هاهو طيفها يلوح لي بالقرب فيعاودني من جديد إحساس الحنان .. هاهي نظرتها تطل علّي فتمنحني صفاء الربيع .. ومرح شواطئ بحر الصيف! هاهي لمساتها تسري في جسدي .. فأستعيد طفولتي التي غادرتني إلا في أحضانها.. هاهي تمسح علي رأسي .. فتتراقص ضفائري التي استباح الزمان سكونها.. هاهي تربت بأناملها علي كتفي فتسري في جسدي ارتعاشة الصبا الجميل.. هاهي أمي .. تأتيني .. وأنغام كلمات تتغني بحب ست الحبايب تتعالي بجانبي فلا أتمكن من منع دموعي ولا أمانعها .. هاهي مولاتي تناديني . فأركع عند القدم .. أقبل اليد والعين والجبين. هاهي أمي .. تصدقني القول كلما يشتد حنيني لاختبار صدق الأشياء وعمق المعاني وحقيقة الوجود.. هي بالقرب مني إذن ولن تغادرني وإن غادرني الجسد وأؤمن انها بالمشيئة لن تفعل.. هي الحماية الممتدة لي من الخالق .. والصدقة المدفوعة عني من الرازق .. والمنحة المهداة لي من المغني.. والذنب المغفور لي من الغفور .. هي الحبل السري يربطني بأبنائي والتي يبارك لي بها في ذريتي ويعشش بالحنان علي سكني ويمنع الحزن من هزيمتي ويصد اليأس عند محاولة اختراقي.. هي أمي.. التي قابلتها أنا.. وهي في ذات الوقت أمكم التي قابلتموها أنتم.. هي هي .. نفس الملامح .. نفس المعاني .. نفس المشاعر.. نفس السمو الراسخ في النفس .. وذات الحنان الساري في الأعماق .. وذات الأجزاء الحلوة المحفورة في الذاكرة .. وذات الرقي الذي صاغ قيمنا .. وذات الضمير الذي نسج أحكامنا .. وذات البريق الذي جمّل مظهرنا ..و ذات الإيمان الذي صنع حكمتنا .. وذات الرحمة من الرحم التي هذبت مشاعرنا.. هي أمنا تتربع علي عرش قلوبنا .. وحبيبتنا تسكن في حنايانا .. ورفيقتنا تحتكر محبتنا .. هي أمنا في عيدها . فدعونا نحتفل بها.. كل وفق طقوسه . ونصلي لها كل وفق شعائره .. وننسي العمر في حضنها الساحر كل وفق مشاعره ! مسك الكلام .. الأم بعد غيابها .. هي إحساس الأمان الرائع الذي لايمكنك أن تستدعيه داخلك إلا إذا كنت صادقا !