت المادة '8' تلزم كل الجهات التي لها حق اقتراح القوانين بعرض مشروعات القوانين علي مجلس الدولة لأخذ رأيه في مدي مطابقة هذه المقترحات لمواد الدستور ولمدي انضباط صياغتها القانونية 'وهي المادة التي أخذت بها تعديلات لجنة العشرة وحسنًا فعلت ولها التقدير لما فعلته'، وكانت المادة '99' تعطي الحق لمجلسي الشيوخ و النواب في اقتراح القوانين 'فيما عدا - وكما سبق القول- القوانين المتعلقة بإنشاء الضرائب العامة والرسوم العامة أو تعديلها أو إلغائها.. فهي حق لمجلس النواب دون مجلس الشيوخ، وكانت المادة '100' تقضي بضرورة موافقة المجلسين معًا علي أي مشروع قانون مقترح من أحدهما.
كانت هذه المواد تمثل- ومن وجهة نظر حزب الحرية والعدالة وحزب النور- قيدًا علي إصدار القوانين وتعطيلًا لها، ولذلك كانت الرغبة صريحة لدي حزب النور في إلغاء مجلس الشيوخ، وكانت الرغبة كامنة لدي حزب الحرية والعدالة ولكنه كان محملًا بضغوط، كان هناك - من ناحية- ضغط أعضائه في مجلس الشوري والذين رغبوا في استمرار المجلس.. استمرارًا للمكافآت والامتيازات، وكان هناك - من ناحية أخري- ضغط أجندته الخاصة التي استبعدت 'وكما قلت في مقال سابق' الدكتور/ مرسي من الحسابات.. فالحزب لم يكن يرغب في نقل السلطة التشريعية إليه بصفته رئيسًا للجمهورية آنذاك بطول الفترة التي تمتد حتي انتخاب مجلس نواب جديد، وهكذا.. جاء مخاض 'المسخ التشريعي' والذي وثق دستور 2012 ميلاده بمسمي ' مجلس الشوري' فلقد جري:
أ- توظيف المادة '80' في مقترحي والسابقة الإشارة إليها والخاصة بإحالة الاختصاصات التشريعية لمجلس النواب - في حالة حله- إلي مجلس الشيوخ، وتم نقلها- ودون تحرز- إلي المادة '235' في دستور 2012 أقول دون تحرز.. لأن المادة '235' نقلت الاختصاصات التشريعية كلها إلي مجلس الشيوخ 'مجلس الشوري'، خلافًا للقواعد التي تلزم بعدم نقل اختصاصات بعينها مثل إنشاء الضرائب.. إلخ، ولكن الهواة لا تعنيهم القواعد وأحيانًا لا يعرفونها.
ب- نزع أي اختصاص تشريعي عن مجلس الشيوخ 'مجلس الشوري' فهو مجلس لا حق له في اقتراح القوانين وفقًا للمادة '101' في دستور 2012 والتي تقول: 'لرئيس الجمهورية وللحكومة ولكل عضو في مجلس النواب، اقتراح القوانين' ولم تذكر المادة مجلس الشيوخ 'مجلس الشوري' وهو مجلس لا حق له في اقتراح تعديل الدستور وفقًا للمادة '217' التي حصرت حق اقتراح التعديل في رئيس الجمهورية ومجلس النواب، وهو مجلس لا يملك حق مساءلة رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية الذين يعينهم رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس ' مجلس الشوري' وفقًا للمادة '202'!!
د- وفي مواجهة المادة '100' في مقترحي والتي تقضي بضرورة موافقة المجلسين علي أي مشروع قانون يقره أحدهما وإذا لم يتفقا لا يجوز للمجلس صاحب الاقتراح تقديمه ثانية في دور الانعقاد ذاته، جاءت المادة '103' في الدستور لتعلن أنه في حال الاختلاف بين المجلسين يؤخذ بما تنتهي إليه أغلبية أعضاء مجلس النواب!! ومن ثم فما قيمة موافقة مجلس الشيوخ 'مجلس الشوري' أو عدم موافقته؟!
وهكذا.. جاء المسخ التشريعي الذي صاغه الهواة موافقًا لكل ما أراده حزب الحرية والعدالة، فلقد استبقي به سلطة التشريع بين يديه حتي انتخاب مجلس نواب جديد، واستبقي به ديكتاتورية التشريع بعد انتخاب مجلس النواب الجديد، واستبقي به خزينة الدولة كمصدر تتدفق به المكافآت للأعضاء والحلفاء سواء الذين تم تعيينهم في مجلس الشوري أو الذين سوف يجري - فيما بعد- انتخابهم في المجلس وكانت هذه الاستبقاءات هي حساباته ولكن كان هناك يوم في شهر يونيه يحمل رقم '30'.. لم يكن في حساباته.
وفي الحاصل.. فإن التعديل الذي أجرته لجنة العشرة بإلغاء مجلس الشوري وكما جاء في الدستور.. يبدو صحيحًا تمامًا ولا مجال لمناقشته، ولكن يبقي أحد خيارين:
1- تحويل السلطة التشريعية إلي سلطة بمجلس واحد ' مجلس الشعب' وعندئذ ينبغي التحوط لديكتاتورية التشريع التي قد تمارسها الأغلبية ووضع ضوابط مسبقة للحد منها.. تأمينًا للتوازنات وإحكامًا لإيقاعها.
2- استبقاء السلطة التشريعية كسلطة بمجلسين، وعندئذ ينبغي إعادة صياغة المجلس التشريعي الثاني بشكل احترافي وفي إطار رؤية تتعامل معه كضلع ارتكاز للتوازنات، ومقترحي وأفكار الآخرين قد يصلحان كمسودة للبناء عليها بالإضافة أوالحذف علي طاولة النقاش.
وبعد فإن ترميم الدستور لن يكون عملًا سهلًا ولكنه ليس عملًا مستحيلًا ولسوف يكون الزمن حليفًا إذا ما نظرنا- وباحترافية- في الاتجاه الصحيح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.