من المقترحات المهمة التي تناقشها الجمعية التأسيسية للدستور مقترح بأن يكون نظام الحكم جمهوريا مختلطا... هذا المقترح لاقي قبولا في أوساط سياسية مختلفة لأنه يحقق التوازن المطلوب بين السلطات ويناسب ظروف مصر بعيدا عن الأنظمة الجامدة التي قد تكون جيدة, ولكنها لاتناسب ظروف البلاد وفي الفترة الماضية طرح البعض فكرة النظام البرلماني.. والآخرون طرحوا فكرة النظام الرئاسي مع الحد من السلطات اللانهائية للرئيس.. وهذا ما دفع لظهور اقتراح الجمهورية المختلطة. ولكن ماهي أهم ملامح هذا النظام؟ دكتور رفعت لقوشه مقدم المقترح يقول القاعدة في هذا النظام ان رئيس الجمهورية يتم انتخابه بالاقتراع العام ويكون في نفس الوقت هو رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية ويقوم بتشكيل الحكومة بعد التشاور مع مجلس النواب ولكن من اختصاصه تسمية وتعيين رئيس مجلس الوزراء والوزراء.. ورئيس الجمهورية في هذا النظام لايسأل أمام مجلس النواب أو البرلمان ولكن تكون الحكومة هي المسئولة هذه هي القاعدة المبني عليها هندسة هذا النظام الذي يتجلي فيه التكافؤ ما بين البرلمان والرئيس لان كليهما منتخب من الشعب.. وهنا يكون الرئيس من حقه إقالة الحكومة والبرلمان, من حقه سحب الثقة من الحكومة فإذا ماحدث اي خلاف بين الجهتين الرئاسة والبرلمان يكون الموقف بالتراضي ويكون من حق الرئيس حل مجلس النواب بالاستفتاء الشعبي.. فإذا ماجاءت نتيجة الاستفتاء بنعم يتم حل مجلس النواب إما إذا كانت النتيجة ب لا هنا علي الرئيس ان يقوم بتقديم استقالته وفي إطار هذا النظام المختلط ليس للرئيس الحق في حل مجلس الشيوخ لأنه لايشتبك مع الرئيس كما أنه ليس للأخير سحب الثقة من الحكومة وبالتالي في الملخص العام للرئيس صلاحيات يباشرها من خلال الوزراء وله أيضا صلاحيات يباشرها بذاته فتظل قاعدة التكافؤ.. وهذا النظام المختلط ايضا ليس لرئيس الجمهورية نائب. وفي حالة وفاة رئيس الجمهورية أواستقالته أو وجود مانع مؤقت يحل محله رئيس مجلس الشيوخ وليس رئيس مجلس النواب حتي يحين تحديد موعد انتخاب رئيس جمهورية جديد. ومدة الرئاسة5 سنوات حتي تتوازي مع مدة البرلمان وتكرر لمدة تالية فقط ويتم بالاقتراع السري المباشر. اما بخصوص اعضاء البرلمان الذي يتفرع إلي مجلس الشيوخ ومجلس النواب فإن أحدهما وهو النواب يتألف من500 عضو علي الأقل ينتخبون بالاقتراع السري العام ويحدد القانون دوائرهم الانتخابية ولايجوز لرئيس الجمهورية تعيين أعضاء به وله حق اقتراح قوانين بانشاء الضرائب العامة والرسوم العامة وتعديلها أو إلغائها. أما الفرع الثاني من البرلمان فهو مجلس الشيوخ ويتألف من300 عضو علي الأقل يمثلون ثلاث فئات بحسب تقسيم دكتور رفعت لقوشة في اقتراحه.. الفئة الأولي وتشكل52% من الاعضاء ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر كممثلين لمحافظاتهم وليس لدوائر انتخابية داخل محافظاتهم. أما الفئة الثانية فتشكل33% من الأعضاء ينتخبون من بين اعضاء النقابات المهنية والنقابات العمالية والفلاحين والغرف التجارية ومؤسسات المجتمع المدني ونوادي اعضاء هيئات التدريس. أما الفئة الثالثة تشكل15% من الاعضاء يعينهم رئيس الجمهورية ومجلس النواب بالمناصفة من بين أصحاب الكفاءات العلمية والفكرية وذوي الخبرات في المجالات المختلفة والشخصيات العامة ذات الاهتمام بالشأن العام. ومهمة هذا المجلس الدفاع عن اللامركزية والتوازنات الاجتماعية وحقوق المواطنة ويكون ذلك اختصاصا أصيلا لهذا المجلس. كما يحق له مباشرة كل الآليات الرقابية علي الحكومة ولكن لايحق له سحب الثقة منها أو من رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء أيضا ويحق للمجلس بصفته حارسا علي اللامركزية مباشرة كل الآليات الرقابية علي المحافظين, وسحب الثقة من أي منهم بناء علي طلب يتقدم به10% علي الأقل من الاعضاء, ولايحق للمجلس تقديم الاتهام إلي رئيس الجمهورية أو إلي رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء. وهناك أحكام عامة للمجلسين النواب والشيوخ منها لكل منهما مقره الرسمي الذي يقع بعاصمة الدولة وينتخب لكل مجلس منهما رئيس ووكيلان.. كذلك كل مجلس مختص بقبول استقالة اعضائه وليس له ان يرفضها. كذلك تقوم محكمة النقض بالاختصاص دون غيرها في الفصل في صحة عضوية اعضاء كلا المجلسين.. وتكون جلسات المجلسين علنية ويجوز انعقاد أي مجلس في جلسة سرية بناء علي طلب رئيس الجمهورية أو طلب الحكومة او بناء علي طلب20 من اعضائه علي الأقل وللمجلسين حق اقتراح القوانين مع مراعاة المادة(51).. ولكل مجلس وحدة للمحافظة علي النظام في داخله.. أما بالنسبة لتعديل الدستور ويقدم مقترح دكتور لقوشة.. إنه يحق لرئيس الجمهورية ولمجلسي النواب والشيوخ اقتراح تعديل مواد في الدستور ولايصح لأي من المجلسين مناقشة مقترحات تعديل الدستور أو التصويت عليها إلا في جلسة يحضرها ثلثا اعضاء المجلس علي الأقل... كما يتم اقتراح تعديل الدستور في أي من المجلسين بناء علي طلب يتقدم به ثلث اعضاء المجلس علي الأقل.. كذلك يحق لرئيس الجمهورية الاعتراض علي مقترح تعديل الدستور المرفوع له من البرلمان.. كذلك لايجوز دعوة الشعب علي الاستفتاء علي التعديلات المقترحة لمادة أو لمواد في الدستور إلا بعد موافقة رئيس الجمهورية والبرلمان علي هذه التعديلات كذلك لايجوز لرئيس الجمهورية أو البرلمان اقتراح تعديل المواد المتعلقة بمبادئ الحرية والمساواة وحقوق المواطنة, والحقوق الاجتماعية والاقتصادية وسيادة القانون وسيادة الشعب كمصدر للسلطات ودستورية الدولة وتداول السلطة عبر انتخابات حرة والاحتكام إلي مبادئ الشريعة الإسلامية وتحديد المدد الرئاسية بمدتين متتاليتين فقط. وكما يقول دكتور لقوشة.. إنه لتبقي العلاقة بين القوات المسلحة والشرعية الدستورية فهو يري أن هناك من يتخوف من وجود نص دستوري يحيل إلي القوات المسلحة وإنه ضمن مهامها حماية الشرعية الدستورية.. وكما يقول أن الشرعية الدستورية واضحة المعالم بثوابتها وهي سيادة القانون ورئيس منتخب بانتخابات حرة ولمدتين متتاليتين فقط.. وسلطة تشريعية منتخبة, وصلاحيات محددة للسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ويرسم حدودها كمرجعية وكحكم فلا يعود رئيس الجمهورية هو الحكم, ولكن الدستور هو الحكم.. هذه الشرعية لابد وأن تحميها منظومة دفاعية متكاملة تنظم تباعا وعناصرها هي الشعب ومؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني. ولذلك فالنص الدستوري علي إدراج القوات المسلحة ضمن المنظومة الدفاعية عن الشرعية الدستورية قد يساعد علي تهدئة تخوفات البعض من حدوث انقلاب عسكري يمكن أن تقوم به القوات المسلحة.. فالنص يلزم القوات المسلحة باحترام الشرعية الدستورية, وبالتالي فهو يحول بينها وبين الانقلاب عليها خاصة إن هذا النص يمكن اعادة استنساخه في يمين القسم الذي يؤديه ضباط القوات المسلحة بأن يشمل القسم ضمن مفردات أبجديته الدفاع عن الشرعية الدستورية. ويضيف دكتور لقوشه.. أيضا حتي بالقياس علي النموذج التركي فما يجب توضيحه إن المؤسسة العسكرية في هذا النموذج التي لم تحم الشرعية الدستورية فإنها اضطلعت بمهمة حماية ايديولوجية الدولة تأسيسا علي مبادئ أتاتورك, ولذلك فقد انقلبت علي حكومات جاءت بأغلبية برلمانية عبر انتخابات حرة بحيثية الدعوي بأن هذه الحكومات قد انحرفت عن مبادئ أتاتورك. ويضيف.. قد يحتج البعض بأن دستور1791 لم يحل إلي القوات المسلحة مهمة حماية الشرعية الدستورية.. وهنا اختلف مع هذا الرأي.. فدستور1791 وفي توقيت صدوره كان يتضمن نصا معنويا بالمادة(081) وكان النص يقول: الدولة وحدها هي التي تنشيء القوات المسلحة وهي ملك للشعب ومهمتها حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها وحماية مكاسب النضال الشعبي الاشتراكية.. الخ وهكذا فقد أحال النص إلي القوات المسلحة مهمة حماية مكاسب النضال الشعبي الاشتراكية وهذه المكاسب في حينه كانت هي المعادل الموضوعي للشرعية الدستورية.. وإذا عدنا إلي هذا النص فهناك فقرة تكررت في كل الدساتير وتقول لايجوز لأي هيئة أو جماعة إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية.. وهنا يبرز السؤال.. ماذا لو قامت جماعة بإنشاء تشكيل عسكري بخطوط تمتد برقعة المكان وبحيازة أسلحة تستطيل إلي السلاح الثقيل.. ومن البديهي أن السؤال يبدو مشروعا فإنشاء التشكيلات العسكرية تمثل انتهاكا للشرعية الدستورية. ومن البديهي أيضا أن كل عناصر المنظومة سوف تتصدي دفاعا عن الشرعية الدستورية, ولكن من البديهي بالمثل اننا سوف نكون جميعا في حاجة إلي القوات المسلحة لكي تتصدي معنا لهذا الانتهاك, وإذا كنا في حاجة إليها فلماذا نحرمها من اختصاص أصيل لها في حماية الشرعية الدستورية.. وإذا حرمناها الاختصاص فما مرجعيتنا في استدعائها.. وهنا لابد أن أكون صريحا في هذا الموضوع الشائك وأكاشف الرأي العام بما يدور بخلدي في عدة نقاط منها أن عدم إدراج القوات المسلحة ضمن المنظومة الدفاعية عن الشرعية الدستورية يعطيها الحق في أن تقبل أو ترفض الزج بنفسها في مواجهة أي اضطرابات أو أي أفعال مؤثمة تهدد الشرعية الدستورية, وما بين صدي القبول والرفض بينهما من تحفظ مشروط فإن قرار مواجهة هذه الاضطرابات والأفعال يبقي معلقا في مداولة التقدير وفي لحظة تقتضي إدارة الحسم ولا تتحمل شلل التعويق. ويعقب الدكتور لقوشة,, رغم انني اقتربت من موضوع شائك ولكن أجد من واجبي واحتراما للرأي العام أن أقول إن الخطر ليس في إدراج القوات المسلحة ضمن المنظومة الدفاعية عن الشرعية الدستورية, ولكن الخطر في استبعادها.