نشبت أزمة جديدة داخل أروقة الجمعية التأسيسية للدستور، بعدما فوجئ أعضاء الجمعية، مساء أمس الأربعاء، بمسودة جديدة للدستور، أصدرتها لجنة الصياغة، قبل عيد الأضحى مباشرة بتاريخ 24 أكتوبر الماضي، تتضمن عددًا من التعديلات التي لم تقر بشكل نهائي، دون علم معظم أعضاء الجمعية ولجنة الصياغة نفسها. وأنكر ممثلو التيار السلفي في الجمعية، وأغلب مقرري اللجان النوعية معرفتهم بتلك المسودة التي وصفها البعض بأنها "خرجت في خلسة من الزمن".
وأوضح المستشار ماجد شبيطة، عضو لجنة نظام الحكم، أن هذه المسودة "ليست جديدة، بل تتضمن مقترحات كانت مضافة بشكل (كروكي) على شكل تعديلات على المسودة الأولى الصادرة بتاريخ 14 أكتوبر الجاري، وأعقبها المسودة الثانية في 21 ثم تعديلاتها في 22 من ذات الشهر"، مستنكرًا أن تصدر لجنة الصياغة "كل يوم مسودة جديدة".
وفي ذات السياق، تقدم كل من رئيس حزب الوسط أبو العلا ماضي، ومنار الشوربجي، عضوا لجنة الصياغة، بشكوى إلى المستشار حسام الغرياني، رئيس الجمعية، بسبب ما وصفته الشوربجي ب"هوس المسودات" لظهور أكثر من مسودة خلال الفترة السابقة "لم يتم الاتفاق عليها بشكل نهائي"، وتساءلت عن مصدر هذه المسودات "مجهولة النسب" على حد وصفها.
واعترضت الشوربجي وماضي على "خروج مسودات من لجنة الصياغة، لا يعلم أعضاء باللجنة عنها شيئًا"، وهاجما الدكتور خليل مرعي، عضو اللجنة المسؤول عن خروج المسودات، وطالبا "بعدم خروج أية مسودات بدون أخذ موافقة أعضاء لجنة الصياغة".
من جهته، قال الدكتور بسام الزرقا، عضو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، إنه "لم تصدر مسودة ثانية، حيث لا تخرج المسودة إلا بعد إقرار لجنة المائة، والمسودة لم يتم الاتفاق عليها حتى الآن، وما زال التوافق يجري لحين الوصول إلى صيغة نهائية".
وحصلت «الشروق» على نسخة من المسودة التي أثارت أزمة في الجمعية، والتي تضمنت عددًا من التعديلات على المسودة السابقة، ويبلغ عدد مواد هذه المسودة 232 مادة، بينما المسودة السابقة كانت تضم 228 مادة، بعد أن أضيفت أربعة مواد في باب الأحكام الانتقالية، وهي كالآتي : مادة (227): كل منصب يعين له الدستور أو القانون مدة ولاية محددة، غير قابلة للتجديد أو قابلة لمرة واحدة، يحتسب بدء هذه الولاية من تاريخ شغلها، وتنتهي هذه الولاية في كل الأحوال متى بلغ صاحبها السن القانوني للتقاعد .
مادة (230): تجري انتخابات مجلس النواب بعد مضي 60 يومًا على الأكثر من تاريخ العمل بالدستور، وتنظم هذه الانتخابات بواقع.. وفقا لنظام القوائم النسبية، وبواقع.. للنظام الفردي، وينعقد فصله التشريعي الأول خلال 10 أيام على الأكثر من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخابات. مادة (231): تبدأ إجراءات انتخابات مجلس الشيوخ وينعقد فصله التشريعي الأول قبل انتهاء التجديد النصفي لمجلس الشورى بتسعين يومًا على الأكثر، ويستمر هذا المجلس في أداء مهامه بتشكيله الحالي لحين فتح باب الترشح لمجلس الشيوخ.
مادة (232): تحول هيئة قضايا الدولة المنظمة بالقانون رقم 75 لسنة 1963 وتعديلاته إلى نيابة مدنية تتبع رئيس المحكمة المختصة، ويضم إليها أعضاؤها بدرجاتهم وأقدمياتهم ومخصصاتهم، على أن يتمتع أعضاؤها بكافة الضمانات والمزايا المنصوص عليها بقانون السلطة القضائية خلال سنتين من تاريخ العمل بأحكام هذا الدستور. على أن تؤؤل اختصاصاتهم الحالية إلى الإدارات القانونية بالهيئات والوزارات والجهات الأخرى. وأوضح الدكتور جمال جبريل، مقرر لجنة نظام الحكم، في تصريحات خاصة ل«الشروق»، أمس الخميس، أن المادة (227) المعني بها رؤساء الأجهزة الرقابية الموجودة حاليًا، والتي ستنضم للمفوضية العليا للفساد، على أن تحتسب المدد الخاصة بهم من تاريخ شغلهم، وألا تطبق عليهم الأربعة سنوات مدة الولاية الجديدة.
ورد جبريل على المعترضين على مسودة لجنة الصياغة، أن اللجنة لا تمرر أية تعديلات على مسودات الدستور إلى بموافقة أعضائها، خاصة أن أغلب المعترضين غير منتظمين في حضور مناقشات اللجنة، وأن هذه المسودة لا توجد بها أية تعديلات جوهرية عن سابقتها، سوى في إضافة الأربعة مواد بباب الأحكام الانتقالية.
وحول أزمة المادة (145) التي تعطي لرئيس الجمهورية حل البرلمان دون الرجوع لاستفتاء الشعب، أوضح جبريل أن هذا الأمر يلزم رفض مجلس النواب برنامج الحكومة بعد تسميتها من رئيس الجمهورية، لثلاث مرات، وهذا أمر يصعب تحققه لأن في المرة الثالثة يشكل رئيس الجمهورية الحكومة بناء على اقتراح البرلمان، وأن هناك مناقشات أن تكون من المرة الثانية كما هو معمول به في الدستور الألماني.
من جانبه، قال عمرو عبد الهادي، عضو لجنة المقترحات بالجمعية، إن اجتماع لجنة نظام الحكم الأخير، شهد المراجعة شبه النهائية لمواد باب نظام الحكم بالدستور، والتي ستخرج للنور يوم 4 نوفمبر الجاري، خاصة بعد تدخلات لجنة الصياغة على عدد من المواد بالحذف والإضافة في ظل إصرار لجنة نظام الحكم على صياغاتها بشأن المواد الخاصة بالباب.
وأشار عبد الهادي إلى أنه تم التوافق مع ممثلي لجنة الصياغة باستبعاد مقترح المادة التي تحصن الدستور بعدم تعديله في باب الأحكام الانتقالية، وأيضًا مقترح رفع نسبة المعينين بمجلس الشيوخ إلى 25% بدلا من تصور لجنة نظام الحكم بتعيين 10 أعضاء فقط.
وأوضح عبد الهادي، أن اللجان النوعية بالجمعية ستنتهي من أعمالها باجتماع نظام الحكم بعد غد السبت، قبل بدء الجلسات العامة المتتابعة بدءًا من الأحد المقبل، والتي ستشهد بدء أعمال التصويت على مواد الدستور.